الثلاثاء, فبراير 4, 2025
الثلاثاء, فبراير 4, 2025
Home » ماجد كيالي يكتب عن: من “انتصارات” الأنظمة إلى “انتصارات” الفصائل

ماجد كيالي يكتب عن: من “انتصارات” الأنظمة إلى “انتصارات” الفصائل

by admin

 

إسرائيل تواصل العيش والاستقرار والتطور وإزاحتنا من المكان والزمان

المجلة / ماجد كيالي

يغلب على التفكير السياسي العربي السائد طابعه الأيديولوجي والقدري والرغبوي. لذا فهو يتسم بالعناد والمكابرة والانفصام عن الواقع والتشبث بما يعتقد أنها قضايا كبرى (فلسطين والوحدة ومصارعة الإمبريالية مثلا). وبغض النظر عن أن “القضايا الكبرى” استثمرت، من قبل كثير من الأنظمة، لأغراض التلاعب والابتزاز والمزايدة والتغطية على الاستبداد والفساد، لتعزيز هيمنتها على مجتمعاتها، بوسائل القوة الناعمة، على مثال شعار النظام السوري السابق: “وحدة، حرية، اشتراكية” واعتبار قضية فلسطين ومقاومة إسرائيل بمثابة القضية المركزية، في حين كان هو أبعد شيء عن كل ذلك. ثم إن تلك الشعارات، عمليا، لم تكن تعني شيئا ملموسا، سوى تغطية تهرب الأنظمة من استحقاقات التنمية البشرية والاقتصادية والعلمية وحقوق المواطنين. وكانت الأنظمة العربية، المتصدرة بعد النكبة، قد أطلقت اسم “النكسة” على نتيجة حرب يونيو/حزيران 1967، رافضة تسميتها، أو تعريفها، كنكبة ثانية، أو كهزيمة، كأن إنكار الواقع يعني إخفاءه، أو التخفيف منه، علما أن تلك “النكسة” بات لها قرابة ستة عقود. وتفسير ذلك أن تلك الأنظمة، وبخاصة النظامين المصري والسوري، أرادا التغطية على واقع الهزيمة، والتنصل من تحمل المسؤولية عنها، وصد أي محاولة لمراجعة الواقع الذي أدى إليها، الذي لا بد أن يطال طبيعة الأنظمة الحاكمة، وخياراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، والفكرة أن إسرائيل لم تحقق هدفها بإسقاط الأنظمة الوطنية والتقدمية فيها (في سوريا ومصر)، لذا وبما أن تلك الأنظمة لم تسقط فهي لم تهزم، وتبعا لذلك فإن إسرائيل لم تنتصر.

أ ف ب / عناصر من “منظمة التحرير الفلسطينية” يحتفلون بعد تدريب عسكري في مايو 1967 قبل الحرب العربية الإسرائيلية التي بدأت في 5 يونيو 1967

حينذاك ارتاحت الأنظمة لهذه التخريجة، رغم أن إسرائيل احتلت باقي فلسطين (الضفة وغزة)، وأراضي عربية (الجولان وشبه جزيرة سيناء)، بحيث زادت مساحتها أكثر من ثلاثة أضعاف، ثم إنها أخذت القدس كاملة، وطابقت بين “أرض إسرائيل” و”شعب إسرائيل”، بحسب منظور العقيدة الصهيونية، فضلا عن سيطرتها على الموارد الطبيعية ولا سيما موارد المياه في الضفة والجولان. وعلى الصعيد الخارجي فإن تلك الحرب عززت مكانة إسرائيل كدولة إقليمية قوية في الشرق الأوسط، في الاستراتيجيات الدولية، وبخاصة الأميركية.

ولعل أهم ما نجم عن تلك الحرب هو تحويل الصراع في المنطقة، من الصراع على وجود إسرائيل، من أساسه، إلى الصراع على شكل هذا الوجود، فبدلا من الصراع على تحرير فلسطين بات الصراع على انسحاب إسرائيل من 22 في المئة من الأراضي المحتلة عام 1967.

الآن، يبدو أن منهجية الأنظمة تلك انتقلت بعدواها إلى الفصائل، إذ خلال حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل، بوحشية غير مسبوقة، على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023)، والتي تمخضت عن نكبة مهولة تعرض لها أكثر من مليوني فلسطيني، تم ترويج كثير من المقولات، لأغراض الاستهلاك السياسي، والتغطية على كوارث تلك الحرب، وبدعوى رفع المعنويات، من مثل أن “إسرائيل حينما لا تنتصر، تُهزم، والمقاومة حينما لا تُهزم، تنتصر”، وأن “إسرائيل لم تحقق أهدافها”، وأيضا اعتبار أن “نجاحات إسرائيل تكتيكية في حين أن نجاحات المقاومة استراتيجية”.

