ثقافة و فنونعربي هيلين ماكروري… ممثلة استثنائية وواحدة من قلة أدركت قوة الصمت by admin 18 أبريل، 2021 written by admin 18 أبريل، 2021 50 كان حضور هذه الفنانة التي توفيت بالسرطان عن عمر يناهز 52 عاما باهرا سواء في الأدوار التقليدية على شاشات التلفزيون المعروفة أو في الأعمال الشهيرة على خشبة المسرح اندبندنت عربية / كلير ألفري كان وجه هيلين ماكروري معبراً للغاية لكن حاجبيها كانا أكثر ملامحها تعبيراً. فقد امتلكت قدرة غريبة على رفعهما بالقدر المناسب فيحل البرود في الأجواء فجأة. في واحدة من آخر إطلالاتها التمثيلية، استخدمت حاجبيها في الحلقة الختامية لمسلسل “كويز” على محطة “آي تي في” (ITV’s Quiz) أثناء أدائها دور محامية تدافع عن الرائد إنغرام المتواصل السعال وزوجته. كان أداؤها المتقن في دور المحامية مقنعاً إلى حد أنها تحولت إلى خبر رائج على تويتر لفترة وجيزة. قلة من الممثلات أدركن قوة الصمت والسكون كما فعلت ماكروري. أقامت خلال مسيرتها المهنية توازناً ناجحاً بين الأدوار التقليدية في الأعمال التلفزيونية الرائجة من جهة والعمل المسرحي الشهير والناجح من جهة أخرى، وكان ظهورها استثنائياً في الموقعين. ولعبت أدوار الشر ببراعة وإتقان، فأضفت على أكثر مشاهدها العصية على النسيان على الشاشة نوعاً من البرودة القاسية التي لا تضاهى- سواء في دور كبيرة العائلة العمة بولي في مسلسل بيكي بلايندرز الذي طال عرضه، وهو الدور الذي رسخها في قلوب معظم الناس، أو في دور نارسيسا مالفوي الخسيسة في سلسلة أفلام هاري بوتر. كان في تلك الأدوار شيء من الإحجام الخطير، الأشبه بالشر المكتوم. قلة من الممثلات أدركن قوة الصمت والسكون كما فعلت ماكروري (أ ب) لكن شخصية ماكروري كانت قوية ومذهلة في مسيرتها الفنية وحياتها الواقعية. وقد بدت في المقابلات ممتعة جداً بكل بساطة- أي امرأة يتوق المرء لقضاء أمسية من الثرثرة غير المشروطة معها، أثناء احتساء الويسكي. تمتعت بأسلوب مذهل. كانت لعوباً ومضحكة وسخية. ولم تكن سهلة الخداع أو غبية بل استخفت بصفة “المرأة القوية” التي تلصق بالأدوار النسائية قبل أن تصبح رائجة حتى. لكن القوة هي الصفة التي كانت علماً عليها في كل الأدوار التي أدتها. فنساؤها كن معقدات ومخالفات وذكيات؛ من دور شيري بلير الذكية اللاذعة في “ذا كوين” (The Queen)، إلى دور النائب الماكرة المثيرة في سكايفول (Skyfall)، ورئيسة الوزراء الرائعة في رود كيل (Roadkill) من إخراج ديفيد هير. غير أنها تألقت بشكل خاص على خشبة المسرح. وكان آخر أدوارها المسرحية في عرض “ذا ديب بلو سي” (The Deep Blue Sea) لتيرينس راتيغان على خشبة المسرح الوطني في عام 2016. أسند إليها دور هيستر كولير التي تنتمي إلى الطبقة المخملية، وقد هجرت زوجها من أجل طيار متهور أصغر سناً وتبدأ المسرحية والميول الانتحارية تستحوذ عليها داخل شقة تتألف من غرفة واحدة صغيرة. لم ينجح أداؤها في إظهار التوق البائس لامرأة واقعة تحت رحمة شغف يائس فحسب، بل تمكنت من عكس الإدراك المؤلم بعبثية الوضع وأثره المدمر عليها كذلك. قبل سنتين من هذه المسرحية، قدمت على الخشبة نفسها شخصية ميديا العازمة بشكل مخيف والمأساوية، فدخلت مباشرة إلى العمق النفسي للشخصية بتركيز هائل وذكاء حاد ولماح جعلا مشاهدة أدائها متعة كبيرة. لعبت دور يلينا الشهوانية في الخال فانيا وآنا الساحرة في الزمن الماضي (Old Times) للمسرحي البريطاني هارولد بينتر. كما أدت في بدايات مسيرتها المهنية دور الليدي ماكبيث، وكم تمنيت لو أني شاهدتها. فهمت كيف يمكن لأصغر الحركات أن تنقل في أغلب الأحيان أقسى وأصعب المشاعر لكن حتى في أكثر حالاتها سكوناً على المسرح، ظلت أهم الممثلين، تضج كل ذرة من روحها حياة. لطالما شكل إدراك ضآلة حجمها في الواقع صدمة مفاجئة. أما صوتها- الدسم كالحلوى والحاد كالشظايا- فجعل من البديهي اختيارها لأداء أدوار النساء الثريات الضجرات (مثل The Late Middle Classes لسايمون غراي) لكن مهما كانت البشرة مصقولة ومشدودة، امتلكت ماكروري القدرة على فضح الأعصاب التي تختبئ تحتها. لم تحرز نجاحاً كبيراً في السينما، وأتساءل عن السبب: ربما لم تعتقد أن هوليود مناسبة لها، وربما فضلت العمل في المملكة المتحدة. كانت ممثلة غير متباهية على الرغم من صورها التي ظهرت من وقت لآخر بصحبة زوجها داميان لويس وهما بكامل أناقتهما، يضحكان دوماً وكانت من أفضل ممثلينا. بموتها، لا نحزن فقط لإنجازاتها العديدة لكن أيضاً على الأدوار التي كان بإمكانها تأديتها: كنت أحب أن أراها في دور كليوباترا. 52 عاماً فقط لا غير. يا لها من خسارة كبيرة. © The Independent المزيد عن: هيلين ماكروري/السينما البريطانية/ممثلة بريطانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post لماذا يعيش المصريون في حال انفصام مع تاريخهم القديم؟ next post كيف تستثمر في العملات المشفرة؟ You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.