ثقافة و فنونعربي نوال السعداوي وظفت الكتابة لصالح النضال الإنساني الشامل by admin 22 مارس، 2021 written by admin 22 مارس، 2021 56 واجهت مجتمع الاستبداد الذكوري بجرأة نادرة وأدرجت في قائمة المطلوبين اندبندنت عربية / سيد محمود باحث مختص في الشأن الثقافي رحيل الكاتبة المصرية الشهيرة نوال السعداوي عن عمر ناهز الـ90 عاماً، أعاد إحياء حدة الاستقطاب الفكري في شأن تقييم إنتاجها وأدوارها في الثقافة العربية. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات من الهجوم المتبادل بين مؤيدي أفكار السعداوي ومنتقدي أعمالها ومواقفها. وعلى الرغم من أن صاحبة “المرأة والجنس” قضت السنوات الخمس الأخيرة، في ما يشبه العزلة، إثر شيخوختها، فإن خبر الموت أعادها من جديد إلى الواجهة، وجعل قراء أعمالها يستعيدون سجالهم القديم، وكأنها لا تزال حية تواصل أداء أدوارها المشاكسة. شهدت نوال السعداوي التي جمعت بين الطب والكتابة والنضال، التحولات الاجتماعية العميقة التي أحدثتها ثورة يوليو (تموز)، وبدا واضحاً انحيازها إلى الطبقة الفقيرة، لكن هذا الانحياز لم يمنع ابنة الطبقة الوسطى المصرية من تبني قضايا مجتمعية كسرت الطابع البرجوازي التقليدي في تناول قضية المرأة، إذ كانت الحركة النسائية قبل دخولها هذا المعتزل، عاجزةً عن الربط بين معاناة المرأة والأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية المسببه لها. وكانت أقرب إلى خطاب “الإصلاح الاجتماعي”، وتركزت مطالبها في جوانب التعليم والإصلاح التشريعي، لكن نوال التي جاءت من وسط شبه ريفي، كانت على وعي تام بما تعيشه الفئات المعدمة، وتشكل وعيها بدءاً من أربعينيات القرن الماضي، على خلفية أفكار تقدمية تعي تأزم المسألة الاجتماعية في مصر، بطريقة جعلت من فعل الثورة حلاً وحيداً. عقب تخرجها عملت “طبيبة امتياز” في قصر العيني، ثم فصلت بسبب آرائها وكتاباتها بعد ستة قرارات أصدرها وزير الصحة في ذروة تأزم الحديث حول الديمقراطية عقب أزمة مارس (آذار) 1954. المذكرات الشهيرة (دار الآداب) وجاءت شهرتها الحقيقية من احترافها الكتابة مع نشر كتابها “مذكرات طبيبة” عام 1960، الذي تضمن مشاهداتها اليومية، وكان أقرب ما يكون إلى يوميات كاشفة عن بؤس الوضع الصحي للفقراء المصريين، وتضمن كذلك ما يمكن أن تهمس به الفقيرات لطبيبة تولت علاجهن في المراكز الطبية الريفية. الدور الإجتماعي للأدب أكدت السعداوي خطابها النسوي بوضوح في كتابها “المرأة والجنس”، الذي صدر في عام 1969، وعرف انتشاراً واسعاً في قطاعات شبابية كثيرة، خرجت من ثورة الغضب في عام 1968، وقُورن بينه وبين كتب الفرنسية سيمون دي بوفوار في ما يخص المجتمعات الغربية. وسرعان ما بلورت السعداوي في الحركة النسائية العربية خطا متميزاً، عبر ربطها بين خطاب تحرر المرأة ومعركة التحرر الاجتماعي والاقتصادي، وراحت تلفت إلى أهمية استخدام الأدب كوسيط لنقل خطابها الثوري. انطوت ممارستها الأدبية على شيء من الاستخدام أو التوظيف، كان لهما أثر لاحقاً على طرق تلقي أعمالها لدى القراء على اختلافهم. وظلت أعمالها هذه معزولة عن السياق العام للأدب المصري، فلم تحظَ مثلاً بمكانة بنت جيلها الكاتبة والمناضلة لطيفة الزيات، وتم أيضاً استبعاد أعمالها التي ترجمت إلى لغات عالمية عديدة فيما بعد، من السياق الأدبي، وتم تلقي أغلبها في السياق الإصلاحي، كخطابات تسعى إلى التغيير الاجتماعي أكثر من كونها نصوصاً أدبية خالصة، بسبب إصرارها على تبني خيط “سيروري” في أغلب تلك الأعمال. وقد أسقطت الكاتبة ما يمكن اعتباره “الحائط الرابع” بينها وبين قرائها. إحدى رواياتها (مكتبة مدبولي) وخلال حقبة السبعينيات المصرية التي سعى خلالها الرئيس السادات إلى إضفاء طابع ديني على نظامه السياسي، ضمن سياسات الثورة المضادة التي تبناها، وإصراره على تبعية نظامه للسياسات الأميركية، إلى جانب مسعاه