الروائية البولندية الحائزة جائزة نوبل (ا ف ب) ثقافة و فنون “موجز تاريخ الأدب البولندي” يرصد محطات الشيوعية وما بعدها by admin 30 يناير، 2025 written by admin 30 يناير، 2025 29 يان تومكوفسكي يلقي ضوءا على مراحله التاريخية ويخص الترجمة العربية بمقدمة اندبندنت عربية / علي عطا يلقي المؤرخ يان تومكوفسكي في كتابه “موجز تاريخ الأدب البولندي”، الذي نشر عام 2015 الضوء على الأدب في بولندا منذ العصور الوسطى وحتى يومنا هذا، في خمسة فصول اشتمل كل منها على مقدمة موجهة إلى القراء العرب، وقائمة بأهم الأحداث في التاريخ والثقافة البولندية، انطلاقاً من ملاحظة المؤلف أن “بولندا بلد تنعكس تجاربه الثقافية التاريخية على إنتاجه الأدبي”. ووفقاً لتقاليد كتابة تاريخ الأدب، فإنه لا يتضمن العقود الأخيرة ولا الأدب الشعبي، ولذلك ليس فيه مكان لتأملات نقدية أدبية تختص بالكتاب الفائزين بالجوائز في تلك العقود، مثل أولغا توكارتشوك الفائزة بجائزة نوبل عام 2018. وتومكوفسكي هو نفسه مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً “الأدب البولندي” الصادر عام 2004، وقد وافق، كما تقول بيوتروفسكا، على تحرير الكتاب الذي بين أيدينا، “بغرض أن يناسب احتياجات الترجمة العربية” ص 5. وتضيف المترجمة أن المؤلف قدم في هذا الصدد للمرة الأولى لقراء العربية مصطلحات مثل السارماتية، والمسيانية، و”بولندا الشابة”. وأضافت المترجمة هوامش لشرح التفاصيل التاريخية والثقافية، بالإضافة إلى الإشارة إلى نصوص الأدب البولندي التي ترجمت إلى العربية، “وهو ما يجعل هذا الكتاب أيضاً أول مرجع يوفر معلومات حول تاريخ ترجمات الأدب البولندي إلى اللغة العربية”. وقدمت المترجمة الشكر لهالة كمال “التي قدمت مجهوداً ضخماً في مراجعة الترجمة وتدقيق المصطلحات وتكييف الترجمة، بحيث يمكن قراءتها بسهولة باللغة العربية” ص7. بولندا الشابة الكتاب بالترجمة العربية (المركز القومي) وبحسب تومكوفسكي فإنه على الرغم من علاقة الأدب البولندي بالثقافة الأوروبية والعالمية، فإن مسائل مثل استعادة الاستقلال وإنقاذ الهوية الوطنية والصراعات الاجتماعية تحتل مكاناً مركزياً فيه. أما فيما يتعلق بالجغرافيا الأدبية، فإن أدب المهجر يحتل مكاناً بارزاً، وهو الذي نشأ بعد فقدان بولندا الاستقلال خلال فترة التقسيم بين روسيا والنمسا وبروسيا في القرن الـ 18، ومروراً بفظائع القرن العشرين -الاحتلال ا؟لماني والسوفييتي- واستمر حتى لحظة التحول السياسي عام 1989 ورفع الرقابة في بولندا. وبما أن الفصل الأخير من الكتاب هو الأقرب إلى الأدب البولندي المعاصر فإننا نركز عليه في هذه المراجعة. وفيه يؤكد المؤلف إن نموذج فن الكتابة في القرن العشرين، المعارض لآداب القرن السابق، بدأ يتشكل أولاً في الشعر، تقريباً عند نهاية الحرب العالمية الأولى، وأصبح هدفه الرئيسي آنذاك هو التغلب علي الجماليات الشعرية لتيار بوابة “بولندا الشابة”، فجاء الشعر الجديد رافضاً فنيَّات اللغة المستخدمة سابقاً، ويُخضع التعبير الفني لقواعد تركيب دقيقة، أو باحثاً عن الإلهام من اللغة الدارجة، كما حلَّت صور المدينة المرادفة للحداثة محل المناظر الطبيعية. وفي فترة ما بين الحربين كان الشعراء العظام الذين ظهروا للمرة الأولى في القرن التاسع عشر، ما زالوا يبدعون، بل إن أبرز شعراء الرمزية البولندية، بوليسواف ليشميان، لم ينل التقدير الكافي حتى وفاته، وإنما اتخذ موقعاً وحيداً في ظلال الاتجاهات العصرية، بحسب تومكوفسكي. في حين أن ليوبولد ستاف، تطورت