عُيون الكنديين على قرارات ترامب

راديو كندا الدولي / سمير بن جعفر

يتابع الكنديون عن كثب القرارات المُعلَنة والمراسيم التي صادق عليها دونالد ترامب منذ تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة لولاية ثانية أمس الاثنين خلال حفل تابعه الملايين عبر العالم.

ولم تمرّ إلا ساعات على تولّيه مقاليد الحكم قبل أن يؤكّد الرئيس الأمريكي إنّه ينوي فرش رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتوجات الكندية الواردة ابتداءً من فبراير/شباط المقبل.

وفي إجابته على أسئلة الصحفيين وهو يصادق على أولى المراسيم بعد عودته إلى البيت الأبيض، قال دونالد ترامب : ’’نعتزم إلى فرض الرسوم الجمركية بنسبة حوالي 25% على المكسيك وكندا، لأنهما يسمحان للكثير من الناس (…) بالدخول، والكثير من الفنتانيل (المسؤول عن أزمة صحية كبيرة في الولايات المتحدة) أيضًا‘‘.

وبهذا الإعلان يؤكّد الرئيس الأمريكي ما قاله فور فوزه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وفي مقابلة صحفية على شبكة ’’أن بي سي‘‘ (NBC) أكّد دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأوّل الماضي أنّ الولايات المتحدة تدعم الاقتصاد الكندي. واستعمل كلمة ’’دعم’’ عوض ’’عجز تجاري‘‘.

الولايات المتحدة تدعم كندا بما يصل إلى 100 مليار دولار سنوياً. نقلا عن دونالد ترامب

وأضاف أنّ ’’الولايات المتحدة لا تحتاج إلى مركبات ، ومنتجات الألبان، والأخشاب الكندية.‘‘ ولكنّ حسب خبراء الاقتصاد، ليست هذه هي المواد التي تتسبب في العجز التجاري بين البلدين بل ما يخلقه بشكل رئيسي هو استيراد النفط والغاز من كندا.

فقد بلغ الفائض التجاري لكندا في القطاعات الثلاثة التي ذكرها الرئيس ترامب ما يزيد قليلاً على 30 مليار دولار في عام 2023. وفي منتجات الطاقة، بلغ الفائض 134 مليار دولار. ’’في الواقع، إذا أخذنا جميع قطاعات النشاط واستبعدنا النفط والغاز، فإن الولايات المتحدة هي التي تتمتع بفائض تجاري‘‘، كما أكّد صحفي راديو كندا المختص في الشؤون الاقتصادية جيرالد فيليون.

يعتقد علي فخري، الطالب في العلوم السياسية بجامعة كونكورديا، أن تهديدات الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية على المنتجات الكندية تكشف عن مدى هشاشة النظامين السياسي والاقتصادي في كندا.
الصورة: Radio Canada International

وفي حوار مع راديو كندا الدولي قال علي فخري وهو طالب كندي لبناني في العلوم السياسية في جامعة كونكورديا ’’إنني أعتقد أن تهديدات وتصريحات الرئيس ترامب أظهرت هشاشة النظام الاقتصادي والسياسي القائم في كندا. وقد تكون عززت من الشروخات الموجودة والتي تنم عن سوء إدارة سياسية وعدم استعداد اقتصادي لمواجهة مثل هذه التحديات.‘‘

ويرى هذا الشاب المولود في مونتريال والذي ترعرع في لبنان قبل أن يعود إلى كندا للدراسة في الجامعة أنّ دونالد ترامب يتصرّف كأي شخص همّه مصالح بلده أوّلاً.

بالنسبة لي، الرئيس ترامب يقوم بما تمليه عليه المصلحة الأمريكية، وهذا شيء طبيعي جدا، مثل أي دولة أخرى. كان يجب على كندا أن تستعدّ للمواجهة سواءً [فاز] ترامب أو غيره.

عنقلا عن علي فخري

وبلغ حجم التبادلات التجارية بين كندا والولايات المتحدة 1.300 مليار دولار سنويّاً ،أي ما يعادل 3,6 مليار دولار يوميا.

وقد تؤدّي الرسوم المعلن عنها إلى خسارة في الوظائف تصل إلى 500.000 منصب عمل في أونتاريو، حسب دوغ فورد، رئيس حكومة هذه المقاطعة.

