الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوبل بحفاوة بالغة لدى زيارته إلى العراق (رويترز) عرب وعالم هل بدأ انحسار النفوذ الإيراني في العراق؟ by admin 14 فبراير، 2025 written by admin 14 فبراير، 2025 26 مراقبون يرهنون تخلص بغداد من التبعية لطهران بمواقف وتحركات إدارة ترمب على الأرض اندبندنت عربية / صباح ناهي باحث وكاتب عراقي يجمع محللون ومفكرون عراقيون على أن التغلغل الإيراني في الجسد العراقي أضحى متجذراً، وأن أية محاولة للفصل بين مطامع طهران في بغداد والمطامح العراقية الشعبية على طرفي نقيض، بعد أن تبخرت أحلام أبناء بلاد الرافدين بتحقيق ديمقراطية حقيقية وازدهار في بلدهم يكفله دستور 2005. هذه الحال أضحت طاردة للملايين ممن ينشدون وطناً عراقياً حراً للجميع ينعمون فيه بعائدات بلادهم التي لا تعد ولا تحصى، حتى بات المثل الشعبي “العراق كالجمل يحمل ذهباً ويأكل شوكاً” يتردد على ألسنة الطبقات المسحوقة بالفساد وتهريب الثروة أمام أعينهم، بعد أن تماهت الطبقة السياسية على مدى ست وزارات متلاحقة لإرضاء إيران، الحليف والمهيمن على العائدات العراقية من خلال البنوك الحليفة التي تدار بواسطة سياسيين ونواب وميليشيات تعمل داخل الدولة وخارجها، ومرتبطة بأيديولوجيا ولاية الفقيه بحسب وصف سياسي مخضرم يراقب مشهد ومعطيات مزاد العملة في بغداد. نافذة بيع العملة وتؤكد بيانات البنك المركزي العراقي أنه باع من خلال نافذة بيع العملة خلال 20 عاماً وتحديداً بين عامي 2003 و 2024 ما مجموعه 813.1 مليار دولار أميركي سنوياً، وقفزت مبيعاته خلال عام 2024 وحده إلى 81 مليار دولار، وهذا أعلى مبلغ حوله البنك المركزي في تاريخ البلاد. وقال مدير “معهد غالوب” في العراق الباحث منقذ داغر إن تلك الأموال الهائلة تشكل نزفاً مستمراً لقدرات البلاد التي تذهب إلى بنوك غالبيتها تحت عقوبات الخزانة الأميركية التي تتهمها كونها واجهات سياسية لدعم الاقتصاد الإيراني ومدرجة على برنامج المقاطعة في واشنطن، وفي بعد آخر أغرقت البلاد في البضائع غير المنتجة في الداخل والتي تأتي من منشأ إيراني أو تركي، وتوقفت عجلة الإنتاج المحلية جراء عملية مقصودة وقسرية حالت دون أن يكون المجتمع العراقي منتجاً كما كان قبل عام 2003، ووقف آلاف المصانع والمعامل التي كانت تستوعب الطبقة العاملة وتحد من البطالة. استيراد حتمي من إيران وأبدى مراقبون عراقيون تعجبهم من أن غالبية الطاقة المستهلكة محلياً مثل الغاز والبنزين يجري استيرادها من شرق البلاد، في معادلة لا يفهما المواطن الذي يتساءل في الوقت نفسه كيف نستورد بنزيناً وغازاً ونحن ثاني أكبر بلد مصدر للنفط في الشرق الأوسط بمعدل 4 ملايين برميل يومياً؟ وبحسب المراقبين فإن الإدارة الحكومية ذات الغالبية الشيعية مجبرة على استيراد المنتجات النفطية الإيرانية جراء علاقة هيمنة ونفوذ طهران وأدواته الضاغطة التي تفرض تلك المعادلة لمساعدة إيران اقتصادياً وسياسياً، والإسهام العيني في فك العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية عليها. يتعجب عراقيون من استيراد بلادهم النفط من إيران على رغم مخزونها الهائل (رويترز) ورأى المراقبون أن كل هذه الأمور لم تكن لتحدث من دون سماح إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن الذي قبل في “أعوام العسل” باستيراد العراق للغاز والنفط الإيرانيين ومشتقاتهما، لكن كذلك بدأ في التوقف مع مجيء دونالد ترمب وسيجري