الصفحة الخاصة بقطاع غزة كما تظهر على موقع ويكيبيديا باللغة الإنجليزية (ويكيبيديا) ثقافة و فنون “ويكيبيديا” وحرب غزة… حلبة صراع جديدة بين “كتائب” المحررين by admin 26 نوفمبر، 2023 written by admin 26 نوفمبر، 2023 413 تأريخ القضية الفلسطينية في رحى معركة ضروس بين تجاذب وتناحر وتشابك يصل حد التراشق أحياناً اندبندنت عربية / أمينة خيري صحافية كل مصيبة لها روايتان على أقل تقدير. وكل كارثة لها تفسيرات بعدد من يفسرونها، كما أن المعلومة قد تخضع لأشكال من التسييس والتديين وكذلك التوجيه والتهييج والتجهيل. حتى التاريخ حمال أوجه. فمن يكتب التاريخ وهو داخل الحدث أو واقفاً على جبهة المنتصر سيخرج بتأريخ يختلف عمن يدونه بعد حدوثه بأشهر أو سنوات أو قرون، وكذلك بحسب منصة التدوين وما تفرضه من قواعد تضمن الموضوعية أو قيود تتأكد من الصدقية. صدقية ما يجري في غزة وتاريخها، وموضوعية الرواية الإسرائيلية وتأريخ أحداث الحرب الجارية، مع إضافة شروح وافية لأصل الصراع بدءاً من عام 1948 والخوض في الجذور العميقة، بدءاً بقصة أرض الميعاد مروراً بتشابك تفسيرات العقيدتين اليهودية والإسلامية مع حكايات نهاية العالم المتناحر عليها بينهما وانتهاء بما آلت إليه الأوضاع بـ”طوفان الأقصى” وما تلاه من حرب ضروس، جميعها يجري تجاذبه وتناحره وتشابكه والتراشق به في حرب ضروس على أثير “ويكيبيديا“. واحة المبتدئ وجنة غير المجتهد “ويكيبيديا” الموسوعة الرقمية الشعبية القائمة على مقالات المستخدمين، واحة الباحث المبتدئ، وجنة الطالب غير المجتهد، وفخ غير العالمين ببواطن البحث والتدوين، وحلبة الأطراف المتصارعة تئن هذه الآونة تحت وطأة حرب القطاع. حرب القطاع مسجلة بتوجه، وموثقة بتصرف، ومدونة بتحيز، ومعضدة بكل أشكال المراجع من طرف واحد والإثباتات من وجهة نظر وحيدة لكاتبها لا ثاني لها لغيره على صفحات “ويكيبيديا”. على صفحات “ويكيبيديا” التي لقبت وقت ظهورها قبل 22 سنة تارة بـ”الكنز” وأخرى بــ”النبع الفياض” وثالثة بـ”موسوعة من أجل الجماهير الغفيرة وبهم” تدور حرب ضروس تتصاعد مع تصاعد حرب القطاع، ولا تقل عنها في الشراسة، وإن ظلت إراقتها للدماء افتراضية. الملايين من مستخدمي الشبكة العنكبوتية ما زالوا يرون في نتائج البحث الأولى التي تظهر لهم غاية المنى المعلوماتي وكل الأمل التثقيفي. ينقرون كلماتهم البحثية في ضوء حرب القطاع “غزة” و”جيش الدفاع” و”طوفان الأقصى” و”إسرائيل” و”حماس” و”فلسطين” و”ماذا يحدث في غزة؟” و”هل غزة دولة؟” و”من يدير غزة؟” و”إبادة جماعية” و”حق الدفاع” و”حماس إرهابية” و”معاداة السامية في فلسطين” و”كراهية المسلمين” و”تاريخ فلسطين” و”نشأة إسرائيل”، فتحتل النتائج المشتقة من “ويكيبيديا” الصدارة، وقد تحتفظ بها لصفحات وصفحات. صورة جوية للقطاع نشرتها الموسوعة الرقمية (ويكيبيديا) رؤوس الموضوعات تاريخ غزة، وجذور الصراع العربي الإسرائيلي، وضلوع إيران، ونشأة حركة “حماس”، والخلاف بينها وبين “فتح”، وعلاقة غزة ببقية الأراضي الفلسطينية، وحصارها، والحروب التي شهدتها، وبناها التحتية، ونسب الفقر والبطالة ونوعية التعليم ومستوى الرعاية الصحية وغيرها الآلاف من رؤوس الموضوعات تسردها “ويكيبيديا” بأكثر من 100 لغة، لكن كلاً من الموضوعات مكتوب بوجهة نظر، أو هكذا يبدو. ما يبدو من توسع وانتشار وتوغل استخدامات “ويكيبيديا” بشتى اللغات، وملئها فراغاً عربياً موسوعياً من جهة المحتوى على الإنترنت، أهلها لأن تكون مسرحاً موازياً لكل من “طوفان الأقصى” و”السيوف الحديدية”، ومعهما رغبات مليارية من قبل المستخدمين إما للبحث والتنقيب عن كل ما يتصل بغزة وفلسطين وإسرائيل، أو للإضافة والحذف بهدف خدمة “القضية”، كل بحسب قضيته. قضية “ويكيبيديا” الرئيسة هي أنها “موسوعة حرة