AlMajalla / photo ثقافة و فنون (20 رواية) تصدّرت المشهد الأدبي العربي في 2024 by admin 25 ديسمبر، 2024 written by admin 25 ديسمبر، 2024 26 من الماضي إلى المستقبل مرورا بالواقع الراهن المجلة / إبراهيم عادل لا يزال المشهد الروائي العربي يزخر بالعديد من التجارب والأصوات المتنوعة التي تسعى من خلال الرصد والتخييل إلى إثراء حركة الروائية العربية بالمزيد من الإنتاج السردي الملهم والشيق. بالإضافة إلى ذلك يساهم وجود الجوائز العربية المخصصة لفن الرواية في المقام الأول، وتزايد عددها، إلى التعريف بالمزيد من الأقلام والكتابات والروايات، وهكذا يستمر المشهد لتقديم الجديد المختلف على مدار العام. في 2024 تعرفنا إلى عدد من الكتابات والأصوات الروائية الجديدة، بالإضافة إلى تجارب مختلفة لأصوات معروفة، واختلفت الروايات بين العودة الى التاريخ وتناول سير وأحداث لشخصيات تاريخية، يرى البعض فيها أثرا أو أهمية لأن يعود حضورها وتأثيرها اليوم، وبين روايات أخرى تعرض الواقع الحالي بكل ما فيه من مشكلات، سواء كانت خاصة بالمجتمع أو العالم. ولا شك أن الحروب والصراعات الدائرة في عالم اليوم كان لها حضور خاص، كما لجأ البعض إلى الخيال ونقلنا إلى عالم آخر مختلف عما نعيشه أو لجأ إلى قراءة المستقبل وتوقع ما يمكن أن يكون عليه العالم. نطل على بعضٍ من أعمالهم في ما يلي، مع الإشارة إلى أن الأعمال المذكورة ليست كلّ ما نشر ولا بالضرورة أهمّ ما نشر من روايات في 2024، بل هي الأعمال التي رصدها كاتب المقال وتناول معظمها في مقالات عدة في “المجلة” خلال العام الحالي. “قاهرة اليوم الضائع” لإبراهيم عبد المجيد بأسلوب يجمع بين الفانتازي والواقعي، يأخذنا الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد في هذه الرواية (منشورات المتوسط) إلى القاهرة في 2022 ودعوات جديدة الى التظاهر، ولكن المفاجأة أنها لا تجد لها من يستجيب! فما الذي حدث للقاهرة وما الذي تغيّر في الناس؟ يسائل إبراهيم عبد المجيد الثورة والهزيمة، ويتتبع ما حدث لمصر والمصريين بعد أكثر من 10 سنوات على ثورة غيّرت وجه البلاد وأطاحت النظام القديم، فما الذي يمكن أن يحدث لو استعاد الناس تلك الثورة؟ وهل نجحت الثورة بالفعل في ما كانت تنادي به، أم أنها تحولت الى ورقة من أوراق التاريخ وذكريات يتندر بها الشباب؟ يكسر عبد المجيد حاجز الإيهام لدى القارئ، فيتحدث عن نفسه وعن رواية يكتبها، ويقابل فتاة جميلة ويأخذها في جولة إلى قاهرة متخيلة خلا منها سكانها، ليحدثها عن عدد من الأماكن المهمة في القاهرة بدءا من مصر الجديدة حتى ميدان التحرير حيث قامت ثورة يناير 2011 مرورا بعددٍ من المقاهي العريقة والأماكن التاريخية ذات الخصوصية، التي يحمل كل منها حكاية يمكن أن تروى وتقوم عليها رواية منفصلة. يتجول بين الزمان والمكان ويستعرض العادات والموروثات الشعبية ويحكي علاقة المصريين بالملك تارة وبالمحتلين تارة أخرى ثم بالأنظمة الاستبدادية والقمعية في نهاية المطاف، ويبدو بين كل ذلك حريصا على استحضار الفن والجمال من بين سطور التاريخ ولملمة آثاره من الواقع. “العشيق السري لفيراو ميركل” لريم نجمي من المغرب تطل علينا ريم نجمي بروايتها الجديدة (دار المصرية اللبنانية) التي تتناول فيها قصة متخيّلة تجمع بين مناقشة مشكلات المغتربين في أوروبا، وبين هوس الإعجاب بالمشاهير، من خلال شخصية الشاب السوري يونس الخطيب وهو لاجئ في ألمانيا ولكنه يقع في غرام المستشارة ميركل ويكتب لها الرسائل والخطابات الغرامية، بل ويصل به الأمر إلى اقتحام منزلها بالفعل. ومن خلال هذه الحكاية تتناول الكتابة أبعاد وطبيعة العلاقات بين المغتربين في ألمانيا بالإضافة إلى العودة إلى بعض الحكايات عن سوريا وما كانوا يواجهونه من قمع وقهر في بلادهم جعلهم يغتربون في محاولة للحصول على حياة أفضل. لا شك أن الحروب والصراعات الدائرة في عالم اليوم كان لها حضور خاص، كما لجأ البعض إلى الخيال ونقلنا إلى عالم آخر أو لجأ إلى قراءة المستقبل وتوقع ما يمكن أن يكون عليه العالم استطاعت ريم نجمي أن تعكس في روايتها طبيعة حياة المهاجرين والصعوبات