ثقافة و فنونعربي نيتشه سحرته الحياة بجمالاتها فسعى إلى تحريرها من القيود by admin 24 يونيو، 2021 written by admin 24 يونيو، 2021 49 ما برح صاحب اللمعات الوهاجة والشذرات النارية يلهم الأدباء ويستنهض الفلاسفة ويجالس الفنانين اندبندنت عربية \ مشير باسيل عون مفكر لبناني ما عرف تاريخ الفلسفة شخصية جدلية توازي في قدرتها على الاستثارة الحية والاستفزاز المنعش شخصية الفيلسوف الألماني فريدريش ڤيلهلم نيتشه (1844-1900). بعد انقضاء ما يزيد على 120 عاماً على وفاته، ما برح صاحب اللمعات الوهاجة والشذرات النارية يلهم الأدباء ويستنهض الفلاسفة ويجالس الفنانين وينادم أهل الطرب الوجداني وعشاق الحرية الذاتية. في سن الـ 24 عيّن نيتشه أستاذ فقه اللغة (الفيلولوجيا) في جامعة بال السويسرية، من غير أن يؤلف أطروحة في الدكتوراه. بفضل حدة ذكائه وتشربه الآداب اليونانية واللاتينية، استطاع أن يفسر تفسيراً جديداً الإرث السقراطي الأفلاطوني برمته. أغلب مقابساته في زمن الشباب كان يستلها من أعمال أديبي المسرح التراجيدي اليوناني إسخيلوس (توفي حوالى 456 ق.م.) وسوفوكليس (توفي حوالى 406 ق.م.). وما لبث أن تأثر تأثراً بالغاً بفكر شوبنهاور السويدائي (1788-1860). آثر الاعتزال والتقاعد في سن الـ 35، متعللاً بوهن جسدي ونفسي جسيم، فأتاحت له النقاهة المبكرة هذه أن ينعم بسنوات خصبة من الإنتاج الفلسفي الذي قل نظيره في فضاء الثقافة الأوروبية الحديثة. كان يمتع نظره بمشاهد جبال الألب السويسرية الخلابة، فيستلهمها شموخ النظر وأنفة النفس وعلو العزم. طوى السنوات الـ 10 من حياته في صمت بليغ، يداعب بين الحين والآخر مماسك البيانو يعزف بها من المقطوعات الموسيقية ما يذكره بعشقه الأول وتيتمه الشديد بالموسيقي الألماني المبدع ڤاغنر (1813-1883)، وذلك قبل أن تستبد بعلاقتهما القطيعة التراجيدية التي فصلته عنه. شهيرة التأويلات المغرضة التي ساقتها شقيقته حين أبرزت مقولة إرادة الاقتدار في حلة مشوهة تلويها لوياً يلائم إيديولوجيا النازية. وكان نيتشه في سنواته الأخيرة عاجزاً عن إنهاء كتابه الأخير في الاقتدار، من بعد أنهكه الجنون المبكر. العود الأبدي نيتشه بريشة الرسام إدوارد مونخ (متحف مونخ) أخذ عن الرواقيين صورة العود الأبدي، فأبان أن الحقائق الكونية كلها لا تني تتكرر من جيل إلى جيل، وقد اكتسبت رونق الإبداع الذي ينجزه الإنسان الأعلى. في كتاب “ولادة التراجديا”، يقرع نيتشه عقلانية سقراط التي أفقدت الفكر الإنساني حيوية البدايات الإغريقية الأولى، وجرأة الاقتحامات الوجدانية الفتاحة. في كتاب “الفجر”، يندد بفجور الوجود الإنساني، ويتفحص أعماق النظريات الأخلاقية التي تنتهك حرية الوجدان الذاتي. في كتاب “إنساني مسرف في إنسانيته”، يحتفي بمئوية ڤولتر، ويكب على استطلاع أصول القيم الأخلاقية، فيعتمد أسلوب الشذرات المقتضبة، ويخاطب أهل الفكر الحر في الأرض الذين يجرؤون على مساءلة أسس الحضارة الأوروبية، لا سيما في أصولها المثالية الأفلاطونية. فإذا به يقسو على العمارات النظرية الماورائية الغيبية، ويعتمد منهجية نقدية تستند إلى التأويل المفتوح ونسبية التناولات، أما في كتابه الأشهر، “هكذا تكلم زرادشت”، فإنه يحث الإنسان على الوثوق بإرادته الخلاقة التي تحرره من سلاسل العبودية، ذلك أن الإنسان ينبغي أن يحقق ما اكتنز به كيانه من طاقات وإمكانات وقابليات: “إن ما يبحث عنه المبدع إنما هو الرفاق، لا الجثث ولا القطعان ولا المؤمنون. إنه يبحث عن مبدعين يشبهونه، ينحتون قيماً جديدة على ألواح جديدة”، وعليه، ينبغي لكل إنسان أن ينتقل من طور الجمل الخانع إلى طور الأسد الثائر، ليبلغ طور الطفل الخلاق الذي يبدع من عندياته، غير مكترث بالنماذج السابقة والأعراف المعتمدة والإنجازات المألوفة. كتاب زارادشت بالفرنسية (دار غاليمار) لا عجب أن تسحر فلسفة نيتشه الناس وتجذبهم إلى حديقته الغناء، فما السبب الذي يدفع أهل الفكر والفن إلى قراءة أعماله والاستمتاع بشذراته والتأمل في مطالبه الثورية؟ أفهو جنون عبقريته التي ألهمته أن يعلن أنه ولد بعد مماته، أي قبل أوانه؟ أم أسلوبه الإنشائي المشرق، المحكم السبك، المنسوج كاللؤلؤ في التعبير الإيحائي والإيجاز النفيس؟ أم تجرؤه على أصول الفكر الإنساني وانتقاده الدين والغيب والماوراء وكل ضروب الأيديولوجيات التي تقيد الإنسان في كهوف عقائدها؟ أم غوصه على أعماق الوجدان الإنساني يعريه من ضلالاته وعقده والتباساته ومراوغاته ومناوراته؟ سحر الحياة الثابت أن الحياة سحرت نيتشه بنوازعها وميولها وطاقاتها واستثاراتها وإغواءاتها، فافتتن بجمالاتها المنحجبة وشغف بوعودها المطوية، فإذا به ينذر نفسه وفكره من أجل تحريرها من سلاسل الاعتبارات الغيبية، والترتيبات الأخلاقية والانتظامات الاجتماعية والانقيادات السياسية. سبيله إلى ذلك التفجير والهدم والاقتلاع، ومنهجه التأويل التعددي النسبي المتحرك المنفتح. أساس فكره عشق الحياة والولع بالحرية وامتداح الإبداع، لذلك أكب يفضح الأصول الإنكارية المكتومة في تضاعيف الحضارة الأوروبية. من آثار هذه الحضارة الأنظومة الفكرية التي شيدها أفلاطون، وبها انتزع الإنسان من حضن الحياة الملتهبة في معترك الوجود، تحركه طاقات الجمال المرتسمة على محياها، وغرائز الفن المتقدة في أتونها، ونوازع الاستطابة الكيانية في ملء مذاقاتها. يضع نيتشه على لسان زرادشت القول الأليم هذا، “يا للأسف! عرفت أناساً نبلاء فقدوا أملهم الأسمى، فإذا بهم يذمون كل الآمال الرفيعة”. كتاب بالترجمة العربية (دار التنوير) يستهوي الناس هذا الفكر الذي عرى الأخلاق من الألبسة المزيفة التي تجعل الإنسان يلتحف بها خوفاً من عظمة ذاته الخلاقة، فالقيم التي تنادي بالرأفة والشفقة والرضوخ والتسليم إنما تدين الأحرار والأقوياء والمبدعين، وتعظم العبيد والضعفاء والكسالى المتقاعسين عن ذواتهم. إنها قيم مزيفة تدعي زرع السلام والطمأنينة والأمان في قلب الإنسان، في حين أنها تكبل الإنسان وتحرمه من ملذة الافتتان والنبوغ والإبداع. الدين، في رأي نيتشه، ذريعة يستغلها الإنسان الضعيف لكي يتعامى عن أسباب ضعفه، ويسوغ الألم والبؤس والخنوع. في هذه القيم تنحجب روحانية القهر الذاتي، والتقشف المرضي، والحرمان المفتعل، فإذا بالإنسان المتدين يخفي في لاوعيه رغبة دفينة في الانتقام من الحياة والثأر من الأقوياء. لا يتردد نيتشه في ربط الأخلاق العامة بأصولها الدينية الغيبية الماورائية هذه، فيعلن أن هذه الأخلاق تفتقر إلى العظمة والنبل والفيض العطائي جراء هيمنة الأديان على الأخلاق، انطفأ في الإنسان الخفقان الإبداعي، وانقبضت فيه الطاقات الخلاقة فطفق الناس ينحنون ذلاً وهواناً. ينتقد نيتشه المسيحية التي نشأ في حضنها، ويعيب عليها سوق الإنسان إلى الخضوع والطاعة والانصياع، عوضاً عن تعزيز قيم الافتخار والأنفة والمواجهة المناضلة. ندرة من الفلاسفة رشقوا المسيحية من باب ضعفها، وكثرة منهم لاموها على جبروتها، أما نيتشه فإنه يقرع المسيحية على أفلاطونيتها، وينتقد في الأخلاق المسيحية روح الخضوع والثأرية المرجأة إلى يوم القيامة. الإنسان الأعلى ومن ثم، فإنه يهاجم الأنظومة المسيحية هجوماً عنيفاً حاداً، ويحملها مسؤولية إضعاف الإنسان وتجريده من مصادر قوته الوجدانية، ولكنه أيضاً يعيب على الإنسان أنانيته المفرطة ومنفعيته الجوفاء. الإسراف المقيت في الإنسانية يفضي بالإنسان إلى التفاهة والانحلال، لذلك لا بد من إنسان أعلى يتجاوز وضعية المراءاة المنحطة والمراوغة الأنانية لكي يبلغ مرتبة الاستقلال والحرية، والقدرة على ابتكار الذات المنعقتة من قيود القيم والنواميس والقوانين والأحكام. قيمة الإنسان في إرادته المقتدرة التي تنحت الحياة من صلب الوجود، ذلك بأن ماهية الإنسان تكمن في رغبته الشديدة في تجاوز ذاته تجاوزاً اقتدارياً وابتكارياً، إذ لا يزهر الكيان الإنساني إلا على قدر ما يغترف ملء الانبساط والنمو من صميم التفور الحياتي الدفاق. بفضل إرادة الاقتدار ومثال الإنسان الأعلى يستطيع الإنسان أن يتغلب على محنة العدمية السلبية التي تضرب في أعماق الحضارة الأوروبية السقراطية الهوى