ثقافة و فنونعربي يسرى مقدم تحطم “قفص” الأمومة بحثاً عن مثال مفقود by admin 4 يوليو، 2020 written by admin 4 يوليو، 2020 110 كتابها “صباح الخامس والعشرين من شهر ديسمبر” نص مفتوح على إمكانات الكتابة ومتاهتها الداخلية اندبندنت عربية / عبده وازن تستهل الكاتبة يسرى مقدم كتابها “صباح الخامس والعشرين من شهر ديسمبر” (شركة المطبوعات 2020) بملاحظة مختصرة مفادها أن نصها هذا عصي على التجنيس، فهو اختار لنفسه “عمارة هندسية” تجعله “نصاً حراً، سائب الضفاف، فوضوي السياق”. وفي هذا القبيل يمكن أن يُعدّ هذا النص “مفتوحاً” (ليس طبعاً في المفهوم الذي قصده أمبرتو إيكو في كتابه “الأثر المفتوح”) على إمكانات الكتابة المتحررة من معايير النوع الأدبي (رواية، قصة طويلة، قصيدة نثر…)، وعلى مصادفات التداعي والتذكر والتأمل والاستعادة وسواها. ولكن ما إن يشرع القارئ في تصفح النص حتى يتبدى له أنه أمام نص سير- ذاتي أو أوتوبيوغرافي، بدءاً بحضور ضمير المتكلم الذي يمثل الراوية من دون لف أو مداورة، ثم انتقالاً الى المادة المسرودة نفسها، بحقائقها ووقائعها وحتى ببعض الشخصيات، وفي مقدمها الأم سكنة والأب القتيل والجار القاتل والشقيقة التوأم والابن والابنة والزوجان، بحضورهم المختلف. حتى المكان والبيئة واضحا الهوية، بين ريف قروي لبناني (الجنوب) وبيروت ومنطقة اليونسكو التي يقع فيها مقهى الغندول الشهير. وبدت يسرى وفية تماماً لما يسميه الناقد الفرنسي فيليب لوجون “ميثاق السيرة الذاتية” الذي يحدده “بالسرد النثري الاستعادي يكتبه شخص حقيقي عن وجوده الخاص، مركزاً على حياته الفردية وبالأخص على تاريخ شخصيته”. لم تخن مقدم هذا الميثاق بتاتاً ولم تعمد إلى التحايل عليه، لكنّ وفاءها له لم يكن “إتباعياً” ومشروطاً، بل تجلى بصفته فعلاً إبداعياً، خلاقاً، يختبر إمكانات الكتابة ومنحنياتها. وقد استعانت يسرى بضروب أو فنون أدبية عدة، ومنها فن المخاطبة الذي يمكن وصفه هنا بـ”الفن التراسلي” (الإبيستوليري) الشفهي، في معنى التوجه إلى المخاطَب كالأم الراحلة والابنة والابن الذين تجعلهم ثلاثتهم ايضاً، يتولون فعل المخاطبة. لكن القارئ هو المخاطب المضمر والمتلقي أولاً وأخيراً. وتؤدي يسرى بمهارة تقنية ما يشبه لعبة الضمائر، بين إزاحة ضمير الغائب واستدعاء ضمير المخاطب. ويمكن الكلام من ثم عن فن الاعتراف (كونفسيون) الذي يساعدها كراوية تدعى يسرى مقدم، على الخروج من نفسها من دون أن ينتبه لها أحد، وعلى التخلص من عقدة الذنب التي تتحكم بها، بحسب ما تروي. وعبر هذا الاعتراف تتمكن الحياة من مقاربة الحقيقة من خلال السبيل الذي يشتقه أمامها. وهذا ما تعلمناه من “اعترافات” جان جاك روسو الشهيرة . ففي أحيان تبدو يسرى كأنها في كرسي اعتراف متوهم، تكشف وتبوح وتتنفّس وتتخفف مما يوغر صدرها، مقاسية حالاً من أحوال المازوشية الذاتية ليس بحثاً عن التلذذ (المجازي) بل العكس، من أجل التطهر أو التحرر من أسر عقدة الذنب، المزدوجة بل المثلثة (الأم، الابن، الابنة التي انتقلت إلى الأمومة). ناهيك عن عقدة أخرى “مكتسبة” ولو كانت شبه قدرية، والناجمة عن كون الراوية ولدت مع شقيقتها التوأم، ما جعل العمة ترمي عليهما لعنة “شؤم التوائم من جنس واحد” ملقية على عاتقهما سبب مقتل الأب. نفَس سردي في بعض المقاطع يظهر نفس سردي، تتوالى عبره بعض الأحداث والوقائع المروية، عطفاً على إطلالة بضعة أطياف لشخصيات، لكنّ مقدم تعي جيداً أنها لا تكتب رواية ولو قاربت أجواءها أحياناً. مثلاً كان في مقدورها أن تغذي شخصية شقيقتها التوأم لتجعل منها شخصية روائية طريفة جداً، كما كان بإمكانها أيضاً أن تطور شخصية أخرى هي ابنة قاتل أبيها التي تدعى يسرى أيضاً، وكانت تدرس في مدرستها وفي صفها وتجلس على المقعد نفسه بالقرب منها. هذه لقطة روائية بديعة: أن تلتقي ابنتا القتيل والقاتل اللتان تحملان الاسم نفسه. لم تشأ يسرى أن تخون “الميثاق الأوتوبيوغرافي” وتتخطى تخومه لتكتب سيرة روائية، متخيلة، غير