التي يواجهونها، كما اكتست الرواية بقدر من التشويق، لا سيما في تلك المطاردة بين العاشق والمستشارة الألمانية، وما الذي يمكن أن تصل إليه، وهل يمكن بالفعل أن تتقبل ذلك الموقف وكيف يتم التعامل مع هذا الشاب ومع المغتربين هناك بشكل عام. وتعكس من خلال ذلك طريقة تعامل الأوروبيين مع شعارات مثل الحرية والعدالة والمساوة وما الذي يُطبّق منها على أرض الواقع. تجدر الإشارة إلى أن الرواية وصلت الى القائمة الطويلة لجائزة “القلم الذهبي” هذا العام. “المنسيون بين ماءين” لليلى المطوع إلى البحرين وعالمها، تأخذنا الروائية ليلى المطوّع في “المنسيون بين ماءين” (دار رشم) بتجربة شديدة الثراء والمتعة تنتقل بنا بين ماضي تلك البلاد وحاضرها، وكيف كانت علاقة أهلها القديمة بالبحر، وكيف تحوّلت تلك العلاقة بفعل التقدم والتكنولوجيا إلى صراع غريب مع الطبيعة حيث انتشر بناء الجزر الصناعية ودفن العديد من الينابيع. تعود بنا الكاتبة إلى العلاقة التاريخية القديمة للإنسان بالبحر من خلال بطلة روايتها الأولى سليمة التي تهرب من الظلم الذي يلاحقها في قريتها وتهرب إلى البحر، وتستعيد من خلالها الأساطير القديمة المتعلقة بالبحر في الموروث الشعبي العربي والبحريني، وتقدم رؤية تجمع بين الواقعي والأسطوري وبين الماضي والحاضر، فيما يتقدم السرد باحثا عن طرق النجاة من حصار التكنولوجيا في العالم المعاصر مع بطلةالرواية الثانية ناديا التي تسعى إلى لملمة تلك الحكايات ومعرفة مصائر ما حدث لأجدادها في الماضي. من خلال فصول الرواية المتصلة المنفصلة، نتعرف الى أطراف متعددة من تاريخ البحرين وعلاقتها الشديدة الخصوصية التي جمع فيها أهلها بين ماء البحر المالح ومياه الينابيع العذبة، وكيف كانت تسير حياتهم منذ القدم بالتوازي، وبتلك العلاقة الشديدة الخصوصية والثراء مع البحر، وكيف تتهدّد تلك العلاقة اليوم بفعل التقدم الصناعي الذي يقضي على مظاهر الطبيعة الثرية ويحل محلها تلك المباني الصماء، وهل يمكن أن يتمرد ذلك البحر على كل ما يحيطونه به من عوامل صناعية قاتلة، أم تكون الغلبة في النهاية لتلك التكنولوجيا المتطورة التي تفرض حضورها على أرواح الناس وحياتهم يوما فيوم. “دار خولة” لبثينة العيسى نوفيلا قصيرة (منشورات تكوين)، تعود بها الروائية الكويتية بثينة العيسى إلى عالم الرواية، وتعرض من خلالها مشكلة عائلة اريستوقراطية ترواح مكانها بين محاولات الاندماج في العالم الحديث الذي جلبته أميركا للكويت، لا سيما بعد غزو العراق من جهة وبين السعي للحفاظ على الهوية العربية الكويتية. ذلك كله من خلال الأم خولة وأولادها الثلاثة، الذين يمثل كل واحدٍ منهم وجها من وجوه تلك العلاقة الشائكة بالآخر، بين ناصر الابن الأكبر، وتد العائلة الذي انسحب منها فجأة، ويوسف الذي يسعى لإرضاء أمه بطريقته الخاصة، والابن الأصغر غير المبالي بكل ما يحدث حوله. تستحضر الرواية بطريقة مكثفة، عددا من المشكلات التي كان من الممكن أن تمتد إلى صفحات عدة، ولكن الكاتبة آثرت أن تعرضها بإيجاز، فثمة علاقة ملتبسة ومعقدة بين الأم المتعلمة التي تحمل على عاتقها القيم والأفكار والتصور الخاص بالهوية وبين أبنائها الذين يعيشون حياتهم بالطول والعرض ويرون ما لا ترى، ويسعى بعضهم جاهدا إلى إرضائها ولكنها كأنها لا تراهم. بين تلك المشكلات العائلية الداخلية والعلاقة الملتبسة بالآخر لا سيما أميركا والكويت، بين الوطن والغربة، بين الحرية والاستقلال والحداثة والعولمة، كلها أفكار كبرى تشتمل عليها الرواية، وتسعى العيسى إلى لفت النظر إليها، ولكن بشكل موجز وعابر، لا شك سيبقى في أذهان القراءة طويلا. “قرية المائة” لرحاب لؤي لا تزال القرية المصرية قادرة على الحضور في الرواية المعاصرة، ويبدو عالمها الثري محفزا للتناول والعرض والكتابة. في روايتها الأولى (دار الشروق)، الحاصلة على جائزة خيري شلبي للرواية، تقدم رحاب لؤي عالم القرية وما يدور فيها من أساطير تتحكم في مصائر أفرادها. تبدأ الرواية من أسطورة القرية المكونة من 100 فرد لا ينقصون أبدا، فكلما مات منهم واحد ولد آخر، ولكن نكتشف مع الحكاية أن تلك الأسطورة ليست