للتطبيع السياسي مع إسرائيل، أنهت السعداوي عملها طبيبة، وأظهرت مقاومة واضحة لهذه السياسيات، لا سيما الخط الرأسمالي لنظام الحكم. وتوالت أعمالها المهمة، مثل “الأنثى هي الأصل” عام 1971، و”الرجل والجنس” عام 1973، و”الوجه العاري للمرأة العربية” عام 1974، و”المرأة والصراع النفسي” عام 1975، و”امرأة عند نقطة الصفر” عام 1973، ورواية “الحب في زمن النفط”، التي لا تزال تتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في بعض الدول العربية. وفي كل أعمالها أكدت مشروعها القائم على فضح سياسات الإفقار والتهميش في المجتمع المصري، إلى جانب رفض تبعية مصر للولايات المتحدة الأميركية وبعض الأنظمة العربية، وخاصة أن المجتمع المصري عرف، بدءاً من تلك السنوات ظاهرة تزويج الفتيات الصغيرات لبعض رجال الأعمال العرب، وعرفت هذه الظاهرة باسم “أسواق المتعة”. ثقافة الأنساق وتدريجياً، تأكدت لدى السعداوي رغبتها في مواجهة أنساق القيم الاجتماعية والدينية والسياسية التي تكرس تخلف المرأة العربية، الأمر الذي جعلها في مواجهة دائمة مع خطابات الأصولية التي شاعت في المجتمع المصري، والتي ضاعف من حجم تأثير أفكارها طابعها الصدامي المتطرف في التعبير عن آرائها بجرأة لم تكن معتادة، لذلك لم يكن من المفاجئ أن تكون صاحبة “المرأة والجنس” ضمن مجموعة الكتاب والمثقفين الذين اعتقلهم السادات في أيامه الأخيرة التي سبقت اغتياله. وعلى الرغم من أنها ظهرت في أول لقاء جمع الرئيس المصري حسني مبارك والمثقفين، عقب الإفراج عنهم، فإن تلك الصورة الشهيرة لم تشفع لها لدى أجهزة الأمن والمصادرة، فظلت أعمالها معرضة دائماً للمنع. وزاد من ذلك أن جمعية “تضامن المرأة العربية” التي أسستها وترأستها، كانت من بين أولى الجمعيات الأهلية التي سعى نظام مبارك للتخلص منها وإغلاقها، إلى جانب التشويه المتعمد لما كانت تقوم به من أنشطة ووسمها بـ”العمالة للغرب”. دكتوراه فخرية من جامعة مكسيكو (أ ف ب) وفي كتابها الرئيس “الوجه العاري للمرأة العربية” بلورت أفكارها في نقاط رئيسة واضحة، ترى أن الثقافة العربية ليست وحدها الثقافة التي حولت المرأة إلى سلعة، وأن اضطهاد المرأة لا يرجع إلى الأديان، وإنما إلى النظم الطبقية الأبوية في المجتمع البشري كله. ورأت في كتابات كثيرة أن في التراث العربي والإسلامي نقاطاً إيجابية يجب البحث عنها وإظهارها، مع العلم بأن النساء هن من يقمن بتحرير أنفسهن، وهذا لن يتم إلا بقوة التنظيم. وبفضل هذه الروح التي عدتها النسويات “مقاومة” تحولت الراحلة إلى “أيقونة” للنضال النسوي، وهدفاً في آنٍ واحد لحملات تكفيرية لم تتوقف، ولن تتوقف حتى عقب موتها. وبفضل تورطها في المساجلة انطوت بعض أداءاتها على نمط من أنماط الأداء “الشعبوي” الذي ضمن لها التواصل مع شرائح أوسع من القراء الجدد، الذين كانوا لا يزالون متعطشين للآراء الصادمة التي تقولها وتيسر لهم فرصة مواجهة خطابات الانغلاق. وخلال سنوات حكم الرئيس مبارك، كانت مؤلفاتها الأكثر مصادرة “سقوط الإمام”، و”الإله يقدم استقالته”، الذي اضطرت لنشره بعنوان “جنات إبليس”. والكتابان، بحسب تصريحاتها، جعلاها دائماً على رأس قوائم الاغتيالات التي وضعها إسلاميون. وعقب احتجاجات 25 يناير (كانون الثاني) في مصر عام 2011 ظهرت السعداوي في ميدان التحرير، معتقدة أن معركتها مع الاستبداد قد انتهت إلى غير رجعة. إلا أنها في محاضرة قدمتها في مهرجان الإمارات الأدبي في 7 مارس (آذار) الماضي، ربطت من جديد بين أنظمة الاستبداد التي عرتها رواية جوروج أورويل الشهيرة “1984”، وما تعيشه بلدان العالم العربي في اللحظة الراهنة. من رواياتها الأخيرة (دار الساقي) لم تشأ السعداوي أن تقتصر معاركها مع السلطة السياسية، وإنما واصلت في مقالاتها التي كتبتها أخيراً في صحيفة “الأهرام” معركتها مع العقل الأصولي الذي يبرر الاستبداد السياسي والاجتماعي والديني، وهي المعركة التي جعلتها هدفاً لحملات استهداف معنوي أشاعت خبر وفاتها أكثر من مرة، وتم الترويج له على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره صورة من صور الانتقام الديني. وبعد موتها، وعقب 70 عاماً من العمل المتواصل، ظلت صاحبة “مذكرات طبيبة” في مواجهة مع نمطين من التفكير، الأول تبنته بعض الأصوات داخل المجموعة الثقافية التي اعتبرت خطابها الأدبي والاجتماعي ينطوي على نزعة استشراقية. وتحججت تلك الأصوات برواج ترجماتها إلى لغات العالم وفرص أسفارها إلى دول الغرب، وقيامها بالتدريس في جامعات غربية شهيرة. أما النمط الثاني فتركز في الجماعات الأصولية الوثيقة الصلة بالخطاب الأصولي، والتي ترى أن كتبها تنطوي على إساءة بالغة للأديان، ولذلك كانت تدعم دوماً المطالبات بمصادرة مؤلفاتها. وبين هذين النمطين ستمكث السعداوي، ضحية القراءات السهلة، التي تنتجها حالات الاستقطاب، ولا بد من فرص أفضل لقراءة ظاهرتها التحررية ووضعها في سياق جديد، لكن ما يبقى هو أن صاحبة “امراة عند نقطة السفر” ستبقى حاضرة بقوة، بفضل الدور الذي لعبته وزاوجت فيه بين عمل المحلل النفسي والمؤرخ وعالم الأنثروبولوجيا والأديان المقارنة. وقد مكنت الكثير من النساء العربيات في العمل على تغيير أقدارهن متحولة إلى “أيقونة” نسائية وفكرية هدفها التمرد ومواجهة السائد بحثاً عن الأمل، ووصولاً إلى شاطئ السلام. المزيد عن: نوال السعداوي/النسوية/كاتبة المناضلة/الإلتزام الإنساني/قوق المراةالتحرر/الفكر العربي/الظلامية 15 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حكاية الملكة الفرنسية في 21 لوحة كأنها مشاهد سينمائية next post ليو جين يون يروي الطلاق على الطريقة الصينية You may also like إيمانويل مونييه… فيلسوف الأزمنة المضطربة 31 مايو، 2025 العرض المغربي “حياة وحلم” يستعير تقنيات السرد الروائي 31 مايو، 2025 عندما أحرق النازيون كتاب فرانتز بواس لنفيه التمييز... 31 مايو، 2025 عبد السلام بنعبد العالي يقرأ حياتنا الراهنة في... 31 مايو، 2025 ندى حطيط تكتب عن: «الغريبة» ناهد راشلين… رائدة... 31 مايو، 2025 كيف تقوم الصورة بإعادة خلق المكان؟ 30 مايو، 2025 حالات طلاق وفضائح بسبب صور على مواقع التواصل 30 مايو، 2025 زاهي حواس… الكاهن يسقط في “بودكاست” 30 مايو، 2025 “أعيش حياة مثلك”… سيرة ذاتية لجسد مختلف 30 مايو، 2025 “سردية” روسليني السينمائية لاستيلاء لويس الـ14 على السلطة 30 مايو، 2025 15 comments Julian Mestayer 25 مارس، 2021 - 8:09 ص Some truly choice posts on this website , saved to bookmarks. http://www.froleprotrem.com/ Reply stornobrzinol 15 مايو، 2021 - 1:16 ص I discovered your blog site on google and check a few of your early posts. Continue to keep up the very good operate. I just additional up your RSS feed to my MSN News Reader. Seeking forward to reading more from you later on!… http://www.stornobrzinol.com/ Reply stornobrzinol 18 مايو، 2021 - 5:14 ص Hey There. I discovered your weblog the usage of msn. That is a really well written article. I will make sure to bookmark it and return to read extra of your helpful info. Thanks for the post. I will certainly comeback. http://www.stornobrzinol.com/ Reply wordpress classes 13 أكتوبر، 2021 - 9:05 م Pretty component to content. I simply stumbled upon your blog and in accession capital to assert that I get actually loved account your weblog posts. Anyway I will be subscribing to your augment or even I fulfillment you get entry to constantly rapidly. https://www.wowacademy.com Reply ciw online courses 14 أكتوبر، 2021 - 1:01 ص I have read several good stuff