أدوات الضغط الأميركية على الأردن: عقوبات اقتصادية أم تهديدات استراتيجية؟

إصرار ترمب على قبول عمان طلب استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة

اندبندنت عربية / طارق ديلواني صحافي @DilawaniTariq

في ظل إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال تصريحات عدة، على ضرورة قبول الأردن ومصر استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، يتزايد القلق في الأوساط الأردنية من احتمال اتخاذ إدارته قرارات وإجراءات تصعيدية ضد المملكة خلال الأسابيع المقبلة، قد تتجاوز حدود تجميد المساعدات والمنح، وسط تساؤلات، في المقابل إن كان الأردن، بدوره يمتلك أدوات ضغط على الولايات المتحدة.

ثقة ترمب المفرطة

وكرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ثلاث مرات إجابة واحدة عن أسئلة الصحافيين في مناسبات مختلفة “سيفعلون ذلك، نحن نقدم لهم كثيراً، وسيفعلون”، في تصريح حمل دلالات لافتة. هذا التأكيد المتكرر أثار جدلاً واسعاً بين الأردنيين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءلوا عن سر ثقة ترمب بموقف الأردن ومصر، وما إذا كانت هناك ضغوط خفية قد تمارس على البلدين.

ويعتقد مراقبون أن إدارة ترمب قد تهدد بتقليص أو تعليق المساعدات الأميركية إلى أجل غير مسمى، وفرض رسوم جمركية أو عقوبات اقتصادية، بخاصة أن هذا الخيار كان أحد الأسئلة الصحافية التي طرحت على ترمب ولم يعلق عليها بالنفي، وقد يسعى الرئيس الأميركي إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لإقناع الأردن بقبول اللاجئين مباشرة أو عبر السفير الأميركي الجديد المتوقع تعيينه خلفاً للسفيرة السابقة يائيل لامبرت الديمقراطية التي نحيت من منصبها بعد أيام من تنصيب ترمب.

خيارات عدة

ويؤكد المتخصص الاقتصادي عامر الشوبكي أن لدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب خيارات قد تتجاوز مسألة وقف المساعدات إلى ما يمكن تسميته مخططاً يهدف إلى فرض واقع جديد. ومن بين هذه الخيارات التي يتحدث عنها الشوبكي “قطع إسرائيل إمدادات الغاز عن الأردن، وما يترتب على ذلك من انقطاع للكهرباء، فضلاً عن توقف ضخ المياه، بخاصة مع وصف الموسم المطري الحالي بأنه الأسوأ تاريخياً منذ 100 عام، وتوقعات بصيف صعب وتراجع المخزون المائي”.

ويضيف الشوبكي “من الممكن إيقاف برامج صندوق النقد الدولي مما سيؤدي إلى تعطيل أدوات التكيف المالي، ويضعف قدرة الأردن على مواجهة التحديات الاقتصادية، إضافة إلى إمكان تخفيض التصنيف الائتماني، ورفع كلفة الاقتراض إلى مستويات كارثية”.

ويذهب الشوبكي بعيداً إلى حد فرض عقوبات اقتصادية تدريجية تؤدي إلى تعطيل قطاعات استراتيجية للدولة الأردنية وتعميق أزمتها، والأسوأ محاولة زعزعة الاستقرار السياسي في البلاد، مطالباً بالتحرك من خلال خطة استباقية تحفظ الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

ويتحدث مراقبون آخرون عن احتمالية لجوء واشنطن إلى إعادة النظر في بعض الاتفاقات الثنائية كوسيلة للضغط على عمان، كاتفاقات التعاون العسكري واتفاقية التجارة الحرة التي تتيح تبادل السلع والخدمات بين البلدين من دون قيود جمركية، واتفاقات التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب.

