من فيلم في حرارة الليل المناهض للعنصرية (ملف الفيلم) ثقافة و فنون نورمان جويسون سينمائي أميركي معمر ناهض العنصرية by admin 26 يناير، 2024 written by admin 26 يناير، 2024 89 “الصانع” والحرفي في العرف الهوليوودي أخرج بعضاً من أبرز الكلاسيكيات و”مونستراك” آخر أفلامه في 1987 اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان رحل نورمان جويسون عن 97 سنة، طاوياً ما يقارب قرناً من الوجود، أمضى قسطاً كبيراً منه خلف الكاميرا. إنه واحد من أكبر المعمرين في تاريخ الشاشة، وواحد من آخر أعمدة الفن السابع في عاصمة السينما الأميركية قبل اندلاع ثورة “هوليوود الجديدة”. هذا الكندي الذي نشأ في عائلة من التجار في أونتاريو، بدأ حياته جندياً في البحرية الكندية خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن ينتقل إلى التلفزيون بعد حيازته شهادة جامعية، ومنه شق طريقه إلى الـ”سي بي أس” في نيويورك حيث تعلم المهنة وهو محوط بنجوم تلك الحقبة. يصعب التقاط خط جامع يعبر سجله السينمائي، فهو من الذين وضعوا أيديهم في كل شيء وعلى أي شيء، ولم يسجنوا أنفسهم داخل عالم يكتفي بنفسه. بمجرد النظر إلى فيلموغرافيته ندرك التنوع الذي كانت عليه، إذ إنها تنطوي على كوميديات رومنطيقية وميوزيكالات وأعمال تطرح قضايا سياسية شائكة، وهي أعمال أخرجها وتولى إنتاجها أيضاً. معاينة تاريخه فرصة أيضاً لكشف كمية الأشياء غير المتجانسة التي تحتويه، نتيجة الفضول والرغبة في تجاور السائد. في العرف الهوليوودي، فإن جويسون هو “الصانع” والحرفي، ولكن يا له من “صانع” وحرفي، ذلك أنه أخرج بعضاً من أبرز كلاسيكيات الستينيات والسبعينيات التي جاءت خلاصة صنعة كان يملكها مخرجو تلك الحقبة. نذكر من هذه الأفلام، على سبيل المثال: “في حرارة الليل” (1967)، “قضية توماس كراون” (1968)، “عازف كمان فوق السطح” (1971) “يسوع المسيح سوبرستار” (1973) “رولربول” (1975)، “…والعدالة للجميع” (1979)، “أغنيس الله” (1985) و”مونستراك” (1987). ستيف ماكوين في “قضية توماس كروان” (ملف الفيلم) يمكن تحديد البداية الفعلية لجويسون عند “طفل سينسيناتي” (1965)، فيلم من بطولة ستيف ماكوين في دور بطل لعبة بوكر. ذات يوم، يجد هذا البطل نفسه في مواجهة أحد أكثر لاعبي البوكر شهرةً (إدوارد روبنسون). كان من المفترض أن يتولى سام بكينبا إخراج الفيلم، لكن بعد خلاف مع المنتج كُلف به جويسون. في “الروس قادمون، الروس قادمون”، صور جويسون حكاية غواصة تابعة للبحرية السوفياتية ترسو على الشواطئ الأميركية، فتبث الخوف في قلوب سكان تلك المنطقة الذين يعتقدون بأن الأمر يتعلق بغزو روسي. جاء الفيلم ساخراً ضمن أجواء الحرب الباردة بين القطبين. وقد أغضب جون واين الذي أراد ضرب جويسون، على حد قول الأخير. “حرارة الليل” “في حرارة الليل” محطة أخرى في تاريخ المخرج القدير. يحكي الفيلم قصة فيرجيل تيبز، شرطي أسود من شمال الولايات المتحدة يتورط في تحقيق تجري فصوله في منطقة كل سكانها من العنصريين. مع هذا العمل الجميل، تكرس الممثل الأسود سيدني بواتييه نهائياً وبات له