Uncategorized جهاد الزين يكتب من بيروت عن: فلسطين بين انقلابَيْن by admin 1 ديسمبر، 2023 written by admin 1 ديسمبر، 2023 124 لقد تحولت 7 أكتوبر إلى يوم الحشر للعقل السياسي الإسرائيلي ولا بد أن صدمتها العميقة التي أصاب رذاذُها بل قنابلُها العالمَ أجمع، ستنتج أو تسرّع في ولادة ظواهر سياسية جديدة داخل وخارج إسرائيل. النها اللبنانية – جهاد الزين .. باسم الفدائيِّ الذي خَلَقا من جَزْمةٍ أُفُقا محمود درويش إذا كان أحد الأهداف الكبرى لعملية 7 أكتوبر هو ضرب أو تعطيل مسار التطبيع العربي مع إسرائيل، وفقا للاستراتيجية الإيرانية، فقد أدت هذه العملية إلى وعي عالمي، غربي وأميركي، بضرورة قيام دولة فلسطينية كرد استراتيجي بل تاريخي على المضاعفات التي نتجت عن 7 أكتوبر وحرب إسرائيل الهمجية على غزة. هكذا تساهم إيران في كتابة تاريخ … يتجاوزها. هذا هو التاريخ لا يستطيع أن يركن إليه أيُّ حاضرٍ مهما كان فعّالاً وذكياً بل وثورياً. لقد أصابت 7أكتوبر قلب العالم وأهم ما نبّهت إليه النظام الدولي بقيادة أميركا وأوروبا هو عدم جواز التباطؤ بل والتأخير في قيام دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين. كشفت 7 أكتوبر للنظام العالمي أن اليمين العنصري الإسرائيلي بالغ في رفض قيام أي دولة فلسطينية وهو اليمين الذي لم يستمع لصوت العقل والسلام الدولي بل وحتى لمصلحة أمن إسرائيل على المدى الأبعد. إنها الديموغرافيا كما ارتسمت من عقود من التراكم واللاحلول بين البحر والنهر ولاسيما بعد اتفاق أوسلو الذي دمّره اليمين الليكودي والأحزاب الإسرائيلية العنصرية، فانحصر أكثر من ستة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة في إطار غير مقبول من التمييز العنصري والقمع والفقر وبينهم مليونان مختنقان في غزة وحدها التي صارت شهيرة بأنها أكبر سجن في العالم. “حماس” هي في النتيجة فصيل فلسطيني رئيسي، لكن الغرب يبدو اليوم وقد أدرك أن الرد على الانقلاب “الإيراني” الذي مزّق غلاف الشرق الأوسط من خلال تمزيق غلاف غزة، يكمن في السعي الحثيث والذي لا يقبل التردد لإنتاج دولة فلسطينية ستكون باكورته القانونية الاعتراف بالأراضي المحتلة في الضفة والقطاع والقدس الشرقية كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، فيما سنبدأ نشهد اعترافات من بعض الدول بالدولة الفلسطينية. لكن الانقلاب الأهم الذي ينبغي على العالم مواجهته، هو انقلاب اليمين العنصري الإسرائيلي المستمر منذ العام 1993 والذي يمسك بالسلطة السياسية في إسرائيل بشكل شبه دائم منذ ذلك الحين. كيف سيتدبّر العالم أمر هذا اليمين داخل التركيبة الإسرائيلية وهل سيتمكن من التأثير على خيارات المجتمع الإسرائيلي؟ هذه هي العقبة الرئيسية لمستقبل أي تسوية فلسطينية إسرائيلية. أما الترتيبات على الجانب الفلسطيني فهي ليست مغلقة في ظل التاريخ البراغماتي لحركة “حماس” و ما أبدته سابقا من قابليات انخراط في إعادة التنظيم الداخلي للوضع الفلسطيني حتى لو بقي تأييدها لدولة فلسطينية على حدود 1967 ملتبساً لأنه سبق لحماس أن خاضت انتخابات تشريعية والمجلس التشريعي مؤسسة ضمن اتفاق أوسلو كذلك لم تعد وثائقها تتحدث عن رفض حل الدولتين. حتى إيران بتوقيعها على مقررات القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الرياض خلال ذروة حرب غزة ولاسيما على البندين 26 و 27 من مقررات تلك القمة من المفترض أن تكون قد وافقت على حل الدولتين. لم يعطِ معظم اليساريين والإسلاميين العرب، سنةً وشيعة، الأهمية التي يستحقها اتفاق أوسلو ليس كنقطة تحول فقط في البنية السياسية الفلسطينية، بل أيضاً لم يعطوه الأهمية التي يستحق كنقطة تحول في البنية السياسية الإسرائيلية، وبالتالي في الحياة السياسية الإسرائيلية. مات الزعيم التاريخي للحركة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات وربما لم يعرف أنه غيّر إسرائيل وليس الفلسطينيين