أشعاره بانتظام ومن ثم حظي بشهرة أكبر. وستاف عرف بتخليه عن جماليات “بولندا الشابة” ليتجه صوب الحياة اليومية وكل ما هو اعتيادي. ما بين الحربين تميَّز شعر فترة ما بين الحربين بوجود عدد من الجماعات الشعرية المتنافسة. وتركزت أقوى هذه الجماعات حول المجلة الشهرية “سكاماندر” التي استمر صدورها لأكثر من عشر سنوات. وتوحد الخمسة الكبار في هذه الجماعة حول ولعهم بالوضوح وتشككهم في النظريات التي أعطت للشاعر دور الرسول والكاهن، وأيضاً وحدتهم تقليدية الشكل، وعلى النقيض من فناني الطليعة في ذلك الوقت، لم يعلنوا قط برنامجهم الخاص. عند انطلاقهم كانت الشهرة العظيمة من نصيب يان ليخون (1899 – 1956) وهو صاحب “القصيدة القرمزية”، و”الفضي والأسود”، الذي عبر عن المزاج الوطني عن طريق الحوار مع أتباع التيار الرومانسي. أما يوليان توفيم (1894 – 1953) فقد استوحت العروض الكوميدية الكثير من نصوصه، بل إن أعظم نجوم فترة ما بين الحربين كانوا يتغنون بكلماته، ومنهم المغنية هانكا أوردونوفنا. كما اشتهر كمؤلف لأعمال الأطفال المحبوبة. ومن تلك الجماعة برز كذلك ياروسواف إيفاشكيفيتش (1894- 1980) الذي مال إلى الكلاسيكية في شعره. أما رواياته فكانت أقل نجاحاً. أما جماعة “طليعة كراكوف” فكانت تقوم على فرضية مفادها أن الشعر هو تركيب جمل جميلة، ومن هنا دعت إلى التخلي عن الإيقاع والأجواء العاطفية. وكان منظرها الرئيسي هو تاديوش بايبر (1891- 1969) ومن شعرائها يوليان بشيبوش وآدم فاجيك. و هناك كذلك “طليعة فيلنيوس” وكانت ستظل، بحسب المؤلف، “مجرد حلقة قصيرة في تاريخ الشعر البولندي”، لولا المسيرة الفنية لتشيسواف ميووش (1911- 2004) صاحب “ثلاثة شتاءات”. وعندما حاز ميووش جائزة نوبل عام 1980 كثالث بولندي يحصل عليها بعد شينكيفيتش وريمونت، “لم يكن القراء في بولندا يعرفون عنه إلا القليل جداً” ص 104. لكن عقب فوزه بجائزة نوبل رفعت السلطات البولندية القيود المفروضة عليه، وأخيراً أصبح في إمكانه زيارة بولندا، وبدأت دور النشر التي تسيطر عليها الرقابة تنشر كتبه. علاوة على ذلك، كانت فترة ما بين الحربين مرحلة أخرى مهمة في تطور شعر المرأة، حيث وصلت ماريا بافلكوفسكا- ياسنوجيفسكا (1891- 1945) إلى أعلى مكانة. في حين تركت كازيميرا إيواكوفيتشوفنا (1892- 1983) أشعاراً أكثر تنوعاً في موضوعاتها. بينما في النثر، بدأ يبزغ نموذج رواية القرن العشرين المتناسب مع إنجازات الأدباء العالميين. المرحلة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية وفرت ظروفاً مواتية لكتابة الرواية التي حاولت أن تتصالح مع الماضي، وهي مازالت مستمدة من العصر السابق. ومن أبرز روايات تلك الفترة “ما قبل الربيع” لستيفان غيرومسكي، و”الأجداد” لميتسكيفيتش، و”بنيوفسكي” لسووفاتسكي و”المحصول الشتوي لبيرينت. الصورة النقدية لواقع فترة بين الحربين عادت في أعمال زوفيا ناوكوفسكا (1884- 1954) التي اهتمت بالطابع النفسي أكثر من اهتمامها بالقضايا السياسية. روايتها “قصة حب تيريسا هينبرت” كشفت عن فساد السلطة والأساليب الملتوية لشاغلي الوظائف في فترة ما بعد الحرب. ودلت روايتاها “المتلهفون” و”الحب السيئ” على درايتها بكل من التحليل النفسي وتقنيات السرد في القرن العشرين. وعلى الرغم من أن رواية “الليالي والأيام” لماريا دومبروفسكا تعد أبرز كتاب نشر في فترة ما بين الحربين، فإنها تعد العمل الذي أغلق القرن التاسع عشر نهائياً، حيث إن أعمال الكتاب من الأجيال الجديدة المولودين في العقد الأول من القرن العشرين هي