بأقلامهمعربي وليد شقير: قتل الجندي الإيرلندي في جنوب لبنان رسالة أم حادث “غير مقصود”؟ by admin 17 ديسمبر، 2022 written by admin 17 ديسمبر، 2022 33 إصرار المجتمع الدولي على التحقيق في كل الاعتداءات التي تعرضت لها “يونيفيل” يمتحن هيبة السلطة اندبندنت عربية \ وليد شقير كاتب صحافي @ChoucairWalid لم يكن ينقص لبنان إلا أن يخضع لامتحان جديد أمام المجتمع الدولي وتحديداً الدول الغربية، حول ضرورة التزامه تطبيق القرارات الدولية التي تطالبه الدول بها وتعتبرها واحدة من المواصفات التي تتمنى أن يتحلى بها رئيس الجمهورية الجديد، من بين مواصفات أخرى، فأُضيف إليها ليل الأربعاء 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلحاح على تحقيق سريع في حادث مقتل الجندي الإيرلندي وجرح ثلاثة من رفاقه من عديد قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، جراء إطلاق نار تعرضوا له. يضع الحادث الدموي الدولة اللبنانية في موقع العاجزة في حال لم تُكشف أسباب وخلفيات قتل الجندي، ويسقِط هيبتها أمام الدول المشاركة في قوات الـ “يونيفيل” وأمام مجلس الأمن، ويثير الشكوك حول قدرتها على إثبات سلطتها في جنوب لبنان، والطريق إلى بيروت، خصوصاً أن قوى سياسية عدة تشير إلى وقوف مناصرين لـ “حزب الله” خلف الحادث، الرغم أن التحقيقات ما زالت في بدايتها، بينما دعا الحزب إلى عدم إقحامه في ما حصل. قتل من دون اشتباك الامتحان الجديد تعتبره الدول الأعضاء في مجلس الأمن هذه المرة جوهرياً وأساسياً، نظراً إلى أن قتل الجندي الإيرلندي شون رووني (23 عاماً) حصل بشكل متعمد، من دون اشتباك معه أو مع رفاقه، فضلاً عن أن الأمم المتحدة التي فوضت هذه القوات منذ الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان في عام 1998 وفق القرار الدولي الرقم 425، ثم وسعت مهماتها إثر الاجتياح الثاني في عام 2006 وفق القرار الرقم 1701، دأبت على مطالبة السلطات اللبنانية بتحديد المعتدين على قوات “يونيفيل” في الجنوب في حوادث سابقة من دون التوصل إلى نتائج تقودهم إلى العدالة. وغالباً ما يكونوا من مناصري “حزب الله” الرافضين لدخول القوات الدولية إلى القرى الجنوبية من دون مرافقة الجيش اللبناني لهم. فداحة الحادث دفعت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون إلى الانتقال إلى مقر قيادة “يونيفيل” في بلدة الناقورة الجنوبية حيث التقيا قائدها الجنرال أرولدو لاثارو للتعزية وامتدحا عملها إلى جانب الجيش اللبناني، مع التأكيد على التزام القرار 1701 . تعدد الروايات و”البيئة الصعبة” وفي وقت قال رئيس الوزراء الإيرلندي ميهول مارتن، الذي سترسل بلاده بعثةً تشارك في التحقيق بالحادث يوم الإثنين 19 ديسمبر، “إننا نعمل في بيئة عدائية صعبة”، أوضح ميقاتي من الناقورة (جنوب لبنان) أن “البيئة التي يعمل فيها الجنود الدوليون بيئة طيبة، والتحقيقات متواصلة في مقتل الجندي الإيرلندي ومَن تثبت إدانته سينال جزاءه”. وعلمت “اندبندت عربية” أن الجنرال لاثارو طالب ميقاتي والعماد عون “بتسريع إنهاء التحقيق” الذي تتولاه قيادة الجيش “بكل شفافية”، وأن رئيس حكومة تصريف الأعمال التزم أمامه بذلك. لكن لاثارو لفت نظر ميقاتي، وأنظار أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني زاروه لاحقاً متضامنين مع الـ”يونيفيل”، إلى أن الحوادث السابقة التي كانت حصلت مع وحداتها لم تصدر نتائج تحقيقاتها بعد. وقال الجنرال الإسباني إن حادثاً جرى في عام 1982 صدرت نتائج التحقيق فيه قبل أسابيع (أي بعد 30 سنة)، للدلالة على تأخر السلطات اللبنانية في كشف الحقائق وتحديد الفاعلين ومعاقبتهم، وعلى عدم التعاطي بجدية مع الاعتداءات التي تتناول القوات الدولية. تعددت الروايات حول حيثيات مقتل الجندي الإيرلندي، الذي حصل حسب سياسيين لبنانيين التقوا قائد “يونيفيل”. لكن الرواية الأولية لمصادر مقربة من قيادة القوات الدولية التي تجري تحقيقاً مستقلاً عن الذي تجريه مديرية المخابرات في الجيش، أنه وقع بين العاشرة والحادية عشرة قبيل منتصف ليل الأربعاء 14 ديسمبر، حين سلكت سيارة مصفحة من نوع “لاند كروزر” تقل أربعة من الوحدة الإيرلندية طريقاً فرعية متفرعة من الأوتوستراد السريع بين الجنوب وبيروت، نحو طريق ساحلي يمر في بلدة العاقبية، بعد أن انفصلت عن سيارة أخرى كانت أمامها، بقيت على الطريق الرئيس، فتعقبها بعض الشبان الذين أوقفوها في البلدة الواقعة خارج نطاق منطقة عمليات “يونيفيل” المحددة جنوب الليطاني، بينما تقع العاقبية على بعد بضعة كيلومترات من تلك المنطقة. وقالت مصادر دبلوماسية دولية إن السيارتين كانتا تقلان بضعة جنود إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت للسفر إلى بلادهم من أجل قضاء عيدي الميلاد ورأس السنة. لاثارو: إذا أضاعوا الطريق يُقتلون؟ وتفيد هذه الرواية بأن الشبان الذين تتبعوا السيارة أوقفوها وتلاسنوا مع الجندي القتيل الذي كان يقودها، وتجمهر حول السيارة بعض أهالي البلدة وجرى صراخ حول أسباب مرورهم فيها، لكن سائقها أقلع متجاوزاً مَن تجمعوا، وصدم رِجل أحد الشبان، فجرى إطلاق 7 رصاصات أصابت السيارة اخترقت إحداها مقعد الجندي السائق فانحرفت واصطدمت بعامود كهربائي، ثم انقلبت، ما أدى إلى جرح الثلاثة الآخرين أحدهم أصيب برأسه وحالته حرجة. وتردد أن تصفيح السيارة حال دون اختراق كل الرصاصات إلا واحدة أو إثنتين دخلتا من الفتحة الخلفية للسيارة الرباعية الدفع التي كانت مفتوحة. وثمة رواية أخرى تشير إلى أن السيارة التي تتبعت سيارة القبعات الزرق كانت تسير خلفها منذ انطلاقها من منطقة العمليات الدولية، وقبل دخولها الطريق الفرعية. وأفادت وسائل إعلام مقربة من “حزب الله” أن الحادث سبقه احتجاج أهالي بلدة العاقبية الواقعة قرب مدينة صيدا على سلوك دورية “يونيفيل” مساراً غير مسارها المعتاد، وأنها ضلت الطريق، وأن لا أدلة بأن الحادث مدبر، بل عفوي. وعلق الجنرال لاثارو على هذه الرواية أمام بعض السياسيين اللبنانيين قائلاً “لنفترض أنهم ضاعوا وضلوا الطريق، فيتم إبلاغهم بذلك ليغيّروا طريقهم. هل يعالَج الأمر بقتلهم؟”