حقيقية تماماً. فغايتها أن تكتب نصاً يكون صورة أمينة لها ولأمها وفيها تتداخل صور أخرى: الابن والابنة والأب. وربما تجب الأشارة هنا إلى أن لغة يسرى ليست لغة روائية أفقية، خارجية ووصفية، بمقدار ما هي لغة مسبوكة ومتينة، تضمر نزعة بلاغية بيّنة بجزالتها وسلالستها في آن واحد، وفيها تنتقي يسرى مفرداتها وتعابيرها ومترادفاتها بدقة وحذاقة، من غير أن تقع في شباك التصنع والتكلف. كتاب يسرى مقدم (دار النشر) قد يكون نص يسرى مقدم من النصوص النادرة، غير الروائية، التي تتطرق إلى “موضوعة” (يمة) الأمومة بمثل هذه الجرأة والعمق، مع أنها لا تسعى إلى “قتل” الأم مجازياً أو إلى محو صورتها من الذاكرة والوجدان. لا عقدة “أوديبية” (مقلوبة) هنا، ولا صراع على شخص الأب، فالأب رحل باكراً مقتولاً، والابنة ترفض التشبه بأمها، بل “تفزع” من هذا التشبه، قائلة: “كان الشبه بك قيداً دهرياً يكبلني”. لا تسعى الابنة إلى الحلول محل أمها أو منافستها، بل تحاول أن تكون نقيضها، ويبلغ هذا الشعور لديها مبلغاً حتى لتقول: “كأنني أمسح وجهك عن وجهي وأمحو عنه كل أثر يشير إليك”. وتعلن لها أن ألاسئلة بينهما تفارقت والخيارات تخالفت وكذلك الأساليب، وأنها ترفض أن تكون وريثتها وشبيهتها… إلا أن هذه “الكراهية” ليست سوى وجه من وجوه حب الأم أو محبتها، فهي ليست كراهية للأم التي تدعى سكنة ولا للأمومة التي تجسدها، إنها كراهية للصورة التي تظهر فيها الأم، ضحية نفسها أولاً وضحية أعراف الأمومة المفروضة عليها فرضاً، ضحية الإذعان والرضا به، ضحية الإماتة والقهر والطاعة والزهد بالحياة و”الانتحار حباً”. حارسات أمينات كان على الابنة التي هي يسرى مقدم، أن تتمرد على ما تسميه “ثقافة القفص الأمومي” الذي تقضي الأمهات شطراً كبيراً من أعمارهنّ وراء قضبانه “حارسات أمينات لملكية بطريركية نصيبهنّ منها فرعي وتبعي”. وفي حين تدين الراوية صورة أمها والإطار الذي وضعت فيه، تعترف لها قائلة: “لذا أراني أحاكمك وأقسو وبالقسوة نفسها أحاكم نفسي”. ولعل كراهية الأم هنا هي كراهية الابنة لنفسها، بصفتها أماً خارجة عن الأمومة ومتمردة عليها تمرداً ذاتياً وغير أيديولوجي. فهي كما تعترف أيضاً أم أشاحت بأمومتها المبكرة وأهملتها وتقول: “حاصرتني الزنزانة وضاعفت الأمومة حصاري. أحسست أنني كسيحة، عاجزة ومهددة”. ولعل عقدة رفض صورة الأم سوف تتضاعف إزاء أمومة ابنتها لاحقاً، فهي أهملتها وكادت أن تتنصل منها مثلما تنصلت من أمومتها الأولى عندما أنجبت ابنها البكر وأوكلت مهمة الاعتناء به وتربيته إلى أمها (جدته). تتضاعف عقدة الذنب بل تتثلث في طوية “الأم الغائبة والابنة العاقة” كما تصف الراوية نفسها. ولعل الذنب الذي تشعر به إزاء ابنها هو الأقسى، فإهمالها إياه منذ الطفولة أبعده عنها وجعله في حال من الغياب المجازي المزدوج: غيابها عنه وغيابه عنها. الكاتبة يسرى مقدّم (موقع الكاتبة) وما زاد من سوء الحال أن زواجها من أبيه (كما تسميه) سرعان ما انتهى مؤذياً الابن. وتعترف أنها حاولت مراراً استرضاء الابن و”ابترازه عاطفياً” بغية الاعتذار منه، عن “حب محجوب” قصرت عنه، ولم تفلح. حتى هو لم يكن ليفضي إليها بحياته الحميمة وكان يتحاشى النظر إلى عينيها مباشرة. لكنه مرة نجح في جرحها وإيلامها عندما روى لها حلماً (حقيقياً أو مختلقاً) أبصرها فيه تمثالاً من شمع أبيض، فراودته للفور رغبة في إذابتها ، فأشعل النار في رأسها وراح يراقبها كيف تذوب إلى أان تحولت بقعة شمعية رخوة، ما لبثت أن تكورت وأصبحت دائرة ارتسمت داخلها عينان باكيتان وفم. ويكاشفها بأنه لم يشعر بالأسف والذنب والخوف تجاه ذوبانها. وعندما ودعته في المطار بعد يومين لم يفتها أن تقول له:”كان يجدر بك إذابتنا نحن الاثنين معاً، أنا وأباك، اللذين أورثناك عقدة الذنب اللعينة”. الأم والأبنة أما العلاقة بينها كأم وبين ابنتها التي أصبحت أماً، فليست على مقدار من السواء والأمومة المفترضة. ومثلما عاشت أمومتها الأولى مع ابنها البكر، في حال من