عناصر من "حزب الله" في تشييع مقاتل سقط جراء غارة إسرائيلية في جنوب بيروت، أغسطس 2024 (ألكيس كونستانتينيديس/ رويترز) بأقلامهم أساف أوريون يكتب عن: إسرائيل والحرب الطويلة القادمة by admin 19 سبتمبر، 2024 written by admin 19 سبتمبر، 2024 81 يحتاج جيش الدفاع إلى استراتيجية جديدة ودولة موحدة لإلحاق الهزيمة بمحور المقاومة الإيراني اندبندنت عربية / أساف أوريون في الأسابيع التي تلت أواخر يوليو (تموز) عندما اغتيل زعيم “حماس” إسماعيل هنية في طهران وقتل القائد البارز في “حزب الله” فؤاد شكر في بيروت، كثرت التكهنات حول احتمال اندلاع صراع أوسع في الشرق الأوسط. ووفقاً لهذا الرأي، إذا اختارت إيران و”حزب الله” الرد من خلال شن هجمات كبيرة ومباشرة على إسرائيل، فقد تتحول الحملة الإسرائيلية الحالية في غزة إلى حرب إقليمية. في هذا السيناريو، ستنتظم القوات الإسرائيلية في قتال شديد على جبهات مختلفة ضد مجموعات مسلحة متعددة وميليشيات إرهابية وجيش دولة على عتبة إنتاج سلاح نووي ومجهز بترسانة ضخمة من الصواريخ البعيدة المدى والمسيرات. في نواحٍ عدة، يمكن القول إن هذه الحرب الإقليمية الأوسع قائمة بالفعل، ومنذ البداية، كان مصطلح “حرب غزة” غير دقيق. فمنذ هجوم “حماس” الشنيع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) قبل عام تقريباً، لم تواجه إسرائيل عدواً واحداً بل عدة خصوم في ما أصبح بالفعل إحدى أطول حروب إسرائيل منذ تأسيسها. ففي اليوم التالي لهجوم “حماس” من غزة، بدأ “حزب الله” في مهاجمة إسرائيل من لبنان، معلناً أنه سيواصل هجماته ما دام القتال في غزة مستمر. وبعد ذلك بفترة قصيرة، انضم الحوثيون في اليمن أيضاً إلى الصراع، فشنوا هجمات متواصلة على بواخر الشحن الدولي في البحر الأحمر وبحر العرب وأطلقوا الصواريخ والمسيرات على إسرائيل، بما في ذلك مسيرة انفجرت في وسط تل أبيب. وفي الوقت نفسه كانت الميليشيات الشيعية في العراق، وأحياناً في سوريا، تهدد إسرائيل بالمسيرات والصواريخ. وفي منتصف أبريل (نيسان)، بعد أن نفذت إسرائيل غارة جوية قاتلة قرب مجمع دبلوماسي إيراني في دمشق، ردت إيران بإطلاق أكثر من 350 صاروخاً باليستياً وصواريخ كروز وطائرات مسيرة على إسرائيل، مما خلق سابقة جديدة للقتال المباشر والمفتوح بين البلدين. وفي الوقت ذاته، أغدقت إيران الضفة الغربية بالأموال والأسلحة لتشجيع الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل وزعزعة الأمن داخل إسرائيل نفسها. ومع ذلك، حتى الآن، بقيت هذه الحرب المتعددة الجبهات منخفضة الحدة. وإذا قررت إسرائيل أو أعداؤها التصعيد على أي من الجبهات الأخرى، فستترتب على ذلك تداعيات شديدة على أمن إسرائيل واستراتيجيتها. فمنذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 لم تخض إسرائيل حرباً شاملة على جبهات متعددة في آن واحد، ولم تواجه هجوماً كبيراً من قوة إقليمية أخرى. على مدى عقود، ركزت إسرائيل بدلاً من ذلك على معالجة تهديد الجماعات المسلحة غير الحكومية. منذ تأسيسها عام 1948، كانت عقيدة الأمن الإسرائيلي تقوم على الحروب القصيرة على أراضي العدو، وهو نهج يسمح لها بتعزيز قوة ضربتها العسكرية إلى أقصى حد ممكن والتعويض عن نقاط ضعفها الأساسية المتمثلة في صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، فضلاً عن افتقارها إلى العمق الاستراتيجي والموارد المحلية لدعم الحملات الطويلة. لكن هذا النموذج قد أرهق بصورة كبيرة بعد مرور عام تقريباً من القتال الشديد والمتوسط الحدة في غزة والمحدود على الحدود الشمالية مع لبنان، إضافة إلى أن سنوات من الاضطرابات السياسية داخل إسرائيل نفسها قد عرضت قوة البلاد للخطر. إذا كثفت إيران، و”حزب الله”، والجماعات الأخرى المدعومة من إيران القتال إلى حرب شديدة الحدة على جبهات أخرى أيضاً، فستضطر إسرائيل إلى تبني استراتيجية أمنية أقوى. وفي سبيل تحقيق النصر في حرب حقيقية