يستطيع الجميع تحريرها”. وبفضل، وفي أقوال أخرى بفعل أو بجرم هذه الحرية المجانية التي لا تتطلب سداداً مالياً أو مراجع مادية، فإنها تتحول ساحة حرب معلومات مسيسة وملاكمات لإلغاء الآخرين وصراعاً تدوينياً من أجل البقاء للأعتى والأكثر تدويناً وتأريخاً. تأريخ “طوفان الأقصى” تأريخ عملية “طوفان الأقصى” على “ويكيبيديا” وما تلاها يعد من أكبر الحروب التي تشهدها الموسوعة التي اعتادت أن تكون حلبة صراع للمتحاربين في شتى أرجاء الأرض منذ تأسيسها في عام 2001. المكتوب باللغة العربية عن العملية أقرب ما يكون إلى سلسلة من أطروحات الدكتوراه المذيلة بقوائم من المراجع والمعضدة بخرائط وخلفيات تاريخية وأبعاد جغرافية ونظريات اجتماعية ومرجعيات دينية وأقوال مأثورة لرموز حركة “حماس” الملقبة بـ”المقاومة” والجهات الداعمة مثل “حزب لبنان” مع جدول زمني يتم تحديثه على مدى الدقيقة لعدد “الشهداء” الفلسطينيين في “حرب الإبادة” و”المجازر” وكذلك “قتلى” الجيش الإسرائيلي وخسائره الفادحة. حدث وروايتان وضمن ما جاء فيها، أن “عملية طوفان الأقصى” عملية عسكرية ممتدة شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكرية (كتائب الشهيد عز الدين القسام) إذ أعلن القائد العام للكتائب محمد الضيف بدء العملية رداً على “الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى واعتداء المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة والداخل المحتل”. في المقابل، فإن العملية نفسها جرى تأريخها وتخضع أيضاً للتحديث على مدى الساعة على “ويكيبيديا بالإنجليزية” تحت عنوان “2023 اعتداء حماس على إسرائيل” على اعتبارها “عمليات هجوم خططت لها حماس بدقة لارتكاب مذبحة ضد المدنيين الإسرائيليين بهدف استفزاز إسرائيل لغزو غزة. وقد دأبت حماس على المطالبة بتدمير دولة إسرائيل، واستبدال دولة إسلامية بها”. وتمضي آلاف المقالات التي يكتبها مستخدمون مجهولون عن حرب القطاع وتفاصيلها، ومعها أيضاً تمضي جهود آلاف غيرهم لـ”تحرير” ما تتم كتاباته تحريراً بطعم الانتماء والأيديولوجيا والمصلحة والموقف من القضية، لتتحول أداة “التحرير” إلى سلاح دمار شامل للمخزون المعرفي والمعلوماتي والبحثي. الملاحظ أنه لا ينافس زخم التدوين وحراك التأريخ على جبهتي النقيض إلا زخم الحذف وحراك التحرير، وهي على ما يبدو سمة من سمات الحروب وإحدى الصراع. ديناميكيات صراع “ويكيبيديا” “ديناميكيات الصراع في ويكيبيديا” عنوان الدراسة التي أجرتها مجموعة من الباحثين في جامعة بودابست للتكنولوجيا والاقتصاد (2012)، والتي تم من خلالها توثيق التوافق الواضح بين تفجر الصراعات والحروب في الدول، وانفجار أنماط النشاط على “ويكيبيديا”، وأن تأثيرات الذاكرة لدى المستخدمين تلعب دوراً محورياً في تأجيج الخلافات بين المستخدمين على خلفية المحتوى. المحتوى المتنازع عليه، بحسب الدراسة، قد يكون مباريات كرة قدم وتشجيع فرق بعينها، أو قضايا سياسية خلافية بين دول وبعضها، أو تناول مسائل خلافية أخلاقية معروف عنها تأجيج غضب البعض ودفاع الآخر، وبالطبع الحروب والصراعات لا سيما ذات الأصول التاريخية أو التي تحوي احتلالاً أو عنفاً مفرطاً أو صراعاً أيديولوجياً. تحرير المحتوى كلمات “أيديولوجيا” و”صراع” و”عنف” و”احتلال” و”تاريخ” تقود الباحث حتماً بشتى اللغات إلى “ويكيبيديا” وموضوعاتها المتفجرة تحت عناوين شتى، منها على سبيل المثال لا الحصر “حركة حماس” و”المقاومة الفلسطينية” و”الصهيونية” و”التوحيد والجهاد” و”حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين” و”أحزاب إسرائيل بحسب الأيديولوجيا الدينية” و”الإرهاب الإسلامي” و”الإرهاب” و”الإرهاب المنسوب للمتدينين” و”الإسلام والعنف” و”اليهودية والعنف” و”الهولوكوست” و”النازيون” والعناوين