الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » أبناء موسى… غاصوا في أعماق الكون وأسسوا لاختراعات اليوم

أبناء موسى… غاصوا في أعماق الكون وأسسوا لاختراعات اليوم

by admin

 

اخترع الإخوة الثلاثة أجهزة ميكانيكية عجيبة تعد بشائر الروبوتات الحالية وأشبعوا هوس أقرانهم بتصاميم وحيل بارعة

اندبندنت عربية / سنا الشامي صحفية وكاتبة سورية @sanashami13

منذ القدم يثير الفضاء والأجسام السماوية اهتمام العلماء والمكترثين لعلم الفلك وحركة الكواكب، حتى أن موسى ابن شاكر الذي كان من البارعين في الهندسة، تفرغ لعلم النجوم، وكان بنوه الثلاثة، محمد وأحمد والحسن، أبصر الناس بالهندسة والحيل والحركات والموسيقى وعلم النجوم.

لما مات أبوهم كان الخليفة العباسي المأمون، الصديق المقرب لوالدهم، يقود حملة في آسيا الصغرى، ولما وصله الخبر حزن لوفاة صديقه الحميم وأمر نائبه في بغداد بأن يرعى أولاد موسى الصغار بالانتباه والعناية حتى عودته، وكان لا ينسى كلما كتب إلى بغداد أن يسأل عنهم وعن أحوالهم. وثم عهد بهم إلى يحيى بن أبي منصور فلكي الخليفة، وكان يحيى يدير “بيت الحكمة” الذي أنشأه المأمون في بغداد، وفي هذا الجو المشبع بالعلم والمحتدم بالنقاشات الهامة بين العلماء، وفي وسط يعج بآلات غريبة نادرة، نشأ هؤلاء الأطفال وترعرعوا.

وكان كبيرهم محمد الذي أصبح أعظمهم شأناً وأطولهم باعاً في السياسة والفلك، وذا تأثير كبير على الخليفة كأبيه. والأخ الثاني أحمد كان تكنيكياً متحمساً وأعجوبة عائلته، فقد تناول بالبحث والتدقيق موضوعات في علم الميكانيك وتحريك الآلات تلقائياً، بينما برع الحسن الأخ الثالث في علم الهندسة ولمسوا فيه نبوغاً خارقاً، وألفوا عنده ذاكرة نادرة ومخيلة قوية كانت تمكنه دوماً من حل المسائل الرياضية المستعصية التي لم يتمكن القدماء من حلها، ولقد وصف نفسه بلسانه قائلاً، “وكلما كنت أغوص باحثاً عن حل لمعضلة تشغل بالي، كنت أحس كأن العالم أظلم في وجهي وأصابني شعور بالإغماء أو كأني مستغرق في حلم”.

وعندما أراد الخليفة المأمون التأكد من قياس محيط الأرض، أرسل الإخوة مع بعثة من مجموعة فلكيين قصدوا الأرض الأكثر سخونة وهي صحراء سنجار غرب الموصل، وانتهجوا في مهمتهم طريقة مغايرة لطريقة إيراتوستيناس Eratosthenes الذي كان أول من حاول قياس الأرض بواسطة زاوية أشعة الشمس.

وكانت طريقة العرب تقضي بأن ينطلق فريقان من جهة ما، فيذهب فريق إلى ناحية الشمال وآخر إلى الجنوب، بحيث يرى الأول صعود “التيس الفتي” والثاني هبوطه، ثم تحسب درجة خط الطول بواسطة قياس المسافة بين الفريقين المراقبين، وكانت النتيجة دقيقة للغاية.

التفرد في الفلك

ما قام به الإخوة من إجراء القياسات فاق ما قام به بطليموس وفلكي القصر آنذاك المروزي، حتى أن البيروني الكبير صرّح بعد 150 عاماً قائلاً، “إني أرى أنه بوسع المرء أن يعتمد على ما قام به أبناء موسى من أبحاث وملاحظات، وذلك أنهم وضعوا في سبيل البحث عن الحقيقة، كل قواهم وكانوا الوحيدين في عصرهم الذين برعوا في طرقهم الفلكية، وفي حسن استعمالهم لها، كما أنهم تركوا المجال لغيرهم من العلماء للتحقق من صحة قياسهم ودقتها”.

وهذا ما ذكره الباحث يوسف زيدان في كتابه التراث المجهول، عندما تحدث عن مخطوطة نادرة للإخوة في الفلك ومحفوظة في مكتبة “نور عثمانية” تحت رقم 2800 فقال، “وفي كتاب الدرجات المعروفة لبني موسى بن شاكر، يقدم الإخوة نصاً مهماً في الفلك والرياضة، وتبدأ المقدمة بما يلي: “إن القدماء من أهل اليونانية تسلّموا علومهم التجريبية من الهند، ولما نظرنا في الكتب الموجودة إلى الآن في معرفة أحكام النجوم، وجدنا أكثرها حايداً عن الصواب وعما سطره أولهم، ووجدنا لقدمائهم كتباً قد هجرها المتأخرون لجهلهم كيفية استعمال ما فيها وبعدها عن أذهانهم، فتكلفنا التعب الشديد في نقلها إلى لغة العرب واستعنّا في ذلك بأفضل ما وجدناه من الناقلين في زماننا، واجتهدنا في تهذيب العبارة وإصلاحها”. لذلك نحن أمام مخطوط يحاول مؤلفوها وضع موسوعة فلكية تسعى لإحياء العلم القديم الهندي واليوناني التجريبي، الذي كانت اليونان تراه أقل مرتبة من العلوم النظرية والفلسفية، وهو بخلاف العقلية العلمية العربية التي أسهمت إسهاماً كبيراً في تأسيس المنهج التجريبي قبل أوروبا بقرون”.