. الاستيعاب اللبناني ووزير الداخلية وموقف “حزب الله” وسعى المسؤولون اللبنانيون، من ميقاتي إلى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الداخلية بسام المولوي لاحتواء الحادث فور شيوع خبره، فاستنكروه وأكدوا على وجوب التحقيق فيه، وكذلك رئيس البرلمان نبيه بري الذي اتصل بالجنرال لاثارو معزياً ومؤكداً الحرص على تطبيق القرار 1701. لكن ثمة ردود فعل أخرى بارزة، إذ صدر عن “حزب الله” باكراً صباح الخميس 15 ديسمبر تصريح لمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب، وفيق صفا، دعا فيه إلى “عدم إقحام الحزب في الحادثة التي وقعت بين الأهالي وإحدى سيارات اليونيفيل من الكتيبة الإيرلندية”. وطالب صفا في حديث لـ “رويترز” ثم لمحطة الـ “أل بي سي آي” بترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق بالحادث. وأشار إلى بعض تفاصيل الحادثة كما نقلها الأهالي كاشفاً أن سيارة واحدة تابعة للقوة الإيرلندية دخلت في طريق غير معهود العبور به من قبل “يونيفيل” فيما سلكت السيارة الثانية الاوتستراد الدولي المعهود المرور به، ولم يحصل معها أي إشكال. وتقدم صفا بالتعزية لقوات اليونيفيل لسقوط قتيل متمنياً الشفاء للجرحى في “الحادث غير المقصود”. وسجلت الأوساط المراقِبة موقفاً لافتاً لوزير الداخلية بسام المولوي، إذ قال إن “الجريمة لم تحصل نتيجة صدفة أو حادث عرضي”، موضحاً لقناة “الحدث” أن “التحقيقات تشير إلى اعتراض سيارتهم في موقعين”. ولفت إلى أن “من يقف وراء الاعتداء لا يخفي نفسه”، مجدداً التشديد على وجوب “أن تكون سلطة الدولة مبسوطة على كل أراضيها فلا يمكن القبول بمنطقين في دولة واحدة”، وذلك بعدما كان قد أكد إثر وقوع الجريمة أن “التعدي على عناصر قوات حفظ السلام لن يمر دون محاسبة” محملاً “السلاح المتفلّت” مسؤولية “التعدي على الشرعيتين الوطنية والدولية”. القراءات التي تتهم “الحزب” والقرار 2650 إلا أن أخصاماً لـ “حزب الله” تعاطوا مع ما حصل على أنه مدبر منه، وأن البيئة الحاضنة للحزب تخضع منذ سنوات لتعبئة وتحريض ضد “يونيفيل” وتسعى إلى إعاقة تحركها في منطقة عملياتها جنوب الليطاني، بحثاً عن السلاح الذي ينص القرار 1701 على أنه ممنوع خارج نطاق السلطة الشرعية. استدل هؤلاء من كلام للشيخ صادق النابلسي المقرب من قيادة الحزب على الرغم من أنه يعلن أنه لا ينتمي إليه، إذ غرد على “تويتر” أن “بعض الدول المشاركة في قوات يونيفل تعمل وكيل أمن لإسرائيل… يعرفون الطرق والزواريب في لبنان كما يعرفون أبناءهم، لم يكونوا في هذا المكان تائهين”. وتعددت التكهنات التي تذهب إلى اتهام مناصرين للحزب بأنهم وراء قتل الجندي. منها ما ذكّر بردة فعله على تضمين مجلس الأمن في قراره الأخير رقم 2650 بالتجديد لـ “يونيفيل” سنة أخرى في 31 أغسطس (آب) الماضي، فقرةً أثارت غضب “حزب الله”، إذ نصت الفقرة 16 منه على “كفالة الاحترام التام لحرية القوة المؤقتة في التنقل في جميع عملياتها ووصولها إلى الخط الأزرق (خط حدود الانسحاب الإسرائيلي) بكامل أجزائه، وفقاً لولايتها ولقواعد الاشتباك الخاصة بها بطرق منها تفادي أي عمل من شأنه تعريض أفراد الأمم المتحدة للخطر وتأكيد مجلس الأمن أن القوة المؤقتة بموجب الاتفاق المتعلق بمركزها المبرم بين حكومة لبنان والأمم المتحدة لا تحتاج إلى ترخيص أو إذن مسبق للاضطلاع بالمهمة الموكلة إليها وأنها مأذون لها الاضطلاع بعملياتها بصورة مستقلة”. ويدين القرار بأشد العبارات “المحاولات الرامية إلى منع القوة المؤقتة من الوصول إلى الأماكن أو تقييد حرية تنقلها، وجميع الهجمات التي تُشن على أفرادها ومعداتها، فضلاً عن أعمال