لماذا تزداد الوفيات القلبية في ملاعب الكرة المصرية؟

“الجينوم الرياضي” طريق القاهرة من أجل تفادي الوفاة المفاجئة للرياضيين

اندبندنت عربية / عبد الحفيظ طارق

أصبحت الأزمات القلبية للاعبي كرة القدم شبحاً يطاردهم في الملاعب المختلفة حول العالم، فمنذ عدة أشهر تعرض نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق أحمد رفعت لأزمة قلبية أودت بحياته بعد استفاقته لعدة أسابيع قبل أن يتعرض لأخرى فارق على إثرها الحياة، وأخرى هاجمت لاعب فريق كفر الشيخ المصري محمد شوقي جعلته جليس الفراش لعدة أيام في المستشفى قبل أن يتوفى متأثراً بها، وبعدها تعرض لاعب فيورنتينا الإيطالي إدواردو بوفي لسقوط في مباراة فريقه أمام إنتر ميلان في الدوري ولكنه استفاق بعدها واسترد وعيه مرة أخرى.

وتكاثرت الأقاويل حول السبب الحقيقي خلف كثرة تعرض اللاعبين بخاصة في الدوري المصري خلال الفترة الأخيرة لأزمات قلبية تثير الذعر وسط المجال الكروي بصورة عامة، ولكن لم يتم التعرف حتى الآن هل هذا تقصير بسبب عدم الحرص على تواجد الأجهزة التي تستطيع إنقاذ حياة اللاعبين أم بعضهم يتعرض لأزمات قلبية بسبب ضغط المباريات وتلاحم المواسم خلال السنوات الماضية من دون أخذ راحة تذكر.

ADVERTISING

وخضع الراحل رفعت للعلاج في الفترة بين أزمتي القلب، للعلاج تحت إشراف الطبيب أحمد أشرف عيسى رئيس الجمعية المصرية- الأفريقية لأبحاث وأمراض القلب، والذي كان مطلع على تفاصيل ما تعرض له أيضاً محمد شوقي لاعب كفر الشيخ وأوضح ما تعرض له اللاعبان.

وقال عيسى في تصريحات لـ “اندبندنت عربية” عن الحالة الأخيرة، “أسباب تعرض اللاعبين في سن صغيرة لجلطات قلبية قد تؤدي إلى الوفاة، قد تكون بسبب بعض العوامل الوراثية والجينية للاعب نفسه، ولكن ذلك يأتي أثناء الكثير من الجهد وفقد الكثير من السوائل، وهي تكون في الشريان التاجي أو إحدى الشرايين الرئوية والتي تسبب توقف عضلة القلب مباشرة”.

وأضاف “ومن بين الأسباب التي قد تؤدي إلى مثل هذه الحالات هي القصور في الدورة الدموية التاجية، فيتعرض اللاعب أثناء المجهود وعملية الانقباض والانبساط لجلطة، إضافة لذلك، من إحدى الأسباب المهمة هي الاضطراب الكهربي والذي يصيب كهربية القلب ويتسبب في توقف عضلة القلب”.

وقال عيسى “التعرف إلى مثل هذه الحالات من الخلل في وظائف القلب يأتي في المقام الأول عن طريق فحص قلب الرياضيين، وهو فحص غير مكلف، يليه بعد ذلك في بعض الحالات التحليل الجيني للاعبين، وهو تحليل مهمته الرئيسية والأولى هي معرفة استعداد الشخص لبعض الأمراض المعينة أمثال الجلطات وتصلب الشرايين وغيرها من الأمراض التي تؤدي إلى توقف عضلة القلب، وهو ما لم يتم العمل به في مصر بشكل موسع في الوقت الحالي بسبب التكلفة العالية ولكن هناك بعض الأندية ترسل عينات لاعبيها إلى الخارج من أجل الاطلاع على النتائج، وهذا التحليل يكون بشكل أدق على ممارسي الرياضات العنيفة”.

وتعقيباً على حديث الطبيب، فهناك إشارة بعدم استخدام الفحص الجيني الذي قد يتفادى من خلاله الكثير من الأندية تعرض لاعبيها لأزمات قلبية تودي بحياتهم أو تبعدهم عن ممارسة اللعبة نهائياً.

وزارة الرياضة المصرية ترد

وعلقت وزارة الشباب والرياضة المصرية على هذا الأمر، عن طريق المتحدث الرسمي محمد الشاذلي وكشف عن خطوات جادة من أجل تفادي مثل هذه الحالات.

