إرنست همينغوي (1899 - 1961) بدايات كاتب كبير (ويكيبيديا) ثقافة و فنون همينغوي ابن طبيب ناجح وشغل شاغل لأم كرست له حياتها by admin 10 فبراير، 2025 written by admin 10 فبراير، 2025 11 طفولة متزمتة لم ينقذه منها سوى صيف كان يتيح له العيش كحيوان وحشي في غابة اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب لعل من الأمور التي تلفت النظر حقاً في تعامل قراء الكاتب الأميركي إرنست همينغوي (1899 – 1961) مع كاتبهم المفضل هذا، أنهم يتعاملون، عادة، مع سيرته خارج إطار طفولته والأعوام الأولى من صباه ليلتقطوه كاتباً معروفاً وغالباً بدءاً من تجوالاته الأوروبية، ولا سيما منها الباريسية. وحده صاحب “وداعاً للسلاح” و”العجوز والبحر”، من دون سائر الكتاب المجايلين له سواء كانوا أميركيين أو غير أميركيين، لا يسأله أحد من قارئيه عن أعوام ما قبل تكونه، وكأن سيرة تلك الأعوام بديهية من نافل القول ولا تحتاج إلى سؤال. وربما كان يشجع على ذلك، غنى حياته وامتلاؤها وقوة شخصيته وخصب مخيلته وروعة أدبه الذي يبدو أحياناً وكأنه كل حياته وسيرته. وعلى رغم ذلك فلا بد من العودة بين الحين والآخر إلى تلك الأعوام المبكرة التي يبدو أنه، هو نفسه، كان يفضل نسيانها أحياناً على رغم أن ليس فيها ما يستحق ذلك النسيان. وتحديداً بالنظر إلى أن من أجمل ما في هذا الكاتب أنه تجاوز بداياته ليصنع نفسه بنفسه ليس فقط كإنسان بل كذلك ككاتب، وكاتب كان مآله أن يفوز يوماً بجائزة “نوبل” الأدبية، وربما تحديداً لأن ما صنعه كان نقيضاً تماماً لكل ما كان من شأنه أن يكونه لو لم يفعل! الحياة البوهيمية في باريس بين الحربين العالميتين (أرشيف جامعة السوربون) أميركيون عاديون جداً أتى إرنست همينغوي من بيئة أميركية شديدة التزمت، بل حتى التدين والمحافظة، ويمكن القول إنها كانت بيئة بورجوازية فوق ذلك. ومن دون أن ننسى أن واحداً من أعمامه المقربين كان رجل دين توجه باكراً إلى الصين للتبشير بمذهب شديد التزمت، ولا بد من لفت النظر إلى أن أباه كان طبيباً نسائياً ناجحاً في عمله الذي يدر عليه مكاسب طائلة، وهو أمر لن تتوقف أم إرنست عن الشكوى منه طوال حياتها، إذ تعتبر نفسها ضحية للتزمت والثراء العائليين، وذلك لأنها كانت، منذ صباها الباكر، تريد أن تمتهن الغناء الأوبرالي ما تعارض، من ناحية، مع تزمت العائلة، ومن ناحية ثانية، مع واقع أن الأب الطبيب، لغناه، فضل لها أن تبقى ربة منزل لتشرف بنفسها على تربية الأطفال وإدارة شؤون العائلة. كان ذلك أمراً مريحاً بالنسبة إليها طبعاً، لكنها اعتبرته ظلماً كبيراً بخاصة أن الأسرة عاشت، خلال طفولة إرنست، في ضاحية بعيدة من شيكاغو أحست فيها، حتى إرنست نفسه، بالاختناق… وكاد ذلك الاختناق يدمر كل أحلامه لولا شيئان لن يتوقف عن ذكرهما كلما تحدث عن بداياته لاحقاً: أولهما أن فصول الصيف كانت تقوده وبقية أفراد العائلة إلى الغابات والبراري حيث يعيشون حياة ضارية، ممتعة، وثانيهما قراءته المبكرة لروايات عشقها سيقول دائماً إن في مقدمها رائعتي مارك توين “مغامرات توم صوير” و”هاكلبري فن”. وكانت تلك، على أية حال، مدرسته الحقيقية كما سيقول ويكرر بنفسه، وكانت ما أنقذه من الانغلاق الأسري الخانق. حب للحياة لا يضاهى ولقد تواكبت تلك “المدرسة” لديه مع شغف بالمغامرة وحب للحياة سنجدهما لاحقاً يهيمنان، ليس فقط على العقود التالية من حياته، بل كذلك على رواياته وقصصه واختياراته في مجال الكتابة. ومن هنا لن يكون غريباً حين اندلعت الحرب العالمية الأولى وراحت الولايات المتحدة تخوضها، أن يقرر المشاركة فيها من دون أن يدعوه أحد إلى ذلك، بل إنه كان راغباً في التوجه إلى أوروبا منذ بداية الحرب، كي تكون مشاركته أطول ما يمكن، وكان يريد أن يكون جندياً مقاتلاً لكن ضعف بصره حال بينه وبين ذلك. وهكذا ما إن حل عام 1918 وتم القبول به “بما يشبه المعجزة” كسائق سيارة إسعاف متطوع في صفوف الصليب الأحمر الإيطالي، حتى اندفع، من دون تردد، معتبراً وصوله إلى إيطاليا، أوائل يوليو (تموز) من ذلك العام، البداية الحقيقية لحياته، حتى وإن كانت تلك الحياة قد أصيبت بالنكسة الأولى يوم طاولته شظية قذيفة فيما كان يوزع السجائر والسكاكر عند الجبهة على الحدود النمسوية – الإيطالية، فأصيب بجرح بليغ في ساقه قاده إلى المستشفى حيث