متعددة الجبهات، سيتعين على إسرائيل أن تجمع بين كل أدوات القوة الوطنية، بما في ذلك السياسية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية والدبلوماسية، مع الحصول على مساعدة حيوية من الحلفاء والشركاء. وسوف تحتاج إلى إيجاد طرق جديدة للصمود في قتال أطول وأكثر حدة. واستطراداً، سيتعين على القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل التطلع نحو مستقبل أكثر خطورة، لا بل التعلم أيضاً من تاريخ إسرائيل القديم، عندما واجهت في كثير من الأحيان عدة معتدين في آنٍ واحد، ونجحت في التغلب عليهم بموارد عسكرية أكثر محدودية. حرب على سبع جبهات منذ البداية، كانت الحرب الحالية التي تخوضها إسرائيل مختلفة عن أي من سابقاتها في العقود الأخيرة. ففي اليوم التالي للهجوم الهمجي والدموي الذي شنته “حماس” في السابع من أكتوبر، وقتلت فيه أكثر من 1200 مدني وجندي وأسرت أكثر من 200 رهينة، أعلنت إسرائيل رسمياً الحرب للمرة الأولى منذ خمسين عاماً. ومنذ البداية، كان من الواضح أن هذه الحرب ستكون مختلفة عن العمليات الإسرائيلية السابقة في غزة. ومن أجل إزالة التهديد ومنع تكرار مثل هذه الهجمات، كان على إسرائيل أن تدمر القدرات العسكرية الإرهابية لحماس، وأن تنهي سيطرة الحركة على قطاع غزة، وأن تمنعها من إعادة تسليح نفسها ومعاودة الظهور في المستقبل. ولكي تحقق إسرائيل هذه المهام الصعبة، يتعين عليها تفكيك الوحدات العسكرية والهيئات الحاكمة في حركة “حماس”، وتدمير أسلحتها ومواقع إنتاجها وأنفاقها ومراكز قيادتها، وإضعاف قوتها القتالية. يتعين عليها أيضاً حماية حدود غزة على المدى الطويل، بالتنسيق مع مصر وشركاء آخرين. وفي الوقت نفسه كان على إسرائيل أيضاً أن تحاول منع أعضاء آخرين في “محور المقاومة” التابع لإيران، مثل “حزب الله” والحوثيين، من الانضمام إلى الحرب بصورة كاملة. قوات إسرائيلية تعمل في جنين بالضفة الغربية، أغسطس 2024 (الجيش الإسرائيلي/ رويترز) ومع تقدم الهجوم الإسرائيلي، سرعان ما وجدت البلاد نفسها في صراع على سبع جبهات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. ففي غزة، جمعت القوات الإسرائيلية بين الغارات الجوية والمناورات البرية لتفكيك وحدات “حماس” العسكرية وتهيئة ظروف تضمن حرية التحرك. وعلى طول الحدود الشمالية مع لبنان، بدأت العمليات الدفاعية ضد “حزب الله”، الذي أطلق هجمات منتظمة بالصواريخ والمسيرات والقذائف على إسرائيل. وعلى مدى الأشهر التالية، نفذت إسرائيل أيضاً عمليات استهداف ضد شخصيات بارزة من “حماس” و”حزب الله” في مختلف أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت. وبمرور الوقت، وجهت إسرائيل ضربات إلى إيران واليمن، وأجرت عمليات لمكافحة الإرهاب في الضفة الغربية، واستهدفت الجماعات المدعومة من إيران ومواقع الأسلحة المتقدمة في سوريا. وبمساعدة الولايات المتحدة وشركاء آخرين من المنطقة والغرب، تمكنت إسرائيل أيضاً من نشر دفاعات جوية مؤثرة متعددة الجنسيات ومتعددة المستويات [الطبقات] ضد التهديدات من جميع الاتجاهات. وعلى رغم النجاحات العسكرية الكبيرة، جاءت الحرب بكلف بشرية واقتصادية وسياسية مرتفعة. بعد ما يقارب عاماً من القتال، تحتاج إسرائيل إلى مزيد من الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار. وعلى المدى القصير، يعني ذلك الاعتماد بصورة أكبر على الولايات المتحدة، أما على المدى المتوسط والطويل، فسيستلزم استثمارات أعلى بكثير في مجال الدفاع. منذ هجمات السابع من أكتوبر، فقد الجيش الإسرائيلي أكثر من 700 جندي، وأصيب الآلاف بجروح. وقد أصبح العبء على قوات الاحتياط ثقيلاً بالفعل. في ظل هذا الوضع، تتزايد الدعوات لتجنيد شرائح إضافية من المجتمع الإسرائيلي في الجيش، وخاصة اليهود المتشددين الذين يعفون في الغالب من الخدمة ويعارضون بشدة أي مطلب جديد للتجنيد. إضافة إلى هذه التحديات القائمة، فإن اندلاع حرب إقليمية