الأربعاء, يناير 22, 2025
الأربعاء, يناير 22, 2025
Home » نساء وسمن العصور الوسطى الأوروبية بموسيقاهن وأصواتهن

نساء وسمن العصور الوسطى الأوروبية بموسيقاهن وأصواتهن

by admin

 

مغنيات ومؤلفات وعازفات عشن في البلاطات والأديرة وجاب بعضهن الشوارع مثل الـ “تروبادور”

اندبندنت عربية / مارلين كنعان أستاذة الفلسفة والحضارات، كاتبة وباحثة @MARLKANAAN

يتوقف كتاب آن إيبوس- أوجيه، أمام أسماء موسيقيات وسيطات شهيرات مثل الراهبة والقديسة الجرمانية هيلدغارد دو بينغن (1098-1179) التي ألفت عام 1151 أقدم دراما موسيقية دينية وصل إلينا نصها بعنوان “ترتيب الفضائل”، فضلاً عن مجموعة من الأناشيد الليتورجية، أو مثل الملكة إليانور الأكيتانية (1122-1204) التي طورت مهارات الغناء والعزف على القيثارة وكانت ضليعة في الموسيقى، وغيرهن من الموسيقيات الأوروبيات المنسيات اللاتي عشن من القرن الـ 12 وحتى الـ 15، وكن بحسب المؤلفة أكثر عدداً مما نتصور، مغنيات ومؤلفات وعازفات وراهبات منشدات ومبدعات انتمين إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، وقد عاش بعض أولئك الموسيقيات في البلاطات أو الأديرة، وجاب بعضهن الآخر الشوارع والطرقات مثل “التروبادور”.

ويسلط الكتاب الضوء على تفاصيل حياتهن اليومية راوياً قصصهن ومقارباً مؤلفاتهن من زاوية مبتكرة، متوقفاً أمام ملامح بطلات قصائدهن وأغانيهن في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، في رحلة غير مسبوقة ومثيرة للاهتمام داخل أعماق موسيقى العصور الوسطى من وجهة نظر نسائية، فمؤلفة الكتاب آن إيبوس-أوجيه حاصلة على درجة الدكتوراه في علم الموسيقى وباحثة في هذا المجال في جامعة الـ “سوربون”، حيث تُدرس تاريخ الموسيقى وتحليلها، فضلاً عن تأليفها كثيراً من الكتب حول الموسيقى خلال العصور الوسطى.

كتاب “النساء والموسيقى في القرون الوسطى” (دار سيرف)

تعترف آن إيبوس-أوجيه أن العصور الوسطى لا تزال قادرة على إبهارنا بعد خروجها من التهميش الذي وضعتها فيه صور نمطية وتسميات سلبية اعتبرتها عصوراً ظلامية، لكن هذه الحقبة التي امتدت لـ 1000 عام كانت مرادفة لكثير من الإبداع مع بناء الكاتدرائيات على الطراز القوطي وظهور المخطوطات المزخرفة بمنمنات رائعة مع بعض التآليف الموسيقية، وتقول لنا إنه منذ نهاية القرن الـ 17 تمكنت الدراسات التي قام بها الرهبان الموريستيون من تحسين فهمنا للكتابات الوسيطة، وقد ألهم بعضها، مصل القصائد الملحمية التي زعم الشاعر الإسكتلندي جايمس ماكفيرسون أنها تعود لشاعر وسيط يدعى أوسيان، موسيقى فرانز شوبرت وريتشارد فاغنر وروبرت شومان الذين وظفوا تقنيات الموسيقى الكلاسيكية الجديدة في خدمة مواضيع من العصور الوسطى، لكن هذه الإلهامات الوسيطية لم ترافق استعادة حقيقية للموسيقى الوسيطة نفسها، ولا سيما تلك التي حملت توقيع نساء.