الإهمال واللامبالاة والأنانية، عاشت كذلك أمومة ابنتها مع ابنها البكر. وكما اختلفت الراوية عن أمها طباعاً وثقافة وسلوكاً، حاولت الابنة – الأم أن تختلف عن أمها (الراوية). بل هي واجهتها مخاطبة إياها قائلة: “قد أسامحك يا أمي، لكنني لن أنسى أنك تخليت عني بقسوة جاحدة وجارحة. تركتني أتكبد وحدي، إرباكات أمومتي الأولى. لم تبالي بخوفي وقلة حيلتي، تصرفت تجاهي كأنني غريبة عنك. كأنني لست ابنتك”. ولا غرابة أن يوقظ تأنيبها الجارح لها وفضح أنانيتها، عقدة الذنب الخبيئة والمؤلمة في سريرتها، وقد رافقته مواجهات مشحونة بينهما. لكن حب الأم لابنتها جعلها تعيش محنة الأمومة من جديد، وشعرت بعجز عن شرح “السرساب الملعون” الذي يتملكها، و”شبهة الأمومة الغائبة” التي جعلتها تمضي عمراً “في تسديد كفاراتها”. وكما واجهها ابنها بحلمه الرهيب الذي ذوبها فيه كشمعة، تواجهها ابنتها قصداً أو عن غير قصد بنشر صورة عائلية بدت الأم محذوفة منها. هذا الحذف يهز كينونة الأم، وتعده فعلاً “مريباً” أعادها إلى النقطة الصفر، و”غياباً معلناً وصريحاً”، ودلالة على “الإبعاد والهجر”، فالصورة “شهادة بالحضور” كما يقول رولان بارت. تشاهد الأم الصورة العائلية التي حذفت منها صباح الخامس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 2018 وهو عنوان الرواية. وقد اختارت هذا التاريخ عنواناً للكتاب بصفته شهادة على إلغائها وعلى الخسارة الرهيبة التي حلت بها. ومقابل هذه الصورة الناقصة تحضر صورة الأم الأولى، أم الراوية، في الألبوم العائلي، ترمقها الابنة بحنو، وكأنها حية أبداً، على الرغم من اعتقادها أن “الصور محاولة فاشلة لإبقاء الميت حياً”. نجحت يسرى مقدم في حبك العلاقة المعقدة بين الثلاثي الأبدي: الأم (الجدة أيضاً) وابنتها الأم والابنة (الحفيدة) بصفتها أماً، وما يتخلل هذا المثلث من أضلاع أخرى كالابن والأب… إنها الكتابة التي تغدو قرين الولادة أو صنوها، وفيها تلد الكاتبة الكلمات كما تلد الأم أجنّتها، ولا تنكتب الكلمات، كما تعبر، إلا كي “تستقل عنا في تكرار أبدي”. لقد وجدت الراوية – الأم في الكتابة أداة لـ”احتشاش” ذنوبها وسلخها عنها كمن يسلخ جلده، مع أنها على يقين أن الكتابة تظل وهماً، ولو كان سمها “ترياقاً حراقاً”، وتقول: “بعض الكتابة لا يشفي، بعض الكتابة سم صرف”. المزيد عن: الأمومة/الام/العلاقة بين الام والإبنة/الأب/سيرة ذاتية/مذكرات/رواية 32 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بسكّين نسويّة… ذبح درويش في مسلخ “هآرتس” next post “حضيض غوركي” الذي مهّد لاندلاع ثورة 1905 في روسيا You may also like زنوبيا ملكة تدمر… هل يسقطها المنهج التربوي السوري... 11 يناير، 2025 (15 عرضا) في مهرجان المسرح العربي في مسقط 11 يناير، 2025 أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور 10 يناير، 2025 رحيل “صائدة المشاهير”…ليلى رستم إعلامية الجيل الذهبي 10 يناير، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: حسام أبو صفية… الرجل... 10 يناير، 2025 كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 أعظم 20 فيلما في تاريخ سينما الغرب الأميركي 9 يناير، 2025 وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية 9 يناير، 2025 استعادة الشاعر بول إلويار في الذكرى المئوية للبيان... 9 يناير، 2025 32 comments зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 24 مارس، 2024 - 10:56 م Thanks designed for sharing such a good opinion, piece of writing is good, thats why i have read it fully Reply глаз бога бот 10 أبريل، 2024 - 8:08 م Hiya very nice web site!! Guy .. Beautiful .. Amazing .. I will bookmark your blog and take the feeds also? I am satisfied to find numerous useful information here in the publish, we need develop more strategies in this regard, thank you for sharing. . . . . . Reply cs:go live betting website 7 مايو، 2024 - 11:06 م Hey There. I found your blog the use of msn. This is an extremely smartly written article. I will be sure to bookmark it and come back to read more of your useful information. Thank you for the post. I will definitely comeback. Reply университет 15 مايو، 2024 - 11:59 م ГГУ имени Ф.