ولقد كان للإخوة مرصد في القصر تحدث عنه الطبيب ابن بان الطبري، وهو ما يفسر دقة أبحاثهم فقال، “في مرصد سامراء رأيت آلة بناها الأخوان محمد وأحمد ابنا موسى، وهي ذات شكل دائري تحمل صور النجوم ورموز الحيوانات في وسطها وتديرها قوة مائية، وكان كلما غاب نجم في قبة السماء اختفت صورته في اللحظة ذاتها في الآلة، وإذا ما ظهر نجم في قبة السماء ظهرت صورته في الخط الأفقي من الآلة”.

حيل بني موسى

لقد سمح لهم شغفهم العلمي وتنوع اختصاصاتهم بأن يشكلوا فريقاً علمياً معرفياً متكاملاً، فتعاونوا في مهامهم البحثية لإتمام مشروعاتهم الهندسية التطبيقية المهمة، ووضعوا مؤلفات علمية موقعة باسم فريقهم الملقب اختصاراً “بني موسى”، ولهم أكثر من 20 مؤلفاً في مجالات الرياضيات والفلك والميكانيكا، أشهرها كتاب “الحيل”.

وكلمة “الحيل” هي الكلمة القديمة لما يسمى اليوم علم الميكانيكا، فالميكانيكا هي استعمال الآلة بشكل معين لأداء غرض عبر الحيلة، لذلك فكتاب “الحيل” هو كتاب الآلات.

ويعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب في التراث العلمي ويوجد منه عدة مخطوطات في العالم، ترجم إلى اللاتينية وظهر في روما في وقت مبكر جداً من تاريخ التطور الأوروبي.

كما اخترعوا أجهزة ميكانيكية عجيبة تعد بشائر الروبوتات الحالية، إذ أشبع الإخوة الثلاثة هوس أقرانهم بتصميم مخترعات حيل بارعة، إذ تضمن كتاب “الحيل” أكثر من 100 اختراع، وكانت تلك قفزة هائلة في تطوير التكنولوجيا الميكانيكية. فقد كانوا مدفوعين بحب الاستكشاف والعجب المفطور عليه الإنسان، ووجدوا أساليب لبرمجة أجهزتهم وإدخال نظم تحكم للتشغيل الذاتي بما يتماشى مع عصرهم، فأهدافهم من تصميم أجهزتهم تماثل وتطابق أهداف العلماء اليوم، وبعض المبادئ العلمية التي استخدموها في أجهزتهم ما زالت توظف في تصميم الآلات وصناعتها في يومنا هذا.

وعن هذا قال عنهم القفطي نقلاً عن ابن النديم، “لقد كان لبني موسى تآليف عجيبة تعرف بحيل بني موسى، وهي شريفة الأغراض عظيمة الفائدة مشهورة عند الناس، وهم ممن تناهوا في طلب العلوم القديمة وبذلوا فيها الرغائب، وقد أتبعوا نفوسهم فيها وأنفذوا إلى بلاد الروم من أخرجها إليهم، فأحضروا النقلة من الأصقاع والأماكن بالمكافأة المجزية فأظهروا عجائب الحكمة”.

كرماء العلم

لقد كان هدف بني موسى مساعدة الناس في أداء أعمالهم اليومية الروتينية والصعبة مثل تلك التي تحتاج إلى قوة عضلية، وكان العديد منها مبهراً، وهذا ما تحدثت عنه المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها “شمس العرب تسطع على الغرب”، “كان أكثر الأمور عجباً وغرابة هو تلك المخيلة الخلّاقة المبدعة التي كانت لا تفتأ تقدم من دون كلل أو ملل، الاختراعات العلمية ذات المنفعة البيتية التي تحسد عليها ربة بيت حديثة وكل فلاح ريفي، هذه العبقرية التي تقدم ألعاباً ميكانيكية رائعة يجد فيها الطفل، حتى يومنا هذا، سلوته وفرحته.

فهناك معلف لا يشرب منه إلا الحيوانات الصغيرة وخزانات للحمامات، وقناديل ترتفع فيها الفتائل تلقائياً ويصب فيها الزيت تلقائياً أيضاً ولا تطفئ الرياح ضوءها، وهناك آلة تحدث صوتاً من ذاتها كلما ارتفع مستوى الماء إلى حد ما في الحقول، وأنواع عدة من نافورات الماء التي كانت تظهر دوماً أشكالاً متعددة بمياهها الفوارة”.

وتضيف، “لم يثبت أبناء موسى بشهرتهم بفضل أبحاثهم الخاصة فحسب بل الخدمات الجلية التي قدموها للعلم، لا سيما الفلك، وكانوا في مقتبل العمر تقريباً حين ظهروا للملأ كأساطين كرماء للعلم، وقد قاموا بإيفاد الرسل على نفقتهم الخاصة إلى الإمبراطورية البيزنطية بحثاً عن المخطوطات الفلسفية والفلكية والرياضية والطبية القديمة، ولم يتوانوا عن دفع المبالغ الطائلة لشراء الآثار اليونانية وحملها إلى دارهم التي قدمها لهم المتوكل بالقرب من قصره في سامراء”.

المزيد عن: أبناء موسىموسى ابن شاكرالخليفة العباسي المأمونعلم النجومالهندسة الفلكيةمحيط الأرضبطليموس

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00