واقعية تماما، وأن هناك من يتحكمون في القرية ويسيطرون على مقدراتها. استطاعت رحاب أن تقدم عالم القرية من جديد، بكل ما يحتوي عليه من تفاصيل ثرية، ساحرة وآسرة، وأن تقدم في رواية قصيرة ذلك العالم المليء بالحياة والتعقيدات، سواء في علاقات أفرادهم بعضهم ببعض أو علاقتهم بالسلطة الحاكمة، سواء كانت رجال السياسة أو رجال الدين. ذلك كله بلغة شاعرية وسرد متدفق بانسيابية، فالرواية لا تحتوي على فصول مفرقة، بل تأتي كلها دفعة واحدة، كأنها تريد أن تصل إلى القارئ على هذا النحو، متماسكة وقوية. “المسيح الأندلسي” لتيسير خلف إلى الأندلس مرة أخرى، يأخذنا الروائي السوري تيسير خلف في روايته “المسيح الأندلسي” (منشورات المتوسط) ليحكي عن تلك الفترة العصيبة التي عاشها الموريسكيون في أسبانيا/ الأندلس وكيف أجبروا على التنصر لكي يعيشوا بسلام. وعلى الرغم من عدد من الروايات التي تناولت تلك المحنة وتلك المرحلة المهمة في التاريخ، إلا أن خلف استطاع أن يرسم أبعادا مختلفة لشخصيات عالمه، ويقدم صورة جديدة لتلك المرحلة التاريخية، وتلك الشخصية/ بطل روايته (عيسى بن محمد)، اعتمادا على عدد من المخطوطات والرسائل الأندلسية القديمة من القرن السابع عشر الميلادي وما تلاه. تبدأ الرواية برحلة بحث البطل عيسى عن قاتل والدته التي ماتت ضمن حملات محاكم التفتيش الشهيرة، ليتعرف من خلال هذه الرحلة الى عدد آخر من الشخصيات التي تكشف له ما خفي من تاريخه وعالمه، وما يعكس من مآسي المسلمين وصراعاتهم في تلك المرحلة التي جعلتهم يتنقلون عبر البلدان من أسبانيا إلى القاهرة، الى تركيا وإسطنبول. وفي كل مكان، يكتشف قصة أخرى وحكاية جديدة تروي تلك المآسي. تبدو الرواية وكأنها ملحمة طويلة ورحلة شاقة يخوضها البطل ويحكي من خلالها تلك الفترة التاريخية الصعبة وما جرى فيها من أحداث. “بياض على مد البصر ” لمحمد عبد الرزاق حادثة وفاة كان يمكن أن تكون عابرة في قرية بسيطة، ولكنها تتحول إلى زلزال نفسي واجتماعي داخل تلك القرية. في رواية “بياض على مد البصر” (دار العين) لمحمد عبد الرازق يكشف ذلك الحادث كل سوءات القرية، ونتعرّف من خلالها الى ما يخفيه أفرادها من أسرار في ماضيهم وحاضرهم، وما يصل بهم إلى تلك اللحظة الصعبة المأزومة، بدءا بالأم هالة المسكينة المغلوبة على أمرها التي تسعى الى فهم ما جرى لابنتها، فيما نتعرف الى حكايتها المأسوية وعلاقتها بزوجها/الأب مسعد الذي سعى إلى نقل أسرته من القرية الى المدينة. ولكن يبدو أن للقرية نداهة لا يمكن التخلص منها، كذلك الجدة حليمة التي تسيطر على الجميع وتفرض وصايتها وكلمتها عليهم. وإذا كانت هذه شخصيات الرواية الرئيسة، فإن السارد يعرض أطرافا من حكاية عدد من الشخصيات الثانوية، بدءا بالطبيب وصولا إلى مأمور القسم، وكيف يحمل كل واحدٍ منهم هما ثقيلا من ماضيه يظل يطارده حتى أحلك اللحظات. هكذا استطاع محمد عبد الرازق أن يعرض صورة عامة لمجتمع القرية المصري، ليس فقط ما يدور فيها وما يؤثر فيها، ولكن يربط بين ما يجري فيها وعلاقتها بالمدينة وضريبة محاولاتهم للحصول على الرفاهية، وكيف يجمع بينهم فجأة موقف أو حادثة كتلك. كما يطرح من جهة أخرى تغير العلاقات بين أهل الريف وأهل المدينة، وكيف يؤثر كل ذلك على المواقف والحياة. “الموت عادة يومية” لشكري سلامة بين أخبار الموت التي تحاصرنا كل يوم، والتفكير في الحياة والموت وتقلبات الزمن، يخوض بنا الروائي المصري الشاب شكري سلامة (دار الحكمة) تجربة مختلفة مع بطله الذي عانى منذ فترة مبكرة في حياته من غياب والده، ويسعى إلى التأكد من سر اختفائه وهل لا يزال حيا أم أنه أصبح في ركب الأموات. يأخذنا السارد إلى رحلة تمزج الواقعي بالأسطوري، والحقيقي بالمتخيل، ويعود بنا إلى عوالم كتّابٍ آخرين تناولوا الموت وجعلوا منه أسطورة ليتحكموا فيه، فيحضر غلغامش وأبطال مقامات الهمذاني وعدد من القصص والحكايات الفانتازية المختلفة التي يحكيها السارد بشكل شيق، فتجعل القارئ يتأمل العالم من حوله وحكايات الموت التي لا تنتهي. تحضر الحكاية في رواية “الموت عادة يومية”، وكأنها تعويض عن كل ما يفقده الأبطال في حياتهم، كما