جمهوره لا في أميركا فحسب، بل في العالم وأصبح الأعلى أجراً في هوليوود لفترة معينة. من فيلم “عازف كمان فوق السطح” (ملف الفيلم) يصح القول إن “في حرارة الليل” هو أول أفلامه المهمة، وصنع له اسماً بين مخرجي الستينيات، في فترة شهدت فيها السينما الأميركية تغييراً جذرياً مع انتقال السلطة من أرباب الاستوديوهات إلى المخرجين. لم يكن جويسون من هذه الشلة، لكنه استطاع شق طريقه الخاص، حتى عندما بدأ أمثال كوبولا وسكورسيزي وسبيلبرغ ولوكاس إنجاز أفلامهم التي اختلفت عن أفلام الأجيال السابقة. جاء “في حرارة الليل” في سياق الأفلام التقدمية التي ناهضت العنصرية وانتصرت لحقوق الأفارقة الأميركيين. هذا الوعي عنده في تناول مأساة السود تكون من تجواله داخل جنوب أميركا يوم كان شاباً في العشرين من عمره. ولم يكتفِ في هذا الفيلم بالمطالبة بحقوقهم، بل أتبعه بـ”قصة جندي” و”الأعصار” في ما يعتبره البعض ثلاثيته عن العنصرية. سياسياً، يُصنف جويسون من الليبراليين الأشاوس، وقد كان في عداد الذين تظاهروا للمطالبة بحقوق السود في أميركا الستينيات. لكن، بعد اغتيال كينيدي، فقد الأمل تماماً من المجتمع الأميركي وانتقل للعيش خارج البلاد. قال في مقابلة: “فقدتُ مثاليتي السياسية فغادرتُ، وأعدتُ عائلتي إلى كندا، بعدما مزقتُ الغرين كارد، وهو أمر لم يسامحني عليه أولادي إلى اليوم”. نال “في حرارة الليل” خمس “أوسكارات” من بينها أفضل فيلم، ولكن، يا للمفارقة، لم ينل “أفضل مخرج” وهي الجائزة التي لن ينلها جويسون في حياته على رغم ترشحه لها ثلاث مرات بعد ذلك، مما اضطر الأكاديمية إلى إسناده جائزة خاصة عن مجمل أعماله في عام 1999. وقال جويسون للجمهور في تلك الحفلة التكريمية: “فكرتي الوداعية لكل هؤلاء المخرجين الشباب هي: ابحثوا فقط عن بعض القصص الجيدة. الفيلم الأكثر تحقيقاً للإيرادات ليس بالضرورة الفيلم الأفضل. لذلك، أخبرونا فقط القصص التي تضحكنا وتبكينا، لعلها تكشف القليل من الحقيقة عن أنفسنا”. جيمس كان في “رولربول” (ملف الفيلم) 1968 هو العام الذي شهد خروج “قضية توماس كراون” إلى الضوء، مشكلاً التعاون الثاني لجويسون مع ستيف ماكوين، لكنه هذه المرة يتشارك البطولة مع نجمة صاعدة تُدعى فاي داناواي ستترك بصمتها على الفيلم. مصرفي هاوي رياضة (ماكوين)، يخطط لسرقة مصرفه، بعد شعوره بالملل ورغبته المستجدة في العودة إلى حياة المغامرات. وبعد نجاح العملية، يكتشف أن شركة التأمين خصصت محققة ساحرة تُدعى فيكي (داناواي) لا يمكن خداعها بسهولة. آل باتشينو في “… والعدالة للجميع” (ملف الفيلم) كثر يتذكرون أغنية الفيلم التي وضعها المؤلف الفرنسي ميشال لوغران ونال عنها “أوسكار” أفضل أغنية وكانت الوحيدة التي نالها هذا الفيلم الذي بات اليوم من الكلاسيكيات، إلى درجة أن المخرج جون ماكتيرنان قدم نسخة ثانية له في عام 1999. مَن شاهد الفيلم، لا بد أن يتذكر أيضاً مشهد الشطرنج المملوء بالحسية. كما أنه تضمن أحد أطول مشاهد القُبل في تاريخ السينما، قبلة جمعت ماكوين بداناوي، وبلغ طولها ما يُقارب الدقيقة، ويُقال إن تصويرها استغرق نحو 8 