رويترز / أحد عناصر "هيئة تحرير الشام" يقف فوق مركبة عسكرية في بلدة سراقب في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، في 1 ديسمبر عرب وعالم سوريا والحاجة إلى تدخل دولي وعربي by admin 3 ديسمبر، 2024 written by admin 3 ديسمبر، 2024 30 لن يقتصر انهيار الدولة السورية على سوريا وحدها المجلة / رمزي عز الدين رمزي قبل أربعة أيام فقط، وحرفيا، بعد ساعات من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، اندلعت أزمة جديدة في سوريا. وشهدت البلاد خلال الفترة الماضية انخفاضا ملحوظا في حدة الأعمال العدائية، حيث ظلت خطوط المواجهة بين الأطراف المتصارعة ثابتة منذ عام 2019. وبينما اعتقد معظم المراقبين أن سوريا باتت صراعا مجمدا يمكن التحكم فيه، كان هناك قلة، بمن فيهم كاتب المقال، يرون أن هذا التصور مجرد واجهة خادعة. فالواقع كان دائما يحمل بذور عدم الاستقرار، مع احتمال تجدد الأزمة في أي وقت. في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، انتشرت صور لجيش غير منظم، مسلح بالرشاشات، يتحرك عبر دراجات نارية وشاحنات في وسط مدينة حلب، كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد. هذا التطور السريع والمفاجئ أثار الكثير من التساؤلات حول الأطراف المتورطة والمستفيدة. لماذا بدا الجيش السوري، المعروف بيقظته، متفاجئا وغير قادر على إبداء مقاومة تُذكر؟ ولماذا تأخرت روسيا وإيران، الحليفتان الرئيستان لدمشق، في تقديم الدعم الفوري؟ وما الأدوار التي لعبتها كل من إسرائيل وتركيا في هذه الأحداث؟ وهل كان للولايات المتحدة أي دور في هذا التصعيد؟ هذه بالكاد بعض الأسئلة الطبيعية التي تثار في مثل هذه الحالات. وفي ظل غياب معلومات موثوقة، ليس من المستغرب في مثل هذه الحالات أن تنتشر روايات متعددة تتراوح بين الواقعي والخرافي. ومع ذلك، فإن كل أزمة تحمل في طياتها فرصة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن استغلال هذه الأزمة لتحقيق تسوية طال انتظارها في سوريا؟ لاستكشاف هذه الإمكانية، يجب مراعاة عاملين رئيسين: العامل الأول: الانتقال الوشيك إلى إدارة ترمب مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة خلال أسابيع، يبدو أن فكرة التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا، التي كانت مستبعدة في السابق، باتت قابلة للتحقق. فقد أعرب ترمب عن استعداده للعمل مع موسكو لحل الصراعات الدولية، بما في ذلك الوضع في أوكرانيا. وعلى الجانب الآخر، أظهرت روسيا حماسة واضحة لفوز ترمب في الانتخابات. وخلال السنوات الماضية، تبادل كل من ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبارات الإعجاب، ما زاد من التكهنات حول احتمال حدوث تعاون مشترك في قضايا دولية كبرى، من بينها الصراع السوري. من المشروع الإشارة إلى أن الجهة التي تقف وراء التطورات الحالية في سوريا قد تسعى لخلق واقع جديد يؤثر على سياسة الإدارة الأميركية المقبلة برئاسة دونالد ترمب علاوة على ذلك، فإن قرب تولي الإدارة الجديدة يدفع الكثير من الفاعلين الإقليميين وروسيا إلى محاولة تعزيز مواقفهم التفاوضية مع الولايات المتحدة، في ظل التغيرات المحتملة في السياسة الخارجية الأميركية. العامل الثاني: تأثير الحروب الأخيرة في غزة ولبنان دفعت هذه الحروب القوى الإقليمية إلى إعادة تقييم سياساتها الأمنية واستراتيجياتها الإقليمية. فعلى سبيل المثال، تسعى إسرائيل، التي تبدو متحمسة لاستغلال حالة عدم الاستقرار الراهنة، إلى إعادة تشكيل الخريطة الإقليمية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. وفي الوقت ذاته، تعيد الدول العربية حساباتها بشأن علاقاتها مع أطراف متعددة، ليس فقط مع إسرائيل وإيران وتركيا، بل أيضا مع الولايات المتحدة، التي طالما اعتُبرت الضامن الرئيس لأمن الكثير من الدول العربية. أ.ف.