هتلر عندما كان المستشار الألماني آنذاك، يحظى بترحيب أنصاره في نورومبيرغ في عام 1933 (غيتي) عرب وعالم (9 مؤشرات) على عودة “العقل النازي” by admin 24 يناير، 2025 written by admin 24 يناير، 2025 13 في أحدث كتبه، يحلل المؤرخ لورانس ريس عوامل صعود النازية، في حين يرى كاتب المقالة أن هناك دروساً تحذيرية قدمها التاريخ تكتسب أهمية اليوم، مما يجعل قراءتها ضرورية مع دخول العالم ولاية ترمب الثانية اندبندنت عربية / روبرت ماكرام كثيراً ما شكل الهوس البريطاني بطغيان الدكتاتوريين الأجانب الشريرين والمختلين عقلياً حكاية نحب أن نرويها، فهو يتماشى مع تاريخنا كـ “جزيرة محصنة” (وفق تعبير ويليام شكسبير) دائمة التأهب ضد التهديدات الخارجية. وفي مجتمع طغت عليه مخاوف تاريخية بريطانية من غزو أوروبي، تجد هذه الهواجس صدى في عبارات مثل “بوني سينال منك” Boney will get you (التي استخدمت ضد نابليون في القرن الـ19) و”استعادة السيطرة” Take back control (المرتبطة بحملة مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في عام 2016). خلال عهد الملكة إليزابيث الثانية أصبح الفخر البريطاني بالتصدي لأهوال الاستبداد في القرن الـ20، عنصراً محورياً في تشكيل السردية الوطنية. وكان رئيس الوزراء الراحل ونستون تشرشل بخطبه المؤثرة التي “ألهبت” روح المقاومة البريطانية للنازيين، مثالاً بارزاً على المزج بين البراعة الخطابية والتخطيط الاستراتيجي المحكم لتحقيق تأثير شعبي واسع وعميق. إن مخاوفنا من النازية تحمل في طياتها مفارقات عدة، فبينما نزعم أننا ظللنا بمنأى عن الغزوات العدائية والإيديولوجيات الدخيلة، نجد أن غزو عام 1066 (حين سيطر النورمان بقيادة ويليام الفاتح على إنجلترا) عقبه نحو 300 عام من الحكم الفرنسي، في ما يعرف غالباً بـ”النير النورماني” Norman yoke. وشهدنا أيضاً أشكالاً أخرى من القمع، فإلى أي مدى يمكننا الادعاء بأننا محصنون ضد الحكم الاستبدادي؟ ثم أليس من الحكمة – أمام هشاشة الخط الفاصل بين القمع والحرية – أن نبقى يقظين تجاه أي نزعات من شأنها أن تقود إلى فرض حكم استبدادي؟ طبعاً لا يستحضر لورانس ريس – المؤرخ المرموق المتخصص في الحقبة النازية – هذا السياق بصفته مثقفاً ومفكراً بريطانياً، وهو ليس في حاجة إلى ذلك، فتطور “العقل النازي” في الفترة الممتدة ما بين عام 1919 وعام 1945 يشكل بحد ذاته قصة آسرة ومقلقة في حد ذاتها. وباعتبار أن هذه القصة تشكل “تحذيراً من التاريخ”، في وقت يدخل فيه العالم ولاية ثانية لدونالد ترمب، فإن قراءتها تصبح ضرورة لا غنى عنها. من الطبيعي أن يتعمق كتاب “العقل النازي” The Nazi Mind في الكاريزما الشريرة لشخصيات مثل أدولف هتلر ووزير دعايته جوزيف غوبلز، اللذين يحتلان مكانة فريدة في المشهد الجهنمي في القرن الـ20، الفوهرر كشخصية بورجوازية صغيرة لكنها متوحشة، وغوبلز كمروج داهية لكنه معاد للسامية بطريقة شيطانية. ويحيط بهما