ساعات موزعة على أيام. في قرية أوكرانية “عازف كمان فوق السطح” عنوان آخر يرن في الأذن، ووجد موطئ قدم له في سينما بداية السبعينيات. مع هذا الفيلم، اقتبس جويسون مسرحية كانت عُرضت على خشبة برودواي قبل بضعة أعوام. يروي الفيلم طوال نحو ثلاث ساعات، الحياة المأسوية حيناً والمبهجة أحياناً لطائفة من اليهود المقيمين في قرية أوكرانية في بداية القرن العشرين. بطل الفيلم يعتاش من توزيع الحليب، ولعب دوره المغني الإسرائيلي توبول الذي توفي العام الماضي. على رغم تحدره من عائلة بروتستانتية، فبسبب كنيته ساد اعتقاد عند البعض بأنه يهودي، وكان هذا السبب خلف اضطهاد تعرض له حين كان صبياً في مسقطه تورونتو. شير ونكولاس كايج في “مونستراك” (ملف الفيلم) نجاح “عازف كمان فوق السطح” النقدي والجماهيري، شجعه على استكمال مسيرته الميوزيكالية، فكان “يسوع المسيح سوبرستار”، وهو عمل أوبرالي من نوع الروك كتبه تيم رايس وأندرو لويد ويبر، أضحى أحد أشهر أفلامه وكشف إضافي على براعة يده. يروي الفيلم بصيغة موسيقية، الأسبوع الأخير من حياة المسيح مذ وصوله إلى أورشليم انتهاء إلى صلبه. هذا كله من خلال وجهة نظر يوضاس على الأحداث، مازجاً المقدس بالفن. نال الفيلم استحساناً على رغم هجوم بعض المتطرفين عليه. “رولربول” الذي صوره في ميونيخ، ذروة سينمائية أخرى لجويسون، وفرصة أخرى له كي يتطرق إلى نوع جديد، هو علم الخيال، وقد حقق هذا الطموح من خلال موضعة أحداث الفيلم في عام 2018، في مجتمع ما بعد انهيار الأمم حيث انتشرت لعبة اسمها الرولربول، وهي مزيج من الرياضات الشديدة العنف مثل التزحلق على الجليد وسباق الدراجات النارية والفوتبول الأميركي. يحملنا الفيلم تدريجاً إلى جحيم القسوة والعنف. لعب دور بطولة هذا الفيلم المشبع بالموسيقى الكلاسيكية الممثل الشهير جيمس كان. بعد عرضه، تلقى عروضاً لبيع حقوق اللعبة، لكنه رفض ذلك مستغرباً هذا العرض، ذلك أن الهدف من الفيلم كان إدانة هذه اللعبة وتجاوزاتها. طوى جويسون السبعينات مع فيلم “…والعدالة للجميع” مع آل باتشينو في دور محامي شاب يدافع عن قاض متهم بالاغتصاب على رغم الكراهية التي يكنها له. أما “مونستراك” في عام 1987، فأتاح له نيل “الدب الفضي” (جائزة أفضل مخرج) في مهرجان برلين السينمائي، وهو ما يمكن اعتباره أحد آخر الأعمال الممتازة التي قدمها جويسون الذي لم ينجز من بعدها سوى ستة أفلام كان آخرها في عام 2003. شكل “مونستراك” منعطفاً في مسيرة نيكولاس كايج. شريكته في الفيلم، الممثلة شير، ناضلت من أجل فرضه. يروي الفيلم حكاية وقوع لوريتا (شير) في غرام الأخ الأصغر (كايج) لحبيبها، ويمكن ربط سلوكها هذا بالبدر وتأثيره على تصرفات البشر. المزيد عن: مخرج سينمائيسينما كلاسيكيةأفلامهوليوودآل باتشينونيكولاس كايجالعنصرية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “الملح في الشاي” وصفة كيماوية أميركية تثير الجدل في بريطانيا next post 200 عام على “عالمية” الفنانين الإنجليز عبر “ناشيونال غاليري” You may also like اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024