ب / الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء لقائهما خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في بوينس آيرس، في 30 نوفمبر 2018 ومن المشروع الإشارة إلى أن الجهة التي تقف وراء التطورات الحالية في سوريا قد تسعى لخلق واقع جديد يؤثر على سياسة الإدارة الأميركية المقبلة برئاسة دونالد ترمب. ورغم أنه لا يزال من المبكر تحديد الملامح الكاملة لسياسة الإدارة الجديدة تجاه الشرق الأوسط، فإن بعض الاتجاهات الأولية بدأت تتبلور: أولا: احتمال سحب القوات الأميركية من سوريا تشير المؤشرات إلى أن إدارة ترمب قد تتبنى استراتيجية أوسع تهدف إلى نقل عبء الأمن الإقليمي إلى الحلفاء. ففي فترة ولايته الأولى، أبدى الرئيس ترمب رغبة واضحة في سحب القوات الأميركية من سوريا، إلا أن هذا التوجه قوبل بمعارضة من البنتاغون. ومع تتابع الإدارات الأميركية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، بدا أن هناك إجماعا على تقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط للتركيز على مواجهة التهديدات الناشئة من الصين وروسيا. لن يقتصر انهيار الدولة السورية على سوريا وحدها؛ فجيرانها المباشرون- الأردن، ولبنان، والعراق- سيكونون أول المتضررين لكن هذا التحول يتطلب ترتيبات أمنية بديلة لتحل محل الالتزامات الأميركية التقليدية. ومن بين هذه الترتيبات كان “منتدى النقب”، الذي دعمته الولايات المتحدة وإسرائيل بوصفه تحالفا سياسيا وعسكريا يضم إسرائيل وعددا من الدول العربية لمواجهة إيران. ورغم هذه الجهود، لم يحقق المنتدى تقدما يُذكر. وفي ضوء التطورات الأخيرة، بما في ذلك الحروب في غزة ولبنان، يبدو أن المنتدى قد يُحكم عليه بالفشل، وهو احتمال قد يلقى قبولا لدى بعض الأطراف. ثانيا: توسيع اتفاقات أبراهام تسعى الإدارة الأميركية إلى توسيع دائرة اتفاقات أبراهام، مع التركيز على تحقيق تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. ومع ذلك، أوضحت الرياض أن إقامة دولة فلسطينية تُعد شرطا أساسيا لأي تطبيع محتمل مع إسرائيل. هذا الموقف قد يُجبر واشنطن على إعادة النظر في نهجها تجاه القضية الفلسطينية، خاصة إذا كانت إدارة ترمب تسعى إلى تحقيق اختراق دبلوماسي في هذا الملف. ثالثا: التعاون المحتمل مع روسيا يبدو أن هناك توجها نحو تعزيز التعاون بين واشنطن وموسكو، ليس فقط لحل الأزمة الأوكرانية، بل أيضا لمعالجة قضايا أوسع تشمل الشرق الأوسط. وقد تمثل سوريا، على وجه الخصوص، فرصة سانحة لهذا التعاون المشترك، حيث تُعد الأزمة السورية بمثابة “ثمرة يسهل قطفها” لتحقيق تقدم دبلوماسي بين القوتين. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ، طهران في 19 نوفمبر لطالما نظرت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى سوريا كملف ثانوي لا يشكل أهمية استراتيجية كبيرة. تركّز الاهتمام الأميركي على هدف رئيس واحد: الحد من نفوذ إيران ومنعها من بسط سيطرتها على سوريا، وبالتالي الحد من نفوذ إيران في المنطقة. وهو ما ينسجم مع مصالح معظم القوى الإقليمية، بما في ذلك الدول العربية وروسيا. هذا التقارب في المصالح يتيح فرصة نادرة لجهود تعاونية قد تساهم في معالجة الأزمة السورية. ورغم ذلك، لم تفلح الأطراف الإقليمية والدولية حتى الآن في تجاوز خلافاتها العميقة بشأن أهدافها في سوريا. ولكن، يظل هناك هدف مشترك واضح، وهو منع انهيار الدولة السورية. فالتطورات الراهنة تهدد بخلق فراغ خطير في السلطة قد يؤدي إلى موجة جديدة من الفوضى تجتاح المنطقة بأكملها، إذا لم يجر التعامل معها بشكل عاجل وصحيح. لن يقتصر انهيار الدولة السورية على سوريا وحدها؛ فجيرانها المباشرون- الأردن، ولبنان، والعراق- سيكونون أول المتضررين، قبل أن تمتد التداعيات إلى دول الخليج ومصر. في ظل هذه التحديات، لا تستطيع الدول العربية التزام موقف المتفرج، وهي ترى منطقتها تُعاد