الأفلاطونية الوهم. في هذا السياق، لا يتورع نيتشه عن مناهضة كل الأنظومات الفكرية التي تساوي بين الناس مساواة الابتذال والتفاهة، لذلك كانت الديمقراطية في نظره سبيل الثأر الذي ينتهجه الضعفاء العاجزون الذين لا يؤمنون بعظمة الحياة ومتطلبات الحرية الذاتية والنبوغ الاستثنائي. يفسر نيتشه نشأة التراجيديا الإغريقية في التكاملية المصيرية الناشطة بين أبولون، إله التخيل والموسيقى والرقص والحقيقة والنبوة والاعتلال والصحة، وديونيسيوس، إله الكرمة والخمرة والخصوبة والجنون الإبداعي والمسرح والنشوة الدينية. تقضي هذه التكاملية بأن يقبل الإنسان العالم على علاته بأفراحه وأتراحه وامتلاءاته وثغراته وانفتاحاته وانسداداته، ذلك بأن الوجود الإنساني مفطور على المأساة من جراء انعقاده على اقتران اللذة بالألم والأمل باليأس والنباهة بالتفاهة. الإنسان الناضج هو الذي يرضى بما قسمه الدهر له، فلا يبحث عن تعزيات وهمية تزينها له الأدبيات العقلانية التي أفرزتها أعمال أديب التراجيديا الإغريقية أريبيذيس (توفي 406 ق.م.) الذي رسم للإنسانية سبيلاً مزهراً من التفاؤل يتيح للإنسان أن ينعتق وهمياً من أثقال الوجود التاريخي. تظل الأوهام، على سحرها أوهاماً مؤذية، إذ إن “الحقائق أوهام أنستنا أنها أوهام”. حتى الاقتناعات الذاتية الثابتة تضر بالسلامة الذهنية، “إن الاقتناعات أعداء الحقيقة يفوق خطرها خطر الأكاذيب” (إنساني مفرط في إنسانيته). أعتقد أن مثل الفكر الإبداعي الجريء هذا يمنح الإنسان قدرة فائقة على الاضطلاع بمسؤولية حياته ومراعاة فرادته واستثمار إرادته وإغناء كيانه كله، غير أنه لا يناسب طبيعة الاجتماع الإنساني الذي يستلزم الانضواء إلى هيئة رمزية مشتركة، والقبول بأحكام المعية الضابطة والمشاركة الناظمة في تدبر شؤون المدينة الإنسانية. حين يعلن نيتشه أن “ما يصنعه المرء عن حب إنما يصنعه بما يتجاوز الخير والشر”، فإنه يذكرنا بقول القديس أوغسطينوس (354-430) الذي حرض الإنسان على أن يحب ويفعل ما يشاء. فكما أن الحب الأوغسطيني لا يلائم بنية الانتظام في الشريعة الإنسانية، كذلك الحب النيتشوي لا يطيق الانصياع لناموس الوجود الإنساني العادي، ولذلك أظن أن فكر نيتشه يصلح للنخبة المؤمنة بانفجار الحياة في وجدان الأفراد القلائل الذين يجرؤون على تخطي الهيئة المألوفة من الوجود الإنساني من أجل ابتداع أنماط جديدة لم يتعودها الناس، ومع ذلك يظل الخيط الفاصل بين العقل والجنون خيطاً دقيقاً لا يعاينه إلا أهل البصيرة المتقدة، “ثمة على الدوام قدر ضئيل من الجنون في الحب، ولكن هناك أيضاً على الدوام قدر ضئيل من العقل في الجنون” (هكذا تكلم زرادشت). المزيد عن: فلسفة\السؤال الفلسفي\الحياة\الجمال\الإنسان\المواجهة\الأخلاق\الإنحطاط 30 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post 150 دولة تجرّم “الاغتصاب الزوجي”.. ضحيّة واحدة دفعت بريطانيا لتغيير قوانينها next post سماسرة يستغلون قضايا اعتقال لطلب أموال من عائلات سورية You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 30 comments builder floor in gurgaon 24 يونيو، 2021 - 12:39 م BUILDER FLOOR IN GURGAON Getting your own home is inarguably everyone’s dream. Does not matter if it is a small apartment or a giant condominium, everyone loves being in their own home. Our luxury builder floor in Gurgaon are one of the best deals when it comes to providing you with abundant personal space with a little bit extra just for you. Our pieces of property in Gurgaon boast of a number of luxurious facilities besides the basic amenities which along with our trustworthy 24×7 security staff ensure that our residents are provided with utmost comfort. We have also provided some other amenities such as children’s park, cycling and jogging track to ensure that we meet the needs of all our customers. With Gurgaon being a