الأربعاء, يناير 15, 2025
الأربعاء, يناير 15, 2025
Home » “نتفليكس” تستجيب لشروط ماركيز ولكن…

“نتفليكس” تستجيب لشروط ماركيز ولكن…

by admin

 

اقتباس ‫”مئة عام من العزلة” يسقط استحالة نقل هذا السرد الروائي الممتد إلى الشاشة الصغيرة

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

بعد انتظار طال نحواً من أربعة عقود تتابعت خلالها التجاذبات والتأكيدات وكل ضروب الرفض والتكالب والتردد والحماس، ها هي رواية الكولومبي الراحل قبل أعوام غابريال غارسيا ماركيز تصل أخيراً إلى واحدة من الشاشتين اللتين دائماً ما تطلعتا إلى احتوائها، علماً أن وصولها إلى واحدة منهما يعني وبالضرورة قرب وصولها إلى الثانية. ويقيناً فإن ما نقوله هنا بهذه اللغة التأكيدية يعني بكل بساطة أنه ما دام المنتجون التلفزيونيون، “نتفليكس” هنا بالتحديد، قد تمكنوا من تحقيق ما كان يبدو مستحيلاً في حياة كاتب الرواية، ولو من طريق شاشة التلفزة، فلم يعد من الصعب عليهم الانتقال إلى خطوة تالية فحواها تحويل الرواية نفسها إلى فيلم سينمائي، وهو ما كان ماركيز دائم الرفض له. فالكاتب الكبير حتى وإن كان قد عرف عنه أنه يحب السينما، بل حتى اشتغل مرات عديدة في بعض ميادينها، وكثيراً ما سمح لمبدعيها، لا سيما في كوبا حيث مارس تدريس فنون السينما في معاهدها بل كتب سيناريوهات لبعض أفلامها، كان من رأيه دائماً أن السينما غير قادرة على اقتباس “مئة عام من العزلة” بل حتى أي من رواياته الكبرى. معطياً مثالاً على ذلك فشل الإنجليزي مايك نيويل في أفلمة رائعته “الحب في زمن الكوليرا” معلناً رضاه عن أفلمة روايتين “حدثيتين” له هما “ليس للكولونيل من يكاتبه” على يد المكسيكي أرتورو إبشتاين وطبعاً، “يوميات موت معلن” كما حققها للسينما الإيطالي الكبير فرانشيسكو روزي. وهكذا بإرادة مبدعها نفسه ظلت رواية ماركيز الكبرى في منأى عن السينما رغم محاولات وئدت من دون أن تكتمل… فجاء وقت تمكنت فيه أموال “نتفليكس” من تحقيق ما بدا دائماً عسيراً ولكن حتى هنا يبدو الأمر جزئياً ومشروطاً، لكن بصورة سيكون من شأنه أن يعفي أصحاب المشروع من أن يتهموا بأنهم هم المخفقون إن أخفق المشروع.

جزء من الرواية

فالحال أن ما أنجز وعرض في القسم الأول من هذا المشروع حتى الآن ليس سوى ربع الرواية وفقط مع ممثلين وطواقم فنية من كولومبيا وطن ماركيز الأصلي، حتى وإن كان المنتجون خالفوا واحداً من شروط الكاتب الراحل، وفحواه أن يكون التصوير في كولومبيا نفسها، التي يفترض أن أحداث الرواية تجري فيها. ويمكننا أن نقول إن الاستقبال العام في كل مكان شوهد فيه القسم المنجز من الرواية، كان جيداً ومقبولاً إلى حد كبير حتى. وذلك رغم أن ثمة نقاداً لا سيما فرنسيين أبدوا مأخذاً على ما أنجز حتى الآن يتعلق بما رأوه من ضعف في السيناريو يجعل معظم الأحداث والعلاقات غير مفهوم “خصوصاً بالنسبة إلى الذين لم يقرأوا الرواية”. والحقيقة أن الرد على هذه الملاحظة، الذي جاء دائماً مصحوباً بما يشبه الموافقة عليها كان بسيطاً بل منطقياً وهو عبارة عن سؤال في منتهى البساطة، “وهل هناك حقاً من لم يقرأ هذه الرواية”؟ والسؤل مشروع حتى في صيغته التي قد تفهم بالمعنى الاستنكاري. فمن الواضح أن رواية ماركيز هذه واحدة من الروايات المعاصرة، الجديرة طبعاً بأن تحمل اسم رواية، التي قرئت أكثر من أي رواية أخرى خلال النصف الثاني من القرن الـ20. بل لعلها تلك الرواية المثالية التي قرأها الشعب والنخبة في شتى بلدان العالم سواء بسواء. من ثم لا شك أن إشارة النقاد “السلبية” سالفة الذكر ستتحول إلى إشارة إيجابية في حضرة ذلك الواقع الذي تؤكده الأرقام التي لا نحتاج للرجوع إليها على أية حال.