إسدال الستار عليها قريباً بعد أن أصدر سيد البيت الأبيض الجديد قراراً يمنع بغداد من استيراد الطاقة من طهران، مع إدارة بوصلة تأمين وقود محطات إنتاج الكهرباء في بلاد الرافدين إلى السعودية والأردن ومصر. واستند المتابعون للشأن العراقي إلى أمر تنفيذي أصدره ترمب نصه “اتخاذ خطوات فورية بالتنسيق مع وزير الخزانة وغيره من الوكالات ذات الصلة لضمان عدم استخدام إيران للنظام المالي العراقي للهرب من العقوبات أو التحايل عليها، وعدم استخدام دول الخليج كنقطة شحن للهرب من العقوبات”، ولذلك ألغى البنك المركزي العراقي “مزاد العملة” بعد 20 عاماً من التهريب لإيران. قرار وقف مزاد العملة الباحث خلف محمد حمد من “جامعة تكريت” علق على أزمة مزاد العملة بقوله إنه “على رغم استخدام المزاد في غالبيته من قبل التجار لتغطية التعاملات التجارية والاقتصادية للقطاع الخاص من طريق المصارف التجارية، باعتباره الوسيلة الضامنة لتمويل الأنشطة الخارجية للقطاع الخاص، مثلت هذه الأداة المالية سياسة نقدية ذات تأثير في العلاقة بين عرض النقد والطلب عليه، ومع ذلك تُعتبر هذه الأداة مقارنة بالطرق الحديثة بدائية وقابلة للاختراق والتحكم”. وذكر حمد أن “ميكانيكية هذه السياسة تعتمد على سحب الدينار العراقي من السوق مما يقلل ضغط السيولة النقدية وتأثيرها في التضخم، والآن وبعد أكثر من 21 عاماً من عمل نافذة بيع العملة الأجنبية قرر العراق وبالاتفاق مع الجانب الأميركي إلغاء مزاد العملة بصورة تدرجية خلال عام 2024 وصولاً إلى الإلغاء الكامل بحلول نهاية العام الحالي، خصوصاً أن هذه الفترة منذ عام 2003 ظلت مليئة بالشكوك والتساؤلات والانتقادات حول آلية عمل هذه الأداة بصفتها من أدوات السياسة النقدية، فالبنك المركزي يبيع يومياً مبالغ كبيرة من الدولارات تتجاوز حاجة الاقتصاد العراقي إلى الاستيراد، بينما لا يعود منها كسلع وبضائع إلا بنسب لا تتجاوز 50 في المئة في أفضل الحالات”. تورط الأحزاب والجريمة المنظمة وفي الوقت نفسه قال رئيس “المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية” الباحث غازي فيصل إنه في ظل “هيمنة ونفوذ تنظيمات وأحزاب الإطار التنسيقي الذي يمثل الغالبية الشيعية في البرلمان، فلن تكون هناك أية فرصة حقيقية جدية لمراجعة السياسات الخاطئة التي اتبعت منذ عام 2006 حتى يومنا هذا في العلاقات العراقية – الإيرانية، إذ سكتت هذه الأحزاب وتورطت بعض القيادات مع شبكات الجريمة المنظمة لتهريب الدولار إلى طهران، والإصرار على ربط شبكات الكهرباء في العراق بالغاز الإيراني، وعدم بذل جهود جدية لإنتاج الغاز محلياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الذهاب إلى خيار التعاون مع ‘شركة هرمور’ في السليمانية التي تنتج الغاز العراقي، وهي اليوم شركة عملاقة تتعرض للقصف الصاروخي من قبل الكتائب المسلحة المتحالفة مع إيران لإرغام بغداد على الاستمرار بتبعية الطاقة الكهربائية للغاز الإيراني”. رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (صفحته على فيسبوك) وأشار فيصل إلى “ممارسة هذه الفصائل المسلحة تهديدات وابتزازاً، وهو ما أكدته تصريحات السفيرة الألمانية لدى بغداد عن تهديد الشركات الألمانية مثل ‘سيمنز’ وغيرها ,التي كان لديها مشاريع لتطوير قدرات إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية عبر استثمار الغاز وغيرها، ثم الصمت والتواطؤ وعدم بذل أي جهود حقيقية لمواجهة الجريمة المنظمة