طيف من الشخصيات الأقل شهرة، لكنها لا تقل رعباً مثل: هاينريش هيملر (قائد جهاز الغستابو)، وهانز فرانك (الحاكم النازي العام لبولندا)، وهيرمان غورينغ (قائد القوات الجوية النازية)، وراينهارد هايدريش (رئيس مكتب أمن الرايخ)، وجوزف منغليه (الطبيب الذي أجرى تجارب مروعة على معتقلي معسكر أوشفيتز)، وألفرد روزنبرغ (المنظر النازي)، وأدولف آيخمان (منظم عمليات ترحيل اليهود إلى معسكرات الإبادة)، وغيرهم. لكن هؤلاء المساعدين الساديين لا يشكلون سوى جزء من الصورة الكاملة، إذ استندت وحشيتهم المروعة إلى شبكة هائلة من المنفذين العاديين داخل قوات الأمن الخاصة وجهاز الغيستابو، وجنود “الرايخ الثالث”، لكن الجانب الأكثر إثارة للقلق هو القصة التي يرويها المؤلف لورانس ريس حول الدوافع الخفية والتلاعبات الدقيقة بالحياة اليومية في ألمانيا بعد سقوط “جمهورية فايمار” (الحكومة الديمقراطية لألمانيا من عام 1919 إلى عام 1933)، التي مهدت الطريق لقيام نظام هتلر الاستبدادي. الحاضرون في “مؤتمر الحزب النازي” في عام 1937 في نورومبيرغ يحيون أدولف هتلر ويهتفون له (غيتي) وفي هذا الإطار يتساءل ريس: كيف استطاع النازيون ارتكاب هذه الجرائم المروعة؟ ما الذي دفع قادة معسكرات الإبادة إلى تبني برنامج القتل الجماعي؟ وربما يكون السؤال الأكثر إثارة للقلق: لماذا شارك عدد من الألمان العاديين في إبادة اليهود؟ (حتى الفيلسوف الشهير مارتن هايدغر انحاز بصورة واضحة إلى النازيين). كيف يمكن لأمة تتمتع بمثل هذا التراث الثقافي العريق أن تقترف أعظم الفظائع التي لا يمكن تصورها في التاريخ؟ وفي نهاية المطاف، السؤال الحاسم: ما الدروس التي يمكن أن نستخلصها من هذا التاريخ في عصرنا الراهن؟ في الواقع نادراً ما أخضعت الأسئلة المقلقة التي تتراكم حول تصرفات الرايخ الثالث لمثل هذه التحقيقات الحادة، اللامعة، الحديثة والكاشفة، مع بعض التفسيرات النفسية العصبية الدقيقة. ويأتي استخدام العلوم الطبية في هذا السياق كعامل بالغ الأهمية، فمع تولي رئيس شعبوي مثل دونالد ترمب مهمات ولايته الثانية في قيادة الولايات المتحدة، ومشاهدة قطب الأعمال إيلون ماسك وهو يؤدي إيماءة فسرها كثيرون على أنها تحية نازية بصورة علنية، يحرص لورانس ريس على معالجة هذه القضايا بوضوح عميق ودقة استقصائية تعكس براعة المؤرخ الجنائي. طبعاً إن كتاب “العقل النازي” ليس أول بحث يتناول هذا الموضوع، لكنه بلا شك الأكثر تعمقاً. على سبيل المثال، في أغسطس (آب) من عام 1941، كتبت دوروثي طومسون الصحافية الأميركية البارزة في عهد الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت، مقالتها: “من يتجه نحو النازية؟” Who Goes Nazi في مجلة “هاربرز”، وتطرقت فيه إلى القضايا نفسها التي تناولها لورانس ريس. لكنها قاربت الموضوع بنبرة ساخرة إلى حد ما، إذ وصفت الأمر كما لو كان “لعبة اجتماعية يمكن لعبها في تجمع من الأصدقاء والمعارف. هذه اللعبة تتعلق