تيمورلنك مجتمعاً مع ابن خلدون عام 1401 (موقع التاريخ الإسلامي) ثقافة و فنون هكذا تدلى ابن خلدون من أسوار المدينة للقاء تيمورلنك by admin 15 مارس، 2025 written by admin 15 مارس، 2025 10 عن اللقاء الغريب بين صاحب “المقدمة” والعدو المغولي في معسكر بضواحي دمشق اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب لعل واحداً من القواسم المشتركة العديدة التي تجمع بين أفلاطون وابن خلدون، يتمثل في رغبة مشتركة بينهما في الدنو من السلطة، وأية سلطة على الإطلاق للمشاركة في ممارستها وبالتحديد كمستشار ناصح لمن هم أو من هو على رأسها. ولئن كنا نعرف كثيراً وبقلم الفليسوف الإغريقي نفسه، عن حكاية محاولته أن يكون ناصحاً لملك صقلية (كما جاء في الرسالة السابعة) فإننا لا نفتقر إلى حكايات كثيرة من هذا النوع تتعلق بصاحب “المقدمة”، من المؤكد أنها تلك التي يحدثنا عنها بنفسه في فصل طريف إنما عابق بالمرارة، من فصول سيرته الذاتية المعنونة اختصاراً “التعريف بابن خلدون”. هي تتعلق بلقاء جمعه بغازي البلاد الشامية حينها، تيمورلنك ملك المغول، الذي يسميه في نصه “تمر”. ويصف ابن خلدون ذلك اللقاء ضمن إطار ظروفه التاريخية منطلقاً من تحديده بأنه “لما وصل الخبر إلى مصر بأن الأمير تمر ملك بلاد الروم، وخرب سيواس، ورجع إلى الشام، جمع السلطان (في مصر حيث كان العلامة يعيش ويعمل) عساكره، وفتح ديوان العطاء، ونادى في الجند بالرحيل إلى الشام. وكنت أنا يومئذ معزولاً عن الوظيفة، فاستدعاني دواداره يشبك، وأرادني على السفر معه في ركاب السلطان، فتجافيت عن ذلك. ثم أظهر العزم علي بلين القول، وجزيل الإنعام فأصخيت، وسافرت معهم منتصف شهر المولد الكريم من سنة ثلاث”. البحث عن حلول وهنا يخبرنا ابن خلدون كيف وصل الركب إلى غزة ومن ثم إلى الشام وتحديداً دمشق، حيث “يئس الأمير تمر من مهاجمة البلد، فأقام بمرقب على قبة يلبغا يراقبنا ونراقبه أكثر من شهر، تجاول العسكران فيه مرات ثلاثاً أو أربعاً، فكانت حربهم سجالًا”. وهنا اجتمع أمر القضاء والعلماء على التواصل مع الغازي المغولي لإيجاد حل بدا مستعصياً لوضع يكاد يتأبد. وهكذا “خرج القاضي برهان الدين بن مفلح الحنبلي ومعه شيخ الفقراء في إحدى الزواية. فأجابهم قائد الأعداء “إلى التأمين، وردهم باستدعاء الوجوه والقضاة، فخرجوا إليه متدلين من السور بما صبحهم من التقدمة، فأحسن لقاءهم وكتب لهم الرقاع بالأمان، وردهم على أحسن الآمال، واتفقوا معه على فتح المدينة من الغد، وتصرف الناس في المعاملات، ودخول أمير ينزل بمحل الإمارة منها، ويملك أمرهم بعز ولايته.” تمثال ابن خلدون في مدخل القصبة بالعاصمة الجزائرية (موقع التاريخ الإسلامي) العلامة عند أسوار دمشق وهنا ينتقل ابن خلدون في حديثه إلى دوره الخاص في ما يحدث ليقول إن القاضي برهان الدين أخبره أن تيمورلنك سأله عنه، وهل تراه سافر مع عساكر مصر أو أقام بالمدينة، “فأخبره بمقامي بالمدرسة حيث كنت، وبتنا تلك الليلة على أهبة الخروج إليه، فحدث بين بعض الناس تشاجر في المسجد الجامع، وأنكر بعضهم ما وقع. وبلغني الخبر من جوف الليل، فخشيت البادرة على نفسي، وبكرت سحراً إلى جماعة