صورة امرأة

ولئن كانت المسيقى في معناها الرمزي والمجازي تُجسد غالباً في صورة امرأة، فإن المؤرخين الموسيقيين المهتمين بالعصور الوسطى كثيراً ما غفلوا عن ذكر أسماء المؤلفات الموسيقيات والعازفات والمغنيات الوسيطات حتى يومنا هذا، ولكن كثيراً من الرسومات والزخرفات تزينت بصورهن وكان بعضهن ملكات أو رئيسات أديرة، ذلك أن الموسيقى كانت على رأس سلم المهارات والمعارف التي أُوجب على النساء الأرستقراطيات والراهبات المبتدئات تعلمها، على ما يتبين من عظة أسقف بريطاني يدعى غراي ألقاها في القرن الـ 15 على راهبات بنديكتيات، وفيها شدد على ضرورة تعلمهن قيادة جوقات الأناشيد الليتورجية ووضع الألحان الشجية.

وفي هذا السياق تورد المؤلفة ذكر هراد دو لاندسبيرغ (توفيت عام 1191) وهي رئيسة أحد الأديرة النسائية الواقعة في مقاطعة الألزاس، والتي بغية تقديم تعليم جيد لراهبات ديرها ألفت موسوعة علمية جمعت فيها معارف عصرها وضمنتها مجموعة من الترانيم الميلادية التي حملت توقيعها ووضعتها في قوالب موسيقية أحادية الصوت أو ذات صوتين أو أكثر.

مغنيات من القرون الوسطى الأوروبية ( متحف موسيقى ميدييفال)

وإن تنسى آن إيبوس-أوجيه فلا تنسى ذكر هيلدغارد دو بينغن التي اُنتخبت عام 1139 رئيسة دير ديزيبودنبرغ وأسست عام 1147 دير روبرتسبرغ، فإضافة إلى كتاباتها اللاهوتية العديدة فقد ألفت هذه الراهبة أكثر من 70 نشيداً وترنيمة، ولم تتعلم هيلدغارد دو بينغن قراءة النوتات أو النظريات الموسيقية لكنها اكتسبت هذه المعارف بجهدها الشخصي، وقد اكتشف بعض علماء الموسيقى في أعمالها عناصر شعبية وعفوية لا تظهر في أعمال المؤلفين الآخرين، مما  يعني أن النساء في العصور الوسطى لم يكن قادرات على متابعة الدراسات النظرية في الموسيقى التي تُمكنهن من التأليف الموسيقي البوليفوني، أي المتعدد الأصوات، الذي بدأ يتبلور تدريجياً في أواخر القرن الـ 13 والذي كان مخصصاً للرجال، سواء في المدارس التابعة للأديرة والأسقفيات أو في الجامعات.

ويخبرنا الكتاب كذلك أنه وفقاً لمخطوط يعود للعصور الوسطى نُسخ في دير يقع قرب مدينة بورغوس الإسبانية، فقد عثر الكاهن والعالم الموسيقي الإيطالي هيجيني أنغليس على “تمرين سولفيج بصوتين” وضع لتدريب الراهبات على غناء “الموتيتات” والنصوص النثرية والمقطوعات البوليفونية وغيرها من الأغاني الشعبية التي نُسخت بعناية،

أغان وأناشيد

أما خارج أسوار الأديرة فقد تميزت النساء بأداء أغان وأناشيد باللغة العامية تحدثت عن الحب والصداقة والحزن والفرح، وانتشرت بسرعة خارج القصور وغالباً ما كانت مجهولة المؤلف، إذ شهدت الاحتفالات بقدوم الربيع مثلاً مشاركة الفتيات بالرقص والغناء على ما ورد في قاموس جان دو غارلاند الذي يخبرنا عن رؤيته فتيات ونساء متزوجات وأرامل يرقصن ويغنين أناشيد وترانيم تشيد بمريم العذراء، وكذلك عبّر الشعب دوماً عن ولائه للأمراء بالغناء والرقص، فعندما وُلد لويس ابن الملك فيليب أوغست في الرابع من سبتمبر (أيلول) سنة 1187، تذكر السجلات الرسمية أن سكان باريس، ولا سيما النساء والفتيات، لم يتوقفن عن الرقص والغناء.