متمثلة في البنوك والشركات الوهمية التي زرعتها إيران وحلفاؤها في العراق بغية تهريب الدولار إلى طهران، علاوة على تحول البلاد إلى وسيط مخادع وشريك في التضليل والجريمة المنظمة لتهريب النفط الإيراني عبر أوراق عراقية”. وأعاد الباحث التذكير بـ “ممارسة إيران علناً عملية تزوير العملة العراقية التي جرى طرحها في السوق المحلية واستبدالها بدولارات أميركية، كما تشير التقارير الأميركية إلى أن هذه الدولارات المسحوبة من العراق توجه إلى تغذية مصانع الأسلحة والبرنامج النووي والتنظيمات المسلحة في المنطقة، إضافة إلى موازنة الحرس الثوري وغيرها”. حجم التبادل التجاري ويؤكد رئيس “المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية” أن حجم التبادل التجاري السنوي بين العراق وإيران وصل إلى 20 مليار دولار أميركي، مما يعني أن “بغداد انتهكت قرارات العقوبات الاقتصادية على طهران”، مضيفاً “نذكر هنا حين أودع العراق الطائرات المقاتلة والمدنية في إيران خلال عام 1991 أثناء المواجهة والحرب مع قوات التحالف الدولي، ثم امتنعت طهران لاحقاً عن إعادة تلك الطائرات بذريعة أن العراق تحت عقوبات البند السابع، واليوم باتت إيران تحت العقوبات لكن الأحزاب المتحالفة معها لا تزال تفتح أبواب العراق الاقتصادية والمالية على مصراعيها من أجل كسر عقوبات الغرب لأسباب عقائدية ومذهبية أيديولوجية”. وتابع، “هذا التحالف في الواقع غير منطقي فلا يمكن أن تكون بغداد حليفاً إستراتيجياً لواشنطن من خلال ‘اتفاق الإطار الإستراتيجي’ وفي الوقت نفسه حليفاً استراتيجياً لطهران التي تعتبر العدو الأول للولايات المتحدة، طبقاً لتصريح نائبة الرئيس الأميركي السابق كامالا هاريس، كما أن إيران من وجهة نظر أميركية تعد الراعي الأول للإرهاب وللمنظمات المتطرفة في العالم، وأرى أن بغداد أقحمت نفسها في سياسة وإستراتيجية مستحيلة لتحقيق التوازن بين كل من طهران وواشنطن، وعلى بغداد اليوم أن تختار بين العاصمتين”. مساران متناقضان بدوره رأى رئيس “مركز التفكير السياسي” وأستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعة بغداد إحسان الشمري أن الأمور أكثر تعقيداً في فهم إشكال التشابك بين العراق وإيران واحتمال فك الارتباط بين مصلحة المرشد ومصالح العراقيين، وقال “علينا أن نميز في الإرادة العراقية ما بين مساري السياسية والشعبية النخبوية، فبالنسبة إلى الإرادة السياسية أتصور أن الغالبية السياسية الموجودة حالياً تحكم قبضتها على البرلمان كسلطة تشريعية والحكومة كسلطة تنفيذية حليفة وقريبة جداً من إيران، ولذلك تجد من الصعوبة أن تخفض مستوى الهيمنة الإيرانية، وبالتالي فإن هؤلاء الحلفاء يعتقدون بأن استمرار الوجود الإيراني في الداخل العراقي يوفر لهم مزيداً من الحماية وعدم الملاحقة، بل إن المجموعة الشيعية تعبر هذا الوجود مصدر قوة سياسية لها يرسم لها المستقبل وضامن لذلك”. ويضيف الشمري أنه “في المقابل هناك إرادة شعبية تمثلها نخبة الشعب العراقي التي ترفض أن تتعرض بلاد الرافدين لمصير مشابه لما جرى لـ ‘حماس’ و’حزب الله’ أو حتى عودة الفوضى الأمنية والارتباك للبلاد نتيجة أية سياسات يمكن أن تتخذ، وهذه الإرادة الشعبية تندفع باتجاه الصعود للقرار العراقي غير المتأثر بإيران وصعود الهوية الوطنية على حساب الهويات الفرعية، وهذه جميعها موجودة حالياً لكنها لا تزال غير فاعلة قياساً إلى من يمتلك الإرادة السياسية”. حال ارتباك سياسية