لا تنتهي. ومع كل عنوان، وفي داخل كل مقال له علاقة بحرب القطاع من قريب أو بعيد على “ويكيبيديا”، تجري محاولات “تحرير” وجهود “حذف” وعمليات تقييم. البعض يصف ما يجري بأنه جزء لا يتجزأ من حرب القطاع، إذ العالم منقسم بين مؤيد لحركة “حماس” باعتبارها “مقاومة” وأهل غزة المنكوبين وأرض فلسطين المحتلة ومندد بإسرائيل الدولة المحتلة الغاصبة الغاشمة ولا يرى الأخبار إلا من هذه الزاوية، ومؤيد لإسرائيل والإسرائيليين الذين تعرضوا لهجوم غاشم من حركة إرهابية من دون ذنب اقترفوه أو خطأ ارتكبوه. البعض الآخر لا يضخم كثيراً من حجم الصراع الدائر على “ويكيبيديا”، إذ المشاعر ملتهبة والدفاعات صارت هجومية والحجج أصبحت انتقامية تحت وطأة فداحة الأحداث الجارية. صورة قديمة لإحدى موجات التهجير من فلسطين (ويكيبيديا) تأريخ للصراع بمزيد منه فداحة الأحداث الجارية قد تخفت قليلاً حين يهدأ أتون الحرب، لكن ما لن يخفت هو محتوى “ويكيبيديا”، أو ما يتبقى من محتوى الموسوعة، عن حرب القطاع وتأريخ الصراع من طريق خلق مزيد منه. إحدى المشكلات، إضافة إلى التهييج والاستقطاب وطمس حقائق الطرف الآخر وحذف تأريخ الطرف الثاني واستبدال ما يراه الطرف الأول به، هو أن مقالات “ويكيبيديا” تقفز في معظم الأحوال إلى قمة نتائج البحث، فارضة نفسها على الأطفال والمراهقين والشباب وغير المحنكين في قواعد البحث والتدقيق وغير الملمين بالثقافة الرقمية. يقول رئيس شركة “كيورفيس للحلول الجيوسياسية” المتخصصة في الاستشارات والاتصالات الاستراتيجية مات لاور، وهو أحد المساهمين الأوائل في “ويكيبيديا” خلال مقال رأي عنوانه “مشكلة ويكيبيديا” ونشر في صحيفة “واشنطن بوست” (2013)، “أعتقد أن ويكيبيديا مسموح لها أن تفعل ما تشاء. ومع ذلك، فإن المشكلة هي أن ويكيبيديا أصبحت الموسوعة المفضلة. نتائج مقالات ويكيبيديا تأتي في أعلى نتائج البحث على الإنترنت. يستخدم الأطفال مقالات ويكيبيديا لكتابة البحوث المدرسية، حتى إن الصحف تستشهد بهذه المقالات، من ثم فإن ويكيبيديا تتحمل مسؤولية السماح بمشاركات مقالات حية ومباشرة وشفافة من قبل المصادر الأولية. من الضار عدم السماح بالمساهمات المباشرة والشفافة من قبل المصادر الأولية، خصوصاً أن هذه المصادر غالباً تخفي هوياتها في محاولة لسماع حججها”. في نقد “ويكيبيديا” الطريف أن مقالاً عنوانه “في نقد ويكيبيديا” نشره أحدهم على “الموسوعة الشعبية”، واستعرض فيه الانتقادات الموجهة لها في ما يختص بالصدقية والتوثيق والافتقار إلى التحقق المنهجي من الحقائق إضافة إلى التحيز السياسي الواضح، وكذلك التحيز المنهجي على أساس الجنس والنوع والدين، كما سلط المحتوى الضوء على مخاوف تتعلق بالحزبية والاستقطاب والعنف، لا سيما أن إمكانية التحرير متاحة للجميع. ومضى المقال الناقد لـ”ويكيبيديا” على متن “ويكيبيديا” مشيراً إلى أن ما كتبه الصحافي إدوين بلاك تحت عنوان “ويكيبيديا: إسقاط المعرفة العالمية” (2010) ووصف فيه محتوى الموسوعة بأنه خليط من الحقيقة ونصف الحقيقة وبعض الأكاذيب، كما أشارت إلى مقال للصحافي البريطاني أوليفر كام عنوانه “الحكمة؟ أقرب إلى غباء الحشود” (2007) وإشارته إلى أن المقالات التي تهيمن في “ويكيبيديا” تكون عادة للأصوات التحريرية الأعلى والأكثر قدرة على الاستمرارية أو لمجموعات المصالح التي تحمل فأساً مهمتها سحق الآخرين لأغراض أيديولوجية. المزيد عن: حرب القطاعحماسإسرائيلقطاع غزةويكيبيدياالاستقطابنقد ويكيبيديا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فوز سارة بيرنشتاين بأكبر جائزة كندية يثير حالا من الشغب next post هل تساعد الدول الغربية الإيرانيين للخلاص من حكم رجال الدين؟ You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024