مجموعة مخرجي لكل سينماه (موقع مهرجان كان) ثقافة و فنون يوم شارك 35 مخرجا من أنحاء العالم في صنع فيلم واحد by admin 28 يوليو، 2023 written by admin 28 يوليو، 2023 28 ولدت فكرة “لكل سينماه” في ستينية مهرجان كان واحتاجت زمناً قبل أن يقتنع بها أهل الفن السابع اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب كان الأمر في حاجة إلى فترة زمنية كافية حتى يمكن المرء أن يستوعب تماماً هذا العمل السينمائي الفريد والاستثنائي في تاريخ الفن السابع. وعملية الاستيعاب لم تَعْدُ على أي حال كونها الانتقال من استقبال هذا العمل كمزحة، أو مسألة لهو جماعي، إلى استقباله كما باتت الآن حاله، كجزء من تاريخ السينما في المقام الأول، ولكن أيضاً كجزء من تاريخ كل واحد من السينمائيين الذين اشتركوا في صنعه. العمل عنوانه “لكل سينماه”، أما عدد المخرجين الذين “ساهموا” في وجوده، فخمسة وثلاثون مخرجاً يشكلون في مجموعهم زبدة أهل السينما في زمننا هذا. وهو ما يجعل لـ”لكل سينماه” أكبر عدد من المخرجين لفيلم واحد في تاريخ الفن السابع. ولكن قبل أن يدهش القارئ ويخيل إليه أنه أمام عمل يتوخى الدخول إلى موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، لا بد من التوضيح: طول الفيلم بالكاد يزيد على الساعة ونصف الساعة، وهو في الأصل مؤلف من 35 مقطعاً طول كل منها لا يزيد على ثلاث دقائق. وللوهلة الأولى – ومنطقياً – ليس لأية قطعة علاقة بالتي تليها أو تسبقها. كل ما في الأمر إن الحكاية بدأت حين ارتأى جيل جاكوب، رئيس مهرجان “كان” السينمائي في ذلك الحين أن أمثل طريقة للاحتفال بستينية المهرجان، في دورة العام 2007، إنما تكمن في إعطاء ضوء أخضر لخمسة وثلاثين مخرجاً، من أهل “كان” وكبار المخرجين الذين نالوا جوائز دوراته السابقة، كي يعبر كل منهم – في ثلاث دقائق لا أكثر – عن علاقته بالسينما. لا شروط ولا قواعد منذ البداية لم تكن هناك شروط ولا قواعد. كل مخرج حر في اختيار أسلوبه، حكايته، لغته، التعبير عن حبه للسينما أو كراهيته لها، أي جانب من ذكرياته سيروي أو سيخفي. ما نتج من هذا كله، كما بتنا نعرف الآن، هو الشريط الطويل الذي نحن في صدده هنا. غير أنه وللوهلة الأولى، عومل على شكل فصل ترفيهي متعدد الأوجه عرض قطعاً متفرقة كما عرض مجتمعاً. دارت التكهنات في شأنه: هل يعرض في الصالات لاحقاً أو على شاشات التلفزة؟ أين سيكون الإقبال عليه أكثر؟ هل سيتعدى المهتمون به غلاة جمهور السينما الخاص أم يصبح عملاً شعبياً؟ ثم، أية مكانة ستكون لهذا العمل في تاريخ السينما نفسه؟ جواباً على مثل هذه الأسئلة تنوعت كتابات النقاد وتخميناتهم، لكن اللافت أن أكثرهم – وحتى الأكثر جدية من بينهم – رأى في الموضوع طرافته لا أكثر… كما رأى غرابته المدهشة ووجّهت تحية عامة إلى جيل جاكوب على فكرته الجيدة. وبعد ذلك، بعد أن انقضى المهرجان… دار بعض حديث عن الفيلم الجامع هذا، هنا أو هناك، ثم نسي بعض الشيء. ولكن بعد أن انقضت شهور شغل فيها أهل السينما وجمهورها، بأفلام جيدة – معظمها سياسي مميز أتى من الولايات المتحدة مناهضاً لسياسات الإدارة الأميركية وهو عادة موضوع مثير للجدل و… الإعجاب العام -، عاد الفيلم يبرز من جديد. وها هو “لكل سينماه” يتخذ معاني ودلالات جديدة. لم يعد الفيلم جزءاً من الحدث، صار جزءاً من السينما، وفي شكل أكثر وضوحاً: جزءاً من علاقة السينما مع نفسها. وهذا هو الجانب من الفيلم، الذي سيعيش مذّاك فصاعداً بالتأكيد. بوستر فيلم “لكل سينماه” (موقع مهرجان كان) سينما السينما ونحن نعرف، طبعاً، أن السينما منذ طفولتها انشغلت بذاتها وأمعنت في تصوير حكايات تحكي عن السينما. وكأن بعض الشاشات في هذا الإطار أصبح مرايا مزدوجة السطح، تصور الحياة والسينما، ثم السينما والحياة في لحظة “تكعيبية” واحدة. وعلى مدى قرن وثلث القرن تقريباً هو، اليوم، عمر الفن السينمائي، تطور اهتمام السينما هذا بنفسها وصارت أفلام السينما السينمائية نوعاً قائماً في ذاته، لا يكتفي بأن يثير فضول المتفرجين وإعجابهم، بل يتيح لبعض كبار المخرجين أن يحققوا بعض أجمل أفلامهم. نقول هذا ونفكر طبعاً بأناس من طينة دزيغا فرتوف “رجل الكاميرا” وبيلي وايلدر “صانست بوليفارد” وفنشنتي مينيللي “أسبوعان في مدينة أخرى” وصولاً إلى الذين مزجوا بين النوع هذا وبين سيرتهم الذاتية، من