Скорины Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 24 مايو، 2024 - 3:38 م Hi this is kinda of off topic but I was wondering if blogs use WYSIWYG editors or if you have to manually code with HTML. I’m starting a blog soon but have no coding skills so I wanted to get advice from someone with experience. Any help would be greatly appreciated! Reply купить удостоверение тракториста машиниста 30 مايو، 2024 - 6:10 م I used to be recommended this website by means of my cousin. I am not positive whether this submit is written via him as no one else recognise such special approximately my difficulty. You are wonderful! Thank you! Reply хот фиеста играть 12 يونيو، 2024 - 11:13 م I’m impressed, I must say. Rarely do I encounter a blog that’s both educative and entertaining, and let me tell you, you have hit the nail on the head. The issue is something not enough folks are speaking intelligently about. I am very happy that I stumbled across this in my search for something concerning this. Reply хот фиеста 13 يونيو، 2024 - 5:08 م If you desire to improve your experience simply keep visiting this site and be updated with the latest information posted here. Reply хот фиеста 14 يونيو، 2024 - 3:52 ص It is perfect time to make some plans for the future and it is time to be happy. I have read this post and if I could I wish to suggest you few interesting things or advice. Perhaps you could write next articles referring to this article. I wish to read more things about it! Reply hot fiesta casino 14 يونيو، 2024 - 3:34 م Having read this I thought it was extremely informative. I appreciate you finding the time and effort to put this short article together. I once again find myself spending way too much time both reading and leaving comments. But so what, it was still worth it! Reply hot fiesta слот 15 يونيو، 2024 - 2:52 ص Article writing is also a fun, if you know then you can write or else it is complex to write. Reply Теннис онлайн 27 يونيو، 2024 - 11:49 م I know this if off topic but I’m looking into starting my own blog and was wondering what all is required to get set up? I’m assuming having a blog like yours would cost a pretty penny? I’m not very internet savvy so I’m not 100% sure. Any tips or advice would be greatly appreciated. Cheers Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 6:05 م I do consider all the ideas you have presented for your post. They are very convincing and will definitely work. Still, the posts are too quick for novices. May you please prolong them a bit from next time? Thank you for the post. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 7:48 ص This is my first time go to see at here and i am truly happy to read all at alone place. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 9:05 م Hey there! I know this is somewhat off topic but I was wondering which blog platform are you using for this site? I’m getting tired of Wordpress because I’ve had issues with hackers and I’m looking at options for another platform. I would be great if you could point me in the direction of a good platform. Reply Прогнозы на футбол 1 يوليو، 2024 - 8:32 م Hi there, I found your website by the use of Google even as searching for a similar matter, your site got here up, it seems to be good. I have bookmarked it in my google bookmarks. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 2:45 م I’d like to find out more? I’d like to find out more details. Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 4:51 ص Very nice article, just what I wanted to find. Reply автомойка под ключ 5 يوليو، 2024 - 10:49 م Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply автомойка самообслуживания под ключ 6 يوليو، 2024 - 5:53 م Строительство автомойки требует тщательного планирования и учета всех нормативов. Опытные специалисты помогут реализовать проект любой сложности с гарантией качества. Reply мойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 7:51 ص Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply автомойка под ключ 7 يوليو، 2024 - 8:27 م 1Франшиза автомойки от нашей команды – это успешный бизнес с минимальными инвестициями. Давайте станем партнерами! Reply автомойка самообслуживания под ключ 8 يوليو، 2024 - 8:00 ص Преимущество строительства автомойки под ключ заключается в оперативности запуска проекта и минимизации забот для заказчика, так как исполнитель берет на себя все этапы работ. Reply автомойка под ключ 9 يوليو، 2024 - 7:17 ص Предлагаем строительство автомоек под ключ для вашего бизнеса. Всё будет выполнено быстро, качественно и по конкурентоспособным ценам. Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 11:31 ص Excellent post. I used to be checking continuously this blog and I am inspired! Very useful information particularly the remaining phase 🙂 I care for such info a lot. I used to be seeking this particular info for a long timelong time. Thank you and good luck. Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 1:23 ص I love your blog.. very nice colors & theme. Did you create this website yourself or did you hire someone to do it for you? Plz reply as I’m looking to create my own blog and would like to know where u got this from. thanks a lot Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 2:21 م Pretty! This was an extremely wonderful post. Thank you for providing this information. Reply Прогнозы на футбол 12 يوليو، 2024 - 2:59 ص You can definitely see your expertise in the article you write. The world hopes for more passionate writers like you who aren’t afraid to mention how they believe. Always go after your heart. Reply автомойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 2:20 ص Автомойка под ключ – это ваш легкий старт в автосервисном бизнесе. Не требуется прежний опыт – мы сопровождаем вас на каждом шагу. Reply us marshals badges 13 أغسطس، 2024 - 3:09 م I appreciate the balanced perspective you provided here. Reply Jac Амур 19 أغسطس، 2024 - 4:31 ص I am sure this article has touched all the internet viewers, its really really pleasant article on building up new website. Reply theguardian.com 23 أغسطس، 2024 - 8:15 م Good info. Lucky me I ran across your site by accident (stumbleupon). I have saved it for later! Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.