مجموعة رسائل موجهة إلى الشاعر آرثر رامبو وجمعها ساعي البريد ميشيل بيون Uncategorized رسائل رامبو التي تكشف الوجه الآخر لـ”ابن الشمس” by admin 30 أغسطس، 2024 written by admin 30 أغسطس، 2024 54 اعتبر كامو أنها تشوّه أسطورته كشاعر مجلة المجلة / مصطفى ذكري الشاعر الفرنسي أرتور رامبو (1854-1891) في بناء أسطورته، على الأقل في بدايتها، لكن صرحها اكتمل بمنأى عنه. يلقي الكاتب والمترجم الأميركي وايات مايسون الضوء على أسطورة رامبو في كتابه “أعدك بأن أكون جيدا” promise to Be GoodI(2004) وعنوان الكتاب مجتزأ من رسالة رامبو إلى صديقه الشاعر بول فيرلين(1873). نقرأ لدى مايسون أن رامبو البالغ من العمر تسعة عشر عاما وصل إلى منزله عائداَ من بروكسل، وهو يحمل 500 نسخة من ديوانه “فصل في الجحيم”، لكنه بعد أيام قليلة، أحرق في موقد العائلة، نسخ الديوان الشهير، وأكدت شقيقة رامبو الصغرى إيزابيل الحادثة. لكننا علمنا لاحقا، من طريق رجل يدعى ليون لوسو، أن هذا لم يحدث. فبحسب ما أورده مايسون في كتابه، كان لوسو، وهو محام، يبحث في 1901، أي بعد عشر سنوات من موت رامبو، عن منشور قضائي نادر يُشتبه في أنه طُبع لدى دار النشر “إم. جي. بوت وشركاه”. كان لوسو من محبي الأدب، وأثناء البحث في الصناديق المتراكمة بمخزن دار النشر، وجد رزمة كتب يعلوها الغبار، ولم تكن تلك سوى مئات النسخ من ديوان رامبو، “فصل في الجحيم”. وصاية أخلاقية احتفظ لوسو باكتشافه هذا لمدة عقد تقريبا، ربما لزيادة قيمته، وعندما انتشر الخبر أخيرا، كان هناك رجل لم يسعده الاكتشاف، وهو باترن بيريشون، زوج إيزابيل شقيقة رامبو، والوصي، أو محتكر كتابة السيرة الذاتية للشاعر، وتحقيق أعماله، كما كان ماكس برود محتكر السيرة الذاتية لفرانز كافكا. كان بيريشون شاعرا متوسط القيمة، يريد الحفاظ على أسطورة رامبو، إذ أن إقدام الشاعر الملعون على حرق الديوان الذي هز جماليات الشعر الفرنسي الحديث، جزء كبير من قيمة “فصل في الجحيم”. تواصل بيريشون مع لوسو، وطلب منه تدمير النسخ المعاد اكتشافها. هذا الضرب من الوصاية الأخلاقية مارسه لاحقا ألبر كامو في كتابه “الإنسان المتمرد” (1952)، الذي دعا فيه إلى ضرورة الكف عن قراءة رسائل رامبو هذا الضرب من الوصاية الأخلاقية مارسه لاحقا، وعلى غير المتوقع، ألبر كامو في كتابه “الإنسان المتمرد” (1952)، الذي دعا فيه إلى ضرورة الكف عن قراءة رسائل رامبو، وهو يقصد الرسائل التي كتبها الشاعر إلى أهله من أفريقيا. ومما قاله كامو إنه “لتعزيز الأسطورة كان على المرء ألا يعترف بهذه الرسائل الحاسمة، إنها تدنيس للمقدسات، كما تكون الحقيقة في بعض الأحيان”. AFP الكاتب الفرنسي ألبير كامو (وسط الصورة) يتحدث في اجتماع في قاعة بلييل في باريس في 4 ديسمبر 1948 يبدو أن ما أزعج كامو في الرسائل هو عجزها وصراحتها الفجّة وخلوها من الغنائية والبطولية والرسولية، وهي سمات باتت لصيقة برامبو في حياته الأولى. إنها رسائل تسرق الضوء، أو تسرق النار من قصائد “دم فاسد” و”المركب السكران” و”أوفيليا” و”بربري”. رسائل رامبو إلى أهله من أفريقيا، بتعبير الناقد اللبناني شربل داغر هي “سِكِّين يخرج من جُرح”. وصف مالارميه الشاعر الملعون بأنه “العابر الهائل”، ووصف فيرلين ترحاله بـ”نعال من ريح”، ثم جاء داغر في اسم كتابه عن رسائل رامبو، بجمع الوصفين في “العابر الهائل بنعال من ريح”. هناك رسالتان فحسب تحظيان بمباركة الأسطورة، وهما رسالتا “الرائي”، من حياة رامبو الأولى، ويغلب عليهما الكبرياء والتنظير، الرسالة الأولى بعثها إلى معلمه جورج إيزامبار في 1871، والثانية بعثها إلى الشاعر بول دميني في العام