أبو العلاء المعري أحد أشخاص الرواية (موقع فلاسفة عرب) ثقافة و فنون “فتنة الغفران” سيرة سياسية تجاري حياة “رهين المحبسين” by admin 7 فبراير، 2024 written by admin 7 فبراير، 2024 195 حمود الشايجي يكتب رواية تاريخية حافلة بالمؤامرات والخطط والشكوك والسموم اندبندنت عربية / إبراهيم فرغلي يعود الكاتب حمود الشايجي، في روايته الجديدة “فتنة الغفران” الصادرة عن دار العين في القاهرة، إلى فترة تاريخية تقوم في نهايات القرن التاسع الميلادي تقريباً، لإضاءة جانب من جوانب التاريخ السياسي والثقافي المواكب لتلك الحقبة ما بين بغداد وحلب والقاهرة، ومروراً ببعض الأقاليم المجاورة لهذه الحواضر، لإضاءة الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية التي واكبت حياة “رهين المحبسين” كما شاعت صفة الشاعر والمُفكِّر والنحويّ والفيلسوف أبي العلاء المعري. هذه الرواية تمثل بشكل ملموس أفقاً جديداً من آفاق تجربة الكتابة السردية لدى الشايجي، استخدم فيها تقنية تعدد الأصوات، كأداة رئيسة توزعت على خريطة الشخصيات التي تراوحت بين ثلاثة أجيال تقريباً، تبدأ من زمن أبي القاسم حسين بن علي بن حسين بن محمد المغربي، أو الوزير المغربي، وزير سيف الدولة بن حمدان، الأديب اللغوي، والكاتب والشاعر، ووزير من الدهاة، الذي قيل عنه أنه كان من أدهى البشر وأذكاهم. وقيل: “كان من الدهاة العارفين، وكان خبيث الباطن، إذا دخل عليه الفقيه سأله عن النحو، وإذا دخل عليه النحوي سأله عن الفقه”. وله عدد من المؤلفات بينها أدب الخواص والإيناس بعلم الأنساب. يمتد صوت حسين ابن الوزير المغربي مطولاً في النص، يتتبع الكاتب خلاله فصولاً من سيرة الوزير باعتبارها سيرة موازية لصراع السلطة في تلك الحقبة، بين حلب وبغداد والقاهرة، وأثر هذا الصراع على مصير الوزير ثم أبنائه وأحفاده من بعده، الذين يتوارثون صفة الوزارة كما يتوارث السلطة بنو حمدان، وصولاً إلى علاقة الأبوة الافتراضية التي جمعت عائلة الوزير المغربي بالشاعر أبي العلاء المعري منذ ولادته طفلاً، ثم سنوات محنته. يبدأ النص بليلة زواج حسين من “خاتون”؛ ابنة الكاتب هارون الأوراجي، وهو كاتب الوزير المهلبي آنذاك. وتتوزع أصوات الرواة بين حسين المغربي، هارون الأوراجي، الوزير المهلبي، ثم مشراح؛ الصبي الذي أهداه المتنبي لحسين المغربي ليكون معاوناً له، وخاتون. سرد وأصوات الرواية التاريخية (دار العين) تتوالى الأصوات لكي يتقدم السرد كاشفاً جوانب من شخصية حسين المغربي المعتد بأنه من سلالة الوزير علي بن محمد المغربي، الجريء، المداهن، وسنفهم أنه على رغم اعتزازه بأبيه، لا يشعر بالرضا عن اعتزاله في خلوته كما شاع عن المتصوفة. وفي تقدم السرد نرى ارتحال الكاتب حسين المغربي إلى حلب، ليلتقي سيف الدولة، ثم يتعرف بالصدفة إلى فتاة تدعى توق في إحدى الحانات، فتشغفه حباً ويتعلق بها، ويظل متشبثاً بالبقاء في حلب حتى يراها مرة أخرى. وهذا يكون سبباً في تركيب الأحداث والوقائع التي يتعرض لها. وتبدأ سيرته لاحقاً فينتقل خلالها من صفته كاتباً ليغدو وزيراً من الدهاة لسيف الدولة، وشاهداً على خلافات الولاة والسلاطين في حلب وبغداد ثم في القاهرة. يلتقي أبو القاسم حسين المغربي بأبي الطيب المتنبي أكثر من مرة، كاشفاً وجهاً من وجوه الشاعر الذي ارتبط اسمه بالسلطة، وكذلك بالخلافات التي أثرت في علاقته بالسلطة واضطرته للتنقل أيضاً من بغداد إلى حلب ثم الفسطاط في وقت لاحق. يقدم الشايجي في النص صوراً تصف الأسواق والروائح والحانات والحمامات، بدقة، كما يغتنم أصوات الرواة لتعميق الوصف النفسي للشخصيات من وجهة نظرها الشخصية من جهة ثم بعيون الآخرين من جهة أخرى. ويمنح