القضاة عند الباب، وطلبت الخروج أو التدلي من السور، لما حدث عندي من توهمات ذلك الخبر، فأبوا علي أولاً، ثم أصخوا لي، ودلوني من السور، فوجدت بطانته عند الباب، ونائبه الذي عينه للولاية على دمشق، واسمه شاه ملك، فحييتهم وحيوني، وفديت وفدوني، وقدم لي شاه ملك، مركوباً، وبعث معي من بطانة السلطان من أوصلني إليه. فلما وقفت بالباب خرج الإذن بإجلاسي في خيمة هناك تجاور خيمة جلوسه، ثم زيد في التعريف باسمي أني القاضي المالكي المغربي، فاستدعاني، ودخلت عليه بخيمة جلوسه، متكئاً على مرفقه، وصحاف الطعام تمر بين يديه، يشير بها إلى عصب المغل جلوساً أمام خيمته، حلقاً حلقاً. فلما دخلت عليه فاتحت بالسلام، وأوميت إيماءة الخضوع، فرفع رأسه، ومد يده إلي فقبلتها، وأشار بالجلوس فجلست حيث انتهيت”، “ثم استدعى من بطانته الفقيه عبدالجبار بن النعمان من فقهاء الحنفية بخوارزم، فأقعده يترجم ما بيننا”. تقرير استخباري – علمي وحين سأل المغولي ابن خلدون من أين هو من المغرب؟ ولما جاء؟ أخبره العلامة بأندلسيته مخبراً إياه أنه ترك ولده بالمغرب الجواني كاتباً للملك الأعظم هناك. وخلال ذلك الحديث طلب تيمورلنك من محدثه أن يكتب له بالتفصيل حول تلك المناطق من العالم. فقال له ابن خلدون: يحصل ذلك بسعادتك، “وكتبت له بعد انصرافي من المجلس لما طلب من ذلك، وأوعبت الغرض فيه في مختصر وجيز يكون قدر 12 من الكراريس المنصفة القطع”. والمهم أن العلامة انتهز الفرصة ليخبر المغولي قائلاً “أيدك الله! لي اليوم 30 أو 40 سنة أتمنى لقاءك”.وما سبب ذلك؟ سأله الملك، “فقلت: أمران، الأول أنك سلطان العالم، وملك الدنيا، وما أعتقد أنه ظهر في الخليقة منذ آدم لهذا العهد ملك مثلك، ولست ممن يقول في الأمور بالجزاف، فإني من أهل العلم. وأما الأمر الثاني مما يحملني على تمني لقائه، فهو ما كنت أسمعه من أهل الحدثان بالمغرب، والأولياء، وذكرت ما قصصته من ذلك قبل. وهنا دار بين الملك والعلامة سجال تاريخي انتهى بهما إلى الصمت”، حتى جاءه الخبر بفتح باب المدينة، وخروج القضاة وفاء بما زعموا من الطاعة التي بذل لهم فيها الأمان، “فرفع من بين أيدينا، لما في ركبته من الداء، وحمل على فرسه فقبض شكائمه، واستوى في مركبه. وضربت الآلات حفافيه حتى ارتج لها الجو. وسار نحو دمشق، ونزل في تربة منجك عند باب الجابية، فجلس هناك، ودخل إليه القضاة وأعيان البلد، ودخلت في جملتهم، فأشار إليهم بالانصراف، وإلى شاه ملك نائبه أن يخلع عليهم في وظائفهم، وأشار إلي بالجلوس، فجلست بين يديه”. لقاء مع المهندسين والمخربين وإثر ذلك استدعى تمر أمراء دولته القائمين على أمر البناء، فأحضروا عرفاء البنيان المهندسين، وتناظروا في إذهاب الماء الدائر بحفير القلعة، لعلهم يعثرون بالصناعة على منفذه، فتناظروا في مجلسه طويلاً ثم انصرفوا، “وانصرفت إلى بيتي داخل المدينة بعد أن استأذنته في ذلك، فأذن فيه. وأقمت في كسر البيت، واشتغلت بما طلب مني في وصف بلاد المغرب، فكتبته في أيام قليلة، ورفعته إليه فأخذه من يدي، وأمر موقعه بترجمته إلى اللسان المغلي. ثم اشتد في حصار القلعة، ونصب عليها الآلات من المجانيق والنفوط والعرادات والنقب، فنصبوا