city that holds millions of opportunities a number of people turn towards it every year. Our builder floor ensure that these people get to experience the spirit of the city while having the best standard of life that the city has to offer. Our properties are located in some of the best locations in the city, offering the best infrastructure that the city has to offer. With an increase in number of people, real estate is booming with a plethora of apartments under construction occupying the city skyline. Whenever, we look for homes, we always seem to prefer our privacy so as to spend our valuable time with our family. This has become increasingly important considering the busy daily life of the modern day. However, this like utopia getting a perfect home seems more like a compromise. More often than not, there is a compromise between location and peace of mind. Dealing with lousy neighbours also becomes an important issue. INDEPENDENT FLOOR IN GURGAON An independent floor in Gurgaon gives you the much needed privacy to spend those precious moments with your loved ones. Lousy neighbours are out of the question since you occupy the entire floor. You get the complete freedom to design your home making compromises a thing of the past. This means the perfect space for yourself and your family. When you are planning your own home, the location also is a very important factor. Many of us dream of living in the fast paced city life, enjoying the culture of the city. Gurgaon is one of the most developed cosmopolitan cities in the country. With a number of shopping malls, luxury outlets, high rise buildings, cuisines, cultures, Gurgaon could be considered as an ideal city to live in India. With more and more people from various cultures moving moving into the city everyday, Gurgaon is a meeting pot of various cultures. Some might even call it as the best city to live for youngsters in India. In this case, an independent builder floor in Gurgaon will put you in the centre of all the action. https://www.builderflooringurgaon.in Reply vtvk+ 24 يونيو، 2021 - 12:40 م Hi Dear, are you in fact visiting this site on a regular basis, if so then you will without doubt get fastidious experience. Reply Oliver 24 يونيو، 2021 - 1:37 م My relatives all the time say that I am wasting my time here at web, however I know I am getting knowledge all the time by reading such pleasant articles or reviews. Look into my web page; 2 rochii elegante (Oliver) Reply slot 88 24 يونيو، 2021 - 2:20 م Hello there, You’ve done a fantastic job. I’ll certainly digg it and personally suggest to my friends. I’m sure they’ll be benefited from this web site. Reply казіно 24 يونيو، 2021 - 2:21 م With havin so much content and articles do you ever run into any issues of plagorism or copyright infringement? My website has a lot of unique content I’ve either authored myself or outsourced but it appears a lot of it is popping it up all over the web without my permission. Do you know any methods to help reduce content from being ripped off? I’d really appreciate it. Reply Opal 24 يونيو، 2021 - 2:54 م It is in point of fact a nice and useful piece of info. I’m satisfied that you just shared this helpful info with us. Please keep us informed like this. Thanks for sharing. Reply fun88 24 يونيو، 2021 - 3:22 م Its like you learn my thoughts! You