شاملة من شأنه أن يفرض ضغوطاً جديدة وكلف أعلى. ومن أجل التحضير لذلك، تحتاج إسرائيل إلى إعادة التفكير بصورة أكبر في استراتيجيتها الأمنية، مما يدفعها في بعض النواحي إلى إحياء النهج الذي اتبعته في العقود الأولى من وجودها. “الاستعداد لجميع الاحتمالات” مع تهديد الحرب في غزة بالتحول إلى صراع إقليمي شديد الحدة، يعود إلى الأذهان التهديد الذي واجهته إسرائيل أثناء تأسيسها وخلال العقود الأولى من وجودها. ففي تلك السنوات، خاضت إسرائيل معارك متكررة ضد تحالف من القوى العربية. وكان جيش الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت مبنياً على ما كان يعرف بـ”الاستعداد لجميع الاحتمالات”، وهو سيناريو افتراضي تتعرض فيه البلاد لهجمات أعداء متعددين على جبهات مختلفة في الوقت نفسه. مقارنة مع عدد سكانها القليل ومساحة أراضيها الصغيرة، كانت دولة إسرائيل الناشئة محاطة بجيوش نظامية تابعة لدول عربية أكبر بكثير. لذلك، كان مفتاح الدفاع عن نفسها هو القدرة على التصدي لهجمات العدو باستخدام قواتها النظامية الصغيرة، وتعبئة قواتها الاحتياطية الأكبر حجماً بسرعة، والانتقال إلى الهجوم، إذا أمكن، على أرض العدو، وتحقيق انتصارات حاسمة من خلال اكتساب التفوق المحلي، على جبهة تلو الأخرى، وإلحاق الهزيمة بالجيوش المعادية مجتمعة في وقت قصير. ونظراً إلى التفاوت في الإمكانات البشرية والعسكرية بين إسرائيل وأعدائها، فإن العقيدة الأمنية الإسرائيلية كانت تميل أيضاً إلى التركيز على الحروب القصيرة والحاسمة، التي تخاض على أراضي العدو. ومن خلال تعظيم فعالية إسرائيل العسكرية وتقليل الأخطار التي تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، أسهمت هذه الحروب في تعزيز نقاط قوة الجيش الإسرائيلي وأتاحت للبلاد العودة سريعاً إلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية الطبيعية. ومن أجل جعل هذه الاستراتيجية قابلة للتنفيذ، بنيت هذه العقيدة الأمنية غير المعلنة على ثلاثة ركائز: الردع، والإنذار المبكر، والنصر الحاسم (وأضيفت ركيزتان إضافيتان لاحقاً: الحماية/ الدفاع، وضرورة السعي إلى الحصول على دعم قوة عظمى). كان الردع يعني استخدام سجل الانتصارات المهيب لإسرائيل (وهزائم الأعداء) لثني أي معتدٍ عن مهاجمة البلاد. في حين كان الإنذار المبكر يتيح استدعاء قوات الاحتياط بسرعة، مما سمح لمجموعة كبيرة من المواطنين المجندين الإسرائيليين بمواصلة المساهمة في الاقتصاد والمجتمع إلى أن تحين لحظة استدعائهم للخدمة الفعلية. على المستوى العسكري، منح ذلك الجيش الإسرائيلي القدرة على تعزيز تشكيلاته القتالية بسرعة. أما النصر الحاسم، فكان يهدف إلى إزالة أي تهديد قائم وتعزيز الردع بصورة أكبر. دحض عدد كبير من الافتراضات التي تقوم عليها عقيدة إسرائيل الأمنية الحالية. لقد لقيت هذه الاستراتيجية نجاحاً. ففي حرب الاستقلال عام 1948، وبعد ما يقارب عامين من القتال، تغلبت إسرائيل على ست دول عربية مجتمعة، إضافة إلى القوات الفلسطينية. وفي عام 1967، واجهت إسرائيل مرة أخرى التهديد العربي المتعدد المحاور، فهزمت جيوش مصر والأردن وسوريا، إلى جانب القوات الجوية العراقية واللبنانية في حرب الأيام الستة. وفي عام 1973، صدت وهزمت مصر وسوريا بعد هجومهما المفاجئ في يوم الغفران. بسبب هذا النجاح على وجه التحديد، تراجع تهديد خطر الجيوش الوطنية المتحدة ضد إسرائيل. فوقعت مصر والأردن معاهدات سلام مع إسرائيل، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، الراعي الرئيس للعرب، ثم الغزو الأميركي للعراق وما يسمى الربيع العربي، ضعفت القوة النسبية للدول الأخرى. وبعد عام 1973، لم تواجه إسرائيل تحالفاً عربياً مرة أخرى. عوضاً عن ذلك، خاضت حروباً بصورة رئيسة ضد المنظمات الإرهابية غير الحكومية، بما في ذلك “حزب الله” والجماعات الفلسطينية في لبنان، و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” الفلسطيني، ومنظمات