النقيض لشخصية وإرث وتاريخ ميقاتي، الذي خسر معظم حاضنته الشعبية (علي علوش) عرب وعالم نواف سلام.. خيار واعد يُحرر السنة في لبنان by admin 15 يناير، 2025 written by admin 15 يناير، 2025 23 جريدة المدن الالكترونية / جنى الدهيبي في خضم الاحتفاء الذي يعم لبنان، بتكليف القاضي الدولي نواف سلام بتشكيل الحكومة في العهد الجديد لرئيس الجمهورية جوزاف عون، ثمة تحولٌ جذري يشهده المنصب الأعلى للطائفة السنية في لبنان، رئاسة الحكومة. منعطف رئاسة الحكومة تحولٌ، يشكل منعطفًا استثنائيًا وغير مسبوق منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في شباط 2005. والمفارقة أن اغتيال الحريري، الذي شكل انتكاسة تاريخية للسنة ودورهم الداخلي والإقليمي، حصل في زمن الوجود السوري في لبنان، واتُهم نظام بشار الأسد بالضلوع فيه. وأتى تكليف الكتل البرلمانية لقاضي لاهاي نواف سلام، بعد الفشل لمرتين متتاليتين بتسميته، وعقب سقوط نظام الأسد، تتويجًا إضافيًا لمرحلة تحرر لبنان عمومًا، والسنة على وجه التحديد، من هذا النظام الذي حاول طوال عقود إحكام قبضته على البلد وعلى منصب رئاسة الحكومة لرمزيتة السياسية والطائفية. في كلمته الأولى من القصر الجمهوري، بدا خطاب سلام التقدمي والإصلاحي والقضائي، تتمة لخطاب القسم للرئيس عون. شكل الرجلان في خطابهما، ثنائية واعدة لمستقبل لبنان، رغم كل التحديات الداخلية والإقليمية. حمل خطاب سلام، تأكيداً على طي حقبة المنظومة التقليدية في رئاسة الحكومة، التي تعد العمود الفقري للحكم في لبنان. وقال بوضوح: “آن الأوان لبدء فصل جديد متجذر بالعدالة والأمن والفرص ليكون لبنان بلد الأحرار المتساوين بالحقوق والواجبات”. حقبة جديدة والأهم ربما، أن سلام يطوي حقبة الملياردير نجيب ميقاتي، الذي شغل منصب رئيس الحكومة منذ العام 2021، ثم استمر بتصريف الأعمال بعد انتهاء ولاية ميشال عون لأكثر من عامين. لا يشبه نواف سلام أياً من أسلافه الذين تناوبوا على رئاسة الحكومة. وهو تحديدًا، يعد النقيض لشخصية وإرث وتاريخ ميقاتي، الذي خسر معظم حاضنته الشعبية، حتى في مدينته طرابلس. وسلام أيضًا، ليس زعيمًا طائفيًا ولا حزبيًا. جاء من أعلى قوس عدالة في العالم إلى رئاسة الحكومة. لم يخض انتخابات ولم يصطف داخل طائفته ولم يؤسس حزبًا. لكنه في سيرته الشخصية والقومية والبيروتية والقضائية والثقافية والعالمية، يشبه تاريخ سنة لبنان إلى حد بعيد. حتى بموقفه من إسرائيل، هو أول قاض، في لاهاي، يدين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق بارتكاب جرائم حرب. يعتبر كثيرون أن خيار سلام، هو انعكاس لخيار مدني وحضري وغير طائفي، يتماهى مع الدور السني. والسنة في لبنان، لطالما كانوا يعتبرون أنفسهم امتدادًا للأمة العربية. تاريخيًا، يتسم السنة في لبنان بغنى التوجهات الفكرية التي لا تقوم على منطق القائد الواحد، وهو دور لا يشبه سلام مع اعتلائه أعلى منصب للطائفة. وإذا كان سلام المتحدر من عائلة بيروتية عريقة، يتماهى مع طائفته باعتبارها طائفة مدينية، منذ كانت معظم مدن الساحل اللبناني من رأس الناقورة حتى النهر