تثبيت الغزاويين

ويرصد المحلل السياسي ماهر أبو طير كيف كرر الرئيس الأميركي، للمرة الثالثة، على التوالي كلامه عن استقبال الأردن ومصر الغزاويين، مفترضاً من ناحية المبدأ أن الغزاويين سيتجاوبون جميعاً مع تهجيرهم من القطاع، على أساس حجم الدمار الكبير في الشمال، ووجود ترتيبات لنقلهم بذريعة إعادة بناء القطاع، ويدعو أبو طير إلى موقف أردني عربي لتثبيت الغزاويين على اعتبار أن ذلك هو أساس إفشال ضغوط ترمب، والتحشيد الإسلامي والدولي لإبطال أي مخططات مقبلة.

ويضيف أبو طير “ثمة كلام عن أن الرئيس الأميركي لا يريد تهجير الغزاويين، لكنه يريد رفع السقف ضد الأردن ومصر، لإجبارهما على التدخل بإدارة القطاع، بدلاً من ’حماس‘، وإرسال قوات عسكرية ومدنية، وتولي السلطة الفعلية داخل القطاع، وهذا السيناريو يمتد إلى الضفة الغربية في مرحلة ما”.

ويعتقد أبو طير أن الأردن يمتلك نقاط قوة متعددة في مقابل أدوات الضغط الأميركية، بدءاً من كلفة الجغرافيا مع إسرائيل والتهديدات المفتوحة لأمنها، وصولاً إلى الوجود العسكري الأميركي في الأردن الذي لا يعتقد أنه سيصل إلى مرحلة الدخول في معركة كسر عظم.

استدارة للداخل

ويطالب المحلل السياسي حسين رواشدة بالاستدارة للداخل أردنياً في مواجهة ما صدر من ترمب من تصريحات وتهديدات “تحت عنوان الأردن أولاً وأخيراً”، والسعي دبلوماسياً وراء مساندة العواصم الشقيقة والصديقة للأردن.

ويفترض الرواشدة أن الأردن الرسمي دفع ثمن الغرق في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتقمص تيارات سياسية فيه هوية تنظيمات خارجية ومعركة ليست معركته خلافاً لمصالحه.

على الصعيد الرسمي كان لافتاً وصف الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني دعوة الولايات المتحدة إلى تهجير الغزاويين بأنها مشاركة في الإبادة الجماعية، ولعلها المرة الأولى التي يستخدم فيها الأردن لغة قاسية ومباشرة تجاه واشنطن بهذه الصورة منذ السابع من أكتوبر.

وذكر المومني الولايات المتحدة بالاتفاقات الدولية التي جرمت التهجير كـ”نظام روما” الأساس للمحكمة الجنائية الدولية، مما ينبئ بتفعيل عمان أدواتها الدبلوماسية.

أضاف المومني “في ظل دعوة الرئيس الأميركي، اليوم، إلى نقل سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، لا بد من أن يكون هذا المشهد القانوني حاضراً، فالولايات المتحدة، ممثلة برئيسها، تدعو اليوم بصورة أو بأخرى إلى ارتكاب جريمة تعد إحدى جرائم الحرب وضد الإنسانية والإبادة الجماعية، متناسية أن اتفاقية جنيف الرابعة تضع مسؤولية على الدول كافة”.

ويتحدث مدير مركز الدستور للدراسات الاقتصادية عوني الداوود عن وجود سيناريوهات لمواجهة القرارات التي اتخذها وسيتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كون الأردن دولة مؤسسات، ولديه خطط بديلة، وهو في الوقت ذاته يمتلك علاقات استراتيجية تاريخية مع الولايات المتحدة، ومع قيادات في مراكز صنع القرار، سواء في مجلس الشيوخ أو النواب أو “البنتاغون” وغيرها، ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وأشار الداوود إلى توجهات أردنية للاعتماد على الذات والتقليل من اعتماد الموازنة على المساعدات الخارجية، وتوسيع حجم الاستثمار العربي في الأردن، مذكراً بزيادة المساعدات الأميركية في ولاية ترمب الأولى على رغم التحديات السياسية التي واجهها الأردن خلال فترة رئاسة ترمب الأولى.

المزيد عن:  دونالد ترمبالأوساط الأردنيةلاجئون فلسطينيونحرب غزة