يحضر عدد من القيم الغائبة المفتقدة في عالم اليوم، مثل قيمة الأبوة والصداقة، وهل يمكن الحفاظ على تلك العلاقات مع التغيرات المتسارعة التي تلاحق الأبطال في عالم اليوم، أم أن كل فردٍ يبحث عن نجاته الفردية بغض النظر عن الآخرين، سواء كان زوجة شريكة للحلم والحياة أو أبناء أو حتى أصدقاء. تطرح الرواية عددا من الأسئلة الشائكة بطريقة شيقة وسلسلة، وتترك القارئ في النهاية رهن حالة طويلة من التفكير في عالمه وعلاقاته. “اللعب مع الجنود” لطارق عسراوي نوفيلا أخرى، لكنها هذه المرة من فلسطين، قصة تبدو يومية وبسيطة، يقدمها الروائي طارق عسراوي في روايته الأولى (دار تكوين)، ويحكي من خلالها كيف يتعامل الأطفال في فلسطين مع جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكيف تتحول المقاومة إلى “لعبة” يتسلى بها الأطفال ويتمكنون من خلالها من تكدير صفو هؤلاء الجنود. في الوقت نفسه، يعرض عسراوي لحياة البسطاء هناك في فلسطين بين مقاوم للاحتلال ومهادن له وكيف يكون مصير كل واحدٍ منهم بعد تطور الأحداث ومرور الأعوام. غلاف رواية “اللعب بالجنود”. على قصرها وقلة عدد صفحاتها، استطاع عسراوي أن يقدم صورة عامة مختلفة لفلسطين في فترات سابقة للعصر الحالي، ويخرج بنا عن الصورة التي يتابعها الملايين عبر الشاشات، ويعرض كيف تكون الحياة والمقاومة تحت قبضة الاحتلال. يرسم عسراوي من خلال السرد البسيط صورة الفلسطيني وحياته اليومية، كيف يتعامل أهل الحارة وكيف تكون علاقاتهم، والأسرار التي يخبئونها ومحاولات التغلب على صعوبة الحياة وما يمرون به من مشكلات وأزمات، تبدو في مجملها عادية وعابرة، ولكن الاحتلال يضع بصمته بين الحين والآخر على تلك العلاقات والحكايات، ويسعى بعضهم الى تجاوزها . “هند أو أجمل امرأة في العالم” لهدى بركات تعود هدى بركات إلى عالم الرواية الثري بعد نحو 5 سنوات، لتقدم روايتها “هند أو أجمل امرأة في العالم” (دار الآداب) وترصد من خلالها تلك العلاقة الملتبسة بين أم وابنتها التي أصيبت بمرض نادر شوه ما كان فيها من جمال حتى اضطرت أمها إلى أن تعزلها عن الناس، ومن تلك العزلة تبدأ رحلتها بعيدا عن الناس حتى تتمكن من السفر إلى فرنسا أملا في حياة أفضل، ولكنها تفاجأ هناك بأن لا شفاء من حالتها، وتعيش حياتها مشردة. تركز هدى بركات في روايتها على حالة الاغتراب التي تعيشها البطلة، وتلك العلاقة المريبة التي جمعت بينها وبين أمها، تروي في أثناء ذلك تفاصيل حياتها اليومية، ما بين محاولات النجاة وخيبة الأمل، بين الماضي الذي عاشته معها أو الحاضر القاسي الذي تعيشه بعد عودتها إلى لبنان أثناء الحرب. تلقي كل المشكلات الراهنة بآثارها على الفتاة التي تتحول حياتها إلى تساؤلات عدة حول قيم الجمال والذكاء وصولا إلى الحياة والوجود، بينما الموت يحاصرها من كل مكان. غلاف رواية “هند أو أجمل امرأة في العالم”. تجدر الإشارة إلى أن الرواية وصلت أخيرا إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب. “نزوح” لحبيب عبد الرب سروري إلى المستقبل والفضاء، يأخذنا الروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري في روايته “نزوح” (دار الساقي)، لنرى ونبحث هل يمكن أن يعيش الإنسان هناك في الفضاء؟ رحلة خلال مركبتين فضائيتين، كل منهما تحمل على متنها خمسة أفراد من خبراء ذلك العالم المجهول بالنسبة الى الكثيرين، ولدى كل واحد منهم حلمه الخاص في البدء بحياة جديدة هناك على سطح القمر. نتعرف من خلال عرض سردي سريع الى كل شخصية منهم، كيف وصلت إلى تلك الرحلة، وكيف رشحوا، وما هي آمالهم وطموحاتهم في تلك الرحلة المختلفة المحفوفة بالأخطار. يجمع سروري في الرواية ببراعة بين الواقعي والمتخيل، بين أحلام الناس الطبيعية وبين ما تفرضه التكنولوجيا والخيال العلمي من وسائل حديثة قد تغيّر في طرق تعامل الناس وعلاقاتهم، وهل يمكن أن تقوم علاقة حب في ذلك الفضاء المتخيّل؟ هل يمكن أن يعيش هؤلاء الأفراد في سلام وأمان طوال فترة رحلتهم أو بعد استقرارهم؟ لا يكتفي الكاتب بذلك، بل يعود في قفزات زمنية إلى ماضي عدد من الشخصيات ليعرض التغيرات التي حدثت في البلاد في ذلك المستقبل، ويتنبأ بما آلت إليه الأمور في عدد من دول العالم العربي بعد مرور سنوات الحروب والدمار التي أحاطت بهم لسنوات طويلة. ورغم انطلاق الكاتب من الخيال وبحثه في المستقبل ووسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، إلا أنه يبدو مرتبطا بالواقع الذي يفرض شروطه، حتى أنه يراهن في النهاية على الحب الذي يجمع الناس وعلى الفطرة السليمة التي يمكن أن توحدهم، بعيدا من سيطرة التكنولوجيا والآلات الجامدة مهما بلغت مهارتها ومهما وصلت إلى آفاق العلم الحديث، تبقى فكرة الناس هي المتحكمة في النهاية، وهي التي تطوع كل تلك الوسائل والأدوات لخدمتها. “بركات العالق في الخيال” لعبد العزيز الصقعبي قد لا يحتاج المرء إلى الترحال البعيد عن عالمه الواقعي، ولكن أن يسبح في خيالٍ حر، ويتناول مشكلات الواقع التي تخص شخصيات من عالمه من خلال ذلك الخيال المحلّق، ولعل هذا ما يقدمه الروائي السعودي عبد العزيز الصقعبي في روايته “بركات العالق في الخيال” (دار الساقي) مع بطل روايته بركات الذي تنقسم حياته بعد حادث مفاجئ إلى حياتين، يعيش في واحدة منهما حياة الغنى والثراء كمدير عام لشركة كبرى، وفي الثانية تسير حياته كرجل من طبقة متوسطة بسيطة يعيش على الكفاف، وبين الحالتين تتوزع حياة بركات ولا يعرف إلى أيٍّ منهما ينتمي، وهل يمكن بالفعل أن تتوزع حياته على هذا النحو؟ غلاف رواية “بركات العالق في الخيال”. تركز الرواية على شخصية البطل، وتبدو كل الشخصيات من حوله انعكاسا له، لا سيما أن الرواية كلها تقوم على حكاية البطل عن نفسه بتقنية الراوي المتكلم، التي تجعل القارئ متعاطفا مع الرواية وأحداثها، بالإضافة إلى تلك التنقلات المختلفة في الأحداث التي تتغير وتتلاحق على بركات والتي تجعل القارئ مشدودا إلى ذلك العالم وما فيه من مصادفات وغرابة. فالخيال هنا ليس فانتازيا بل هو واقعي شديد الواقعية، ولكنه يحمل غرابته من الفكرة نفسها. شيئا فشيئا يستخدم الكاتب أيضا تقنية كسر الإيهام في الرواية، فيحضر أمام شخصياته، ويخبرهم بعد حادثة أنه تورط في خلق عالمين وأنه يجب أن يتخلص من هذه الورطة بشكل يرضي القراء. “صلاة القلق” لمحمد سمير ندا رغم أن التجربة التي ينطلق منها الروائي المصري محمد سمير ندا في روايته “صلاة القلق” (دار مسكلياني) تبدو واقعية تعود إإلى التاريخ تحديدا لحظة النكسة 1967 في مصر وما تلاها، إلا أن القارئ يفاجأ بأن ثمة بناء أسطوريا وفانتازيا تقوم عليه الرواية، التي تحكي عن قرية مصرية، نجع المناسي، التي انعزلت عن العالم، بل وأوهم سكانها أن انتصارا مصريا تحقق في ذلك العام بدلا من النكسة، وظل الناس لعشر سنوات أسرى ذلك الخيال/الوهم، الذي ساهم فيه عدد من الشخصيات التي استطاعت أن تفرض سيطرتها على القرية بدءا بخليل الخوجة الذي أصبح بمثابة وزير إعلام النجع والمتحكم في كل ما يصل أهلها من أخبار ومعلومات، أو أيوب المنسي الشيخ الذي يبرر ويقرر ما تدور فيه القرية من أحوال حتى يصبح وسيلتهم لتقبل الأمر الواقع والرضا والتسليم التام به. من خلال شخصيات القرية المختلفة، نتعرف الى ذلك العالم الذي يغرق في الخرافات والأساطير الى درجة أن أبناء أهل القرية يغيبون في حربٍ لا يعرفون تفاصيلها، ولكنهم يستسلمون لمشيئة الأقدار، ويروي الكاتب ببراعة كيف يستسلم البسطاء لهذه القوى، وكيف تؤثر على حياتهم، بل إن بعضهم يعلم يقينا أن الخرافات والأساطير تحيط به لكنه لا يملك إلا أن يخضع لها. ندور بين شخصيات نوح النحال ومحروس الدباغ ووداد الداية وشواهي الغجرية والشيخ جعفر الولي وغيرهم، ومع كل شخصية تتكاثر الحكايات وتتشابك حتى تغرق القرية في ظلام لا يظهر منه أي ضوء. يمزج محمد سمير ندا بين الواقع والفانتازي، فثمة نيزك يضرب القرية ويحوّل وجوه أصحابها فتصبح كوجوه السلحفاة، ويقر الشيخ بأن ذلك غضبٌ من الله على أهل القرية، ويفرض عليهم صلاة خاصة بطقوس محددة يسميها “صلاة القلق” ويستجيب له الكثيرون، وهكذا تنشيء الرواية عالمها الموازي للواقع، الذي يكشف عن الكثير مما يدور في عالم اليوم، حتى لو لم تفرض على الناس العزلة ولم يقهرهم سلطان ظالم. “على يمين