seem to grasp so much about this, such as you wrote the book in it or something. I feel that you can do with some percent to force the message home a little bit, however instead of that, that is excellent blog. A great read. I will certainly be back. Reply Tabitha 24 يونيو، 2021 - 3:27 م I’m not sure why but this web site is loading very slow for me. Is anyone else having this problem or is it a problem on my end? I’ll check back later on and see if the problem still exists. Tabitha Reply betflix 24 يونيو، 2021 - 3:31 م เว็บตรง เว็ปพนัน และการเล่นพนันยุคใหม่ เปิดแล้วชั้นนำปี 2021 ด้วยระบบเติม – ถอน AUTO ที่รวบรวมเอาเว็บสล็อตและคาสิโน ยอดนิยมมาไว้ที่นี่เพื่อความสนุกของสมาชิก เพียงสมัครสมาชิกสมัครเปิดยูสเดียว ท่านสามารถเลือกเล่นสล็อต เกมยิงปลา และคาสิโน จากหลายๆเกมสล็อตดัง จากบริษัทเกมโดยตรงกว่า 15 เกมสล็อต ยกตัวอย่าง เช่น Qtech, PGslot, JokerGaming, NETENT, PlayStar, PP PragmaticPlay, BPG BluePrint และนี่คือเป็นเพียงหนึ่งจากบริษัทสล็อตชื่อดังทั้งหมดไทยและเทศ อีกทั้งยังสามารถเข้าแทงคาสิโนสด บาคาร่าออนไลน์ เสือ-มังกร และเกมไพ่เดิมพันแนวต่าง จากค่ายดัง เช่น SA Gaming, SexyGaming, WM Casino, ดีจี, Sexy Baccarat โดยบริษัทได้รวบรวมทั้งหมดนี้ มารวมไว้ที่เดียว ที่ BETFLIX มีระบบออโต้ที่รวดเร็ว ระบบสมาชิกที่ใช้งานง่าย และเล่นได้ทุก Platform ทั้ง คอม, IOS, Android อีกด้วย Reply news.eleoem.com 24 يونيو، 2021 - 3:44 م I really like reading through a post that will make men and women think. Also, many thanks for permitting me to comment! 古聖40k Look into my web-site :: 林雪梅 (news.eleoem.com) Reply พิชิตจุดหมายกันครับ 24 يونيو، 2021 - 3:45 م When I originally commented I clicked the “Notify me when new comments are added” checkbox and now each time a comment is added I get four emails with the same comment. Is there any way you can remove people from that service? Bless you! Reply fake taikhoanvip.net malicious 24 يونيو، 2021 - 3:55 م Taikhoanvip.net là website lừa đảo, tôi đã bị website này lừa 60K tiền sau khi mua sử dụng gói dịch vụ của họ tuy nhiên họ đã k làm đúng như cam kết. sau khi tôi thanh toán tiền xong đã k nhận được bất kỳ dịch vụ nào của họ, tôi đã cố gắng liên hệ nhưng k được. cảnh báo mn tránh xa website lừa đảo Taikhoanvip.net này ra. Reply starvegas game 24 يونيو، 2021 - 4:19 م Wonderful blog! I found it while browsing on Yahoo News. Do you have any tips on how to get listed in Yahoo News? I’ve been trying for a while but I never seem to get there! Cheers Reply menambah followers instagram 24 يونيو، 2021 - 4:34 م You ought to be a part of a contest for one of the greatest websites online. I most certainly will highly recommend this site! Reply sites.google.com 24 يونيو، 2021 - 4:50 م I’ve been browsing online more than three hours lately, yet I by no means found any fascinating article like yours. It is pretty price sufficient for me. Personally, if all webmasters and bloggers made excellent content as you probably did, the web will probably be much more useful than ever before. Reply Cialis Sale 24 يونيو، 2021 - 5:10 م Article writing is also a fun, if you be familiar with then you can write if not it is complicated to write. Reply Judi Slot 24 يونيو، 2021 - 6:14 م My partner and I stumbled over here by a different web page and thought I might check things out. I like what I see so now i am following you. Look forward to exploring your web page for a second time. Reply Vp