فقط. غيّر اتفاق أوسلو إسرائيل إلى الأسوأ ولكنه كشفها في الآن معاً. غيّرها من حيث أنه أطلق عملية سيطرة اليمين العنصري الإسرائيلي على السلطة الإسرئيلية ولكنه كشف حجم وعمق القوى الاجتماعية والسياسية المعادية لأي سلام مع الفلسطينيين. بهذا المعنى لم يهمّش ويعزل فقط قوى السلام الإسرائيلية المؤيدة لحق الفلسطينيين في الاستقلال وإقامة دولتهم بل بالمقابل ساهم في تقوية تشكيلات اليمين العنصري الإسرائيلي. العملية التاريخية التي ستأتي بالدولة الفلسطينية- ولا يزال أمامنا عقبات كأداء في تحديد خارطتها النهائية- لا يمكن فصلها عن اتفاق أوسلو في النظرة الجدلية لتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. قد تكون إيران حاليا، أي بعد 7 أكتوبر، أقوى دولة سياسيا في الشرق الأوسط، ولكن الاستراتيجية التي تقوم على عدم قيام أي تسوية مع إسرائيل هي بالضرورة استراتيجية مضادة لمصادر قوتها نفسها على المدى الأبعد، ولذلك هي قوة سياسية مؤقتة رغم دهائها واستنادها إلى الشحنة العميقة للقضية الفلسطينية، واليوم يظهر أن فكرة الدولة الفلسطينية قد نضجت عالمياً بما يضع اليمين العنصري الإسرائيلي في مواجهة العالم بعد اليوم. يجب أن ننتبه من الآن فصاعدا في جملة ما ننتبه إليه أن الصين وروسيا أيضا صاحبتا مصلحة في قيام شرق أوسط مستقر على أساس دولة فلسطينية في قلبه، وبهذا المعنى فهما في لحظة كبرى آتية قد تكونان مؤيدتين للمسعى الأميركي الضاغط على اليمين العنصري الإسرائيلي للقبول بدولة فلسطينية. قريبا سيبدأ فيلم مختلف على الشاشة العالمية. فيلم اللمسات الأخيرة للاعتراف بالكيان الفلسطيني كدولة مستقلة، دولة ولو على الورق في البداية،لكنها تتمتع بقوة القانون الدولي وستكون 7 أكتوبر قد أسدت إلى الفلسطينيّين والعرب والعالم الخدمة الأهم ليختتم بها القرن العشرون الذي لم ينتهِ ولن ينتهي طالما لم تصل القضية الفلسطينية إلى نهاياتها العادلة. لو كنتُ رسام كاريكاتور لرسمت 7 أكتوبر بالشكل التالي: برميل عملاق هو غزة يتكدس فيه عدد لا يحصى من البشر وله باب ضيق مفتوح في أسفله يواصل السجان الإسرائيلي المدجج بالسلاح دفع الناس الفلسطينيين إلى داخله وحشرهم فيه، فيما في أعلى أسوار البرميل يفيض البشر خارجه على محيطهم ويلتهمونه بالنتيجة. أيا يكن مستوى التخطيط العسكري والتدريبي لعملية 7 أكتوبر فإن وعاء غزة الديموغرافي قد فاض على محيطه وفجّر احتقانه ضد القمع والإفقار والتمييز العنصري. قيل أن عدد المندفعين من غزة إلى غلافها بلغ ربما ألفا ومئتي شخص، أكثر أو أقل، ومن ضمنهم مجموعة مقاتلين. لقد تحولت 7 أكتوبر إلى يوم الحشر للعقل السياسي الإسرائيلي ولا بد أن صدمتها العميقة التي أصاب رذاذُها بل قنابلُها العالمَ أجمع، ستنتج أو تسرّع في ولادة ظواهر سياسية جديدة داخل وخارج إسرائيل. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post رضوان السيد يكتب عن: القيادة السعودية والمستقبل العربي ــ الإسلامي next post Three youth arrested at Bay View High School in Tantallon after ‘chemical irritant’ deployed You may also like «نيويورك تايمز»: ماسك وسفير إيران لدى الأمم المتحدة... 15 نوفمبر، 2024 نتنياهو ينسف الاتفاق المرتقب لوقف حرب لبنان 2 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: صناعة أسطورة جاكسون بولوك... 29 أكتوبر، 2024 العمليات الخارجية الإيرانية في أوروبا: العلاقة الإجرامية 23 أكتوبر، 2024 الذكاء الاصطناعي يذكر بما أحدثته الثورة الصناعية قبل... 21 أكتوبر، 2024 تقرير اندبندنت عربية / ميدان لبنان مشتعل وتل... 13 أكتوبر، 2024 عام من القتال غيّر خطاب “حماس” وتفكيرها السياسي 7 أكتوبر، 2024 ماذا تعني الكتابة في زمن الاضطراب الذاتي؟ 7 أكتوبر، 2024 هكذا خططت شبكة مقرها إيران لضرب هدف يهودي... 6 أكتوبر، 2024 فيلم “المادة”… الرعب الذي لم يحتمله الجمهور 4 أكتوبر، 2024