وتخشى حكومة بريتيش كولومبيا فقدان 124.000 وظيفة في قطاع الموارد الطبيعية بحلول عام 2028.

ويقول فرانسوا لوغو، رئيس حكومة مقاطعة كييك إن نحو 100.000 وظيفة معرضة للخطر في مقاطعته. وتعتبر رفة التجارة في منطقة مونتريال الكبرى أنّ هذا التقدير متحفظ.

ويواجه نحو 20.000 ألف شخص احتمال فقد مناصبهم في منطقة المحيط الأطلسي، وخاصة في صناعة المأكولات البحرية.

وحسب غرفة التجارة الكندية، فإنّ 2,3 مليون وظيفة في كندا مرتبطة بالصادرات إلى الولايات المتحدة.

شاحنات في نقطة الحدود الكندية لِعبور جسر ’’أمباسادور‘‘ الذي يربط مدينة وندسور الكندية في مقاطعة أونتاريو وديترويت الأميركية في ولاية ميشيغان.
الصورة: Radio-Canada / Patrick Morrell

دولة ما بعد القومية

وفي إجابته على سؤال حول تصريحات الرئيس الأمريكي بعد انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني الذي دعا كندا إلى الانضمام إلى الولايات المتحدة كالولاية 51، قال علي فخري إنّ ’’دونالد ترانب معروف بتصريحاته المثيرة للجدل والتي تكون غالباً من باب التحدي والمبالغة.‘‘

ويرى الشاب البالغ من العمر 26 عاما، ’’أن المواطن الكندي الذي قد يُعرض عليه الانضمام إلى الولايات المتحدة مقابل تحويل مثلاً أمواله ودولاره الكندي إلى دولار أمريكي، قد يقبل.‘‘

ويعزو ذلك إلى ’’كون الهوية الكندية ليست بالقوية لأن كندا دولة ما بعد القومية (postnational) كما عرّفها ترودو.‘‘

يجب أن تكون الهوية الكندية أقوى حتى يصدق قول رئيس الحكومة جوستان ترودو أن ما يميزنا هو أننا لسنا أمريكيين. نقلا عن علي فخري

وأضاف أن استقبال كندا لأعداد هائلة من المهاجرين بشكل مفاجئ كما حدث بعد الجائحة دون انصهار ’’يشكّل خطرا على الهوية الكندية، خاصة وأنّهم ليسوا من هوية ثقافية أو دينية واحدة. سيؤدّي هذا إلى تصادم في القيم.‘‘

وتعتمد كندا على التعدّدية الثقافية (نافذة جديدة) كسياسة وطنية منذ 1971. وتبع ذلك قانون التعددية الثقافية في 1988.

مقهى السفير في الحي المغاربي (Petit Maghreb) في مونتريال.
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer

الحي المغاربي

وفي الحي المغاربي، زار راديو كندا مقهى السفير أحد المقاهي التي يؤمها أبناء الجالية المغاربية والعربية والمعروفة بعرض مباريات كرة القدم على شاشاتها الكبيرة.

ورغم أنّ يوم أمس الاثنين كان يوم تنصيب الرئيس الامريكي دونالد ترامب، إلا أنّ شاشات التلفزيون كانت تعرض برنامجا حول كرة القدم لإحدى القنوات الرياضية الفضائية العربية.

وفي حديث مع راديو كندا الدولي، قال محمد الذي فضّل عدم ذكر اسمه كاملاً، إنّ عودة دونالد ترامب ’’تنبّئ بأيام صعبة للمهاجرين لأنّ ما يحدث في الولايات المتحدة له تأثير على كندا خاصة إذا طبّق ترامب رسوما جمركية على الواردات الكندية سيؤثر ذلك على الاقتصاد الكندي وعلى مناصب العمل‘‘.

سيكون المهاجرون والطلبة الدوليون والعمال غير المؤهلين أوّل ضحايا الرسوم الجمركية التي سيفرضها دونالد ترامب على كندا. نقلا عن محمد

ويقول هذا العامل المؤقت في مجال البرمجيات الذي يقيم في كندا منذ ثلاث سنوات إنّ تصريحات الرئيس الأمريكي حول ضمّ كندا إلى الولايات المتحدة كولاية جديدة ’’أمر لا يُعقل في العلاقات الدولية. هذه إهانة لبلد بأكمله. بلد مستقل له نشيده الوطني وحدوده.‘‘