القلب” لليالي بدر إلى فلسطين تأخذنا الروائية والمخرجة السينمائية الفلسطينية ليالي بدر في روايتها الأولى “على يمين القلب” (دار العين) في حكاية تجمع بين قصة الحب المستحيلة والوطن المسلوب. حكاية غرام، التي تنتمي الى أسرة تجمع بين جدة يهودية وجد فلسطيني عاشا قصة حب استثنائية في فلسطين أيام الانتداب البريطاني، وكيف كانت بدايات الحلم بإنشاء إسرائيل. تعرض الكاتبة لأطراف من حياة الفلسطينيين في ذلك الزمان وتمزج في حكايتها تفاصيل التراث الفلسطيني في الغناء والطعام والأزياء وتفاصيل الحياة اليومية في وقتٍ كانت فلسطين بلدا يجمع الديانات والأعراق كلها على السواء. تحكي أطرافا من تاريخ فلسطين الذي نعرف الكثير عنه، ولكن هذه المرة من وجهة نظر الناس والبسطاء، كيف تفاعلوا مع الأحداث وكيف كان أثرها عليهم. مفارقات الأحداث لا تفرق فقط بين الزوجة وزوجها، بل بين الأم وبنتها التي عاشت تعاني من الاغتراب، فيما هي تستعيد من الحكايات قصة الأجداد، كأنما توثق صلتها بذلك الماضي البعيد. لا شك سيبدو أثر الأحداث الراهنة حاضرا في ثنايا الرواية وتفاصيلها، فالحرب لا تزال مستمرة وبوتيرة أقوى، والصراع يزيد اليوم شراسة وعنفا، ولكن الرواية تتجاوز ذلك كله لتنقل بواقعية وبسردٍ متماسك ومؤثر تفاصيل الحياة الفلسطينية سواء في الداخل أو في المهجر، هناك حيث تنتقل غرام البطلة إلى الكويت وتعاني أيضا ما يعانيه الفلسطينيون هناك. هكذا تأتي الرواية لتكون إضافة مهمة ومختلفة للحكاية عن فلسطين في فترة طويلة نسبيا، ولكن بشكل مكثف وموجز. “صيف سويسري” لإنعام كجه جي في روايتها الجديدة (دار تكوين) تنقلنا الروائية العراقية إنعام كجه جي إلى مدينة بازل بسويسرا في تجربة مختلفة، حيث أربعة عراقيين مختلفي التوجهات والعقائد يخضعون لتجربة فريدة للتخلص من ذكرياتهم في تلك المدينة عاصمة الدواء والاختراعات في العالم. تطرح الرواية في البداية ذلك التساؤل، هل يمكن أن يتخلص المرء من ذكرياته، لا سيما إذا كانت تلك الذكريات القاسية والمؤلمة التي امتلأت بها حياتهم السابقة كلها؟ غلاف رواية “صيف سويسري”. وهكذا نتعرّف بشكل متناغم الى حكايات كل شخصية من الأربعة، وتمنح الكاتبة أبطالها أصواتهم ليعبر كل واحدٍ منهم عن نفسه، بين حاتم ضابط الأمن السابق والمؤمن بالعروبة والقومية المنتمي الى النظام السابق، وبشيرة حسون المعارضة اليسارية التي نكتشف أنه قد جمعتها به من قبل علاقة غريبة، علاقة السجين والسجان. وبينما هو يغرق في علاقة حب صامتة، تجمع بينهما تلك المصادفة القدرية العجيبة. هناك ايضا غزوان البابلي المهتم بآل البيت، ودلالة المبشرة، كل هؤلاء يجمع بينهم الطبيب، خامسهم بلاسم المشرف على تجربة العلاج من جهة، والذي يقوم بدور الراوي الخارجي لهذه الشخصيات من جهة أخرى. تمتلك كل شخصية من شخصيات الرواية العديد من القصص والحكايات، ويبدو كل واحدٍ منهم مثقلا بهمّ الماضي الذي لا يمكن التخلص منه. وعلى الرغم من حساسية رحلتهم وأهمية الفكرة التي تحملها الرواية، هناك السؤال هل يمكن أن يتخلص المرء من ذاكرته التي أثقلت حياته وكدرت طرفا كبيرا من عمره؟ نتعرف من خلالهم الى تلك الحياة الصعبة التي كان يعيشها العراقيون في أيام صدام حسين، وكيف كان يتم قمع المعارضين واستجوابهم والقضاء عليهم. تلتقط الكاتبة أطرافا من حياة كل شخصية منهم وتعرضها بطريقة شاعرية حتى تترك القارئ في النهاية أمام صورة بانورامية موجزة ومعبرة عن حياة الناس في العراق التي لا يمتلكون الفرار منها حتى لو عاشوا في رفاهية صيف سويسرا. “دانشمند” لأحمد فال الدين من موريتانيا يعود بنا الروائي والإعلامي أحمد فال الدين إلى سيرة الإمام أبو حامد الغزالي، الذي كان لقبه “دانشمند” وتعني “كبير المعلمين” بالفارسية، ليستحضر حياته وتلك الفترة العصيبة التي عاشها، والتحولات التي مر بها في رواية مهمة (دار مسكلياني) تتجاوز الـ 600 صفحة وتجول بين دول العالم الإسلامي في ذلك الوقت، من إيران إلى الشام وفلسطين، متتبعة حياة وتغيرات الإمام الغزالي في تلك الفترة الحرجة في التاريخ الإسلامي قبيل الحروب الصليبية. تأخذنا الرواية في