المخرج الفرنسي اليوناني كوستا غافراس (أ ف ب) ثقافة و فنون وهران تكرم رائد السينما السياسية بعد ثلثي قرن من “زد” by admin 21 أكتوبر، 2024 written by admin 21 أكتوبر، 2024 60 كوستا غافراس الباريسي الذي صاغ بداية هذا النوع السينمائي اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب قبل أسبوعين وأكثر قليلاً حل دور مدينة وهران الجزائرية الملقبة بـ”عروس المتوسط” كي تحتفل خلال مهرجانها السينمائي العائد من بعد غياب، بواحد من كبار سينمائيي الضفة الأخرى من ذلك البحر الذي لا تتوقف سواحله عن إدهاش العالم بقدرة بلدانها على ضخ هذا العالم بالمبدعين. صحيح أن كوستا غافراس يعتبر سينمائياً باريسياً، بل فرنسياً، غير أنه لا يترك مناسبة إلا ليؤكد فيها أصوله اليونانية، المتوسطية كما يحلو له أن يضيف. وهو على أي حال كان أكد ذلك عملياً قبل ما يقرب من ثلثي قرن، حين حقق ذلك الفيلم الذي يُعتبر في تاريخ الفن السابع بداية ما سيحمل اسم نوع في ذلك التاريخ، “السينما السياسية”، “زد” وهو بالتحديد الفيلم الذي تحتفل به وبمخرجه، وهران الجزائرية اليوم. وها قد يخيل إلى القارئ أن موضوع الفيلم جزائري أو أن مخرجه ذو أصل جزائري ما، أو أنه، حتى، صُوِّر في الجزائر، ولكن أبداً لا هذا ولا ذاك ولا أي شيء من هذا القبيل. وهو أمر يقر به السينمائي المخضرم اليوم وهو بكل هدوء في ركن اختاره للجلوس طوال أسبوع زيارته الجزائر وتكريمه فيها في فندق “لو رويال” التاريخي وسط المدينة. ففي الوقت الذي يقول فيه كوستا غافراس إن من بين التكريمات العديدة التي يُحتفى به من خلالها كمؤسس لهذا النوع السينمائي ربما يكون “تكريمي في وهران هو الأحب إلى قلبي والأكثر تذكيراً لي بتاريخي السينمائي. وهو على أي حال تصرف في غاية اللطف من قبل هذا الشعب الطيب والبلد الأريحي الذي مكنني خلال النصف الثاني من ستينيات القرن الـ20 من تحقيق حلم كان عزيزاً عليَّ، وهو بالتحديد هذا الفيلم الذي لم يرد أحد في أوروبا إنتاجه على رغم اسم إيف مونتان في بطولته”. أما السبب الذي قد لا يحب كوستا غافراس اليوم الخوض فيه فيكمن في أن الفيلم يريد فضح ممارسات حكم المجموعة العسكرية المتعسفة في يونان الكولونيلات الانقلابيين في حينها. لكن الجزائريين قبلوا. دور الجزائر الحقيقة أن الجزائر كانت بعد نيلها الاستقلال عن الحكم الاستعماري الفرنسي قد عقدت العزم على دعم أنواع جديدة من السينمات التقدمية في العالم بصرف النظر عن جنسيات أصحابها، منشئةً من أجل ذلك بنى وهيئات إنتاجية، وكانت واحدة من أهدافها من ذلك، رد التحية بما هو أجمل منها. ولقد كان سرور الجزائريين كبيراً بتقاطر السينمائيين إلى بلدهم ليحققوا أفلامهم الجديدة بعدما كان كثر منهم، من “البلد المعادي” أي فرنسا قد وقفوا إلى جانب الثورة والقضية الجزائريتين. المهم أن الجزائريين لم يخرجوا خاسرين من ذلك الحراك ولو من خلال سمعة نظيفة سينمائياً، كان “زد” على أي حال واحداً من علاماتها، هو الذي راح يدور في العالم محققاً نجاحات كبيرة وبوصفه جزائرياً وهو بهذه الجنسية نال حين ظهوره في عام 1969 واحدةً من أرفع الجوائز ذات الطابع الثقافي الإبداعي التي نالها أي منتَج إبداعي في العالم: أوسكار أفضل فيلم أجنبي في هوليوود، وهي الجائزة التي فشل في الحصول عليها أي فيلم عربي من بعده على رغم مشاركة دول عربية عدة في الترشح منذ ذلك الحين. دين قديم وفيلم ثانٍ ومهما يكن من أمر هنا لا بد من أن نكرر أنه لئن كان كوستا غافراس قد عُرف على نطاق ما في خارطة السينما العالمية من قبل “زد”، فإنه يعلن اليوم أنه يدين وسيظل يدين للجزائر بالمكانة التي باتت له منذ ذلك الحين. أما إذا سألته عن ذاك من أفلامه الذي حقق السجالات الأكبر في تاريخه السينمائي وهو المعروف عادةً بأن سينماه السياسية تحقق من السجالات ما يفوق أحياناً ما تحققه من نجاحات، يبتسم مشيراً إلى شاشة تلفزيونية تحتل زاوية في صالة الشاي الوهرانية مدمدماً ويده تشير إلى الصور المعروضة لدمار غزة: “إنه فيلمي الذي لا شك في أن هذه الأخبار المعروضة أمامنا تشير إلى فشل رسالته التي حاولت إطلاقها فيه”. من الواضح أن كوستا غافراس إنما يحيلنا هنا إلى فيلمه المنسي بعض الشيء اليوم الذي لم يذكره أحد ولا حتى خلال الجلسات معه في وهران، “هانا ك.”