بالتكهن بمن في هذا التجمع قد يصبح نازياً في حالة حدوث صراع أو مواجهة”. كانت دوروثي طومسون شخصية أميركية صريحة، وفي عام 1941 لم تبد تأثراً عميقاً بالهولوكوست. وكتبت في حينه تقول: “أعرف كثير من اليهود الذين يتعاطفون بطبيعتهم مع النازية، وآخرين كانوا ليدعموا هتلر بكل حماسة إذا ما أتيحت لهم الفرصة. هناك يهود تخلوا عن تراثهم ليصبحوا ’آريين نازيين فخريين‘، لا بل إن هناك يهوداً من أم وأب يهوديين انضموا طوعاً إلى جهاز المخابرات السرية لهتلر. إن النازية لا تتعلق بالعرق أو الجنسية، بل تستهوي نوعاً معيناً من العقول”. ومضت تقول: “إنها أيضاً محنة جيل كامل، الجيل الذي كان إما شاباً في نهاية الحرب العالمية الثانية أو الذي لم يكن ولد بعد. وهذا لا ينطبق على الألمان فحسب، بل أيضاً على الإنجليز والفرنسيين والأميركيين، أو ما يسمى بـ ’الجيل الضائع‘”. وفي هذه النقطة يتطابق تحليل دوروثي طومسون مع “التحذيرات الـ12” التي أتى لورانس ريس على ذكرها عندما وصف إحكام هتلر التدريجي لسيطرته على الشعب الألماني. ووفقاً لريس، بدأت هذه العملية بثلاثة إفسادات رئيسة للديمقراطية في أعقاب الحرب العالمية الأولى: أولاً، ظهور نظريات المؤامرة التي ألقت باللوم على اليهود في هزيمة ألمانيا في عام 1918، وثانياً، الترويج لسردية “هم ضدنا” [يستخدم غالباً لتشجيع الكراهية أو الشكوك ضد فئة معينة، مثل الأقليات أو الأعداء السياسيين]، وثالثاً، بناء هتلر صورته كقائد بطولي، ليصبح في نهاية المطاف شخصية شبه أبوية في الوعي الجمعي الألماني. هذه الثلاثية من التلاعبات اعتمدت بصورة كبيرة على فعاليتها في استهداف الجيل الأصغر سناً، وإذ إن بيولوجيا دماغ الأفراد الذين لم يتجاوزوا 25 سنة تكون غير مكتملة النمو، فإن ريس يرى أن “المراهقين هم الفئة الأكثر قابلية للتشكيل وتحويلهم إلى متعصبين”. تسعة من “التحذيرات الـ12” التي أوردها الكاتب لورانس ريس ستتردد في أذهان القراء المعاصرين وقلقهم حيال واقعهم الراهن (دار “فايكينغ بنغوين” للنشر) ويوضح ريس كيفية انطلاق عملية إفساد الشباب وصولاً إلى صعود هتلر إلى السلطة عبر تحالفه مع النخبة الألمانية، وعلى رأسها بوب فون هيندينبورغ رئيس “جمهورية واينمار”. ومن خلال هذا التحالف، أسس هتلر نظامه الشمولي باستخدام أساليب تقليدية بصورة غير متوقعة. فبصفته الفوهرر، قام بإلغاء الحقوق المدنية، وقمع الصحافة الحرة، وعمل على تشتيت انتباه الجمهور وتوجيه الأنظار بعيداً من الأزمات (عبر استخدام الألعاب الأولمبية في برلين كصورة من صور الدعاية التي كان غوبلز يتقنها)، كما روج الزعيم النازي لرؤية طوباوية حول إمبراطورية رومانية مقدسة جديدة (على غرار الشعار الراهن “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” Make America Great Again – MAGA). يحسب لريس أنه تجنب ذكر ترمب بصورة مباشرة، إذ يخلو كتابه من أي إشارة إلى الرئيس الأميركي الـ45، أو إلى شخصيات