التي فتحت آفاقاً جديدة. هؤلاء هم من أثروا الأدب البولندي من خلال استخدام المونولوغ الداخلي، وتقنية الأحداث المتزامنة ومنهجية التلاعب بالزمن والتركيبات الغريبة. كما أبعدوا أنفسهم عن النزاعات السياسية وشككوا في مهمة الأدب الاجتماعية، وركزوا انتباههم على السلوك النفسي للفرد. وجهتهم قراءات فرويد وأدلر إلى التحول إلى العقل الباطن، بالإضافة إلى تحليل تجارب الطفولة والحياة الجنسية. ومن هؤلاء ميخاو خورومانسكي، وتيسواف ستراشيفيتش، وتاديوش بريزا، وبرونو شولتز، وفيتولد غومبروفيتش. وفي تلك الحقبة برزت مسرحيات ستانيسواف إيغناتسي فيتكيفيتش (1885 – 1939)أتى العام 1956 بانتعاش في حركة الشعر في البلاد. الشهير بفيتكاتسي ومنها “التحرير الجديد”، “في منزل ريفي صغير”، و”دجاجة الماء”. في حين أن روايتيه “وداعاً للخريف” و”الشراهة” فقد تم نشرهما في فترة ما بين الحربين واستقبلهما الجمهور ببرود. فنتيجة لضعف الرقابة والتخلي عن أسلوب الواقعية الاشتراكية تمكن العديد من المبدعين من نشر كتاباتهم المهمة في المجلات الأدبية. وكانت من بينهم فيسوافا شيمبوريسكا (1932- 2012)، “التي تم استقبال خبر فوزها بجائزة نوبل عام 1996 بمشاعر متضاربة، فلم يستطع البعض أن يغفر لها دواوينها الأولى التي هيمنت عليها الواقعية الاشتراكية، بينما رأى آخرون أن زبيغنيف هيربيرت هو الذي يستحق الجائزة في حين استاءت مجموعة أخرى من إنتاجها الأدبي القليل مقارنة بإنجازات ميووش”. إيفا ليبسكا (1945) كتبت بيان الجيل “نحن” وبعد ذلك صدر لها ديوان بعنوان ذي مغزى: “أنا”. في حين أن ماريانَّا بوتشيات (1942 – 2003) التي كانت من بين أعمالها مجموعة من الحكم الشعرية المؤثرة “غنوما” Gnoma فقد شددت على ضرورة الدفاع عن الإنسانية المهددة بالشمولية بل وأيضاً المهددة بالحضارة الحديثة. ومن بين الأسماء التي تشكل بانوراما الشعر البولندي في القرن الـ 21 فويتشيخ فينتسيل (1972) وتوماس روجيتكي (1970) وماريك باتيروفيتش الذي يعيش في أستراليا، وألكسندر ريبتشينسكي الذي يقيم في كندا، وهو مؤلف الديوان المهم “بولندا الملعونة”. وقد تسرب التاريخ المعاصر إلى أعمال تاديوش كونفيتسكي (1926 – 2015) في روايات مثل “تفسير الأحلام المعاصر” و”الصعود إلى السماء” و”الشبح نصف الحيوان ونصف الإنسان”، فقد تحدثت بشكل رمزي عن مناطق الحدود الشرقية المفقودة من الوطن وعن الحياة اليائسة في بولندا ما بعد الحرب. المزيد عن: الأدب البولنديترجمةالاستشراقمراحل تاريخيةالشيوعيةالحريةنقدشعراءروائيون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فيلم “الخرطوم”: توثيق إرث ضائع وسط لهيب الحرب next post ظاهرة الزواج العصري المأزوم في مقاربة فلسفية You may also like ظاهرة الزواج العصري المأزوم في مقاربة فلسفية 30 يناير، 2025 فيلم “الخرطوم”: توثيق إرث ضائع وسط لهيب الحرب 30 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: أفاعي موقع مسافي في... 28 يناير، 2025 جماليات التجريد الغنائي في لوحات جنان الخليل 28 يناير، 2025 قضايا الحرية والهوية والاغتراب تشغل 5 مجموعات قصصية 28 يناير، 2025 ياباني يكتب رواية صينية معاصرة عن الذاكرة الثقافية 28 يناير، 2025 مبادرات لدعم القارئ والناشر في معرض القاهرة للكتاب 28 يناير، 2025 هل يستحق “إميليا بيريز” 13 ترشيحا لـ”الأوسكار”؟ 28 يناير، 2025 المؤرخ الفرنسي هيرفي لو برا: لا يوجد عرق... 28 يناير، 2025 هل كان بلزاك نابوليونيا أم اكتفى بالإمبراطور كأدب؟ 28 يناير، 2025