الجمعة, ديسمبر 27, 2024
الجمعة, ديسمبر 27, 2024
Home » قصور حضرموت الطينية… شواهد فنون العمارة اليمنية

قصور حضرموت الطينية… شواهد فنون العمارة اليمنية

by admin

 

مبانيها العتيقة لا تزال صامدة عبر الزمن وعلى رغم مظاهر الحداثة الأسمنتية فإنها تنحاز إلى التاريخ

هشام الشبيلي صحافي ومصور يمني @hesham_al_shabi

تمثل مدن وقصور حضرموت شاهداً على عظمة العمارة الطينية الحضرمية في اليمن، وقد بدأنا الرحلة نحوها، كما لو أننا نسافر عبر الزمان، استعددنا لها بمشاعر مفعمة، ورغبة جامحة في سبر أغوار التاريخ، وارتشاف معاني الحضارة، من أفياء مدنها العتيقة، وقصورها الطينية الأخاذة التي تسلب ألباب الزائرين.

نسرع الخطى إليها على أنغام الدان، وخيوط الشمس تداعب أيادينا التي مددناها من نوافذ سيارتنا، وبيننا يدور حديث ذو شجون عن قصائد المحضار، وأسمار السلاطين الذين حكموا هذه البلاد، وعمروا قصورها، وحكايات العابدين الذين ملأوا مساجدها بالذكر وأحاديث العلم، عن الإنسان والتأريخ المهاجر.

انطلقنا من مدينة مأرب إلى حضرموت شرق اليمن، لنكتشف الجمال والتاريخ في فن المعمار الطيني ونسلط الضوء على براعة الحضرمي وإبداعه في فن العمارة عبر الزمن، وكانت الطريق طويلة بفعل الحفر الكثيرة والمميتة على الخط الواصل بين مأرب وحضرموت، مما يجعلك تبطئ المسير فيه وكأنك على رأس قافلة تجارية في عهد مملكة كندة.

خط أسفلتي وأرض جرداء وجبلان بعيدان يفصل بينهما وادٍ طويل، وكلما أوغلنا في الطريق واقتربنا أكثر رأينا البيوت المتناثرة في أسفل الجبال وبمحاذاة الوادي الكبير على امتداد الطريق، مضيئات كأنهن نجمات ساطعات، ومع أشجار النخيل المنتشرة في الوادي يتبدد التعب وطول المسافة باقترابنا رويداً من حضرموت.

يعود تاريخ القصور الطينية في تريم لعقود من الزمن، بعضها مملوكة لأسر حضرمية​​​​​​​ (اندبندنت عربية)

 

وفي الصباح الباكر ومع شروق الشمس رأينا مدنها التاريخية العتيقة ومبانيها الطينية السامقة التي تنحصر فيها مظاهر الحداثة الأسمنتية وتنحاز بمجملها إلى التاريخ.

مدينة القصور

وتشكل مدينة تريم الواقعة على الجزء الشرقي لمحافظة حضرموت متحفاً مفتوحاً، ليس فقط بمساجدها ودور العلم فيها بل بقصورها الطينية الفخمة، ففيها ما يربو على 20 قصراً مما يجعلها ربما المدينة الوحيدة في جنوب شبه الجزيرة العربية التي تضم هذا العدد الكبير من القصور، وفقاً لمدير مركز الرناد الثقافي أحمد الرباكي.

قصر الرناد

يمثل هذا القصر رمزية سياسية كبيرة، وتأريخية لمدينة تريم، ويعود تاريخ بنائه إلى ما قبل الإسلام، ويبدو للناظر من موقعه وهيئته أنه أدى وظائف عدة، فقد أقيم كحصن دفاعي وقصر للحكم، واتخذه الحكام المتعاقبون على المدينة مقراً لهم، والولاة في عصر الإسلام مثل الصحابي الجليل زياد بن لبيد البياضي الأنصاري موفد الرسول والخليفة من بعده على حضرموت، وكذا الدويلات المتعاقبة التي حكمت تريم، وفقاً للباحث في التأريخ حسن بلدرم.

وأشار بلدرم في حديثه إلى “اندبندنت عربية ” إلى أن قصر الرناد صُمم بطريقة عسكرية هجومية ودفاعية في آنٍ واحد، فعندما يشتد الضغط على الحصن وعلى الموجودين فيه، يوجد منافذ ونفق سري يمكنهم الخروج منه إلى خارج سور المدينة، ولا يعرف موقع هذا النفق إلا القائد وكبار المسؤولين في القصر”.

ولفت إلى أن الطوابق العليا من القصر بها أنفاق خاصة تسمح بمرور الأشخاص وتقديم الإسعاف عند الحاجة، كما توجد مخابئ سرية لا يُعرف موقعها إلا إذا كان الشخص على دراية كاملة بتفاصيل القصر، مشيراً إلى أن هذه المخابئ قد تكون مخبأ سرياً مثل خزانة يختبئ فيها مقاتل، إما ليهاجم الأعداء ويقتلهم، أو يموت دفاعاً عن المكان من دون أن يعلم أحد بموقعه.