لأيام قليلة 60 منجنيقاً إلى ما يشاكلها من الآلات الأخرى، وضاق الحصار بأهل القلعة، وتهدم بناؤها من كل جهة، فطلبوا الأمان. وكان بها جماعة من خدام السلطان ومخلفه، فأمنهم السلطان تمر، وحضروا عنده. وخرب القلعة وطمس معالمها، وصادر أهل البلد على قناطر من الأموال استولى عليها بعد أن أخذ جميع ما خلفه صاحب مصر هناك، من الأموال والظهر والخيام، وأطلق أيدي النهابة على بيوت أهل المدينة، فاستوعبوا أناسيها وأمتعتها، وأضرموا النار في ما بقي من سقط الأقمشة والخرثي، فاتصلت النار بحيطان الدور المدعمة بالخشب، فلم تزل تتوقد إلى أن اتصلت بالجامع الأعظم، وارتفعت إلى سقفه، فسأل رصاصه، وتهدمت سقفه وحوائطه، وكان أمراً بلغ مبالغه في الشناعة والقبح”. سجالات سياسية فقهية ويختم ابن خلدون حديث تلك اللقاءات بقوله: “وكان أيام مقامي عند السلطان تمر، خرج إليه من القلعة يوم أمن أهلها رجل من أعقاب الخلفاء بمصر، من ذرية الحاكم العباسي الذي نصبه الظاهر بيبرس، فوقف إلى السلطان تمر يسأله النصفة في أمره، ويطلب منه منصب الخلافة كما كان لسلفه. فقال له تمر: أنا أحضر لك الفقهاء والقضاة، فإن حكموا لك بشيء أنصفتك فيه. واستدعى الفقهاء والقضاة، واستدعاني فيهم، فحضرنا عنده وحضر هذا الرجل الذي يسأل منصب الخلافة، فقال له عبدالجبار: هذا مجلس النصفة فتكلم. فقال: إن هذه الخلافة لنا ولسلفنا، وإن الحديث صح بأن الأمر لبني العباس ما بقيت الدنيا. وإني أحق من صاحب المنصب الآن بمصر، لأن آبائي الذين ورثتهم كانوا استحقوه”. فاستدعى عبدالجبار كلاً منا في أمره، فسكتنا برهة، ثم قال: ما تقولون في هذا الحديث؟ فقال برهان الدين بن مفلح: الحديث ليس بصحيح. واستدعى ما عندي في ذلك فقلت: الأمر كما قلتم من أنه غير صحيح. فقال تمر: فما الذي أصار الخلافة لبني العباس إلى هذا العهد في الإسلام؟ وشافهني بالقول، فقلت: أيدك الله! اختلف المسلمون من لدن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، هل يجب على المسلمين ولاية رجل منهم يقوم بأمورهم في دينهم ودنياهم، أم لا يجب ذلك؟”، وهكذا إلى آخر الحكاية المعروفة. المزيد عن: أفلاطونابن خلدونتيمورلنكالمغولبلاد الروم 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “سليبماكسينغ”… رحلة خطيرة بحثا عن نوم هانئ next post لماذا ركز حفل الأوسكار على بوند وترك لينش على الهامش You may also like سمير قسيمي يجعل من السلحفاة بطلة نسائية 15 مارس، 2025 لماذا ركز حفل الأوسكار على بوند وترك لينش... 15 مارس، 2025 رائد الكوميديا المغربية محمد الجم يعود الى التلفزيون 15 مارس، 2025 “حكي العوام” لشربل داغر: خريطة الأدب الجينية 15 مارس، 2025 “نزوى” العمانية : يحيى الناعبي في حوار (الفكر... 15 مارس، 2025 بعد 25 عاما من “أسنان بيضاء”… زادي سميث... 14 مارس، 2025 روائية استرالية تحاكم فيرجينيا وولف في لعبة تخييلية 14 مارس، 2025 توماس مان يتلمس صعود الفاشية بين زعيم مخادع... 14 مارس، 2025 الرسامة رباب نمر رحلت في غيوم الأبيض والأسود 14 مارس، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: ثلاث قطع نحتية من... 12 مارس، 2025