، وهو واحد من أقوى الأفلام الروائية الفرنسية التي حققت عن القضية الفلسطينية من بطولة محمد بكري في ما يمكن اعتباره أول ظهور له على شاشة عالمية، ولكن أيضاً من بطولة جيل كليبرغ، النجمة الأميركية الكبيرة التي دفعت غالياً ثمن تمثيلها دور المحامية اليهودية المدافعة عن القضية الفلسطينية في الفيلم. فمن بعد الفيلم قاطعتها الشركات المصنعة للنفوذ الصهيوني في هوليوود مما أوقف مسيرتها السينمائية التي كانت قد انطلقت قبل ذلك لأدوار كبيرة. طبعاً يحاول كوستا غافراس ألا يتحدث عن تلك الحال أو حتى عن الفيلم لمجرد أنه لا يبدو اليوم راغباً في خوض سجالات حادة، قائلاً إنه تقدم في العمر إلى درجة يجد نفسه معها مجبراً على ترك السجالات لمن هم أصغر منه سناً، لافتاً إلى أن السياسة “في أيامنا كانت أوضح وأسهل أما اليوم فالسياسة باتت مجازر غالباً ما تكون من دون حدود ودونما أهداف”، وهو يقول هذا ناظراً إلى شاشة التلفزة من جديد وعلى وجهه غضب مذهل أمام ما يحدث. كوستا غافراس مكرماً في وهران (خدمة المهرجان) تاريخ حافل ومهما يكن من أمر يبقى أن كوستا غافراس يبدو بالغ السعادة لتذكر الجزائريين وتكريم وهران له وبخاصة بالحب الذي أحاطه به السينمائيون العرب المشاركون وبخاصة أنهم جميعاً ذكَّروه بتاريخه السينمائي الذي يبتسم وهو يقول إنه يكاد ينساه. هو تاريخ طويل ويجعل منه واحداً من أكثر المخرجين الفرنسيين نجاحاً، بل حتى من المساهمين في السينما الأميركية في بعض الأحيان. ويمتد ذلك التاريخ على مدى ما يصل إلى نحو 20 فيلماً كانت بداياتها شرائط بوليسية من أبرزها “قمرة القتلة”، و”رجل زائد” وكان يمكن له أن يحظى بتاريخ في النوع البوليسي لولا “الثورة التي أحدثها فيلمه السياسي الأول” والذي لا ينسى وهو طبعاً “زد” الذي لن يكون فريداً في مساره ولا حتى شراكة مع “هانا ك.” الذي سيحققه في عام 1983. الواقع أن قسطنطين كوستا غافراس المولود عام 1933 وهو من أصل يوناني كما أشرنا، أتبع ذلك الفيلم بنصف دزينة أخرى من الأفلام السياسية وضعت سينماه وجمهوره في قلب سياسات العالم ودائماً من منظور متقدم، بل مناضل أصيل. فهو إضافة إلى فصح كولونيلات اليونان الانقلابيين في “زد”، تعامل مع تعقيدات القضية الفلسطينية في الفيلم الفلسطيني، “الاعتراف”، المأخوذ عن نص للمنشق التشيكي، آرتور لندن، الفار من القمع في بلده، وفي فيلم “حالة حصار” من نضالات التوباماروس في نيكاراغوا في أميركا اللاتينية. وفي فيلم “اختفاء” تناول تدخلات الاستخبارات الأميركية في تلك القارة. غير أن ذلك لم يمنعه لاحقاً من عيش فترة من الوقت في الولايات المتحدة حيث حقق عدداً من أفلام تجارية وارتبط هو وزوجته ميشيل التي التقيناها معه في وهران، بصداقات قوية. وكان ذلك حاله على أي حال ولو لأيام قليلة في وهران التي كرمه مهرجانها ذلك التكريم في حين دمعت عيناه مرات عدة. المزيد عن: كوستا غافراسمهرجان وهران السينمائيالسينماالجزائرفرنساالسينما السياسية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post اكتشاف قصة قصيرة غير معروفة لكاتب “دراكولا” عمرها 130 سنة next post ديفيد سبيغلهالتر يتناول أخطار العيش في زمن اللايقين You may also like اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024