رحلة طويلة متشعبة، منذ ولادة الغزالي وطفولته وبداية تلقيه العلم حتى انتقاله من بلدته طابران إلى بغداد، وكيف تحول من متعلم إلى كبير المعلمين، وكيف بدأت مواجهته الكبرى في ذلك الوقت الذي احتدمت فيه الصراعات بين الطوائف والفرق المختلفة، ليكتب كتابه الشهير “تهافت الفلاسفة”، ثم تلك الرحلة الخاصة التي انتقل بها إلى العزلة التي جعلته يقترب من عالم التصوف، ليكتب كتابه الأهم، “إحياء علوم الدين”، وكيف أخذه الناس وتناقلوه عنه. لا يكتفي فال الدين بالحديث عن الغزالي ومن حوله، بل يأخذنا في رحلة أخرى بين شخصيات عديدة وأماكن مختلفة، خاصة في تلك الفترة الزمنية العصيبة، فنتعرف معه الى ما كان يدور في فرنسا والقسطنطينية وكيف كانوا يعدون العدة للحروب وكيف كانت استعداداتهم، وما جرى آنذاك من مراسلات بينهم وبين قادة الجيوش وقادة الحصون وغير ذلك، حتى سقوط القدس بين أيدي الصليبيين، والقتل والجرائم التي مارسوها هناك. وفي المقابل كيف كانت الأخبار تنتقل إلى عموم بلاد المسلمين، وكيف يتعامل معها العلماء والمفكرون والعامة في ذلك الوقت. لا شك أن القارئ سيلتمس بين ثنايا حكايات الإمام الغزالي ومن حوله أثرا لما يدور بين الناس اليوم، ويرى كيف يعيد التاريخ نفسه سواء في التناحر بين الفرق المختلفة، أو تجاهل الكثير من العلماء والمفكرين الحديث عما جرى ويجري حولهم في العالم الإسلامي وانشغالهم بأنفسهم، وكيف كانت المواجهة أحيانا بين العلماء والسلاطين في ذلك الزمن البعيد. “بيت من زخرف” لإبراهيم فرغلي من الغزالي شرقا إلى ابن رشد في المغرب، ومن مصر يأخذنا إبراهيم فرغلي في روايته الجديدة (دار الشروق) في رحلة بين الماضي والحاضر إلى زمن العالم والفيلسوف العربي الوليد ابن رشد، ويستل من سيرته ورحلته الفكرية فرصة للحكاية عما يدور في عصرنا الحالي، حيث يحكي عن مفكر وفيلسوف مصري يواجه أزمة التكفير في مجتمعه مما يضطره للسفر هربا من الملاحقة. بين حكاية ابن رشد ورحلته الفكرية والفلسفية والرحلة التي يخوضها الأستاذ الجامعي اسكندر الذي تجمعه قصة حب بطالبة تدفعه الى البحث والتنقيب بل والكتابة عن الفيلسف ابن رشد الذي يعد أحمد أهم الفلاسفة في العالم الإسلامي والذي قدم شروحات مهمة لأرسطو واعتبر أحد المنادين بالتفكير العقلاني ضد القائلين بالاعتماد على النقل والالتزام بالنصوص بشكل حرفي جامد. لا يتوقف فرغلي عند ذلك، إنما يأخذ ابن رشد إلى قصة عاطفية تجمعه هو الآخر بطالبة من طالباته تعرفت اليه وأحبته ولازمته، وهي التي حملت العنوان الجانبي للرواية، “عشيقة ابن رشد“. الرواية التي يهديها إبراهيم فرغلي الى روح المفكر المصري الراحل نصر أبو زيد، يلتمس القارئ فيها أثر ما حدث فعليا في مصر مع نصر أبو زيد الذي واجه اتهاما بالتكفير وفرقت الدولة بالفعل بينه وبين زوجته مما اضطره للسفر فعاش فترة من عمره منفيا في هولندا. تحتوي على رسالة واضحة للقراء اليوم ومواجهة لمواقف بعض المثقفين من الفكر والحرية وحديثا مفصلا عن دور المثقف يدور في حوارات دالة بين الأستاذ وطالبته، كل ذلك يجعل الرواية تتجاوز فكرة الرواية التاريخية التي تستعرض أطرافا من سيرة وحياة أحد العلماء المسلمين الكبار إلى وسيلة لعرض فكرة مهمة تؤرق الكاتب بشكل خاص وتجعل من حكاية ابن رشد سبيلا إليها. “هجمة واعدة” لعلوان السهيمي تجربة جديدة ومختلفة يخوضها الروائي علوان السهيمي برواية “هجمة واعدة” (دار رشم) التي تتبع مسيرة حياة وليد، لاعب كرة سعودي من أحد أفقر أحياء مدينة تبوك، إلى أن يتحول إلى لاعب شهير في النادي المفضل له. يكشف الكاتب عن العديد من كواليس عالم كرة القدم وما يدور فيها من صراعات، والتحول الذي ينقل البطل فجأة الى عالم مختلف كليا. بين ماضيه الصعب وما يدور في حياته بعد انتقاله إلى حياة الترف، ينتقل السرد بانسيابية ليرصد تلك التناقضات بين العالمين. يمسك السهيمي بتلابيب حكايته جيدا، ويجذب القارئ إلى تفاصيلها المختلفة منذ السطور الأولى، حيث مفاجأة وفاة والدة ذلك اللاعب، إلى الحديث عن تفاصيل حياة اللاعبين وعالمهم، والعلاقات بين مدير النادي وأعضائه وكيف يستقطب أحدهم وينبذ الآخر، ثم التحولات التي تطرأ على اللاعب بعدما ظن أنه وصل إلى ذروة المجد والشهرة، كما يعكس من خلال بطل روايته تلك العلاقات الملتبسة بين الأم الراحلة وابنها الغائب من جهة، وعلاقته بإخوته من جهة أخرى، وكيف أثر تحول حياته عليهم في فترة زمنية قصيرة. “غرفة الأم” لليلى الجهني بعد أكثر من 15 عاما، تعود الروائية السعودية ليلى الجهني إلى عالم السرد بنوفيلا قصيرة أيضا هي “غرفة الأم” (دار أثر) تتناول فيها علاقة البطلة غادة بأمها بعد وفاتها، وتضطر إلى أن تفرغ محتويات غرفة أمها لتتحول الغرفة إلى مكان للشجن ومحطة للذكريات، حيث تعود إلى ذكرى علاقة هذه الأم بالموت، بداية من رحيل ابنها الأول زياد، وكيف أثّرت تلك الوفاة على العائلة كلها، مرورا بالمرض الذي أصاب الأم وجعلها نزيلة المستشفى، حتى وفاتها المفاجئة. وبين حالتي الوفاة ترصد الكاتبة والبطلة على السواء تلك التغيرات التي حدثت للعائلة. لا تتوقف ليلى الجهني عند الموت والفقد فحسب من خلال استحضار تلك العلاقة، وإنما تتأمل كذلك حالة الحزن وموقف الناس منه، وكيف يتعاملون معه، هل يترك الموتى أثرا لهم في الأشياء والأماكن التي رحلوا عنها، أم أنها تنتهي برحيلهم بالفعل؟ ومن خلال مشاهد موجزة ومكثفة، تعكس للقارئ حالة بطلة الرواية التي تبدو حياتها في تلك اللحظة اختبارا أمام الموت من جهة، وأمام ردود الأفعال حولها من جهة أخرى، وهل باستطاعتها تغيير تلك الحالة أو جعلها أقل تأثيرا على من حولها بعد الرحيل؟ “هوارية” لإنعام بيوض الرواية أثارت جدالا واسعا في الجزائر بعدما حصلت على جائزة آسيا جبّار لهذا العام، وكتب عنها الروائي واسيني الأعرج مدافعا عنها وعن حق كاتبتها في الجائزة. رواية “هوارية” (دار ميم) تتناول أحداث التطرف الديني الذي عانت منه الجزائر في التسعينات، من خلال بطلة العمل، هوارية، التي تكتشف وجودها داخل إحدى المصحات النفسية وتحاول أن تتذكر ماضيها لكي تعرف ما الذي قادها إلى هذا المصير. من خلال ذكرياتها وحكايتها نتعرف الى واقع حياتها الصعب، حيث كانت تعيش في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة التي تنتشر فيها شتى أنواع الموبقات، وتصف الكاتبة بالتفصيل عددا من تلك الجرائم وكيف يتعامل أفراد ذلك المجتمع البسيط سواء مع المرأة أو مع السلطة الأكبر منهم، وهو الوصف الذي أثار حفيظة العديد من القراء بمجرد أن حازت الرواية الجائزة، بل وهاجمها الكثر، مدعين أنها تروج للفساد والانحراف. لم تكن إنعام بيوض أكثر من صوتٍ لطائفة من النساء عاشت وتعيش في المجتمع الجزائري، تعاني من القمع والإرهاب سواء بالكلام أو بالتصرفات، ولكنها استطاعت أن تجد لروايتها طريقا للنشر وأن تصل إلى الكثير من القراء رغم كل محاولات التشويه التي لاحقتها بعد حصولها على الجائزة. فكثيرا ما يتهافت القراء على الكتابة التي تمنع أو تصادر، لا سيما بعدما أعلنت “دار ميم” انسحابها من المشهد وأغلقت أبوابها بعد تلك العاصفة الشعبية من الهجوم على الرواية وناشرتها. المزيد عن: حصاد 2024 رواية الرواية العربية كتاب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post دمشق تحمل إيران تداعيات تصريحاتها وتركيا تسعى لترسيم الحدود البحرية next post محمد أبي سمرا يكتب عن.. جولان حاجي: الكتابة الصحافية وسمت كتابات كثيرين بالتشوش والاضطراب You may also like يوسف بزي يتابع الكتابة عن العودة إلى دمشق:... 26 ديسمبر، 2024 كوليت مرشليان تكتب عن: الصحافي والكاتب جاد الحاج... 26 ديسمبر، 2024 إسماعيل فقيه يكتب عن: “دعوني أخرج”!… قالها الشّاعر... 26 ديسمبر، 2024 عقل العويط يكتب عن: سوف يصفّق في الظلام... 26 ديسمبر، 2024 روؤف قبيسي يكتب عن جاد الحاج … صفحات... 26 ديسمبر، 2024 بول شاوول يكتب عن: أمير القصة العربية يوسف... 25 ديسمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن.. جولان حاجي: الكتابة... 25 ديسمبر، 2024 “الحياة الفاوستية” رحلة في عوالم غوته السرية 25 ديسمبر، 2024 “أن تملك أو لا تملك” تلك هي قضية... 25 ديسمبر، 2024 أضواء جديدة على مسار فيكتور هوغو السياسي المتقلب 24 ديسمبر، 2024