ثمة هوة كبيرة بين خسائر الفلسطينيين التي يحتاجون إلى عشرات السنين لتعويضها، أو لجسرها، إن سارت الأمور على نحو عادي، وخسائر إسرائيل

ومعلوم أن كل تلك المقولات تخلي مسؤولية هذا الفصيل أو ذاك عما حصل، كما تحجب حقيقة افتقاد الحركة الوطنية الفلسطينية لاستراتيجية كفاحية ممكنة ومجدية ومستدامة، يمكن لها تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في أرضه، وتجنبه الخيارات التي قد ترى فيها إسرائيل فرصة سانحة تمكنها من استنزافه أو تدميره أو اقتلاعه، وهو ما حصل بتحويلها غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش، وتحويل الفلسطينيين فيها إلى بشر يعيشون على المساعدات التي قد تسمح وقد لا تسمح بها إسرائيل.
أيضا، فإن كل ما تقدم يكشف قصور إدراكات الحركة الوطنية الفلسطينية، للواقع والعالم، وضمنه تحديد معنى النصر والهزيمة، وتعيين معاييرهما، في صراع ممتد وعميق ومعقد، مع إسرائيل، التي يبدو أنها تستمر وتتطور وتترسخ داخليا وخارجيا، ليس عسكريا فقط وإنما اقتصاديا وتقنيا، وحتى سياسيا بواقع علاقاتها الوطيدة مع أهم دول العالم.
القصد من ذلك التأكيد على أن عقلية المكابرة والمعاندة والإنكار مضرة وغير مفيدة، وقد تؤدي إلى نتائج مضللة، إذ ثمة فارق كبير بين النصر والصمود، كما بين القدرة على صد العدوان والتمكن من تكبيد إسرائيل خسائر بشرية ومادية. أيضا، ثمة فارق بين إرادة الحرب والقتال، والقدرة على مواصلة ذلك، وتاليا فثمة فرق في تحديد معنى الخسائر على المديين القريب والبعيد، إذ ثمة هوة كبيرة بين خسائر الفلسطينيين التي يحتاجون إلى عشرات السنين لتعويضها، أو لجسرها، إن سارت الأمور على نحو عادي، وخسائر إسرائيل.

لا شك أن كل فلسطيني وعربي يتمنى الانتصار من كل قلبه، لكن المحاكمة العقلانية للأمور تستدعي، أيضا، السؤال عن معنى انتصار ينجم عنه استنزاف الشعب الفلسطيني أكثر بكثير من استنزاف إسرائيل

فوق ذلك فإن عقلية المكابرة والإنكار والعناد لا تغطي، أيضا، على واقع أن إسرائيل هي التي تمتلك ترسانة عسكرية لدولة عظمى، وهي التي تهاجم وتقتل وتدمر، لأنها تمتلك الطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ وقوة النيران، حتى لو كان شعبها يذهب للملاجئ عند أول صافرة إنذار، كما لا يغطي ذلك على قوتها الاقتصادية، ولا على الدعم اللامحدود الذي تحظى به من الدول الغربية، بل وتغطية من كل الدول الكبرى، ومنها الصين والهند وروسيا.
واضح أن إسرائيل لا تبالي بكيفية تجيير المقاومات للانتصار، فما يهمها النتيجة العملية، أي إضعاف الشعب الفلسطيني، وزعزعة وجوده على أرضه، وضمن ذلك تقويض قدرته على المقاومة بكل أشكالها، أما ما سيحدث فيما بعد فلا يهمها كثيرا، إذ اعتادت العيش بين حرب وأخرى وهدنة وأخرى، وربما لا يهمها إن ظلت تعيش على هذا النحو مقابل الاحتفاظ بصورتها كدولة قوية ورادعة، بل ربما تتعمد ذلك لأسباب داخلية وخارجية، إذ العدة المفهومية لإسرائيل وإدراكاتها لواقعها وللعالم تختلف عن عدتنا المفهومية وعن إدراكاتنا لأحوالنا وما يجري حولنا.

رويترز / مسلحون من حركة “حماس” الفلسطينية في يوم إطلاق سراح كيث سيغل، وهو رهينة يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ومحتجز في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، 1 فبراير 2025

لا شك أن كل فلسطيني وعربي يتمنى الانتصار من كل قلبه، لكن المحاكمة العقلانية للأمور تستدعي، أيضا، السؤال عن معنى انتصار ينجم عنه استنزاف الشعب الفلسطيني أكثر بكثير من استنزاف إسرائيل، أو ينجم عنه اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم في نكبة جديدة؟ فهذا يحصل حين تحل الشعارات محل الحقائق والمصالح، والعواطف والأمنيات محل الوقائع والإمكانيات، ومع ثنائيات ضدية من نوع النصر والهزيمة، بدل رؤية الواقع المركب والمعقد، لذا فإن إسرائيل تواصل العيش والاستقرار والتطور وإزاحتنا من المكان والزمان، على الرغم من كل خطابات الفصائل، وقبلها الأنظمة، حول “انتصاراتنا”.

المزيد عن:  غزة الحرب على غزة إسرائيل حماس

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00