غابريال غارسيا ماركيز: من الرواية إلى الشاشة… الصغيرة (غيتي)

على الشاشة الصغيرة

ما نحتاج إليه هنا هو التفرس في نتيجة “الإنجاز” التلفزيوني الذي يبدو الآن مفاجئاً ومقبولاً، بل “أكثر من مقبول” في رأي نقاد من أميركا اللاتينية، أبدوا رضاهم عن المسلسل، مؤكدين أن فيه ما يعد بأن المحصلة الأخيرة لا يمكن أن تكون مخيبة للآمال، وتحديداً على ضوء المتعة التي تمكن النتاج الـ”نتفليكسي” من توفيرها وربما من منطلق أن ما شاهده المتفرجون على الشاشة أتى متجاوزاً ما كانوا يأملون فيه بعد أعوام من كتابات طويلاً ما ركزت على “استحالة” أفلمة ذلك النص المدهش. صحيح أن صحيفة “لوموند” الفرنسية المعتبرة مرجعاً عادة، قالت عن المسلسل، إنه “قد يكون أفقد الرواية حقاً، شيئاً من سحرها” لكنه “عرف كيف يعثر على أجوائها الحقيقية، ولكن كذلك على الممثلين المحليين الأكثر قرة على أداء روح الشخصيات كم رسمها ماركيز”. ولئن بدا بالنسبة إلى الصحيفة الفرنسية الكبيرة، كما بالنسبة إلى غيرها أن تقسيم الرواية إلى حلقات، قدم منها ثماناً “في انتظار مزيد خلال الأشهر المقبلة”، قد أتى بوصفه الحل الواقعي للعقبة الكأداء التي كانت تحول دون الأفلمة السينمائية لهذا العمل الكبير، في رأي ماركيز كما في رأي غيره، أي العقبة التي تعلن نفسها منذ عنوان الرواية إذ الإشارة واضحة إلى مرور الزمن، إذ كيف يمكن أن يكون فيلم ببداية ووسط ونهاية، ولا يمكن لزمن عرضه أن يزيد على ثلاث ساعات أن يقدم تاريخاً متكاملاً لكل يوم فيه أحداثه ودوره في تاريخ أمة تتكون من حول عائلة وبيت وتنطلق من أسرة محددة إلى عالم يحيط بها ومن ثم تتجاوزه ليشمل الكون كله؟ حسناً لقد أتى التقسيم التلفزيوني إلى حلقات هنا ليحل هذه الإشكالية وربما بصورة لم يكن من شأنه أن يرضي صاحب العلاقة لو كان بيننا. لكنه لا شك نال رضا جمهور قرائه العريض الذي بات الآن جمهور متفرجيه!

الكاتب ومشاهد الحروب

ومهما يكن من أمر هنا، فلعل من الأمور اللافتة حقاً في الحلقات التي عرضت حتى الآن ومن خلالها كيف حدد النقاد والمحللون في عدد من البلدان كما في عدد من اللغات نظرتهم بالنسبة إلى التفاعل العام مع هذا العمل الذي يمكن اعتبار أفلمته بالطريقة التي تم بها الأمر، حتى الآن، نجاحاً لا بأس به، وهو ما توافق عليه المعلقون من أن الإنجاز التلفزيوني، غير المتوقع قد كشف أمراً في غاية الغرابة يتعلق بتلقي المهتمين بالرواية للنص كما كتبه ماركيز، مقابل تلقي المتفرجين للعمل مؤفلماً. وخلاصة ذلك أنه فيما كانت مشاهد الحرب التي يقودها أوريليانو بونديا مؤسس العائلة في الفصول الأولى، ثم معارك الموز اللاحقة، ضئيلة الأهمية لدى ماركيز في النص المطبوع مقابل الأهمية الكبرى التي ترتديها المشاهد العائلية وتلك المخصصة للعلاقات بين الأفراد وحياة العاهرات وما إلى ذلك ها هي المشاهد الأولى، الحربية تحديداً، تقفز إلى الواجهة من ناحية الأهمية وقدرتها على أن تكون ذاتية ممتعة وكأنها رسمت بريشة فنان ساخر لا يعبأ بكوارث الحرب إلا بقدر ما تروي عطشه! ومن اللافت أن عدداً من المعلقين قد نصحوا القراء بأن يعيدوا قراءة تلك المشاهد من جديد لعلهم يكتشفون فيها، وبقلم كاتبها نفسه، ما كانوا قد عجزوا عن اكتشافه لدى القراءات الأولى، وربما في طريقهم معرفة ما إذا كان ذلك مقصوداً من الكاتب مما يعني أن تحويل النصوص الوصفية إلى صور قد كشف عما أراد الكاتب نفسه أن يخفيه في ثنايا بعض فصول روايته، معتبراً تلك الفصول أموراً لا شأن له بها وتنتمي إلى تاريخ قد لا يعنيه كثيراً! ومن هنا قد يمكن القول في النهاية، إن هذا الواقع إن كان دقيقاً سيكون من شأنه أن يكشف عن دور جديد للأفلمة، دور من شأنه أن يفتح بين الرواية والأفلمة دروب علاقات جديدة لم تكن في الحسبان. وفات على أية حال، برحيل غابريال غارسيا ماركيز (1927 – 2014) أوان معرفة رأيه فيها هو الذي يعد سيد روائيي القرن الـ20 وسيداً كبيراً من سادة السينما.

المزيد عن: غابريال غارسيا ماركيزمئة عام من العزلةنتفليكسالمخرج المكسيكي أرتورو إبشتاينالمخرج الإيطالي فرانشيسكو روزيكولومبيا

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00