نفسه. يتحدث رامبو في الرسالتين عن أهمية تشويش حواس الشاعر كي يرى ما لا يراه الآخرون، ولا نعلم إن كان يتحدث عن المخدرات، أو عن الكحوليات، فهو نفسه أثبت في حياته الثانية الأفريقية، أنه لم يكن من أصحاب المزاج، لا المائي (الكحول)، ولا الهوائي (القنب)، وهو أيضا لم يتعاط القات، المخدر الشعبي في عدن، أو لم يعلم بوجوده، ولا يذكر شيئا عنه في رسائله، وربما لم يفهم، أو لم يهتم أن يفهم، لماذا تنتفخ الوجنة (التخزين)، عند الكثيرين من مواطني عدن. فريقان يقول رامبو أيضا في رسالة الرائي “من سوء حظ الخشبة أن تجد نفسها كمانا”. كأنّه يقول إنه ليس في صالح الشعر أن يصبح قصيدة، وكأنه أيضا يقصد أن نصف حياته الثانية في الحبشة، هي الشعر الناجي من قصائد حياته الأولى. انقسم محبو رامبو فريقين، الأول يفضّل الشعر الذي كتبه في بداياته، معتبرا حياته بعد ذلك صمتا عظيما ونهائيا، وفريق ثان يفضّل حياته في أفريقيا، ويعتبر رسائله إلى أهله من هناك، بوصفها الكمان الذي حطمه رامبو، لبعود خشبا من جديد. يكتب رامبو في رسالة من عدن عام 1885 “مَنْ يؤذيني وأنا لا أملك غير شخصي، لا بد أن يكون رأسماليا من صنفي”. يسأل ألان بورير في كتابه “رامبو في الحبشة” (ترجمة حسين عبد الزهرة مجيد، 2008): “أليس أرتور رامبو مَنْ كتب في 1871 ساخرا ‘أيها التاجر، أيها المستعمر، أيها الوسيط’. ها أنت الآن أحدهم (…) ختم التاجر أرتور رامبو، محفور عليه اسمه الحركي الجديد، عبده رامبو، متعهد بخور”. AFP الشاعر الفرنسي آرثر رامبو، ويُعتقد أن إجناز هوفباور قد التقطها في عام 1876 في فيينا في استوديو التصوير الفوتوغرافي Atelier 41 وصف ألان بورير في كتابه قائمة الكتب التي طلب رامبو من أهله إرسالها إليه في أفريقيا، بأنها “مشاريع ألم وضجر، لكنها لا تصل إلى حد السخرية من الفعل الإنساني”. وتتضمن قائمة الكتب أو المراجع تلك، عناوين من قبيل “مصور المناشير الآلية في الزراعة والأحراج”، “بحث في علم المعادن”، “البارود والملح الصخري”، “علم السوائل المتحركة في المدينة والمناطق الزراعية”، “الوجيز في تركيب مكائن النشر”، وغيرها. انقسم محبو رامبو فريقين، الأول يفضّل الشعر الذي كتبه في بداياته، والثاني يفضّل حياته في أفريقيا أمّا الطبيب والشاعر فيكتور سيغالين، فيقول في دراسته الشهيرة “رامبو المزدوج” (1906)، “إن رامبو ضيّع حياته في أعمال كثيرة تافهة، والسؤال الحقيقي المرتبط بمغامرته الشعرية، ليس العثور على استراحة من الشِعْر، أو استقالة أدبية، يفسرها كثيرون بالصمت العظيم، بل في استمرار مشروع نكران الذات، والهجران المتكرر، والشغف بالفشل”. تلاحق رامبو المفارقة المحزنة، فهو “ابن الشمس”، كما يحب عشاقه تسميته أحيانا، لكنه في ترحاله عام 1880 على امتداد البحر الأحمر، متوقفا في سواكن بالسودان، وجدة بالسعودية، ومصوع بإريتريا، والحديدة باليمن، يُصاب بضربة شمس، ويصبح طريح الفراش. كان قبل ذلك دائم الشكوى من البرد الصاقع في مدينته الريفية شارلفيل، مسقط رأسه، ولهذا كان يحلم بأماكن مشمسة. يكتب لأهله: “عدن صخرة رهيبة، خالية من ورقة عشب، أو قطرة ماء، الحرارة عالية جدا، سأبقى هنا ثلاثة أشهر قبل أن يُصبح في مقدروي الوقوف ثانية على قدمي”. الشاعر والذهب في رسالة إلى أهله من القاهرة عام 1887 يكتب: “تصوروا أنني أحمل بشكل دائم في حزامي ستة عشر ألفا وبضع مئات من الفرنكات الذهبية، تزن ثمانية كيلوات، وتسبب لي اضطراب المعدة”. والحِمْل مُضاعف، وهو المشّاء الكبير، الذهب الحقيقي، بثقله المادي، وليس ذهب الشِعْر. كان حريصا، بخيلا مثل أمه، وبتعبير كاظم جهاد في ترجمته ودراسته لآثار رامبو الكاملة، “ابتلع