أخرى في غزة والضفة الغربية، والجماعات المتطرفة العالمية مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (المعروف أيضاً بداعش)، في جميع أنحاء المنطقة. وكان أولئك الأعداء مدعومين بالفعل من قوى إقليمية مثل إيران والعراق، ولكن باستثناء حرب الخليج عام 1991، عندما أطلق الديكتاتور العراقي صدام حسين صواريخ باليستية على إسرائيل، جرى تجنب القتال المباشر بين إسرائيل وتلك البلدان، إلا في الصراع مع سوريا الذي وقع داخل لبنان وفوق أراضيه. وفي الوقت نفسه أدت تهديدات الأسلحة الباليستية للجبهة الداخلية الإسرائيلية، مثل الصواريخ والقذائف العراقية، إلى تشجيع إسرائيل على إضافة ركيزة الحماية إلى عقيدتها الأمنية. ففي العقدين الماضيين، طورت إسرائيل أنظمة دفاع صاروخية متعددة المستويات، بما في ذلك القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وأنظمة “السهم” [أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ]، وهناك أنظمة ليزر جديدة قيد التطوير. على مر السنين، ركزت إسرائيل جهودها الدفاعية على المجموعات المعادية غير الحكومية، فكيفت بعض ركائز دفاعها الأساسية للتعامل مع هؤلاء الأعداء الأضعف وغير التقليديين [أي الجيوش غير النظامية] أيضاً. على سبيل المثال، استخدمت أنظمة الإنذار المبكر في كثير من الأحيان لإطلاق الإنذارات في شأن الهجمات الإرهابية بدلاً من الغزوات العسكرية المعادية. وعلى مستوى الاستراتيجية العسكرية، سعى مخططو الجيش الإسرائيلي للحفاظ على قدرة الدفاع عن إسرائيل في وجه مهاجمين محتملين عدة في الوقت نفسه مع شن عملية هجومية حاسمة ضد مهاجم واحد منهم. وفي هذا الصدد، ومنذ السنوات الأولى من هذا القرن، نظرت إسرائيل إلى الجبهة البرية الأساس على أنها جنوب لبنان، إذ يتمركز “حزب الله”، الجماعة غير الحكومية الأكثر تسليحاً في المنطقة. في المقابل اعتبرت “حماس” في قطاع غزة ثانوية، في حين نظرت إلى إيران، التي لا تشترك في حدود مع إسرائيل، على أنها ساحة فريدة للقتال. وكانت الفرضية الأساسية للمخططين الاستراتيجيين الإسرائيليين هي أنه عندما تندلع الحرب، يمكن تأجيل التعامل مع “حماس” إلى أن تحقق إسرائيل انتصاراً حاسماً في لبنان. نهاية الحروب القصيرة في الحرب الحالية في غزة، أصبح القصور في الإطار الأمني القائم واضحاً. أولاً، في السابع من أكتوبر 2023، فشلت إسرائيل في تطبيق ثلاثة من الركائز الأربع: فقد ثبت أن قوة ردعها لم تكن فعالة، وفشلت أنظمة الإنذار المبكر فيها، وانهار دفاعها البري الضعيف أمام الغزو الواسع النطاق الذي شنته “حماس”. ولا يقل عن ذلك أهمية أنه مع تطور الحرب، دحض عدد كبير من المبادئ والافتراضات التي تقوم عليها العقيدة الأمنية الحالية والتخطيط: فإسرائيل تخوض حرباً بدأت على أراضيها، وقد تعرضت مجتمعاتها الحدودية في الشمال والجنوب للتهجير، وكانت الجبهة الأساس في غزة، ضد “حماس”، وليس في لبنان، الذي يعد معقل “حزب الله” الأقوى بكثير، واستكمالاً، اختارت إسرائيل حرباً طويلة بدلاً من حرب قصيرة، وانضم إلى الصراع كثير من الأعداء المدعومين من إيران، بما في ذلك إيران نفسها، وهي قوة إقليمية كبرى. وفي إطار مفهومها المتمثل في تحقيق النصر الحاسم، شرعت إسرائيل في إلحاق الهزيمة بالقوة العسكرية الإرهابية التابعة لـ”حماس”. وبعد مرور ما يقارب عاماً، أحرزت تقدماً كبيراً نحو تحقيق هذا الهدف، إذ أظهرت قدرات استخباراتية وعملياتية عالية، وقاتلت بشراسة في مناطق مأهولة بالسكان، فوق الأرض وتحتها. وقد هزمت وفككت غالب وحدات “حماس” العسكرية، ودمرت غالب صواريخها ومواقع تصنيعها، وقتلت أكثر من نصف قواتها، أي ما لا يقل عن 17 ألف مقاتل من العدد الإجمالي المقدر بثلاثين ألف مقاتل. ومع ذلك، لا تزال إسرائيل بعيدة كل البعد من القضاء على التهديد، إذ أظهرت “حماس” بالفعل بوادر انتعاش من خلال تجنيد أعضاء جدد في صفوفها، وهي تواصل الحفاظ على قبضتها على الأرض بثبات. جندي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، يوليو 2024 (أوهاد زويجنبرج/ رويترز) في الماضي، أدركت إسرائيل تماماً، سواء داخل البلاد أو على الساحة العالمية، الأطر الزمنية المحدودة المتاحة لحملاتها العسكرية، أي “الساعات الرملية” لحملاتها العسكرية، ولذلك سعت إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب بسرعة قبل أن تتعرض للضغوط من الولايات المتحدة والقوى الأخرى من أجل إجبارها على التوقف. وعلى النقيض من ذلك، فإن إطالة أمد الحرب الحالية، جزئياً باختيار إسرائيل، فرض كلف باهظة على جيشها ومجتمعها واقتصادها. والواقع أن الدمار الواسع النطاق الذي لحق بقطاع غزة والخسائر البشرية الكبيرة بين المدنيين التي أعلنت عنها “حماس” تقوض سمعة إسرائيل ومكانتها، وتثير انتقادات دولية متزايدة وإجراءات عقابية أولية. وقد أبرزت الحرب الطويلة منذ السابع من أكتوبر، بما تحمله من صعوبات، أهمية مبدأ إسرائيل السابق الذي يفضل الحروب القصيرة. وإذا اتسع نطاق الحرب وطال أمدها، فإن الافتراضات الأمنية الحالية ستواجه تحديات أكبر. ففي حالة اندلاع حرب إقليمية شاملة، لن تقاتل إسرائيل جيوشاً وميليشيات إرهابية ترعاها إيران فحسب، بل ستقاتل إيران نفسها أيضاً. وسوف يهاجم هؤلاء الأعداء معاً إسرائيل من غزة، والحدود الشمالية، والضفة الغربية، إضافة إلى الهجمات البعيدة من الشرق والجنوب. ومثلما استغرق الأمر عدة حروب وعقود لكي تتغلب إسرائيل على تهديد التحالفات العربية، فإن الانتصار على المحور الإيراني سيتطلب صراعاً مطولاً. العاصفة القادمة إن اندلاع حرب أوسع نطاقاً سيخلف دماراً أكبر بكثير مما شهدناه حتى الآن. ومن المرجح أن تتصرف إيران ودول المحور بتنسيق عملياتي أكبر. ومن الممكن أيضاً أن تهاجم قوات المحور القوات الأميركية في المنطقة، فضلاً عن الأردن ودول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة. وعلى المستوى السياسي واللوجيستي في الأقل، قد تتورط الصين وروسيا أيضاً، مما يفتح ساحة نشطة أخرى لمنافستهما الكبرى ضد الغرب. في المقابل ستعتمد إسرائيل من جهة، و”حزب الله” وإيران، وربما أطراف أخرى من جهة أخرى على مجموعة أوسع بكثير من القدرات، بما في ذلك الأسلحة التي لم تستخدم بعد. وسوف تزداد وتيرة الهجمات بصورة هائلة. على مدى الأشهر الـ11 الماضية، أطلق “حزب الله” أكثر من 7600 صاروخ على إسرائيل، في حين هاجمت إسرائيل أكثر من 7700 هدف لـ”حزب الله” في لبنان. في حال اندلاع حرب شاملة، يمكن أن يحدث هذا المستوى الحاد من الاشتباكات في غضون أيام قليلة. إلى جانب الآلاف من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والمسيرات التي تطلقها إيران، فإن الترسانة الضخمة لحزب الله ستشكل تحدياً كبيراً للدفاعات الجوية الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تشن إسرائيل هجوماً برياً على الأراضي اللبنانية بينما سيحاول “حزب الله” تنفيذ عمليات عبر الحدود إلى داخل إسرائيل. ومن المتوقع أن تهاجم الميليشيات الإيرانية إسرائيل من لبنان وسوريا، وإذا نجحت، من خلال الأردن أيضاً. واستطراداً، قد تتغير طبيعة الخسائر الإسرائيلية وخسائر العدو أيضاً. فإلى جانب المقاتلين، تشمل الخسائر في الحرب حتى الآن السكان المدنيين في غزة الذين استخدمتهم “حماس” كدروع بشرية، إضافة إلى سكان المناطق الحدودية لإسرائيل ولبنان. كذلك، أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى تحويل مسار بواخر الشحن الدولي، مما أسفر عن أضرار اقتصادية كبيرة لمصر والأردن ولكن مع خسائر بشرية قليلة نسبياً. في حال وقوع حرب واسعة النطاق، من المرجح أن تتسع الكلفة البشرية لتشمل مجموعات أكبر من السكان في الأراضي والدول المتحاربة، وسيؤدي ذلك إلى إلحاق أضرار أكبر بالمراكز السكانية والبنية التحتية الوطنية، بما في ذلك مرافق الطاقة والنفط الحيوية. يحتاج جيش