here. Definitely price bookmarking for revisiting. I surprise how so much attempt you place to make this kind of magnificent informative website. https://ciwonlinecourses.com Reply slot online games 15 أكتوبر، 2021 - 2:25 م I would like to thnkx for the efforts you’ve put in writing this site. I am hoping the same high-grade web site post from you in the upcoming as well. Actually your creative writing skills has encouraged me to get my own web site now. Really the blogging is spreading its wings rapidly. Your write up is a good example of it. https://www.worldaffairsjournal.org/tembak-ikan/ Reply best course in miracles podcast 14 فبراير، 2022 - 9:25 م Thank you for sharing with us, I think this website really stands out : D. https://www.spreaker.com/show/the_david_hoffmeister_show Reply forever focus 17 مارس، 2022 - 1:41 م I think you have mentioned some very interesting details , appreciate it for the post. https://www.aloeveraproductsshop.eu/webshop/forever-focus/ Reply best seo company in singapore 17 مارس، 2022 - 4:59 م Great goods from you, man. I’ve understand your stuff previous to and you’re just extremely great. I really like what you’ve acquired here, certainly like what you’re stating and the way in which you say it. You make it entertaining and you still take care of to keep it wise. I can’t wait to read much more from you. This is really a wonderful site. https://vuetechsg.com/google-seo-in-simple-5-steps-as-a-beginner/ Reply sem in marketing 17 مارس، 2022 - 5:28 م Hey there! Would you mind if I share your blog with my facebook group? There’s a lot of people that I think would really enjoy your content. Please let me know. Thanks https://vuetechsg.com/seo-service/ Reply western fringe jacket 2 أبريل، 2022 - 7:50 م I have been exploring for a bit for any high quality articles or weblog posts in this sort of area . Exploring in Yahoo I finally stumbled upon this site. Studying this information So i am happy to express that I have an incredibly good uncanny feeling I found out exactly what I needed. I most for sure will make sure to do not overlook this site and provides it a look regularly. https://www.kamboz.com/product/western-jacket-d15v3-multi-color/ Reply Automotive News 17 أبريل، 2022 - 9:09 م Hey there! I’ve been reading your weblog for a long time now and finally got the bravery to go ahead and give you a shout out from Austin Texas! Just wanted to mention keep up the excellent job! https://www.auto361.it Reply zorivare worilon 1 يوليو، 2022 - 2:17 م Hey there! I just wanted to ask if you ever have any trouble with hackers? My last blog (wordpress) was hacked and I ended up losing a few months of hard work due to no back up. Do you have any methods to prevent hackers? http://www.zorivareworilon.com/ Reply zmozeroteriloren 23 نوفمبر، 2022 - 6:22 ص You are my aspiration, I possess few blogs and sometimes run out from to brand. http:/www.zmozeroteriloren.com Reply zmozero teriloren 29 نوفمبر، 2022 - 1:45 م Wow, marvelous blog layout! How long have you been blogging for? you made blogging look easy. The overall look of your site is wonderful, let alone the content! http:/www.zmozeroteriloren.com Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.