الجمعة, نوفمبر 15, 2024
الجمعة, نوفمبر 15, 2024
Home » ندى حطيط تكتب عن: كيف تنخرط الجامعات الإسرائيلية في حرب إلغاء الفلسطينيين؟

ندى حطيط تكتب عن: كيف تنخرط الجامعات الإسرائيلية في حرب إلغاء الفلسطينيين؟

by admin

 

«أبراج من عاج وفولاذ»… حكاية تسبق بعقود قيام إعلان الدولة العبريّة

الشرق الاوسط / ندى حطيط

ساهمت التظاهرات الطلابيّة التي شهدتها جامعات ومؤسسات تعليمية في الولايات المتحدة وعدد من دول الغرب احتجاجاً على العدوان المستمر على قطاع غزّة في إلقاء الضوء على نكبة الفلسطينيين، وعرّفت ملايين الغربيين العاديين بالمذبحة التي يتعرّض لها سكان قطاع غزّة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنّها كشفت أيضاً، وفي إطار سعي الطلاب لمد جهود مقاطعة إسرائيل إلى فضاء الثقافة والتعليم، عن تشبيك ممنهج ومقونن وعميق بين المؤسسات الأكاديميّة الغربيّة ونظيراتها في الدّولة العبريّة يصل إلى حد الشراكة التامة أحياناً، ولا سيّما في القطاعات المعرفيّة المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الحديثة في مجالات الدّفاع والأمن والتجسس.

وقد تبيّن أيضاً أن تلك الشراكات قد تكون محميّة بغطاء قانوني يمنع الفكاك منها، ويتلقى كثير منها استثمارات ومنحاً ممولة من الموازنات العامة إلى جانب القطاع الخاص.

وقد يبدو الأمر من بعيد ودونما تمحيص نتاج جهد أكاديميّ متفوّق تقوم به الجامعات العبريّة، وحرصاً في المقابل من جامعات الغرب على دعم تقدّم المعارف والعلوم في ذلك الكيان الغربيّ الهوى المزروع في قلب الشرق. لكن الحقيقة أن المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية منذ ما قبل تأسيس الكيان وإلى اليوم جزء لا يتجزأ من النظام الاستعماري الاستيطاني على الأرض الفلسطينية، وهي تلعب أدواراً أساسيّة في القمع المستمر للشعب العربي الفلسطيني، وفق ما تقول الدكتورة مايا ويند، في «أبراج العاج وفولاذ: كيف تنكر الجامعات الإسرائيلية الحرية الفلسطينية – 2024»، كتابها الأحدث الذي صدر عن «دار فيرسو للكتب» مؤخراً.

في ستة فصول تروي الدكتورة ويند بنفس علمي رصين تاريخ المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية منذ بدايات القرن الماضي وإلى اليوم، وهي حكاية تسبق بعقود قيام إعلان الدولة العبريّة – بعد حرب 1948 – إذ كانت مؤسسات نشأت في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين (مثل معهد إسرائيل للتكنولوجيا «تخنيون حيفا» – 1912، والجامعة العبرية بالقدس – 1925، و«معهد وايزمان» في رحوفوت بالقرب من تل أبيب – 1934) بؤراً أمامية متقدمة للمشروع الصهيوني في الزّمان والمكان، على حد سواء، وأسهمت بشكل فاعل في تعزيز صيغة «التهويد» في الأراضي الفلسطينية – على حد تعبير المؤلفة – وتسوية الطريق أمام الدولة الجديدة، ومدّها بالكوادر وطرائق العمل والآيديولوجيا أيضاً.

لقد أصبحت هذه المؤسسات، إلى جانب غيرها مما أطلق بعد حرب 1948، نقاط الارتكاز الأساسيّة التي يستند إليها مجمع صناعي عسكري جديد يكمل ويتكامل مع المجمع الصناعي العسكري للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فكأنّها مستوطنة مختبرات أبحاث تابعة للشركات العسكرية الأميركيّة الكبرى تتولى لصالحها تطوير روبوتات القتل الآلي وأدوات المراقبة ومعدات السيطرة على الحشود وأدوات التعذيب، ومن ثمّ تسهيل تسويقها كمنتجات تم اختبارها بالفعل (في المعركة ضد الفلسطينيين العزل). ولهذا لم يكن مستغرباً مثلاً أن وصف الرئيس التنفيذي لشركة «إلبيت» لصناعة الأسلحة معهد «تخنيون حيفا» بأنه «الحمض النووي لإلبيت».