الدفاع الإسرائيلي إلى 15 كتيبة إضافية للتعامل مع المهام الحالية والمرتقبة. وتجدر الإشارة إلى أن العدد الكبير من الأطراف المشاركة سيسهم في تشكيل دوامة فوضوية يصعب السيطرة عليها. ومثلما أدى قرار أحد الأطراف الثانوية في محور إيران، وهو “حماس”، إلى إشعال سلسلة الأحداث الحالية، فإن دخول أطراف إضافية مباشرة في الحرب، بما في ذلك الميليشيات في العراق وسوريا، وكذلك “حزب الله”، سيجعل من الصعب توقع الأحداث وإدارة الصراع المتصاعد. علاوة على ذلك، فإن التعقيدات الناجمة عن تعدد الأعداء والشركاء لن تجعل من الصعب صياغة استراتيجية مشتركة وتنفيذها فحسب، بل أيضاً التحكم في التصعيد وإنهاء الحرب. في كل هذه القضايا، سيكون من الضروري الحفاظ على الموارد العسكرية والاقتصادية. ومع وجود تهديدات متعددة على طول حدود إسرائيل، قد يضطر جيش الدفاع الإسرائيلي إلى العمل في لبنان وغزة والضفة الغربية، وربما سوريا، حتى في وقت يواصل فيه تأمين حدوده السلمية مع مصر والأردن. وسوف يزداد الطلب على الأفراد المتاحين للخدمة العسكرية. وفي سياق متصل، انتقدت أصوات معارضة داخل إسرائيل حقيقة أن الحكومة في السنوات السابقة واجهت عجزاً في الموازنة أسفر عن تخفيضات كبيرة في موازنة الدفاع، مما أدى إلى التخلي عن ألوية دبابات، وأسراب جوية، ووحدات أخرى. الآن، يقول القادة العسكريون الإسرائيليون إن الجيش الإسرائيلي في حاجة إلى 15 كتيبة إضافية، أو ما يقارب 10 آلاف جندي، ليتمكن من التعامل مع المهام الحالية والمرتقبة، بما في ذلك القدرة على تنفيذ هجمات متزامنة على جبهات عدة. وحتى الآن، سيتطلب الأمر من القوات البرية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي المنتشرة في غزة أن تتحرك إلى لبنان إذا اتسع نطاق الحرب، وسوف يطلب من جنود الاحتياط المثقلين بالفعل بضغوط شديدة أن يتحملوا عبئاً أثقل. ويذكر أن قدرة إسرائيل على الصمود توازي في أهميتها قدرتها على توجيه ضربة عسكرية حاسمة. فقد جرى تحسين قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي للتعامل مع اشتباكات عالية الحدة تستمر لأسابيع عدة. في ظل الوضع الحالي للحرب المطولة، لا تحتاج القوات الإسرائيلية إلى مزيد من الأفراد العسكريين والتشكيلات القتالية فحسب، بل أيضاً إلى مخزونات أكبر بكثير من الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار. حتى الآن، تمكنت إسرائيل من الحصول على إمدادات متزايدة من الولايات المتحدة، ولكن في الأمدين المتوسط والبعيد، ستحتاج إلى زيادة موازنتها الدفاعية بصورة كبيرة وتوسيع صناعاتها الدفاعية. لقد تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بصورة كبيرة جراء الحرب، بما في ذلك خفض التصنيف الائتماني واضطرابات في سلاسل التوريد. علاوة على ذلك، اضطرت الشركات الصغيرة وقطاع التكنولوجيا الفائقة إلى التعامل مع غياب مالكيها وموظفيها بسبب استدعائهم إلى الخدمة العسكرية لأشهر عدة. ومن المتوقع أن تتفاقم هذه التأثيرات في حال اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق، مع احتمال تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لضربات كبيرة من الأعداء. رؤية ضيقة حتى الآن، واصلت الحكومة الإسرائيلية التركيز على أهدافها في غزة: هزيمة “حماس”، وإزالة التهديد الذي تشكله، وإعادة الرهائن إلى ديارهم. وفي ما يتعلق بساحات الحرب الأخرى، كانت التوجيهات الأساسية للحكومة تتمثل في تجنب التصعيد ومنع اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تتداخل مع الجهد الرئيس في الجنوب. على رغم تصاعد الهجمات من جبهات عدة، لم تقم إسرائيل بعد بصياغة استراتيجية شاملة للتعامل مع هذه المجموعة الأوسع من التحديات على مستوى ساحة الحرب الكاملة. لنأخذ الحدود الشمالية على سبيل المثال: على رغم أن القادة الإسرائيليين لم يقدموا إلا تعهدات فارغة بحماية المنطقة والسماح للمدنيين النازحين بالعودة بأمان إلى ديارهم، فإن الحكومة لم تتبن هذا الهدف بعد كهدف رسمي للحرب. ومما يزيد المشكلة تعقيداً هو أن الحكومة الإسرائيلية فشلت إلى حد كبير في معالجة الأبعاد القانونية والسياسية للحرب. كلما طاولت فترة الحرب، زادت معاناة إسرائيل من العزلة السياسية وكثرت التساؤلات حول شرعية عملياتها، في ظل بقاء الآراء الدولية السلبية تجاه معسكر الأعداء، بين غزة وطهران، ثابتة إلى حد كبير. أحد الأسباب في ذلك هو أن الحكومة الإسرائيلية رفضت تقديم رؤية إيجابية لمرحلة ما بعد هزيمة “حماس”. وفي صراع إقليمي واسع النطاق، قد تمتد هذه المشكلة إلى ساحات أخرى أيضاً: بخاصة في لبنان، سيكون من المهم بالنسبة إلى إسرائيل أن تتبنى هدفاً نهائياً واضحاً وأن تشرح كيف ستشكل العلاقات والهياكل الأمنية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، مع وضع التهديدات الإيرانية في الاعتبار. متظاهرون إسرائيليون يطالبون الحكومة بالتحرك لإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم “حماس”، تل أبيب، سبتمبر 2024 (فلوريون غوغا/ رويترز) من الضروري أن تدرك إسرائيل تمام الإدراك حجم التحدي الاستراتيجي الذي تواجهه. حتى وإن كانت “حماس” قد فاجأت شركاء محورها بتوقيت هجومها في السابع من أكتوبر، يجب النظر إلى الحرب الحالية، والحرب الإقليمية التي قد تليها، في إطار المشروع الأوسع والطويل المدى لإيران الرامي إلى استنزاف إسرائيل وتدميرها. فقد أظهرت إيران وحلفاؤها بالفعل جرأة متزايدة في استعدادهم لمهاجمة إسرائيل. وقد لوحوا باستخدام أنظمة أسلحة جديدة تشكل تهديداً جدياً لإسرائيل، بما في ذلك الصواريخ والمسيرات والصواريخ المضادة للدبابات المتقدمة. كذلك، نفذوا مجموعة من استراتيجيات القتال على غرار حرب الأنفاق والقتال من بين السكان المدنيين والحرب المعلوماتية والقانونية، مما يجعل من الصعب على إسرائيل تحقيق أقصى استفادة من نقاط قوتها النسبية. والواقع أن الانتقال إلى حرب شديدة الحدة من شأنه أن يشكل خطوة رئيسة أخرى في حملة المحور. ومن أجل احتواء هذا التهديد الأوسع، لم يعد بوسع إسرائيل أن تعتمد على القوة العسكرية البحتة وحدها، بل يتعين عليها أن تستخدم كل أدوات القوة الوطنية المختلفة فضلاً عن دعم الحلفاء والشركاء، وربما حتى تكوين تحالف من القوى. فمثل هذا الدعم سيسمح لإسرائيل بتخفيف بعض من نقاط ضعفها، بما في ذلك من خلال موازنة موارد العدو المشتركة والتعويض عن نقص العمق الاستراتيجي. وقد تجلت مدى فاعلية اتباع نهج تحالفي من خلال الهزيمة الساحقة التي ألحقتها إسرائيل وشركاؤها بهجوم إيران بالصواريخ والمسيرات في منتصف أبريل (نيسان). وفي صلب مثل هذا التحالف، يجب أن تكون الولايات المتحدة التي تقود بنية الأمن في الشرق الأوسط إلى جانب الدول ذات التفكير المماثل والشركاء الإقليميين. ومن شأن تطبيع العلاقات مع السعودية أن يعزز بصورة كبيرة علاقات إسرائيل مع الدول المجاورة، بيد أن خطوة من هذا النوع تتطلب إحراز تقدم كبير في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل وواشنطن تشكل ركيزة أساسية لأمنها القومي، ويجب أن تظل كذلك. وفي حال اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق، فإن هذه العلاقة ستصبح أكثر أهمية. الجبهة الثامنة نظراً إلى أن إيران تمثل جوهر محور المقاومة، و”حزب الله” يشكل التهديد العسكري الأكثر خطورة على حدود إسرائيل، فإن استراتيجية تل أبيب لا بد أن تتعامل مع التهديدات وفقاً لشدتها وأولويتها. أولاً، يجب على إسرائيل السعي لإنهاء الحرب في غزة وتحويل القتال هناك إلى حملة طويلة الأمد. وفي المرحلة الحالية، تعد هذه الخطوة سياسية إلى حد كبير، إذ أصبحت العمليات العسكرية محدودة بالفعل. وبطبيعة الحال، ستحتاج إسرائيل إلى مواصلة محاربة “حماس” والسعي إلى هزيمتها بصورة دائمة، ولكن يمكن لهذا أن يحدث بعد إطلاق سراح الرهائن. تدريجاً، وبمساعدة المنظمات الدولية