ويكيبيديا / خريطة المحافظات السورية مع عواصمها عام 1976 X FILE تجربة “سوريا الفيدرالية” التي لم تعش طويلا by admin 16 ديسمبر، 2024 written by admin 16 ديسمبر، 2024 30 شهدت منجزات عدة رغم عمرها القصير المجلة / سامي مبيض هل تعلم أن عاصمة سوريا كانت– ولفترة قصيرة من القرن العشرين– مدينة حلب وليس دمشق؟ كان ذلك في يونيو/حزيران 1922، بعد سنتين من فرض الانتداب الفرنسي على سوريا وتقسيمها إلى دويلات: دولة دمشق (تضم حمص وحماة). ودولة حلب (تتضمن الحسكة ودير الزور والرقة). ودولة جبل الدروز وعاصمتها السويداء. ودولة جبل العلويين التي تضم مصياف وطرطوس وعاصمتها اللاذقية. وعلى الرغم من اسمها، لم تكن دولة العلويين دولة علوية بالكامل، وفيها بحسب إحصاء سنة 1923 ما لا يقل عن 94 ألف مسلم سني، و34 ألف مسيحي، و5 آلاف إسماعيلي، و101 مواطن علوي. وقد قررت فرنسا تغيير هذا النمط من الحكم وتأسيس “اتحاد الدول السورية”، الذي يشار إليه أحياناً باسم “دولة الاتحاد” في 28 يونيو 1922. وكان مبنياً على النموذج السويسري، ويجمع بطريقة فيدرالية بين دويلات دمشق وحلب وجبال العلويين. أ.ف.ب صورة تعود إلى عام 1900 تظهر منظرا عامًا للعاصمة السورية مع سوق الحميدية الشهير (في الأمام) وقلعة دمشق القديمة (في الخلف) في مطلع القرن العشرين تفاجأ أهالي دمشق بسماع أن مدينتهم، عاصمة الأمويين، لن تعود عاصمة في “دولة الاتحاد” وعلق الزعيم الوطني فارس الخوري في مذكراته: “يجب تبديل العاصمة لإرضاء الدمشقيين”. وقد أسس “الاتحاد” لنظام فيدرالي بين الدويلات الثلاث، في الشؤون المالية والعدلية والطابو والجمارك والأوقاف والبرق والبريد. وبقي لكل دولة الاحتفاظ بمناهجها التعليمية الخاصة وعلمها وطوابعها وسكوك ملكيتها، وإصدار شهادات الميلاد والزواج والوفاة والبيع والشراء. ورسمت حدود لكل دولة على الخرائظ، وطلب من كل واحدة منها تقديم نصف عائداتها المالية إلى بقية الدول، والاحتفاظ بالنصف الثاني لشؤونها الداخلية. جاء في نظام “الاتحاد” أن يجتمع المندوبون عن الدول الثلاث مرتين في السنة الواحدة، وأن تكون قراراتهم ملزمة للجميع حددت الأعياد المسيحية والإسلامية في الدول الثلاث، مع فرض عيد الثورة الفرنسية في 14 يوليو/تموز، أو عيد الباستيل، عيداً جامعاً لكل السوريين من رعايا الدولة الفرنسية المنتدبة. واختار الجنرال هنري غورو 15 مندوباً للمجلس التمثيلي الأول في دولة الاتحاد (5 أعضاء لكل دولة)، وطلب إليهم انتخاب رئيس جامع للدولة الفيدرالية، مع إبقاء حاكم دولة دمشق حقي العظم في منصبه وكذلك حاكم حلب كامل القدسي. وأعطيت كل دولة صوتا واحدا في الشؤون المتعلقة بـ”الاتحاد” ككل، على أن يمر بالأغلبية. وأخيراً جاء في نظام “الاتحاد” أن يجتمع المندوبون عن الدول الثلاث مرتين في السنة الواحدة، وأن تكون قراراتهم ملزمة للجميع. الرئيس الفيدرالي انتخب أعضاء “مجلس الاتحاد” الوجيه صبحي بركات رئيساً لهم، ابن مدينة أنطاكيا، وهو نائب سابق في البرلمان السوري (المؤتمر السوري الأول) سنة 1919. غضب الدمشقيون لتسميته رئيساً لهم من الشمال، وحاول بركات إرضاءهم بتعيين أحد أعيان دمشق، سامي باشا مردم بك، نائباً له. وغضبوا أيضاً من المساواة بينهم وبين الحلبيين وسكان دولة العلويين، وكتب فارس الخوري معقباً: “جاهروا في إذلال دمشق بغية الحطّ من شأنها وإضعافها وأقاموا حلب نظيرة لها وعطفوا على حلب بجعلها مركزاً للاتحاد السوري”. ويكيبيديا / ثوار سوريون في الغوطة أثناء الثورة السورية الكبرى ضد الحكم الاستعماري الفرنسي في عشرينيات القرن العشرين كان صبحي بركات يتكلم العربية بصعوبة، وقد جعل