أرمنيون يستعدون لمغادرة أراضيهم عبر البحر بسبب سياسة التهجير التي اعتمدها العثمانيون عام 1915 (غيتي) عرب وعالمعربي 105 أعوام على معاداة الأرمن: تركيا “تعالج” التاريخ بالإنكار والتجريم by admin 25 أبريل، 2020 written by admin 25 أبريل، 2020 368 لا تقدم رواية أنقرة أجوبة شافية عن سبب انتشار “الملة الصادقة” في المشرق العربي علي شهاب صحافي @alishehabhq ليست شحنات الكمامات والمعدات الطبية وحدها ما يتعرض للقرصنة الدولية هذه الأيام، تاريخ أمة بكامله أيضاً. “نرجو أن تكون صداقتنا أعلى من جبل “أرارات” وأطول من نهر يانغتسي”، عبارةُ مودّة كتبها الصينيون على صناديق مساعدات متجهة إلى أرمينيا لإعانتها على مكافحة كورونا كانت كفيلة بإثارة المشاعر القومية التركية والاحتجاج بشدّة. لم تنل كل أحداث التاريخ والجغرافيا من جبل “أرارات” الذي لطالما كان جزءاً من أرمينيا التاريخية، ولكن حكام تركيا المتعاقبين يرفضون الاعتراف حتى بالاسم الأصلي للجبل، عثمانيون وقوميون و”أتاتوركيون” و”أردوغانيون” أجمعوا على دحض ذاكرة التاريخ، إن لم يكن بالنار والتهجير والإبادة، فبالترهيب والضغط والإنكار. هكذا، بدل الخوض في تفاصيل ما جرى ما بين عامي 1915 و1923، وبدل النقاش إذا ما كان الحدث “إبادة” أو “جريمة عظيمة” أو “محرقة”، استمرت سبع سنوات، فإنّ حدّة الموقف التركي الرسمي الرافض أيّ مفردةٍ “أرمنية” مرتبطةٍ بالزمان والمكان تثير الريبة، ناهيك عن أنّ استرجاع السياق التاريخي للانتشار الأرمني في الأراضي الخاضعة للسلطنة العثمانية لا يقدم أجوبة مساعدة للمدافعين عن الموقف التركي. 105 من السنين وآلاف الوثائق والشهادات والمؤلفات واعترافات عشرات الدول والمنظمات، كل ذلك لم يغيّر في الموقف الرسمي لتركيا، الذي بلغ حدّ تجريم “إهانة القومية التركية”، بموجب المادة 301 من قانون العقوبات. السياق التاريخي على الرغم من نجاح عددٍ كبيرٍ من الشخصيات الأرمنية في تبوّء مناصب اجتماعية مهمة في القسطنطينية، كانت الغالبية الأرمنية، حتى منتصف القرن الـ 19، تعيش في ظروف الفقر والتهديد، بسبب السياسة العثمانية التي أخذت تضيق ذرعاً بالأقليّات، ففرضت عليها الضرائب ولم تقدم لها الحماية من “غارات” خطف ونهب وقتل مستمرة، خصوصاً في مناطق الأطراف، ومنعتهم الحقوق المدنية. ومع تزايد الضغوط الأوروبية الروسية على السلطنة لإعطاء الأقليات المسيحية حقوقها في النصف الثاني من القرن الـ 19، حافظ الأرمن على إخلاصهم للدولة العثمانية، حتى إنّ سلاطين الدولة كانوا يطلقون عليهم في مراسلاتهم وصف “الملة الصادقة”، كما يذكر “هوكر طاهر توفيق” في كتابه “الكُرد والمسألة الأرمنية 1877-1920” الصادر في عام 2014 والمستند في الأصل إلى أطروحة دكتوراه في التاريخ، وكما يذكر جمال باشا في مذكراته. وفهم السياق التاريخي للوجود الأرمني في السلطنة العثمانية أمرٌ بالغ الأهمية كون الإنكار التركي للإبادة يستند إلى أحداث القرن الـ 18، وما عُرف بـ “المسألة الشرقية” التي أعقبت الحرب الروسية التركية عام 1774، إذ يستند الدفاع التركي إلى أنّ الأرمن كانوا متواطئين مع الروس لإضعاف السلطنة، وأنهم انخرطوا في مخطط بريطاني-أوروبي لاحقاً بهدف إثارة الشعور القومي داخل السلطنة، عشية الحرب العالمية الأولى، ولطالما كرر المسؤولون الأتراك القول إن أرشيفهم مفتوح أمام لجنة تقصّي حقائق دولية لدراسة تاريخ تلك الحقبة. وفي حين يحتمل تعارض المصالح الدولية تزوير التاريخ، فإنّ الرواية التركية لم تستطع إقناع الأمم المتحدة أو أي جهة محايدة، بل إنّ بعض “المرافعات” التركية في هذه القضية تزيد موقف أنقرة سوءاً، كالحديث عن أن معظم الضحايا الأرمن قد مات بسبب الأوبئة والأمراض خلال الحرب العالمية، وأن عدداً صغيراً فقط قُتل في الاشتباكات المسلحة مع السلطات آنذاك. ولا تقدم