مثل فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، أو فلاديمير بوتين الرئيس الروسي، أو كيم يونغ أون زعيم كوريا الشمالية. لكن هذا التجاهل ليس بلا مغزى. فإن تسعة من “التحذيرات الـ12” التي أوردها ريس ستتردد في أذهان القراء المعاصرين وقلقهم حيال واقعهم الراهن. أما ذروة كتاب “العقل النازي” – إذا ما جاز التعبير – فتكمن في عرضه البارز لنظام هتلر في مرحلته الأكثر تطرفاً واضطراباً، التي عقبت “ليلة السكاكين الطويلة” Night of the Long Knives (الحدث المفصلي في تاريخ ألمانيا النازية عندما أمر أدولف هتلر بتنفيذ سلسلة من عمليات التطهير السياسي داخل صفوف حزبه). والمفارقة اللافتة أن هذا الحدث، على رغم موجة الإدانة الدولية الواسعة التي لقيها، كان تحديداً العامل الحاسم الذي عزز دعم الشعب الألماني للفوهرر بصورة غير مسبوقة. ومنذ تلك اللحظة، ركز النازيون على أربع استراتيجيات أساسية في الحكم وضعت نظامهم خارج نطاق المجتمع المتحضر إلى الأبد، وهي: القمع الوحشي لأية معارضة، وتكثيف عنصرية الإبادة الجماعية، وتنفيذ أساليب “القتل عن بعد” (مثل غرف الغاز والقصف الجوي). والأهم من ذلك، نشر الخوف الشامل لترسيخ الهيمنة وضمان السيطرة المطلقة. في نهاية المطاف، لا يمكن تصنيف الكتاب على أنه مجرد تحذير بمقدار ما هو لغز تاريخي. فعقب استعراض لورانس ريس لتحذيراته الـ12، التي يزداد كل منها خطورة عما سبقه، يختتم قائلاً: “ثم حدث أمر ما: لقد هزم النازيون”. كتاب “العقل النازي: 12 تحذيراً من التاريخ” للمؤلف لورانس ريس ‘The Nazi Mind: 12 Warnings from History’ (صدر عن دار “فايكينغ بنغوين” للنشر، سعر النسخة 25 جنيهاً استرلينياً) © The Independent المزيد عن: ألمانيا النازيةالنازيةالحرب العالمية الثانيةجوزيف غوبلزمعتقل أوشفيتزإيلون ماسكدونالد ترمبلورانس ريسالديمقراطيةالفاشيةالشعبويةالأنظمة الديكتاتوريةجرائم الإبادةالرايخ الثالث 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ترمب يرشح رئيسا سابقا لشركة وجبات سريعة سفيرا لبلاده لدى أوروبا next post رحلة هتشكوك الغامضة من أحياء لندن البائسة إلى عرش هوليوود You may also like ترمب يرشح رئيسا سابقا لشركة وجبات سريعة سفيرا... 24 يناير، 2025 واحد من كل 12 ساكنا في لندن مهاجر... 24 يناير، 2025 ترامب يكرر رغبته في ضم كندا ويلوح بوقف... 24 يناير، 2025 السيسي يوضح هدف نشر قوات مصرية في الصومال 24 يناير، 2025 نيويورك تايمز: إسرائيل قد تستأنف حرب غزة بعد... 24 يناير، 2025 وقود يكفي 260 صاروخا.. تفاصيل شحنة صينية خطيرة... 24 يناير، 2025 قانون عراقي قد يسمح بالإفراج عن مهاجمي القوات... 24 يناير، 2025 التوقيت والأسباب… دلالات زيارة وزير الخارجية السعودي لبنان 24 يناير، 2025 خطة “فينيق غزة”: إزالة الركام تحتاج لعقدين 23 يناير، 2025 خالدة جرار عن الفلسطينيين في سجون إسرائيل: يعاملوننا... 23 يناير، 2025