وقال الشاذلي في تصريحات لـ “اندبندنت عربية” في بداية الأمر عن حالة محمد شوقي “هناك إجراءات بحسب لوائح موضوعة من الناحية الطبية قبل انطلاق أي منافسة، وبعد تشكيل لجنة من أجل التحقيق في ما حدث للاعب كفر الشيخ، وتأكدنا من وجود جميع الأجهزة التي تساعد في إنقاذ اللاعب من تعرضه لأي أزمات صحية ولكن تعرض لانتكاسه عقب وصوله إلى المستشفى، وكانت عربة الإسعاف قد نقلته في الوقت المناسب من الملعب بعد الإنعاش القلبي، ولكن عودة القلب للتوقف زاد الأمر سوءاً”.

وتعليقاً على موضوع “الفحص الجيني” الذي قد يكون له دور فعال في إنقاذ اللاعبين من بعض الأمراض المفاجئة، قال “منذ عام وأطلقنا مشروعاً يسمى (الجينوم الرياضي) والذي ينقسم لثلاثة أفرع من أجل الحفاظ على الرياضي واكتشاف الأبطال على أسس علمية وتوظيفهم في الرياضة المناسبة لهم جسدياً”.

وأضاف الشاذلي “من ضمن الأسس التي أطلق عليها (الجينوم المصري) هي اكتشاف الإصابات لدى الرياضي قبل حدوثها، فهو تحاليل يحوي الكثير من التفاصيل عن جسم الرياضي، أمثال قدرة عضلة القلب وتحملها، وقدرة عضلات الشخص وما يستطيع تحمله من مجهود وهو ما يعطي فكرة عن ماهية الرياضة التي تكون مناسبة أكثر له، وهو ما نعمل عليه حالياً ونسعى للسرعة في تطبيق ذلك على جميع الأندية على رغم التكلفة الباهظة له”.

المجهود البدني

في ما يتعلق بالشق البدني، أكد الكثير من الأطباء أن الجهد البدني قد يعرض اللاعب لجلطات وأزمات قلبية إذا كان يعاني من بعض الأمراض غير المعروفة لدى الجهاز الطبي، لذلك تقوم بعض الأندية بعمل قياسات قبل انطلاق المواسم من أجل وضع برنامج بدني محدد ومناسب لذلك، وهو ما أكده مخطط أحمال بيراميدز المصري إسلام جمال.

وقال جمال في تصريح خاص، “بالطبع إذا كان يعاني لاعب كرة القدم من مرض ما في القلب، سيؤثر عليه المجهود البدني بصورة واضحة، الحمل التدريبي يختلف من شخص لآخر بحسب قدرته وبحسب البيانات التي تظهر لنا في الفحوصات التي يخضع لها بصورة مستمرة”.

وأضاف جمال “نقوم باستخدام جهاز (جي بي أس) الذي يكشف لنا قراءات الأحمال الخاصة باللاعب ومراقبة المؤشرات الحيوية لجسده أثناء التدريب والمباريات ويكون مصاحباً بمراقب ضربات القلب الذي يعطي لنا أول بأول حالة قلب اللاعب وأقصى وأقل مجهود له، إضافة إلى أجهزة صغيرة دقيقة لمتابعة المجهود القلبي وقياسات لمعرفه المجهود الرئوي أيضاً”.

واختتم مدرب بيراميدز تصريحاته قائلاً “من أجل تفادي أي جهد زائد على اللاعبين يخضع الفريق بأكمله لفحوصات طبية وقياسات من أجل وضع برنامج مناسب وتخطيط لحمل اللاعبين على مدار الموسم”.

ولكن بالنظر إلى هذه التكاليف الباهظة، قد لا تتواجد في أندية مثل كفر الشيخ في إحدى الدرجات الأدنى بالدوري المصري، هذه القياسات التي تتفادى من خلالها فقدان اللاعبين سواء بإصابات بالغة قد تبعدهم عن ممارسة كرة القدم، أو تودي بحياتهم.

وظهرت خلال السنوات الأخيرة بعض العوامل التكنولوجية من أجل الحفاظ على صحة الرياضي بصورة عامة ولاعب كرة القدم بخاصة، مثل أجهزة توضع على الصدر وبعض الساعات اليدوية التي تراقب جميع المؤشرات الحيوية من أجل تفادي أي أزمات صحية قد تواجههم أثناء التدريبات أو المباريات والتعامل مع أي خلل يظهر أثناء ذلك.

المزيد عن: أحمد رفعتأزمات القلبأزمات قلبيةالدوري المصريوزارة الشباب والرياضة المصرية