اجتماعات “مجلس الاتحاد” باللغة التركية ولكن خطاباته كانت بالعربية وفيها الكثير من الأخطاء اللغوية. وقد قامت الصحف الدمشقية بنشر الخطابات دون أي تعديل أو تصحيح، للنيل من سمعة رئيس الدولة. حتى الحلبيون لم يعجبهم نظام الدولة الجديد لأنه وضعهم في مرتبة واحدة مع الدمشقيين والعلويين، وجعل عائدات دولتهم- الأغنى بين الدويلات الثلاث- تذهب إلى تطوير الزراعة في ريف دمشق مثلاً، أو إنشاء المدارس في اللاذقية وريفها. طالب أهالي حلب أن تبقى ثروات حلب في يد الحلبيين واعترضوا على أن معاشات دولة دمشق كانت أعلى من معاشاتهم بسبب غلاء الأسعار والإيجارات في دمشق. عقدت أولى جلسات حكومة “الاتحاد” في حلب يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1922، وفي شهر يونيو من عام 1923 كانت الانتخابات الأولى لثلاثة برلمانات محلية وقد جاء شحّ في الأمطار أضر كثيراً بزراعة الدويلات الثلاث، وتوقفت تركيا عن الاستيراد من حلب بسبب الحدود والتعاريف الجمركية التي فرضتها سلطة الانتداب الفرنسي، ما أضر كثيراً بصناعة الحلبيين وتجارتهم. وكانت حلب يومها تعاني من تحديات كبرى لتأمين الجالية الأرمنية الكبيرة التي استوطنتها منذ الحرب العالمية الأولى، هرباً من المجازر العثمانية. حتى العلويون لم يكونوا راضين، لأن “دولة الاتحاد” حرمتهم من الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها في مطلع مرحلة الانتداب، ومنها المحاكم الخاصة بهم. شكّل رئيس الدولة صبحي بركات حكومة مصغرة من أربعة وزراء، اثنان من دمشق واثنان من حلب، دون تعيين أي وزير من دولة العلويين. اعترض البعض قائلين إن الوزارة فرضت فرضاً ولم تأتِ بالانتخاب أو الشورى، فرد غورو بأن الدولة السورية لا تزال فتية وغير جاهزة للديمقراطية. وعندما قرر وضع علم جديد للدولة، صُمم على أساس الأخضر نسبة للخلفاء الراشدين والأبيض نسبة للدولة الأموية)، وفي زاويته العليا وضع مصغر العلم الفرنسي. علّق الخوري في مذكراته: “وأنا لست أعلم المسوّغ لإقحام العلم الفرنسي في العلم السوري، فإن الانتداب مؤقت في حين أن العلم السوري دائم”. انتخابات “الاتحاد” سنة 1923 عقدت أولى جلسات حكومة “الاتحاد” في حلب يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1922، وفي شهر يونيو من عام 1923 كانت الانتخابات الأولى لثلاثة برلمانات محلية، يشكلون مجتمعين مجلسا تمثيليا موحدا لـ”الاتحاد”، يجتمع دورياً في حلب. وجاء أن المواطنين السوريين فقط يملكون حق الانتخاب لمن بلغوا الواحد والعشرين من العمر، شرط أن يكونوا مقيمين في دولتهم عند التقدم بالترشح، لما يقل عن ستة أشهر. أ.ف.ب / صورة نشرت في الثلاثينيات لقلعة حلب مقاطعة الانتخابات في ريف الساحل السوري لم تكن الانتخابات مسيسة لعدم وجود صحف أو أحزاب أو مجتمع سياسي حقيقي للتأثير على الناخبين، ناهيك عن ارتفاع نسبة الأمية في القرى العلوية. وقد تمّت فيها الانتخابات بشكل عشائري وتقليدي، أما في دمشق وحلب فكان الوضع مختلفا تماماً، وتشكلت ثلاث كتل، الأولى برئاسة صبحي بركات، والثانية برئاسة حاكم دولة دمشق حقي العظم، والثالثة من قبل رئيس الوزراء الأسبق رضا الركابي. وفي المقابل كانت هناك تيارات وطنية معارضة للانتخاب والتقسيم، تعتبر أنهما يشرعان الانتداب، أحدها بزعامة المحامي فوزي الغزي، أستاذ القانون في معهد الحقوق، والثاني بزعامة وزير الخارجية الأسبق عبد الرحمن الشهبندر. طالبوا بمقاطعة الانتخابات في دمشق، وفي اليوم الأول لم يشارك إلا 25 في المئة من السكان، مقابل 49 في المئة في حلب، حيث لا نفوذ للغزي والشهبندر. في ريف حلب وصلت نسبة المشاركة إلى 99 في