التصميم الداخلي للقصور

تصميمات داخلية تمتاز بالفخامة والرفاهية إذ تضم غرفاً كبيرة وأفنية وشققاً خدمية فسيحة، إلى جانب اهتمام خاص بالتهوية، ويبرز الترف في كل زاوية من هذه القصور، سواء على الجدران أو في الزخارف وحتى السقوف، كما يظهر بوضوح في قصر “عشة” الذي يزدان زجاجه بالمرايا والديكورات الفاخرة.

الهجرة الحضرمية

وارتبط ذكر حضرموت وأبنائها قديماً بالهجرة والتجارة ونشر الإسلام وصولاً إلى شرق آسيا والساحل الشرقي الأفريقي، وظلت حضرموت حاضرة في الضوء إلى يومنا هذا.

ويعود تاريخ القصور الطينية في تريم لعقود من الزمن، بعضها مملوكة لأسر حضرمية، كانت يوماً أعمدة الاقتصاد الآسيوي في سنغافورة وإندونيسيا حتى بداية النصف الثاني من القرن الـ20.

تشكل مدينة تريم الواقعة على الجزء الشرقي لمحافظة حضرموت متحفاً مفتوحاً

 

وتعد القصور الطينية أحد نتاجات الهجرة الحضرمية، فقد استطاع المعمار الحضرمي ببراعته أن يخلق عمارة هجينة اقتبس شكلها من النمط الإسلامي الموجود في جنوب شرقي آسيا، وأخذ المادة (الطوب الطيني) من بيئته وتفنن في زخرفة واجهات القصور وإتقان الأشكال اللافتة للنظر ويتجلى ذلك في قصور المدينة.

ويمتاز هذا الأسلوب المعماري بكثرة التأثيرات الجمالية والزينة من جهة الألوان وأشكال واجهات الأبنية وفتحات الشبابيك الدائرية والأقواس والزجاج الملون فوق النوافذ، يضاف إلى ذلك النقوش داخل القصر وخارجه.

العمارة “الكيونيالية”

رئيس مؤسسة “الرناد” للتنمية الثقافية أحمد كرامة با حمالة، يقول في حديثه لـ”اندبندنت عربية” إن الهجرة الحضرمية إلى جنوب شرقي آسيا أثرت بصورة كبيرة في فنون العمارة في حضرموت وتفاعلت معها، فنشأت ما يعرف بالعمارة “الكيونيالية”، وهي مزيج بين العمارة الحضرمية التقليدية والأنماط المعمارية الآسيوية، واندمجت هذه الأساليب مع العمارة الطينية المحلية، مكونة قصوراً حضرمية فخمة في الحجم والجمال.

ويضيف با حمالة “إن هذا التأثير ظهر في مساحات القصور الواسعة وزيادة زخارفها المتنوعة وألوانها المختلفة”، مشيراً إلى أن الزخارف شملت أشكالاً نباتية مستوحاة من الطبيعة مثل بتلات الزهور، وأخرى هندسية كالأشكال المثلثة والنجوم داخل الأنماط المعمارية للقصور.

وأشار با حمالة إلى أن “تأثير الهجرات في العمارة الطينية طاول حتى القصور العسكرية مثل قصر الرناد الذي تأثر بصورة كاملة، على رغم أنه قصر حكم ولكن التأثير طاول ألوانه فتغير إلى اللون الأحمر، وهو اللون الذي يدل على الدم والقوة ويرمز دائماً للدولة وللحكومة، ولكن هذه المادة التي استخدمت لم تستخدم مادة الطلاء المعروفة اليوم بل استخدمت مادة الطين (اليبل) وهي مادة حمراء (الحمورة)، وهي مادة طبيعية تستخرج من الجبال وتُمزج مما زاد من فخامة القصر”.

ولفت باحمالة إلى أن “المواد المستخدمة في العمارة مثل الأخشاب والزجاج، التي كان بعضها يجلب من جنوب شرقي آسيا، أضافت لمسة من التنوع وأنتجت مزيجاً ثقافياً ومعمارياً فريداً في العمارة الحضرمية”.

خطر الاندثار

وأكد مدير مركز “الرناد” الثقافي أحمد الرباكي أن القصور الطينية الحضرمية تقاوم الاندثار بمفردها في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها اليمن، وأصبح من الصعب الحفاظ عليها سواء من قبل الحكومة أو الملاك، فبعضها يواجه التشققات وبعضها الآخر تهدمت بعض الطوابق والغرف فيه في ظل غياب تام للجهات الحكومية.

وأعرب الرباكي عن أمله في أن تلتفت المؤسسات والمنظمات المعنية بالتاريخ والثقافة المحلية والدولية إلى هذه الثروة المعمارية وتقديم الدعم اللازم للحفاظ عليها.

المزيد عن: اليمنصنعاءعدنحضرموتفنون العمارةالقصور الطينيةتريم

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00