الرواية التركية أجوبة شافية عن سبب الانتشار الأرمني في المشرق العربي، ومصير ما لا يقل عن مليون و250 ألف أرمني (بحسب المصادر التركية الرسمية) كانوا يعيشون في السلطنة (الإحصاءات الأرمنية تتحدث عن ثلاثة ملايين). في حين تزيد مئات الصور وعشرات المقابر الموقف التركي صعوبة، إذا ما أسقطنا جدلاً الاعتماد على المؤرخين الذين قد يُشكك البعض في موضوعيتهم بسبب انتماءاتهم. السلطات العثمانية قررت أواسط القرن الـ 19 تنفيذ تغيير ديموغرافي كان له الأثر الكبير على الأرمن (غيتي) وبغض النظر عن الأسباب والسياق التاريخي، فإنّ المؤكد أن السلطات العثمانية كانت قررت في أواسط القرن الـ 19 تنفيذ تغيير ديموغرافي واسع بنقل الأرمن، بناء لتشريع موثق، نحو دير الزور في الصحراء السورية، بهدف قطع الروابط المحتملة بينهم وبين الروس، ولفسح المجال أمام تدفق المهاجرين نحو أراضي السلطنة بعد هزيمتها في معركة البلقان، وحاجتها إلى احتواء هؤلاء في مناطق سكن الأرمن. الدوافع السياسية ويعدّ الكتاب الصادر عام 2017، من ضمن سلسلة الإصدارات الأمنية عن جامعة “كورنيل” الشهيرة في نيويورك الأميركية تحت عنوان “الانفصال والأمن: شرح استراتيجية الدولة ضد الانفصاليين” لإحسان بات، يُعدّ أحد أبرز المراجع الحديثة في فهم الدوافع السياسية التي أفضت إلى وقوع الإبادة الأرمنية. يقول بات في كتابه “تستجيب الدول بعنف للحركات الانفصالية إذا كانت الدولة المحتمَلة ستشكّل تهديداً أكبر حجماً ممّا تشكله الحركة الانفصالية العنيفة، تدرك البلاد احتمال وقوع حرب مستقبلية مع الدولة الجديدة المحتملة إذا كانت المجموعة الأثنية التي تقود الصراع الانفصالي ذات هوية منفصلة بشكل عميق عن هوية الدولة المركزية، وإذا كانت الدولة المجاورة عنيفة وغير مستقرة”، علماً أن المطالب الأرمنية لم تبلغ حد النداء بالانفصال والاستقلال، إلا بعدما بدأت السلطات الحاكمة التضييق على هذه الأقلية وحرمانها حقوقها، مع الإشارة إلى أنّ مؤرخين عدّة ممّن درسوا هذه الحقبة يتفقون على تفوق الأرمن اقتصادياً وعلمياً على بقية مكونات المجتمع التركي في تلك المرحلة، وأنّ السلطات هي من كان يعاني عدم الاستقرار نتيجة التركة العثمانية وتداعيات الحرب العالمية الأولى والتهديدات الإقليمية التي كانت تستشعر بها نتيجة مراكمة سنوات من العداء مع الجيران. ويخصّص المؤلف الفصل الرابع من الكتاب للخوض في السياق الذي أودى إلى الإبادة، بعدما اعتمد الخطاب القومي التركي في مختلف المراحل داخلياً على شعارات إصلاحية. ويشير بات إلى أنه، في العقد الأول من القرن الـ 20، “تغيرت المعاملة العثمانية للمجتمع الأرمني مع تغيّر التهديدات لنظام الحكم، لم يكن للأمة الأرمنية لحظات انفصالية محورية على هذا النحو خلال هذه الفترة. وبدلاً من ذلك، كانت حالة المطالب والقومية الأرمينية ظاهرة شبه ثابتة”. جنود روس يتجولون في مدينة طرابزون التركية خلال فترة الحرب العالمية الأولى (غيتي) ويعتبر بات أن “الضعف الخارجي المتزايد الناجم عن مشاركة تركيا في الحرب (العالمية الأولى) كان أمراً حاسماً في التصعيد الذي واجهه الأرمن، خصوصاً بالنظر إلى العلاقات بين روسيا والدولة العثمانية والجالية الأرمنية، عندما صعد الأتراك الشباب (تركيا الفتاة) إلى السلطة، كانت لديهم نظرة متفائلة نسبياً بشأن مستقبل الدولة في أوروبا، والأهم من ذلك أنهم تصوّروا الهوية العثمانية على أنها تشمل حضور الأرمن ومشاركتهم، ووفّرت هذه المعتقدات الثقة اللازمة لاستراتيجية المفاوضات والامتيازات، مع ذلك، وفي حلول 1914-1915، تغيرت معاملتهم للأرمن بشكل كبير، مع وجود عاملين يتعلّقان بالأمن الخارجي بشكل خاص، أولاً، شكل الإمبراطورية العثمانية المتغير بين عامي 1908 و1914، إذ فقدت بشكل أساسي كل أراضيها الأوروبية، يعني أن هوية الدولة أصبحت