Globe ø40 Messing 24 يونيو، 2021 - 6:49 م Thanks for the auspicious writeup. It actually was once a amusement account it. Glance complicated to more brought agreeable from you! By the way, how can we keep in touch? Reply Flos 2097/30 weight 24 يونيو، 2021 - 6:55 م Hi there! I just wanted to ask if you ever have any trouble with hackers? My last blog (wordpress) was hacked and I ended up losing months of hard work due to no data backup. Do you have any methods to prevent hackers? Reply 핸드폰결제 24 يونيو، 2021 - 7:00 م What a material of un-ambiguity and preserveness of precious knowledge concerning unpredicted emotions. Reply coşkun çetin kimdir 24 يونيو، 2021 - 7:09 م Bilişim sektöründeki atılımlarıma 2005 yılında amatör olarak projelendirdiğim ve 2007 yılında profesyonel olarak kurduğum MegaTR Host firmasıyla başlayıp, 2013 yılında R10.Net’in büyük çoğunluktaki hisselerini alıp yönetim kurulu başkanı olarak devam ettim.. 2018 yılı başında resmi olarak Türkiye’nin en büyük Webmaster Platformu olan R10.Net’in kalan bütün hisselerini alarak tek sahibi durumuna geldim ve R10’u geliştirmeye devam ettim. Reply เทคนิคบาคาร่า 24 يونيو، 2021 - 7:14 م This website certainly has all the info I needed about this subject and didn’t know who to ask. Reply trump 666 illuminati 24 يونيو، 2021 - 7:39 م Wow, marvelous blog layout! Ηow long have you Ƅeen blogging fⲟr? yoou makе blogging ⅼook easy. Тhe oversll lоok of үoᥙr website is wonderful, as well as thе сontent! Feel free t᧐o surf to mmy site trump 666 illuminati Reply 토토사이트 24 يونيو، 2021 - 8:44 م Hi there every one, here every person is sharing these kinds of familiarity, therefore it’s nice to read this weblog, and I used to pay a visit this webpage all the time. Reply Website55 24 يونيو، 2021 - 8:48 م Magnificent goods from you, man. I have bear in mind your stuff prior to and you’re simply extremely excellent. I actually like what you have bought here, certainly like what you are saying and the best way in which you are saying it. You make it enjoyable and you still take care of to stay it wise. I cant wait to read far more from you. That is actually a terrific site. Reply hbomax/tvsignin 24 يونيو، 2021 - 9:18 م Hello, i feel that i noticed you visited my site so i got here to return the prefer?.I’m attempting to find issues to enhance my site!I guess its ok to use some of your ideas!! Reply takipci satin al 24 يونيو، 2021 - 9:34 م What’s up mates, its fantastic post concerning educationand fully explained, keep it up all the time. Reply ppslot 24 يونيو، 2021 - 9:38 م It is perfect time to make some plans for the future and it’s time to be happy. I have read this post and if I could I desire to suggest you some interesting things or tips. Perhaps you could write next articles referring to this article. I wish to read even more things about it! ppslot Reply w88hello 24 يونيو، 2021 - 9:54 م Hi just wanted to give you a quick heads up and let you know a few of the images aren’t loading properly. I’m not sure why but I think its a linking issue. I’ve tried it in two different browsers and both show the same results. Reply ทางเข้า fun 88 7 أغسطس، 2021 - 4:47 م When some one searches for his required thing, thus he/she desires to be available that in detail, so that thing is maintained over here. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.