بأقلامهم دلال البزري تكتب من تورنتو عن: إيران وإسرائيل… حرب الأصالة في حرب الوكالة by admin 25 أبريل، 2024 written by admin 25 أبريل، 2024 124 كانت الضربة الإيرانية على إسرائيل حدثاً مفصلياً، لمن يريد أن يقرأ إشاراتها العربي الجديد / دلال البزري– كاتبة وباحثة لبنانية ما بين مطلع إبريل/ نيسان الحالي وأوسطه، ومع استمرار الحرب على قطاع غزّة والضفّة الغربية، عشنا ترقّباً من نوع آخر: هل ستردّ إسرائيل على إيران؟ … انقضى أسبوعان قبل تبلور الرهانات، كلّ على قياس أصحابها؛ مع إسرائيل أو مع إيران، ضدّ إسرائيل أو ضدّ إيران. المهم، أنّ ما كانت تُسمّى “حرب الظلّ” انقشعت وتقدّم أبطالها الحقيقيون خشبة المسرح. احتلت “حرب الظلّ” دوراً ثانوياً في الحرب، مع أنّها كانت هنا، قريبة من الأراضي السورية، وعمرها سبعة أعوام؛ تقصف إسرائيل، بفضل تفاهمات خصوصاً مع الروس؛ منافسي إيران، المطارات العسكرية والثكنات ومخازن الصواريخ والمُسيّرات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وللمليشيات المنضوية تحت قيادته، وفي مقدمها حزب الله. وبعد “طوفان الأقصى”، شنّت إسرائيل 40 هجوماً على تلك المواقع، اغتالت خلالها مسؤولين في الحرس الثوري ومليشياته. جديدها أخيراً كان في القنصلية الإيرانية. لم تتحمّل إيران هذا الاعتداء الإضافي، وقرّرت أن تردّ على إسرائيل بصواريخها ومُسيّراتها. انتهى الردّ بما يشبه “التعادل”، بانتظار ردّ إسرائيلي جاء سريعاً وضعيفاً، والبقية في فصل قادم، إنّ لم يكن هذا الردّ هو الخاتمة. المقصود بـ”التعادل” أنّ الجانبين نظرا إلى العملية على أنّها انتصار استراتيجي لكلّ منهما. هلّل الإيرانيون وجماعة الممانعة لانتصار جديد على إسرائيل، وبنيامين نتنياهو أعلن أنّ النصر قاب قوسين أو أدنى. والطرفان على حقّ؛ إيران قامت بسابقة لم ينافسها فيها إلا صدّام حسين بصواريخه منذ أكثر من ثلاثة عقود، احتجاجاً على “التدخّل الأميركي في الكويت”، التي احتلها صدّام حسين بصفتها “المحافظة العراقية رقم 19”. وها هي إيران تعيد الكرّة ثانيةً بظروف صعودها قوةً إقليميةً، كما اشتهى صدّام لنفسه. وثمّة ملامح برزت على ساحة المعركة، جديدة بوضوحها، قديمة بجذورها، وبعيدة عن التَمْتَمَة التي رافقت “حرب الظلّ” بين إيران وإسرائيل. إذ توارت “وحدة الساحات” التي ردّدها دعاة الممانعة مع كلّ صغيرة وكبيرة رافقت اندلاع “الطوفان”، وعلى هذا المسرح الجديد، فُتِحت جبهة منفصلة، وتوارت المليشيات وتضاءل دورها، وسط غبار المبارزة الإيرانية الإسرائيلية، المقلقة، والحاسمة لمستقبل الفلسطينيين أو اللبنانيين أو السوريين، وربما مستقبل العرب جميعهم. سمّت إيران ضربتها على إسرائيل “الوعد الصادق”، وهو الاسم نفسه الذي أعطاه حزب الله لحربه على إسرائيل في عام 2006. فهل الأمر مصادفة أم سهو أم ميعاد؟ وقفت إيران أمام الإبادة والتجويع والتهجير بحقّ أهل غزّة، كلّ هذه الأشهر، تصرخ بـ”وحدة الساحات”. لم تتألم طهران، ولم تردّ، ولم تغامر، إلا بعد اغتيال قيادييها في القنصلية الإيرانية في دمشق، مما يعني أن نكبة غزّة، ليست شيئاً يذكر أمام هيبة إيران الإقليمية، وحياة قادتها. لم تردّ حتى الجميل للفلسطينيين، بعدما استثمرت في قضيتهم حتى النخاع لتكريس هيبتها. المنافقون ليسوا إيرانيين فقط، إنما أميركيون وغربيون أيضاً، الذين كان باستطاعتهم أن ينقذوا أهل غزّة من جحيمهم، لكنّهم ذرفوا الدموع بسخاء، وأنقذوا إسرائيل من جحيم الصواريخ الإيرانية. هل يمكننا تصور حال دولة الاحتلال الإسرائيلي لو لم تتدخّل أسلحتهم وذكاؤهم الاصطناعي دفاعاً عنها؟ … الخبثُ لا يتوقّف هنا، فـ”حرب الظلّ”، المعروفة للجميع، دموية، بالغَ فيها الإسرائيليون، وتحدّوا خلالها القوانين والأعراف الدولية، لكنّ الجميع فضّل أن تظلّ حرباً في الظلّ من دون حسابات استراتيجية مكشوفة، وبينما تفرّج الغرب على مليشيات إيرانية يقودها الحرس الثوري، تخوض حروب التوازنات، وحروب الاستثمارات، رفض الحرب العلنية بين إيران قائدة هذه المليشيات، وبين حليف الغرب الإسرئيلي. إحدى نتائج العملية الإيرانية واضحة: الاهتمام العالمي بغزّة والضفة، وبمصير الفلسطينيين، آخذ في التراجع، وبعد سجال أميركي بشأن وقف دعم إسرائيل بالأسلحة، تشعر أكثرية أعضاء مجلس النواب أنّ لديها ما يكفي من الوجاهة لإقرار أكبر مساعدات عسكرية إلى إسرائيل منذ “الطوفان”: أربعة عشر مليار دولار، كانت مجمدة، وسالتْ. إنقاذ إسرائيل على يد الحلفاء الغربيين جعلها تشعر بالقوّة، وانبعثت زعامة بنيامين نتنياهو من حضيض كان يتهدّده بالسقوط في أيّ انتخابات قادمة، فواصل مجازره في غزّة، وراح يصعّد في الضفة، ويطلق العنان لشركائه من اليمين المتوحّش، وغيرها مما هو في غير مصلحة الفلسطينيين. بل تضاعفت رغبته في اجتياح رفح لوضع نهاية للمعركة، وتحقيق وعد “سحق حماس”. سمّت إيران ضربتها على إسرائيل “الوعد الصادق”، وهو الاسم نفسه الذي أعطاه حزب الله لحربه على إسرائيل في عام 2006. فهل الأمر مصادفة أم سهو أم ميعاد؟ … في كلّ حال، رأى فريق الممانعة في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بداية النهاية لكلّ من الغرب وإسرائيل، والطريق الأقصر لتحريرنا من الاحتلال، فباركوا بُعد الرؤية الاستراتيجية الإيرانية، وهنأوا قيادة الجمهورية الإسلامية. في المقابل، لم تنتصر إسرائيل رغم إعلان نتنياهو: “اعترضنا… تصدّينا… معاً سننتصر”، بنبرة الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر: “جئت… رأيتُ… انتصرتُ”. بالنسبة لملفّ الرهائن، على الأقلّ، جمّدت الضربة الإيرانية المفاوضات، وخلطت الأوراق، لا لمصلحة الرهائن الإسرائيليين ولا لمصلحة أهل غزّة. كان واضحاً أنّ إيران لم ترَ في الضربة انتصاراً لفلسطين، وإنما تثبيتاً لقوّتها وهيبتها. ففي خطاب أمام حشد من مواطني بلدة دمغان، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي “عملية 13 إبريل تعكس هيبتنا وإرادة شعبنا الحديدية ووحدتنا (…) وكل الشعب الإيراني، مهما كانت ميوله السياسية يتّفق على أنّ العملية ثبّتت قوّة الجمهورية الإسلامية وهيبتها”. والمعلوم أيضاً، أنّ وكالات إيران الرسمية، ووزير خارجيتها، ومندوبها في الأمم المتحدة، جميعهم أعلنوا انتهاء الردّ الإيراني الذي لا علاقة له بـ”وحدة الساحات”. هي مواقف تعبّر عن استثمار إيران للعملية في تصليب عودها الداخلي المهتز، بشوفينية تخدم نظامها في سحق المجتمع الإيراني. كانت الضربة الإيرانية على إسرائيل حدثاً مفصلياً، لمن يريد أن يقرأ إشاراتها. فقد صار للمرحلة الجديدة عنوان: الحرب الإيرانية الإسرائيلية، في موازاة الحرب الفلسطينية الإسرائيلية. يشعر مزيد من الفلسطينيين غير المؤدْلجين أنّهم وحيدون في هذا العالم، وبأنّ ليس عليهم الركون إلا لبعضهم. فهل يفعلون؟ المزيد عن: حزب الله/طوفان الأقصى/صدام حسين/إبراهيم رئيسي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الوجه الآخر للمأساة… الفن السوداني في زمن الحرب next post أندرو غريفين يكتب عن : الذكاء الاصطناعي بائس بحسب أحد عرابيه You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024