السرد لغة فصيحة تعبر عن الزمن والشخصيات بما يتلاءم معها، وبعبارات رشيقة وجمل قصيرة منحت النص إيقاعاً خاصاً. سيرة ومؤامرات وبينما نتابع سيرة الأشخاص الرئيسيين وأغلبهم بالقرب من بلاط السلطة، حيث تحاك المؤامرات وترسم الخطط وتسود الشكوك، تكشف الأصوات السردية أثر هذه الصراعات إضافة إلى الحروب مع الروم على عوام الناس وبسطائهم في المدن المختلفة، بسبب الإنفاق الضخم على الحملات الحربية. ولعل الملاحظة الوحيدة أنّ توزع الأصوات العديدة على امتداد النص بدا في مساحات واسعة من النص كأنه سرد بصوت واحد توزع على أسماء الشخصيات المختلفة، بمعنى افتقاد الأصوات للأزمات تخصها أو نبرات تعلو وتهبط وفقاً للشخصية، وتتباين أساليب تفكيرها وكيفية تعبير كل منها عن ذاتها. العنوان الذي اختاره الشايجي للنص، وهو “فتنة الغفران”، مع المقتطف على الغلاف لأبي العلاء المعري، يجعل القارئ متأهباً لقراءة سيرة روائية عن “رهين المحبسين”، ويتسبب في ارتقاب مبكر لظهور شخصية الشاعر والفيلسوف والمفكر العربي الشهير، لكن من دون جدوى، لأن ظهور أبي العلاء يتأخر ربما حتى ثلث الرواية الأول. هنا يكشف السرد عن علاقة أبي القاسم حسين بن علي الوزير المغربي، بشيخ المعرة سليمان القضاعي التنوخي المعري، وهو جد أبي العلاء. وهذا هو الخيط الذي يصل العلاقة بين أبي العلاء وبين سلالة أبي القاسم الوزير، حين تنشأ علاقة وثيقة بين علي بن حسين الوزير مع عبدالله المعري الأب، بينما يكون ابن علي، أي حفيد الوزير المغربي المعروف أيضاً باسم أبي القاسم الصبي رفيق الصبا لقرينه أبي العلاء المعري، ويعرفان بين أقرانهما بالصبي والأعمى.وعلى رغم تعدد الأصوات والأسماء فقد تمكن الكاتب من السيطرة على خيوط الشخصيات ومراحل تطورها النفسي ودورها لاحقاً في الأحداث. ومع ذلك فقد لاحت لي فجوة لم أجد لها تبريراً سردياً تتعلق بسيرة أبي العلاء نفسه. فبينما نتعرف إلى ميلاده ثم تبني أهل الوزير أبي القاسم له، وإصابته بالجدري ثم العمى، ونبوغه المبكر، وأيضاً على النزعة العقلانية المبكرة التي تجلت من ثورته على شيوخه الذين درس عليهم في حلب، نازحاً من معرة النعمان، ثم عائداً إليها، مقرراً أن يجتهد في تلقي العلم بنفسه، نفاجأ به بعد وهلة شيخاً ومتهماً بالزندقة هو ورفيقه، ويتركز الضوء على فترة المحنة، بينما يصمت النص على سنوات النشأة والإنجازات الأدبية والفكرية، وبينها الكتاب الذي يبدو عنوان النص يحيل إليه بشكل ما، أي “رسالة الغفران” بلا إشارة جلية. في المقابل لا تتوقف تفاصيل الحوادث، ولا علاقات الحب التي تنشأ منها أفراد من أجيال يصبحون أبطالاً في العمل، أو تفاصيل السياسة والدهاء، ويختلط في بعضها الخيال بالواقع، ويمنح الحبر أثراً مزدوجاً بين نقل المعرفة وبين كونه سمّاً يتسبب في جرائم قتل أو انتحار، من خلال ما عرف بحبر سهند المسموم، والمرتبط بجماعة عرفت بجماعة جبل سهند، أو تتبع التقاليد والموروثات الشعبية التي تتناثر في أرجاء النص، إضافة إلى تأثير النساء والعشيقات والأمهات، على المصائر والتدابير. هذه الرواية التي تجسد نقلة لافتة في مضمونها ولغتها وبنائها هي الرواية الثالثة لحمود الشايجي بعد روايتين بعنوان “شيخ الخطاطين”، و”جليلة”. وعقب ثلاثة دواوين شعرية كان قد بدأ بها حمود مسيرته الأدبية وهي: “هيولي”، “العزف الثامن”، “عشق”. المزيد عن: رواية تاريخيةأبو العلاء المعريالمتنبيمصرحلبمؤامراتقصص حبسرد 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم العلاقات الحميمية next post كتب فرنسية تتناول ظاهرة لينين في مئوية وفاته وسط تجاهل روسي You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024