الكبير مدناً سنية، وأهلها أهل تجارة وانفتاح وقابلية للتعدد. عند اغتيال الحريري، عاش السنة في لبنان، مؤيدين ومعارضين، فجوة وفراغًا بخسارة شخصية استثنائية جاءت بدعم سعودي بعد اتفاق الطائف (1989)، ولديها ثقل ووزن إقليميان وعالميان. ثم جاءت الحرب السورية في 2011، التي ألقت تداعياتها المدمرة على واقع الطائفة السنية في لبنان وأدخلتها في نفقٍ من الضعف والمعارك والهواجس. لكن سلام الذي لا يشبه الحريري، ولا يملك ثروة مالية توازي ثروته، لم يأتِ من تحت أجنحة الحريرية السياسية. وليس وديعة لأي دولة أو نظام أو حزب داخلي. بل يمتلك بتاريخه القضائي والفكري والثقافي وعلاقاته، ثقلًا وكلمة ووزنًا عالميًا من خارج الصندوق التقليدي. وهو ما قد يشكل مستقبلًا واعدًا لرئاسة الحكومة، ويعيد لها دورها الوطني وتأثيرها الحقيقي. تحولات واعدة؟ بعد انسحاب زعيم تيار المستقبل ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري من المشهد السياسي، أفرزت انتخابات 2022 تشتتًا في تمثيل السنة. ثم تقدم سؤال الوجود والهوية السياسية لدى أبناء الطائفة. وذلك بعدما عكست نتائج الانتخابات ارتفاع عدد النواب السنة المنضوين داخل كتل طائفية أخرى. كما قضت الانتخابات على التمثيل التقليدي للطائفة السنية، وفي مقدمتها خروج رؤساء الحكومة السابقين من السباق. ومع ذلك، ظلت الطائفة السنية بمختلف تمثيلياتها ومناطقها أقل طائفية من الطوائف الأخرى، التي كانت تدفع من أجل تطييفها حتى تُبرر طائفيتها. اليوم، يأتي خيار سلام، وفق الكثيرين، خيارًا واعدًا بعد انتكاسات لبنان وحرب إسرائيل عليه. وقد يكون تكليفه تشكيل الحكومة في بلد يعاني من شتى أشكال الانهيار – وخرج من الحرب باتفاق قد تنقلب إسرائيل عليه – فرصة تاريخية لإعادة رسم المشهد السياسي. وربما، يفتح سلام بحكومته المنتظرة، الباب أمام إدارة للسلطة التنفيذية، خارج المنطق الطائفي. وأمام صعود مكونات جديدة غير طائفية. وقد يكون سنة لبنان، هم أكثر المستفيدين من طي صفحة الزعامات التقليدية، التي كانت تتسابق وتتنافس على رئاسة الحكومة، كأهم أداة لتكريس نفوذهم سياسيًا وشعبيًا. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ماذا حمل فريق ترمب من وعود لنتنياهو ذللت عقبات الصفقة؟ next post مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية You may also like هل أخفقت إسرائيل في اختراق الحوثيين استخباراتيا؟ 15 يناير، 2025 ماذا نعرف عن اتفاق وقف إطلاق النار الوشيك... 15 يناير، 2025 ما بين التخوف من “الإسلام السياسي” و”العودة إلى... 15 يناير، 2025 هل يشكل نواف سلام حكومة من دون “الثنائي... 15 يناير، 2025 السلطات السورية تعتقل متشددا مصريا بث تسجيلات هدد... 15 يناير، 2025 غضب في ليبيا بعد تسريب مشاهد تعذيب أعادت... 15 يناير، 2025 ماذا ينتظر لبنان من محطات مفصلية بعد تكليف... 15 يناير، 2025 أردوغان يحاول مرة أخرى حل “القضية الكردية” بشكل... 15 يناير، 2025 ماذا حمل فريق ترمب من وعود لنتنياهو ذللت... 14 يناير، 2025 نواف سلام يستقيل من عضوية محكمة العدل الدولية 14 يناير، 2025