قائمة على تركيبة ضيقة”. عامل آخر يرى فيه المؤلف سبباً للتشفّي التركي من الأرمن، يتمثل في الدعم الروسي الذي حدث في وقت كان بقاء الإمبراطورية العثمانية في خطر، “كان للدعم القوي الذي قدمته روسيا للأرمن عواقب مادية وعاطفية، إذ واجهت الإمبراطورية العثمانية صعوبة كبيرة في الحرب العالمية الأولى، بالتزامن مع هذه العوامل، اعتماد القومية الأكثر حصرية وجنون الارتياب من قبل النظام التركي الشاب”. أحداث 1915-1923 ألقى وزير الدفاع العثماني أنور باشا مسؤولية فشله في استعادة ما خسرته السلطنة من أراضٍ من روسيا على عاتق الأرمن الذين رفضوا القتال إلى جانبه في شهر ديسمبر (كانون أول) عام 1914. كان لهذا الاتهام الوقع المهم في تعزيز مشاعر العداء ضد الأرمن، الذي سرعان ما تُرجم بقرار عسكري بتحويل الأرمن الذين يخدمون في القوات المسلحة من المهمات اللوجستية إلى مهمات غير عسكرية، بهدف تجريدهم من عنصر القوة. وزير الدفاع العثماني خلال الحرب العالمية الأولى أنور باشا يتهم بتأجيج مشاعر العداء ضد الأرمن بسبب عدم مشاركتهم في القتال (غيتي) وتحوي الرواية الأرمنية عن هذه الحقبة شهادات كثيرة من مذكرات ضباط وقادة عثمانيين تؤكد ارتكاب تجاوزات عرقية، كما أنّ الذاكرة الشفوية للأرمن تتناقل عدداً كبيراً من القصص التي دُوّنت أو حُوّلت إلى أعمال فنية، واللافت أن المراسلات التي كُشف النقاب عنها تباعاً في عواصم الدول، التي كانت تمتلك تمثيلاً لدى السلطنة العثمانية، تؤكد وقوع أعمال التهجير بالحد الأدنى بزعم “إدارة الحرب” في وجه الروس. في الـ 24 من أبريل (نيسان) 1915، أصدر وزير الداخلية طلعت باشا أمر اعتقال بحق عشرات من نُخب الأرمن في أراضي السلطنة في يوم عُرف بـ “الأحد الأحمر”. صار هذا التاريخ رمز القضية الأرمنية التي استمرت حتى عام 1923، وشهدت، بحسب الرواية الأرمنية، عمليات التهجير والإعدام والاغتيال والاغتصاب والتجويع والقتل والتسميم والحرق التي طالت مليوناً و500 ألف أرمني، في حين يتحدث بعض المصادر الأجنبية عن 800 ألف كحدّ أدنى، أما الرواية التركية الأشدّ مرونة، فلا تعترف إلّا بـ 300 ألف قضى معظمهم بسبب الأوبئة والجوع في الحرب العالمية! في نهاية عام 2019، ترجمت إحدى دور النشر العربية كتاب “أوامر القتل– برقيات طلعت باشا والإبادة الأرمنية” لمؤلفه البروفيسور التركي في جامعة كلارك الأميركية تنار أكسام، ويكشف أكسام النقاب عن برقيات وصل إليها ودقق في موثوقيتها تُثبّت بالدليل الدامغ مسؤولية السلطات العثمانية عن عمليات “الإبادة” بحق الأرمن. وذهب البروفيسور التركي، الذي وصفته “نيويورك تايمز” بـ “شيرلوك هولمز” المسألة الأرمنية، في بحثه عميقاً ليكشف عن تواطؤ ألماني آنذاك ومعرفة كاملة بالإرتكابات العثمانية. وتعرّض عمل الباحث التركي لحملة تشكيك واسعة في بلاده وتشويه لسمعته وأسلوبه العلمي، من دون أن تنال هذه الحملات من الانتشار العالمي لبحوثه وما توصّل إليه. ومع حلول عام 1930، كان الأرمن قد فقدوا جميع ممتلكاتهم في السلطنة العثمانية، إذ حُوّلت إلى موارد للجمهورية التركية الحديثة. المسؤول الأول في منتصف عام 2018، نشرت جامعة “برنستون” كتاب “طلعت باشا: أب تركيا الحديثة ومهندس الإبادة” للمؤلف هانس لوكاس كيسر. يُعدّ الكتاب مرجعاً قيّماً وفريداً في اللغة الإنجليزية كونه يقدّم صورة وافية عن الزعيم السياسي الأهم في قيام تركيا الحديثة، باعتباره قد مهّد الطريق أمام مصطفى كمال أتاتورك بأفعاله المفصلية، وفي مقدمها انتهاكات الإبادة الأرمنية. ويحكي الكتاب صورة السياسي التركي “النموذج” الذي دأب من تبعه من الساسة على استنساخ أساليبه بالدمج ما بين القومية التركية والعصبية الدينية، قبل استغلال هذه المشاعر للتهيئة لـ “حلول عنفية”، ويتحدث المؤلف عن بدء التخطيط للإبادة الأرمنية منذ عام 