الشعر في جوفه”، فهي معه في مجاهل أفريقيا، وهي التي قالت له يوما، الشِعْر لا شيء، ولهذا عمل بنصيحتها، وابتعد عن الشِعْر، لكن هجرته للشِعْر كانت مأسوية، فمن منفاه الحار، كتب إليها الرسائل، وهي رسائل عارية من صنعة البلاغة، خاضعة لسلطة الأم الصارمة. كان يلقّب والدته في حياته الأولى بـ”فم الظلام”. AFP مجموعة من القصائد قبل بيعها في المزاد في دار سوثبي للمزادات في باريس للشاعر الفرنسي آرثر رامبو والكاتب الفرنسي بول فيرلين والتي تشكل جزءا من المجموعة الشعرية لإريك وماري هيلين ب. سأل رامبو في رسالة تعود إلى عام 1890، أي قبل موته بعام واحد، رجل أعمال سويسريا يدعى إيلغ، يتمتع بنفوذ في عدن والحبشة، عن كيفية الحصول على بغل وعبدين. وكان رد إيلغ عليه “بحثت لك عن بغل قوي، لكن دون جدوى حتى يومنا هذا… أمّا عن العبيد، فأنا لا أستطيع الاهتمام بهذا الطلب”. دافع الرامبويون عن الشاعر الملعون، بأن تجارة العبيد كانت حكرا على عشيرة آل بكر التي كانت تفرض على كل أوروبي يدنو من تجارتهم عقوبة جسدية فادحة، وأن رامبو طوى الصفحة، ولم يعد الى طرق الموضوع مرة ثانية. لكن دفاع عشاق رامبو ذهب أدراج الرياح أمام حماقة الشاعر، وسوء تقديره، فطلب البغل والعبدين، طارد أسطورة رامبو وخدشها. دفاع عشاق رامبو ذهب أدراج الرياح أمام حماقة الشاعر، وسوء تقديره، فطلب البغل والعبدين، طارد أسطورة رامبو وخدشها كتب رامبو الى أمه في 1891، أن الدوالي في ركبة ساقه اليمنى تؤلمه، وتحرمه من النوم، وبحث في عدن عن جوارب طبية خاصة بمرض الدوالي، لكنه لم يجدها، فطلب من والدته أن تتكرم عليه بشراء الجوارب. “مقاس قدمي هو 41، يجب أن تعلو الجوارب فوق الركبة، لأن الدوالي تقع في باطن الركبة، ويجب أن تكون الجوارب من الصوف، أو من خيوط الحرير، إنها لا تكلف كثيرا، سأسدّد لكِ ثمنها”. shutterstockمنزل ومتحف رامبو في هرر، جوجول، إثيوبيا ترسل والدته الجوارب بعد فوات الأوان. الطبيب في المستشفى قرر بتر الساق اليمنى من فوق الركبة بعد التهاب الغشاء المفصلي، واحتمال الغنغرينا. يقول رامبو لأهله “لا تهلعوا، الأيام السعيدة قادمة، إلا أنها مكافأة حزينة لهذا القدر الهائل من العمل والحرمان والهموم… أمّا عن الجوارب فلا فائدة منها، سأتدبر بيعها”. بعد بتر ساقه بستة أيام، في 30 مايو / أيار 1891، يكتب رامبو رسالة إلى حاكم هرر شرق أثيوبيا، من مرسيليا: “أنا على ما يرام، وسأعرف الشفاء بعد عشرين يوما. عقدت العزم على العودة إلى هرر بعد عدة شهور للتجارة فيها كما في الماضي”. المزيد عن: فرنسا الشعر أفريقيا الأدب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post إيران خسرت معظم رهاناتها.. ما الأوراق المتبقية بيد طهران؟ next post بول شاوول يكتب عن: لماذا يُهمل المسرحيّون شكسبير الكوميدي؟ You may also like «نيويورك تايمز»: ماسك وسفير إيران لدى الأمم المتحدة... 15 نوفمبر، 2024 نتنياهو ينسف الاتفاق المرتقب لوقف حرب لبنان 2 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: صناعة أسطورة جاكسون بولوك... 29 أكتوبر، 2024 العمليات الخارجية الإيرانية في أوروبا: العلاقة الإجرامية 23 أكتوبر، 2024 الذكاء الاصطناعي يذكر بما أحدثته الثورة الصناعية قبل... 21 أكتوبر، 2024 تقرير اندبندنت عربية / ميدان لبنان مشتعل وتل... 13 أكتوبر، 2024 عام من القتال غيّر خطاب “حماس” وتفكيرها السياسي 7 أكتوبر، 2024 ماذا تعني الكتابة في زمن الاضطراب الذاتي؟ 7 أكتوبر، 2024 هكذا خططت شبكة مقرها إيران لضرب هدف يهودي... 6 أكتوبر، 2024 فيلم “المادة”… الرعب الذي لم يحتمله الجمهور 4 أكتوبر، 2024