موسيقى نسائية (متحف موسيقى ميدييفال)

وفي روايته الموسومة “إيريك وإينيد” لم يغفل كريتيان دو تروا وصف حفل زفاف إيريك الذي أحيته مجموعة من الفتيات الراقصات على أنغام أوركسترا مؤلفة من موسيقيين وموسيقيات، ويشدد كتاب “النساء والموسيقى في العصور الوسطى” أيضاً على أن كل بطلات الروايات التي وضعت في تلك الفترة غنين ك. ليونور بشعرها الأشقر الطويل وثوبها الأبيض في قصر الإمبراطور كونراد، ويذكر لنا انطلاقاً من دراسة المخطوطات أسماء 20 امرأة من الـ “تروبادور” اللاتي واجهن الرجال في مباراة شعرية تناولت موضوع الحب العذري.

انتمى بعض هؤلاء الموسيقيات الوسيطات إلى الطبقة الأرستقراطية، ويذكر الكتاب منهن على سبيل المثال لا الحصر ماري دو فانتادورن وتيبور شقيقة رايمبو دورانج وزوجة برتراند دو بو والكونتيسة بياتريكس دو دي (1140-1175) التي يُرجح أنها كانت زوجة غيليم دو بواتييه.

ولئن ركزت آن إيبوس-أوجيه في كتابها على الموسيقى بأنامل وأصوات النساء، فإنها لم تغفل في الوقت نفسه عن مقاربة الألحان التي اعتمدت على سلالم غير مألوفة نسبياً لمستمعي القرن الـ 21 معرجة على الأنماط والنغمات والبوليفونيات الأفقية، أي تلك التي تتكون من خطوط لحنية مستقلة نسبياً والأصوات الرقيقة الجذابة للأذن، وهذا الطابع الحميمي للموسيقى التي أدتها النساء افترض استخداماً شبه حصري لآلات موسيقية منخفضة الصوت تصدر أصواتاً ناعمة أو غناء هادئاً وفق تعبير الشاعرة كريستين دو بيزان (1363-1430)، ولذلك فإن الآلات الوترية التي تعزف بالنقر كانت بحسب المؤلفة الأكثر استخداماً، لأن “أوتارها الرفيعة جداً تصدر بالفعل أصواتاً رقيقة”، فقد عزفت النساء في الغالب على القيثارة أو الأرغن أو العود أو الهارب، أي الآلات ذات لوحة المفاتيح أو المزمار، بينما كانت الآلات الأحادية الصوت العالية تُعتبر ذكورية.

وفي الختام وبحسب كتاب آن إيبوس-أوجيه، فقد كانت النساء الأوروبيات من جميع الطبقات الاجتماعية في العصور الوسطى قادرات على الغناء والتأليف الموسيقي والعزف على الآلات المختلفة، لكن الوثائق لم تكترث لمواهبهن فغالباً ما جسدت النسوة المغنيات أو العازفات صورة حواء الغاوية القادرة على سحر الرجال بغنائها وموسيقاها، لكن في الوقت عينه نُظر إلى النساء في مفارقة واضحة كرمز لمريم العذراء بفضل أصواتهن الملائكية وسحر عزفهن، وقد قاربت آن إيبوس-أوجيه موضوع المرأة والموسيقى في العصور الوسطى بكثير من الشغف والمنهجية الرصينة، راوية لقرائها قصص الموسيقيات الأوروبيات المنسيات في بحث علمي مثير كشف عن إبداع المرأة وقدرتها على العطاء في مجال الغناء والرقص والموسيقى.

المزيد عن: الموسيقىالعصور الوسطىمغنياتأوروباالأديرةالبلاطاتالراهباتالتروبادورأصوات

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00