1910، حين كان طلعت باشا زعيماً لحركة “تركيا الفتاة”، كاشفاً عن أنّ التحالف العثماني مع ألمانيا كان ثمنه سكوت برلين عن المجازر بحق الأرمن. وتكمن أهم إدانة لطلعت باشا وآخرين في عقوبة الإعدام الصادرة عن المحكمة العسكرية التي عُقدت عام 1919 في عهد السلطان محمد السادس والصدر الأعظم محمد فريد، لكنّ هذه المحاكمة لم يُكتب لها تنفيذ قراراتها بعد سنة، إذ أُلغيت القرارات بسبب “افتقارها إلى الشفافية”، ثم خضعت القضية برمّتها للتسييس الواضح على خلفية مفاوضات بريطانية-تركية لتبادل أسرى حرب. وسبق صدور قرار إدانة طلعت باشا ورفاقه للمرة الأولى قرار عن جمعية “الاتحاد والترقي” بنفيه خارج البلاد عام 1918، فهرب الأول إلى برلين، حيث حاول ممارسة العمل السياسي من جديد وأنشأ صحيفة لم يُكتب لها التوسع بسبب نقص المال، وبقي طلعت باشا يجول في أوروبا براحته حتى 15 مارس (آذار) 1921، حين أطلق عليه الشاب سوغومون تهليريان النار أمام منزله في العاصمة الألمانية. وفي حين أعلنت المحكمة الألمانية براءة الشاب الأرمني في جلسة كانت نتيجتها صادمة للجميع، فإنّ جثمان طلعت باشا قد عاد إلى مقبرة “الشهداء” في تركيا عام 1943، بعدما أعادت السلطات الاعتبار المعنوي له. الإنكار والضغط بحسب الكتاب الصادر عن جامعة “برنستون” الأميركية عام 2015 للمؤلف رونالد غريغور ساني، بعنوان “تاريخ الإبادة الأرمنية”، فإنّ محاكم عسكرية تركية عقدت جلسات عدّة بشأن ضباط وقادة عثمانيين شاركوا في أحداث عامَيْ 1915 و1916 ضد الأرمن، لكن الحكومات اللاحقة أسقطت جميع التهم. وينقل الكتاب حوارات تفصيلية للوزير الأول محمد فريد عام 1919 في العاصمة الفرنسية باريس مع شخصيات عثمانية في إطار مساعيه لتلميع صورة بلاده، عشية المفاوضات المواكبة لترتيب نهاية الحرب العالمية الأولى، وتُثبت الحوارات التي أوردها الكتاب الأميركي معرفة كاملة بما جرى من انتهاكات بحق الأرمن، على أنّ المواقف الرسمية للحكومات التركية المتعاقبة لم تعترف بأصل وقوع عددٍ كبيرٍ من الأحداث، بل ذهبت بعيداً في إخراجها عن السياق التاريخي والإنكار الكامل لها. ويستخدم القانون التركي الحالي عبارة “إعادة توطين” لوصف ما جرى في تلك الحقبة من الزمن، وبلغ حد الإنكار الزعم بأنّ الأرمن هم من نفّذوا عمليات قتل واسعة استهدفت الأتراك، علماً أن هذه المزاعم لا تفسّر كيفية حدوث ذلك في ظل افتقاد الأرمن للسلاح والتدريب. وفي كتابه الصادر عام 2003 بعنوان “تفاهة الإنكار”، يخوض البروفيسور الإسرائيلي يائير أورون في عدم جدوى سياسة الإنكار إزاء الأحداث التاريخية الكبرى، متّخذاً من القضية الأرمنية نموذجاً للدلالة على ضعف الموقف التركي دولياً. تجدر الإشارة إلى أنّ بعض التقارير تتحدث عن محاولات تركية لاستمالة مؤرخين بالمال، حتى إنّ شهادة المؤرخ الشهير برنارد لويس، المدافع عن تركيا قد حظيت بعدد كبير من الانتقاد قبل أن يعمد إلى التراجع الدبلوماسي عن نفي الإبادة، بعدما ظهر حجم “المحاباة” التركية له في مواقف عدة. وكان المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد قد وجه انتقادات حادة كثيرة إلى لويس وأسلوبه في الاستشراق، مشكّكاً في حياديته ومتهماً إيّاه بـ “الجهل”. في الوقت الراهن، تعترف 31 دولة و49 ولاية أميركية بـ “الإبادة الأرمنية”، وفي فرنسا وسويسرا واليونان وسلوفاكيا، يُمنع إنكار الإبادة التي تعترف بها أيضاً الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا ومجلس الكنائس العالمي ومنظمة حقوق الإنسان وعشرات المنظمات العالمية. إحياء الذكرى لم يمنع وباء كورونا الأرمن من إحياء ذكرى “الإبادة” هذا العام، إذ تمت الاستعاضة عن الفعاليات التقليدية السنوية بجُملة نشاطات تراعي حالة الطوارئ الصحية، وتقرع الكنائس أجراسها على امتداد الأراضي الأرمنية، في حين تُطفأ الأنوار في شوارع يريفان والمدن الكبرى، بينما يتجمّع الأرمن في أنحاء العالم على شرفات منازلهم للتلويح بأنوار خفيفة إحياء للمناسبة، وفرض كورونا حظراً على زيارة النصب التذكارية التي تنتشر في أرمينيا. أما في الولايات المتحدة، فقد أطلقت منظمات أرمنية مبادرة مشتركة لإطعام مليون و500 ألف شخص، في دلالة على عدد ضحايا الإبادة بحسب الرواية الأرمنية. بدورها، كشفت الخارجية الأرمنية عن أنها تخطّط لعقد المنتدى العالمي الرابع لمكافحة جرائم الإبادة الجماعية هذا العام. ماذا عن المستقبل؟ لا يوجد ما يشير في الأفق إلى نيّة تركية بالمرونة والكشف عن الوثائق المرتبطة بتلك المرحلة من التاريخ، كما أن تعقيدات الجوار الجيوستراتيجية بين الطرفين لا تشي بإمكانية نشوء علاقات طبيعية في المدى المنظور. في الأزمة العالمية الراهنة بسبب كورونا، وقع سجال بين أنقرة ويريفان على خلفية مطالب أرمنية بإعادة سياحٍ أرمن كانوا في تركيا، التي تعمّدت إبراز المسألة على أنها طلب مساعدة، الأمر الذي نفاه المسؤولون الأرمن، واضعين إيّاه في نصاب تأمين عودة المواطنين إلى بلادهم. يحيي الأرمنيون كل عام ذكرى ما يصفونها بالمجازر العنصرية بحقهم على يد العثمانيين (أ.ف.ب) وعن هذه الحادثة، تقول صحافية أميركية خبيرة في الشؤون التركية إن العلاقات بين أرمينيا وتركيا تشهد “مشاكل في التواصل” بشكل دائم، وفي هذا الوصف، دلالات كثيرة على عدم الثقة، وسواء كانت “إبادة جماعية” أو “جريمة عظمى” أو “محرقة”، فإنّ رفض تركيا الاعتراف بالمسؤولية عن أحداث كثيرة موثّقة جرت ما بين عامَيْ 1909 و1923، يزيد حجم التعاطف الدولي مع الأرمن، وإن كان الاعتراف بـ “الإبادة” دولياً لا يزال محل حرج بالنسبة إلى عدد كبير من دول العالم بسب علاقاتها مع تركيا، فإن تكرار المسؤولين الأرمن أنهم لا يعادون الشعب التركي، بل يطالبون بحقهم في تدوين التاريخ كما حدث، يضيف بعداً درامياً لـ “جرح مفتوح” يمكن للسياسة أن تعالجه بهدوء وحكمة، وإلّا اضطرت مرغمة على ذلك بحسب التعبير التركي الذي يقول إن “للحقائق عادة سيئة، وهي أنها في نهاية المطاف تظهر تحت النور”. المزيد عن: القضية الأرمنية/الإبادة الأرمنية/تركيا الفتاة/أنور باش/اطلعت باشا/جبل أرارات/العثمانيون/أتاتوركيون/أردوغانيون/القسطنطينية/وباء كورونا 42 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “تيريز راكان” لإميل زولا الجريمة تطارد مرتكبيها next post رولان بارت من بريخت إلى موت المؤلف: حياة عادية لفكر استثنائي مدهش You may also like إيلون ماسك يصبح أغنى شخص في التاريخ 24 نوفمبر، 2024 مصر تُضيّق الخناق على “دولار رجال الأعمال”.. فما... 24 نوفمبر، 2024 «جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع 24 نوفمبر، 2024 “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 ماذا ينتظر غزة… حكم عسكري إسرائيلي أم لجنة... 23 نوفمبر، 2024 طهران ترد على قرار “الطاقة الذرية” باستخدام “أجهزة... 23 نوفمبر، 2024 كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن... 23 نوفمبر، 2024 مصادر:الغارة الإسرائيلية استهدفت رئيس قسم العمليات بحزب الله 23 نوفمبر، 2024 غارات عنيفة تهز بيروت وتوسع العمليات البرية وأنباء... 23 نوفمبر، 2024 شاهد : من هو “حزب الله”؟ متى وكيف... 22 نوفمبر، 2024 42 comments зарубежные сериалы смотреть онлайн 24 مارس، 2024 - 2:44 م Every weekend i used to visit this website, as i want enjoyment, since this this website conations truly good funny stuff too. Reply глаз бога телеграмм бесплатно 11 أبريل، 2024 - 8:22 ص Hello! This is kind of off topic but I need some advice from an established blog. Is it very difficult to set up your own blog? I’m not very techincal but I can figure things out pretty fast. I’m thinking about creating my own but I’m not sure where to start. Do you have any tips or suggestions? Thanks Reply steam cs2 skins betting sites 2024 8 مايو، 2024 - 11:01 ص Thank you for any other wonderful article. Where else may just anyone get that kind of information in such a perfect means of writing? I have a presentation next week, and I am at the look for such information. Reply University 16 مايو، 2024 - 12:10 م One of the leading academic and scientific-research centers of the Belarus. There are 12 Faculties at the University, 2 scientific and research institutes. Higher education in 35 specialities of the 1st degree of education and 22 specialities. Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 25 مايو، 2024 - 3:26 ص You really make it seem so easy with your presentation but I find this topic to be really something which I think I would never understand. It seems too complicated and very broad for me. I am looking forward for your next post, I will try to get the hang of it! Reply удостоверение тракториста машиниста купить в москве 31 مايو، 2024 - 6:23 ص Heya i’m for the primary time here. I came across this board and I in finding It truly useful & it helped me out a lot. I hope to offer something back and help others like you helped me. Reply 乱伦色情 4 يونيو، 2024 - 4:59 ص I don’t even know how I ended up here, but I thought this post was good. I don’t know who you are but definitely you are going to a famous blogger if you are not already 😉 Cheers! Reply хот фиеста 13 يونيو، 2024 - 11:06 ص I wanted to thank you for this wonderful read!! I certainly enjoyed every little bit of it. I have you bookmarked to check out new stuff you post Reply хот фиеста слот 14 يونيو، 2024 - 10:37 ص Wow, incredible blog layout! How long have you been blogging for? you make blogging glance easy. The entire glance of your web site is great, let alonewell as the content! Reply hot fiesta slot 14 يونيو، 2024 - 9:53 م Greetings! Very helpful advice within this article! It is the little changes which will make the biggest changes. Thanks a lot for sharing! Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 11:47 ص Hey there! Do you know if they make any plugins to help with SEO? I’m trying to get my blog to rank for some targeted keywords but I’m not seeing very good results. If you know of any please share. Cheers! Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 2:02 ص What’s up, always i used to check weblog posts here early in the morning, because i love to learn more and more. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 3:06 م Hi, Neat post. There is a problem with your site in internet explorer, might check this? IE still is the marketplace leader and a big part of other folks will leave out your magnificent writing due to this problem. Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 4:04 ص Hello there, simply turned into aware of your blog through Google, and found that it is really informative. I’m gonna watch out for brussels. I will appreciate in case you continue this in future. A lot of folks can be benefited from your writing. Cheers! Reply Теннис онлайн 1 يوليو، 2024 - 5:43 ص Appreciate the recommendation. Will try it out. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 8:26 ص Hi there, I found your blog via Google at the same time as searching for a similar topic, your site got here up, it looks good. I have bookmarked it in my google bookmarks. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 10:52 م Actually no matter if someone doesn’t understand then its up to other users that they will help, so here it occurs. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 1:35 ص Simply want to say your article is as surprising. The clearness in your post is simply nice and i can assume you are an expert on this subject. Well with your permission allow me to grab your RSS feed to keep up to date with forthcoming post. Thanks a million and please keep up the rewarding work. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 2:21 م Nice post. I used to be checking continuously this blog and I am inspired! Very useful information specially the ultimate part 🙂 I deal with such info a lot. I used to be seeking this particular info for a long timelong time. Thank you and good luck. Reply Прогнозы на футбол 5 يوليو، 2024 - 2:58 ص What’s up, all is going sound here and ofcourse every one is sharing data, that’s in fact fine, keep up writing. Reply мойка самообслуживания под ключ 6 يوليو، 2024 - 11:18 ص “Автомойка под ключ” – это не просто прибыльный бизнес. это возможность предложить клиентам исключительные услуги и построить связь с сообществом. Reply автомойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 2:14 ص Автомойка под ключ – это быстрый старт в автомобильном бизнесе. Наши специалисты помогут вам во всём. Reply строительство автомойки 7 يوليو، 2024 - 2:58 م “Строительство автомойки под ключ” включает все от проектирования до ввода в эксплуатацию. Ваш бизнес-проект будет безопасен и эффективен с нами! Reply строительство автомоек под ключ 8 يوليو، 2024 - 2:52 ص Франшиза автомойки – отличная возможность войти в готовый бизнес с мощной поддержкой нашей команды. Присоединяйтесь и растите вместе с нами! Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 5:28 ص Its like you read my mind! You seem to know so much about this, like you wrote the book in it or something. I think that you could do with some pics to drive the message home a bit, but other than that, this is fantastic blog. An excellent read. I’ll definitely be back. Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 7:40 م You really make it seem so easy with your presentation but I find this topic to be really something which I think I would never understand. It seems too complicated and very broad for me. I am looking forward for your next post, I will try to get the hang of it! Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 8:33 ص This excellent website truly has all of the info I wanted about this subject and didn’t know who to ask. Reply строительство автомоек под ключ 15 يوليو، 2024 - 7:02 ص Франшиза автомойки позволяет предпринимателям использовать уже известный на рынке бренд и проверенную бизнес-модель для создания прибыльного дела с минимальными рисками. Reply строительство автомоек под ключ 15 يوليو، 2024 - 3:32 م Франшиза автомойки – это возможность стать частью успешной сети с готовым бизнес-планом и маркетинговой поддержкой на всех этапах работы. Reply строительство автомойки 16 يوليو، 2024 - 12:07 ص “Строительство автомойки под ключ” гарантирует высокую отдачу от инвестиций. Начните свой путь к успешному бизнесу с нами! Reply автомойка самообслуживания под ключ 16 يوليو، 2024 - 8:34 ص Строительство автомойки под ключ – это наш профиль! Обещаем качество, соблюдение сроков и построение устойчивого бизнеса от идеи до открытия. Reply строительство автомойки под ключ 16 يوليو، 2024 - 5:20 م “Мойка самообслуживания под ключ” привлекает владельцев автомобилей своей оперативностью и качеством. Инвестируйте в перспективу еще сегодня! Reply строительство автомойки под ключ 17 يوليو، 2024 - 2:18 ص Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply автомойка самообслуживания под ключ 17 يوليو، 2024 - 11:10 ص Ищете надежного партнера для строительства автомойки? У нас есть качественные решения под ключ, чтобы сделать ваш проект прибыльным. Reply Lamborghini Huracán EVO 28 يوليو، 2024 - 5:19 م Great read! I appreciate the effort you put into researching this. Reply Jac Амур 19 أغسطس، 2024 - 1:29 م An impressive share! I have just forwarded this onto a friend who was doing a little research on this. And he in fact bought me breakfast simply because I found it for him… lol. So let me reword this…. Thank YOU for the meal!! But yeah, thanx for spending time to discuss this topic here on your internet site. Reply theguardian 23 أغسطس، 2024 - 12:52 م I am sure this post has touched all the internet people, its really really good piece of writing on building up new weblog. Reply theguardian.com 24 أغسطس، 2024 - 6:23 ص hi!,I love your writing so so much! percentage we keep in touch more approximately your post on AOL? I need an expert in this space to unravel my problem. May be that is you! Looking forward to see you. Reply theguardian.com 24 أغسطس، 2024 - 10:18 م Pretty section of content. I just stumbled upon your web site and in accession capital to assert that I acquire in fact enjoyed account your blog posts. Any way I’ll be subscribing to your augment and even I achievement you access consistently rapidly. Reply theguardian.com 26 أغسطس، 2024 - 7:32 م After looking over a few of the blog articles on your web page, I honestly like your way of blogging. I book-marked it to my bookmark website list and will be checking back soon. Take a look at my web site as well and let me know how you feel. Reply theguardian 28 أغسطس، 2024 - 4:35 م It’s a shame you don’t have a donate button! I’d without a doubt donate to this brilliant blog! I suppose for now i’ll settle for book-marking and adding your RSS feed to my Google account. I look forward to fresh updates and will talk about this blog with my Facebook group. Chat soon! Reply theguardian.com 29 أغسطس، 2024 - 6:08 ص Good day! Do you use Twitter? I’d like to follow you if that would be ok. I’m undoubtedly enjoying your blog and look forward to new updates. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.