المئة، وفي دولة العلويين إلى 77 في المئة. لا الدمشقيون ولا الحلبيون ولا العلويون كانوا راضين عن التجربة الفيدرالية. وعند طرح وحدة الأراضي السورية في المجلس، صوّت نواب دمشق وحلب معها، ومعهم نائب دولة العلويين السنّي كانت الانتخابات مقررة في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1923، ولكنها أجّلت إلى التاسع والعشرين من الشهر نفسه، وكانت النتيجة نجاح قائمة صبحي بركات كاملة وهزيمة قائمة رضا الركابي، مع فوز حقي العظم بكل مقاعد دولة دمشق. وصلت كتلة صبحي بركات– كتلة شمال سوريا– إلى 16 من أصل 19 مقعداً وفاز حلفاؤه بعشرة مقاعد في دولة العلويين، ما جعله زعيم الكتلة النيابية الأكبر في سوريا. حاول عبد الرحمن الشهبندر منع المرشحين الفائزين عن دمشق من الالتحاق بالمجلس النيابي، ودخل مجموعة من الغوغاء على نائب دمشق عبد الحميد العطار (خطيب الجامع الأموي) وضربوه، كما تعرّض زميله التاجر رشدي الركابي السكري إلى مقاطعة في سوق البزورية بهدف الضغط عليه للانسحاب من المجلس النيابي. لم تنجح مساعي الشهبندر كلها، لكن الفرنسيين لم يكملوا التجربة الفيدرالية حتى النهاية وكان أول تغير طرأ عليها نقل العاصمة من حلب إلى دمشق، بإلحاح من الدمشقيين، في 30 أكتوبر 1923. إنهاء “الاتحاد” المندوب السامي الجديد ماكسيم ويغان لم يكن متمسكاً بالفكرة لأنها من مخلفات سلفه هنري غورو، وقد سمع أنه لا الدمشقيون ولا الحلبيون ولا العلويون كانوا راضين عن التجربة الفيدرالية. وعند طرح وحدة الأراضي السورية في المجلس، صوت نواب دمشق وحلب معها، ومعهم نائب دولة العلويين السنّي عبد الوهاب هارون، ابن مدينة اللاذقية. ويكيبيديا / تنصيب الرئيس هاشم الأتاسي عام 1936 وفي 5 ديسمبر 1924، صوت المجلس على حل “الاتحاد”. وقبل مغادرته سوريا عائداً إلى فرنسا، صدّق المندوب السامي على القرار واستبدل بـ”الاتحاد” نظام “الدولة السورية” التي تضم دولتي حلب ودمشق، مع المحافظة على استقلالية دولة العلويين. أصبح صبحي بركات رئيساً للدولة السورية بعد أن كان رئيساً لـ”دولة الاتحاد”، وفي 21 ديسمبر 1925 استقال من منصبه احتجاجاً على قصف العاصمة السورية من قبل الفرنسيين في 18 أكتوبر من العام نفسه، وذلك في أعقاب الثورة السورية الكبرى. أثناء عمرها القصير شهدت “دولة الاتحاد السوري” منجزات عدة، كان أهمها دمج معهدي الطب والحقوق لإنشاء الجامعة السورية في دمشق سنة 1923، وبدء الأعمال الإنشائية على جر مياه نبع عين الفيجة إلى سكان مدينة دمشق، كما ألغيت الامتيازات القانونية للمواطنين الأجانب المقيمين في سوريا التي كانوا يتمتعون بها زمن العثمانيين. المزيد عن: تغطية خاصة سوريا بشار الأسد الثورة السورية العلويون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية next post فريدريك سي هوف يكتب عن: سوريا ومستقبل إيران You may also like “المجلة” تنشر وثائق عن رسائل من إسرائيل إلى... 17 ديسمبر، 2024 قصة أول قائدة طائرات مغربية التي قتلت برصاص... 15 ديسمبر، 2024 كيف يشكل التنوع الطائفي والعرقي الهوية السورية؟ 15 ديسمبر، 2024 من الستينيات إلى اليوم.. كيف جسدت السينما الفلسطينية... 13 ديسمبر، 2024 ماهر الأسد… البعبع الذي أرعب السوريين 13 ديسمبر، 2024 موطئ روسيا على “المتوسط” يصارع موج الاحتمالات 10 ديسمبر، 2024 من يرسم الخطوط بين تونس وليبيا؟ 7 ديسمبر، 2024 مفاوضات سوريا وإسرائيل… دمشق تعزز روابطها العربية (3-3) 1 ديسمبر، 2024 مفاوضات سوريا وإسرائيل… ترتيبات أمنية للانسحاب من الجولان... 1 ديسمبر، 2024 سيطرة شبه تامة للمعارضة على حلب وهدنة هشة... 1 ديسمبر، 2024