والدول العربية، لا بد أن يحل نظام فلسطيني بديل محل “حماس” في غزة، ربما في منطقة تلو الأخرى. ومن أجل منع “حماس” من الاستيلاء على الضفة الغربية، يتعين على إسرائيل أن تعمل على استقرار المنطقة من خلال دعم الحكم الرشيد، وتقوية الاقتصاد، وتعزيز سيادة القانون، سواء عبر قواتها الأمنية أو قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. ويتعين على إسرائيل أن تعمل على تهيئة الظروف المواتية لحل الصراع في الأمد البعيد مع تجنب الخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى ضم الضفة الغربية وفرض واقع الدولة الواحدة. لقد أدت سنوات من الاضطرابات السياسية داخل إسرائيل إلى تعريض قوة البلاد للخطر. عاجلاً أم آجلاً ستضطر إسرائيل إلى التعامل مع التهديد الذي يشكله “حزب الله” في لبنان، ويفضل أن يكون ذلك من طريق الدبلوماسية لكنه سيحدث على الأرجح من طريق الحرب. بصورة مثالية، يجب أن يتحقق ذلك من خلال هجوم وقائي مخطط بعناية في الوقت المناسب عوضاً عن التصعيد غير المنضبط أو تفاقم القتال الحالي. إلى أن يصبح اتخاذ مثل هذه الخطوة ممكناً، ينبغي على إسرائيل أن تسعى لإنهاء القتال في لبنان وإبعاد “حزب الله” عن الحدود عبر الدبلوماسية، ولكن من دون التوهم بأن هذا من شأنه أن يحل المشكلة. وإذا اتضح أن “حزب الله” يستعد لشن هجوم كبير على إسرائيل، فمن الحكمة أن تفكر تل أبيب في توجيه ضربة استباقية أخرى، ولكن هذه المرة باتخاذ خطوات أوضح بكثير، بما في ذلك استخدام القوة المميتة ضد مجموعة أوسع من الأهداف. وسوف يتعين على إسرائيل أيضاً أن تستمر في تعطيل جهود إيران الرامية إلى تسليح قواتها بالوكالة وسعيها للحصول على أسلحة نووية. في الواقع، سيتطلب هذا تعاوناً أقوى مع شركاء إسرائيل، بما في ذلك في المقام الأول، الولايات المتحدة، ولكن أيضاً مع دول أخرى ذات تفكير مماثل في الغرب والمنطقة. ومن أجل الحد بصورة فعالة من التهديد الذي يشكله الحوثيون على المصالح الدولية، سيكون من الضروري تبني نهج جماعي يعالج المشكلة من جذورها: من خلال التعامل مع سلسلة الإمداد التي تنقل الدعم الإيراني وتكنولوجيا الأسلحة إلى الحوثيين، ومن خلال إضعاف قوة الحوثيين في اليمن من طريق تقوية منافسيهم. وفي سبيل الفوز في حرب طويلة الأمد وشديدة الحدة على جبهات عدة، سيتعين على إسرائيل زيادة موازنات الدفاع، وفتح خطوط إنتاج جديدة للذخائر، وتعزيز بنيتها التحتية الوطنية الحيوية مثل الطاقة والاتصالات، وتوسيع قاعدة التجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي لتشمل أجزاءً إضافية من المجتمع الإسرائيلي، ولكن الأهم من ذلك هو أن إسرائيل يجب أن تحل الأزمة السياسية في البلاد، التي قوضت قدرتها على الصمود، وشجعت أعداءها، ومنعتها من تطوير الاستراتيجية الأوسع التي تحتاج إليها. ويذكر أن الجبهة الأكثر حيوية في هذه الحرب هي الجبهة الثامنة أي الجبهة الداخلية. فالأمن القومي الإسرائيلي يبدأ من الداخل، وما لم تتمكن الحكومة من تجاوز انقساماتها واستعادة الوحدة الإسرائيلية، سيكون من المستحيل إعادة إحياء الأمن والسلام في إسرائيل وفي المنطقة. أساف أوريون هو زميل “ليز أند موني ريؤفين إنترناشيونال” في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وزميل باحث رفيع الشأن في “معهد دراسات الأمن القومي” في إسرائيل. كان في السابق رئيس “القسم الاستراتيجي في مديرية التخطيط” التابعة لـ”هيئة الأركان العامة في جيش الدفاع الإسرائيلي” من عام 2010 إلى عام 2015. *مترجم من “فورين أفيرز”، 12 سبتمبر (أيلول) 2024 المزيد عن: فورين أفيرزالحرب في غزةإسرائيلحماسالولايات المتحدة الأميركيةحزب اللهإيران 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سيناريوهات حرب لبنان الثالثة next post انتصارات الموساد وإخفاقاته: أبرز عشر عمليات في تاريخه You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024