وعلى أيّ حال، لا يتوقف دور الجامعات في «الدولة الأمنية العلمية»، على حد تعبير ويند، عند تطوير الطراز الأحدث من درونات المراقبة والقتل، بل وتقوم أيضاً بدور مراكز تأهيل وتدريب متقدّم لكوادر الاستخبارات والأمن والجيش، ناهيك عن أن أراضيها المسروقة من مالكيها الفلسطينيين تستضيف مكونات من البنية التحتية الحيوية للاتصالات العسكريّة، ومواقع ومراكز يديرها الجيش الإسرائيلي مباشرة، في دمج كليّ مروّع للجامعات في منظومة الدّفاع والأمن. وتقول ويند إنها استوحت اسم كتابها (أبراج من عاج وفولاذ) من برج جامعة حيفا الشاهق الذي كان آخر طوابقه الـ31، وحتى وقت قريب، مقراً للجيش، وتحته تماماً الطابق الذي يضم إدارة الجامعة.

وبغير هذه الأدوار ذات الطبيعة الدفاعية – الأمنية، فإن الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في إسرائيل تقوم بدور موازٍ في مساحات التعليم والثقافة والأدلجة، فتبيض مشروع الاحتلال الصهيوني، وتبرر جرائمه بحق الفلسطينيين والعرب، وتكرّس أسطورة «الديمقراطية الليبرالية الوحيدة في الشرق الأوسط» المخصصة لاستهلاك المواطنين الغربيين العاديين. وهذا الدّور الموازي يتطلّب بالضرورة تشويه معطيات الأبحاث في مختلف مجالات المعرفة كي تتطابق مع السرديّة الصهيونية، وقمع أصوات المفكرين والعلماء التي قد تخرج عن الخطوط المصرّح فيها، والتضييق على الطلبة الفلسطينيين فيها ممن فرضت عليهم الهويات الإسرائيلية (في الأراضي التي احتلت في عام 1948، والقدس). وهذا الجانب الأخير يأخذ بعداً آخر تماماً عند دراسة استهداف سلطات الاحتلال للجامعات الفلسطينية، ولطلبتها. ولعل التدمير الكلي لجامعات غزة وتصفية كوادرها التعليمية وحرق مكتباتها وتجهيزاتها البحثية خلال العدوان المستمر على القطاع تفسير عملي مباشر لمنطق الدّولة العبرية فيما يتعلّق بـ«الحريات الأكاديمية» للفلسطينيين.

مؤسسات نشأت في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين، بؤر أمامية متقدمة للمشروع الصهيوني

وهكذا نذهب إلى استنتاج صادم لا بدّ منه: إن كل تعاون دولي مع الجامعات والمؤسسات التعليمية الإسرائيليّة – تحت غطاء التبادل المعرفي والتلاقي الأكاديمي والأبحاث المشتركة – انخراط آثم في التمكين للمشروع الصهيوني، وتآمر متعمد لمنح سلطات الاحتلال الاستيطاني ورقة توت تواري بها سوءة ممارساتها الإجرامية بحق الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، وأن كل جدل بشأن حريّة البحث العلمي (للمؤسسات) والحريات الأكاديمية (للأفراد) ينقلب مغالطة عندما يتعلق الأمر بالكيانات الجامعية الإسرائيلية وبالأكاديميين الإسرائيليين، إذ «لا توجد حرية أكاديمية أصلاً حتى تنطبق على الجميع»، على حد تعبير المؤلفة.

ينضم كتاب «أبراج من عاج وفولاذ» إلى كتب مثل «فلسطين مختبراً: كيف تصدر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال حول العالم – 2023» لأنتوني لوينشتاين، و«الحرب البيئية في غزّة: العنف الاستعماري وآفاق المقاومة الجديدة – 2024» لشريدة مولوي، وعدة كتب أخرى صدرت في الآونة الأخيرة يتصدى مؤلفوها، وهم أكاديميون شبان شجعان، وللمفارقة فإن بعضهم من أصول يهودية أو يحملون جنسيات إسرائيلية، لتفكيك الصّورة التي رسمها الإعلام الغربي خلال ثمانين عاماً عن واحة مزعومة للديمقراطية والحضارة في قلب صحراء الهمجيّة، ورفع الستار عن جوانب يتم تجليها عمداً حسب أساليب «الترجمة حتى النّخاع» التي تقوم بها الدّولة العبرية للأرض الفلسطينية، وللفلسطينيين، وللتاريخ أيضاً.

 

«أبراج العاج والفولاذ»

Towers of Ivory and Steel: How Israeli Universities Deny Palestinian Freedom by Maya Wind, Verso, 2024

المؤلفة: مايا ويند

الناشر: دار فيرسو للكتب 2024

 

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00