سيبقى ثلاثة أشهر سيروي لنا تفاصيلها بعد حين في روايته الكبرى “وداعاً للسلاح”، لكن تحوله إلى خوض الكتابة الأدبية لن يبدأ بالطبع مع هذه الرواية، حتى وإن كان قد تفاقم لديه خلال وجوده في المستشفى حيث دارت أحداث حقيقية هي التي يرويها في تلك الرواية. الرواية الأولى الحقيقية الواقع أن أعوام المستشفى لن تخلقه كروائي، فهو كان يحب أن يخوض الكتابة منذ ما قبل ذلك، بل منذ قرأ مارك توين في أعوام ما قبل مراهقته كما أشرنا، غير أنه كان يبقي الأمر أشبه بحديقة سرية في حياته. وفي المستشفى كان مطلوباً منه أن يتأقلم مع نوع جديد من حياة لا تترك مكاناً للمغامرات لديه، ومن هنا نراه ينكب على كتابة مقالات وتحقيقات لصحيفة كان قد سبق أن راسلها عبر مقالات عن الحرب هي “تورنتو ستار” التي راحت كتابته فيها تضحى أكثر وأكثر جدية ومتواصلة، ولا سيما بعدما انتهت الحرب ووجد نفسه في باريس منذ عام 1921 متزوجاً من امرأته الأولى هادلي ريتشاردسون، ويعتبر جزءاً معها من الحياة البوهيمية – الأميركية في عاصمة النور، كما سيروي هو لاحقاً في كتابه البديع “باريس عيد متواصل”، وسيتبعه وودي آلن في وصف ذلك الجو نفسه من خلال بعض أجمل مشاهد فيلمه “منتصف الليل في باريس” بعد ذلك بنحو قرن من الزمن، لكن هذه حكاية أخرى طبعاً، لكنه كان يشعر أن عليه أن يكتب شيئاً آخر تماماً، كان عليه أن يكتب… رواية، وكان يشجعه على ذلك صديقه الذي التقاه للمرة الأولى في باريس، الشاعر عزرا باوند، وصديقته الكاتبة جرترود شتاين، إضافة إلى المتأدبة الأميركية سيلفيا بيتش مؤسسة مكتبة “شكسبير ورفاقه” وسط العاصمة الفرنسية. ولكن ماذا يكتب؟ ولماذا يكتب؟ سؤالان شغلاه طويلاً، بخاصة أنه كان يشعر أنه لا يملك أسلوباً، ولا لغة على أية حال، كان كل ما يملكه حياة صاخبة عنيفة ورغبة صارخة في أن ينتج رواية أسوة بمن يفعلون ذلك! والحقيقة أنه كتب عند ذلك كثيراً، ولا سيما نصوصاً عديدة صدرت في مجموعتين نشرتا في كتابين لم يلفتا نظر أحد، حتى وإن كان قد ملأهما بنصوص حول تجارب تتعلق بالموت والحياة، وكان أول الكتابين “النهر الكبير ذو القلب المزدوج” والثاني “في زماننا”، الذي صدر في نيويورك عام 1925، غير أن كلا الكتابين مر مرور الكرام. وكاد همينغوي أن يستسلم لليأس ويتخلى عن حلمه الروائي، لولا ما سيسميه هو “تلك المعجزة الصغيرة”، التي لن تكون سوى روايته الكبيرة الأولى، “الشمس تشرق ثانية”، التي لا يدري كيف كتبها بسرعة قياسية لتصدر في عام 1926، بل إن همينغوي سيقول إنه لم يتنبه إلا لاحقاً إلى أنه قد استقى عنوانها نفسه من عبارة ترد في الكتاب المقدس، لكنه كان يعرف تماماً أنه إنما كتبها مستوحياً فيها تلك الحياة البوهيمية التي كان يعيشها في باريس خلال الحقبة الذهبية التي كانت فيها مدينة النور عاصمة للثقافة العالمية وبخاصة “مربط خيل” للجيل الضائع المؤلف من عشرات الكتاب الأميركيين الذين كانوا يصرون على أن خروجهم من محليتهم الأميركية الضيقة لا يمكنه أن يتم إلا عبر مرورهم بباريس وحول باريس، والحقيقة أن غرابة الموضوع وجاذبيته بالنسبة إلى كثر من القراء حول العالم، لعبتا دوراً أساساً في انطلاقة إرنست همينغوي كواحد من كبار كتاب القرن الـ20. المزيد عن: إرنست همينغويالحياة البوهيميةجائزة نوبل الأدبيةالغناء الأوبرالي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Trump will formally announce steel and aluminum duties Monday, including on Canada next post “سر الأسرار”… هل يكشف دان براون لغزه الأخير؟ You may also like «خلّ التفّاح» القاتل… تجرّعَته الضحية والجلّاد الدجّال 11 فبراير، 2025 بوب ديلان يتألق غناء وشعرا في فيلم “مجهول... 10 فبراير، 2025 “سر الأسرار”… هل يكشف دان براون لغزه الأخير؟ 10 فبراير، 2025 عبده وازن يكتب عن: “المساحات هشة” خريطة عاطفية... 9 فبراير، 2025 “إميليا بيريز” يفوز بجائزة “غويا” لأفضل فيلم أوروبي 9 فبراير، 2025 ديمي مور معجبة بأدائها في “الشبح” 9 فبراير، 2025 حكاية غريبة عن كنز فني رفضته الدولة الفرنسية 9 فبراير، 2025 «تجليات الفكرة المسيحية»… استكشاف عميق للعلاقة بين الفلسفة... 8 فبراير، 2025 الفنان الصيني المعارض آي ويوي: أنا متشائم 8 فبراير، 2025 دستويفسكي يتباهى بـ”اختراعه” كلمة روسية 8 فبراير، 2025