وبنظرة واقعية قال الباحث في “جامعة إكستر البريطانية” هيثم الهيتي إنه “لا توجد أية مؤشرات عراقية على إنهاء النفوذ الإيراني، بل يوجد ارتباك سياسي في بغداد بين جميع القوى السياسية، والسبب أن جزءاً أساسياً منها ربط نفسه ربطاً عضوياً بسياسية طهران، أما بقية الأطراف الحكومية فهي مجردة من الفعالية وتدير شؤون الدولة من دون الخروج عن القيود المفروضة من جانب الجهات الموالية لإيران، وعلاوة على ذلك هناك صمت سياسي واضح لدى ‘التيار الصدري’ وبعض القوى المدنية التي يمكن أن تفكر في العقوبات الاقتصادية الأميركية تجاه البلاد والتي قد تؤدي إلى انهيار بعض القوى السياسية المنافسة”. تحدث مراقبون عن ضخ إيران عملات عراقية مزورة لاستبدالها بملايين الدولارات (رويترز) ومضى الهيتي قائلاً “يجب أن ندرك أنه لا يوجد مشروع أميركي لتغيير النظام السياسي في العراق كما حصل عام 2003، بل هناك مشروع لتحييد المشروع النووي الإيراني، لكن سياسات واشنطن لتنفيذ ذلك تمر عبر بغداد مما يؤدي تلقائياً إلى تغير غير متوقع ومفاجئ، ولا ننسى هنا الاستعانة بالدول العربية وتركيا كبديل لإيران من الناحية الاقتصادية، بخاصة في ما يتعلق باستيراد الغاز، هو بمثابة قطع اقتصادي أميركي ليد طهران ومدّ للنفوذ العربي والتركي، وهذا عامل مضاف إلى احتمال تغير النظام أو في الأقل إضعافه بما يقلل النفوذ الإيراني”. الخيار الصعب وما بين هذا وذاك قال عميد كلية العلوم السياسية السابق محمد الأدهمي إنه “إذا كان ترمب جاداً في فرض الحصار الاقتصادي على إيران ولم يتراجع عن تهديداته، فإن هذا الأمر لن يكون سهلاً أمام الحدود العراقية – الإيرانية التي تمتد لـ 1300 كيلومتر، حيث يشكل فيها العراق من وجهة نظر السياسة الإيرانية تاريخياً الحديقة الاقتصادية الخلفية لطهران، أو ما يعرف بإيران الكبرى”. ومن هنا فإن حصار ترمب وبسبب الترابط العقائدي المذهبي، وخصوصاً لدى المؤمنين بولاية الفقيه من العراقيين الشيعة، لن يمنعهم من الوقوف إلى جانب إيران بأية طريقة ممكنة، وهم الآن يشكلون في المجتمع العراقي قوى اقتصادية مؤثرة لا يستهان بها، علاوة على الفصائل المسلحة المرتبطة بها، بحسب الأدهمي، الذي ختم حديثه بالقول “أعتقد أن العراق غير سوريا وما حدث في لبنان مع ‘حزب الله’ يجعلنا نفترض أنه وارد الحدوث في العراق”. المزيد عن: العراقإيرانالولايات المتحدةالعقوبات الأميركيةدونالد ترمبالغازالنفطالكهرباءالميليشيات المسلحة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سوريا تتسلم من روسيا مبلغا غير معلن بالليرة next post أسفار ويوميات ومخطوطات تحصد جوائز ابن بطوطة You may also like الرئيس اللبناني يندد بالهجوم على قافلة اليونيفيل في... 15 فبراير، 2025 تسليم 3 رهائن إسرائيليين في غزة بعد تجنب... 15 فبراير، 2025 مسؤول أمني إسرائيلي يؤكد الاستعداد للانسحاب من لبنان 15 فبراير، 2025 محاصرة “حزب الله” خلف غبار الاشتباكات الحدودية بين... 15 فبراير، 2025 غسان شربل في حوار مع مروان حمادة: حافظ... 15 فبراير، 2025 من هو سعد الحريري، نجل رفيق الحريري ووريثه... 15 فبراير، 2025 خدام: ماهر الأسد خدع رفيق الحريري قبل اغتياله…... 15 فبراير، 2025 سوريا تتسلم من روسيا مبلغا غير معلن بالليرة 14 فبراير، 2025 منير الربيع يكتب عن: اسرائيل “الشرهة” تدفع بترامب... 14 فبراير، 2025 الحريري يُعلن عودة تيار المستقبل للعمل السّياسيّ ورسالة... 14 فبراير، 2025