المضايقة والترهيب التي يتعرض لها عناصرها وحملات التضليل التي يتم إطلاقها ضد القوة المؤقتة ويدعو حكومة لبنان إلى تيسير وصول القوة المؤقتة على وجه السرعة وبالكامل إلى المواقع التي تطلبها لأغراض إجراء تحقيقاتها بسرعة، بما في ذلك جميع المواقع شمال الخط الأزرق، والمتصلة بوجود أنفاق تعبر الخط الأزرق التي أبلغت القوة المؤقتة عنها بوصفها انتهاكاً للقرار 1701 وفي ظل احترام السيادة اللبنانية”. ويشدد القرار الدولي في الفقرة 17 على حرية تنقل يونيفيل “بالسماح بمرور الدوريات المعلن عنها وغير المعلن عنها”. وأثارت هذه الفقرة حفيظة قيادة الحزب الصيف الماضي، فاعتبر عضو جلس الشورى فيه، الممثل الشرعي للمرشد الإيراني علي خامنئي في لبنان، الشيخ محمد يزبك أنها تحول القوات الدولية إلى “قوات احتلال”. واستخدم قيادي آخر في الحزب العبارة نفسها. وقالت مصادر دبلوماسية لـ “اندبندنت عربية” إن الحزب علم بهذه الفقرة التي جاءت في المسودة الأميركية البريطانية للقرار، وضغط عبر الرئاسة اللبنانية آنذاك وفريق الرئيس ميشال عون من أجل تعديلها لكن الجانب اللبناني لم يفلح. رسالة حول الرئاسة أو رد من إيران؟ وهناك مَن اعتبر أن “الحزب” أراد توجيه رسالة إلى القوى الدولية الساعية إلى استغيابه في البحث عن رئيس جديد للجمهورية وعن عقد تسويات في هذا الشأن، بأنه يبقى الأقوى في لبنان وأن السعي إلى انتزاع التزامات من مرشحين للرئاسة تتناول الموقف من سلاحه دونه استنفاره لقطع الطريق على ذلك. أما القراءة الرابعة لما جرى فهي التي تنسب التعرض للقوات الدولية إلى رسالة من طهران رداً على قرار لجنة المرأة في الأمم المتحدة طرد إيران منها على خلفية قمع النظام فيها للتحركات الاحتجاجية التي تتعلق في جزء منها بحرية المرأة. تبقى هذه التحليلات في نطاق التكهنات. فحتى بعض المعارضين للحزب يدعون إلى عدم الذهاب بعيداً في التحليلات، لكن هؤلاء رأوا أن ما حصل يضرب صورة الدولة مرة أخرى، ويستبعدون أن تتوصل التحقيقات إلى نتائج ملموسة. إلا أن ذلك لا يعني القفز فوق الإلحاح الدولي على إنجاز التحقيقات. ففي السنوات الماضية، لم يمر أي قرار للتجديد لتفويض “يونيفيل” في جنوب نهر الليطاني، أو تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش النصف سنوي عن تنفيذ القرار 1701 من دون أن يتضمن فقرة تشدد على إنجاز التحقيقات في الاعتداءات على “يونيفيل”. والقرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن في 31 أغسطس (آب) الماضي، عدّد كل الاعتداءات التي وعدت السلطات اللبنانية بإجراء التحقيقات في شأنها بتواريخها وأمكنتها للدلالة على الإصرار على جلاء الحقائق حولها، وبعضها يعود إلى ثمانينات القرن الماضي. المزيد عن: لبنان\اليونيفيل\الكتيبة الإيرلندية\الجيش الإيرلندي\الأمم المتحدة\نجيب ميقاتي\حزب الله\العماد جوزف عون\بسام المولوي\وفيق صفا\القرار 1701 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ملك الأردن: سنتعامل بحزم مع من يرفع السلاح بوجه الدولة next post Del Toro’s Pinocchio stuns and Noah Centineo headlines The Recruit: This week’s best and biggest on Netflix You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024