فلليني إلى يوسف شاهين وعشرات غيرهم. ولا بد من أن نقول هنا إن معظم مخرجي هذا الصنف، أو هذا الصنف وتفرعاته، أبدعوا في هذه الأفلام بالتحديد، لأن حياتهم والسينما هما الشيء الذي يعرفونه أكثر من أي شيء آخر في وجودهم. كبار مبدعي زمننا لن نسترسل هنا في الحديث عن نوع سبق أن جرى حديث كثير عنه. لكننا سننتقل إلى ما يعني “لكل سينماه” من هذا الحديث. ذلك أن جيل جاكوب، حين أعطى هذه الفرصة لمبدعين كبار من مبدعي زمننا هذا، ليحققوا شرائط قصيرة عن السينما، عن سينماهم، وأعطاهم حرية التعبير كاملة، أفلت من الأسر عشرات المواضيع والصور والرؤى التي كانت مخبوءة في داخل كل واحد منهم، لتبدو النتيجة أشبه بجنون جرت عقلنته إبداعياً. أو بلعبة كلمات متقاطعة. ذلك أن كل واحد من المخرجين الآتين من القارات الخمس ومن أكثر من دزينتين ونصف الدزينة من البلدان والثقافات والتواريخ، حين وجد نفسه وقد طُلب منه أن يضع “علاقته” بالسينما في قالب محدود زمنياً، مفلوش إبداعياً، رأى أن الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يضعه في ذلك القالب، هو علاقته مع ذاته السينمائية. ومع تكوّن هذه الذات في المسافة، اللامحدودة، التي تفصل بين عينه الآن وعينه ذات لحظة سابقة، وبين الشاشة. من شاشة القرية إلى “كان” بعد هذا لا يهم إن كانت هذه “الشاشة” شاشة القرية الأولى، حين شاهد الطفل الذي كانه مبدع اليوم فيلمه الأول (شين كيغي)؛ أو شاشة مهرجان “كان” حين تحقق له، بعد انتظار 47 سنة حلم الفوز في ذلك المهرجان (يوسف شاهين)؛ أو شاشة يرمي عليها ذاته وهموم ذاته وإن بطريقة ساخرة مرحة (ناني موريتي)؛ أو شاشة يسجل من خلالها احتقاره للحاضر التلفزيوني (كين لوتش)؛ أو شاشة غائبة تنظر هي إلى الصالة وما يدور فيها من تهكم لارس فون تراير على من يختارون صالة السينما للثرثرة خلال عرض الفيلم واستمتاع الآخرين به، أو شاشة للطبقة العاملة (آكي كورسماكي)؛ أو شاشة يفرغ عليها خياله من حول مشاعر نساء إيرانيات، أمام خاتمة فيلم “شيرين” (كياروستامي)؛ أو شاشة يقف راعي البقر حائراً فيها بين أن يشاهد فيلماً نخبوياً فنياً أو فيلماً نخبوياً فنياً آخر واحد لرينوار والثاني للتركي نوري بلغي جيلان. هي دائماً الشاشات نفسها وربما أيضاً العلاقة بالسينما نفسها، ومع هذا تبدو الهوة كبيرة بين لقاء يجمع جان مورو بمارتشيلو ماستروياني أو بين شريط لثيو أنغلوبولوس وشريط يصور فيه هسيو هيساوهسيين دخول عائلة إلى صالة السينما، أو ثالث لدافيد كروننبرغ تعبر فيه الشاشة كلمات تتحدث عن “مقتل آخر يهودي في العالم في آخر صالة للسينما في العالم” وربما رابع يصور فيه أندريه كونتشالوفسكي قوماً عاديين يشاهدون فيلماً غير عادي هو “ثمانية ونصف” لفلليني. هنا بالتحديد مع هذا الشريط يتضاعف عدد المرايا المتقابلة في شكل لافت، ذلك أننا نعرف إن “ثمانية ونصف” إنما هو واحد من أكثر الأفلام التي تحدثت عن علاقة مبدع سينمائي بسينماه، بل أكثر من هذا: عن عجزه عن تحقيق سينماه. إذاً؟ سينما المتفرجين لن نقول هنا إن هذه الأفلام في مجموعها، أو كلاً منها على انفراد، تصلح لأن تستخدم كجزء من سيرة صاحبها، أو سيرة علاقته بالسينما. سينماه أو سينما الآخرين، ولكن من المؤكد أن هذه الشرائط إنما تبدو في نهاية الأمر وكأنها تنتمي إلى متفرجي السينما أنفسهم، إلى طفولتهم وعلاقة هذه الطفولة بالسينما. ثم علاقة شبابهم بها ذلك أن تجربة مشاهدة هذه الشرائط معاً، اليوم وقد نسي مبرر وجودها الأساسي وحكاية هذا الوجود، من شأنها أن تضع المتفرج، كل متفرج، أمام تاريخه السينمائي الخاص، ما يجعل ترتيباً، أو إعادة ترتيب للأفلام، جزءاً أساسياً من ذلك التاريخ. أما مشاهدتها في ترتيب عشوائي فإنها كفيلة بأن تضع المشاهد أمام لحظات من ذاكرته السينمائية تومض هنا وهناك، وفي الأحوال كافة أمام علاقة متجددة بذاكرته السينمائية تقول له مباشرة كم أن السينما تشكل جزءاً أساسياً من تاريخه، من ذاكرته ومن وجوده. المزيد عن: مهرجان كان السينمائيصناعة السينمافيلك لكل سينماهبيلي وايلدرفدريكو فللينييوسف شاهين 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ماياكوفسكي شاعر “ثورة أكتوبر” الذي انتحر كمدا عليها next post من هو محمد بازوم الذي يواجه انقلابا في النيجر؟ You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024