صياغتها دون مشاركتها. وقد يخدع البعض نفسه باعتقاد أن الفوضى الناتجة عن هذا الانهيار يمكن احتواؤها، إلا أن التجارب السابقة تؤكد أن هذا الاعتقاد لا أساس له. كما أن تجاهل التهديد السوري هو مخاطرة لا يمكن للدول العربية تحملها. على الدول العربية أن تسعى لإنهاء التدخلات الأجنبية في سوريا من خلال توفير الظروف الملائمة التي تضمن انسحاب القوى الأجنبية، بما يسهم في استعادة سيادة الدولة السورية على أراضيها أمام هذا الواقع، يتعين على الدول العربية أن تتجاوز مرحلة الخطابات والشعارات وتنتقل إلى مرحلة الأفعال الملموسة. فالتصريحات الداعمة لم تعد كافية؛ بل يجب أن تظهر هذه الدول بوضوح لكل الأطراف التي تسعى لإعادة تشكيل المنطقة- سواء كانت إسرائيل أو تركيا أو إيران- أنها لن تقف مكتوفة الأيدي. علاوة على ذلك، ينبغي أن يتجاوز دعمها لسوريا الأقوال لتؤكد استعدادها للتحرك لمنع انهيار الدولة السورية، بما في ذلك الدعم العسكري بالنسبة لبعض الدول القادرة على ذلك. وفي الوقت نفسه، بات من الضروري أن تتحمل الدول العربية مسؤوليتها السياسية والدبلوماسية. فدعم الدولة السورية يجب أن يكون مرتبطا بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، ويتعين على الدول العربية أن تأخذ زمام المبادرة في هذا الجهد. ورغم أن القرار، الذي اعتمد عام 2015 في ظل ظروف مختلفة، ربما فقد بعض عناصره صلته بالواقع الحالي، فإنه يمثل الإطار الدولي المعترف به لحل الأزمة. والمطلوب الآن هو خطة عملية تتضمن الانتقال السياسي، وإعادة الإعمار، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. غيتي / طفل كتب على جبهته الرقم 2254، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا، إدلب في 6 مارس 2020 وعلاوة على ذلك، على الدول العربية أن تسعى لإنهاء التدخلات الأجنبية في سوريا من خلال توفير الظروف الملائمة التي تضمن انسحاب القوى الأجنبية، بما يسهم في استعادة سيادة الدولة السورية على أراضيها. وفي هذا السياق، يُعد الاجتماع الوزاري الطارئ الذي ستعقده جامعة الدول العربية خلال الأيام المقبلة فرصة ذهبية لتوحيد الموقف العربي وإبراز دورها كلاعب رئيس في إعادة تشكيل خريطة المنطقة. الرسالة يجب أن تكون واضحة وموجهة إلى جميع الأطراف (إسرائيل، إيران، تركيا، بل وحتى المجتمع الدولي بأسره). ويجب أن تظهر الدول العربية تصميمها على استعادة السيطرة على مستقبلها، والتأكيد على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تُعاد صياغة منطقتها. ومن خلال ذلك، يجب عليها العمل بالتعاون مع الجهات الإقليمية والدولية الأخرى. ونأمل أن يكون ذلك بمثابة الخطوة الأولى نحو صياغة رؤية عربية شاملة لمستقبل الشرق الأوسط. المزيد عن: الشمال السوري سوريا بشار الأسد المعارضة السورية ترامب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “المجلة” في الضاحية والجنوب والبقاع: انتصار بكامل شروط الهزيمة next post Halifax council narrowly votes to keep list of potential designated encampments You may also like ( 6 ساعات) تحت الأحكام العرفية… ما الذي... 5 ديسمبر، 2024 الجيش اللبناني يعزز وجوده على الحدود تحسباً لـ«طارئ»... 5 ديسمبر، 2024 «الأزمات الدولية» عن الجولاني: حلب ستحكمها هيئة انتقالية 5 ديسمبر، 2024 المعارضة تطوّق حماة من 3 جهات وقوات موالية... 5 ديسمبر، 2024 الغنائم تشعل خلافات المعارضة السورية قبل انتهاء المعارك 5 ديسمبر، 2024 “المجلة” في الضاحية والجنوب والبقاع: انتصار بكامل شروط... 3 ديسمبر، 2024 هجوم الفصائل المعارضة يجعل تركيا اللاعب الرئيس في... 3 ديسمبر، 2024 لماذا رفض “حزب الله” وجود ألمانيا وبريطانيا في... 3 ديسمبر، 2024 “حماس” تعلن التنازل عن غزة وتسليم إدارتها للجنة... 3 ديسمبر، 2024 لبنان يشكو “انتهاك الهدنة” وإسرائيل تتوعده 3 ديسمبر، 2024