الأربعاء, يناير 1, 2025
الأربعاء, يناير 1, 2025
Home » مهى سلطان تكتب عن : 10 سنوات على رحيل بيار صادق… وريشته ما زالت تحاكي واقعنا

مهى سلطان تكتب عن : 10 سنوات على رحيل بيار صادق… وريشته ما زالت تحاكي واقعنا

by admin

لاذعٌ وساخرٌ في نقده ولمّاح وحرّ في فكره ونهجه هو بيار صادق، صاحب النكتة والروح المرحة والبداهة والسرعة في التقاط الحدث واستنباط خلفياته،

 بيروت- النهار العربي \ مهى سلطان

في 24 نيسان (أبريل) تمرّ الذكرى العاشرة لرحيل رسام الكاريكاتور الأشهر في لبنان والعالم العربي بيار صادق (1938- 2013) الذي ارتبط اسمه طويلاً بجريدة “النهار”، وللمناسبة نظمت مؤسسة بيار صادق بالتعاون مع مركز فينيكس للدرسات اللبنانية معرضاً بعنوان “بيار صادق بريشته” يقام حالياً في مكتبة جامعة الروح القدس- الكسليك (يستمر حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023)، وما بين 24 نيسان (أبريل) و30 منه، وتكريماً للفنان الراحل ستعاود شاشة LBC بث باقة من رسومه بعد نشرة الأخبار في وقفة استذكارية تستعيد فيها “المؤسسة اللبنانية للإرسال” على مدى أسبوع “الصفحة الأخيرة مع بيار صادق” التي كان ينتظرها اللبنانيون بشوق، وتستضيف بعدها وجوهاً من المشاهير في عالم الصحافة والسياسة والثقافة (من بينهم رسام الكاريكاتور في جريدة الـ”لوموند” الفرنسية Plantu والصحافي المصري عماد الدين أديب).

بعد معرض أبوظبي تأتي هذه المبادرة التكريمية التي تنظمها عائلة الفنان وورثته عبر مؤسسة بيار صادق، لإحياء إرثه الفني، الذي تم ايداعه في مركز فينيكس للدرسات اللبنانية الموكل حصرياً منذ العام 2017 بتنظيم الأرشيف الضخم والمتنوع الوسائط للفنان الراحل، وهو يفوق الثلاثين ألف رسم ما بين أعمال مطبوعة ومنشورة ومتلفزة، يعمل المركز على تبويبها وتصنيفها رقيماً كي تصبح وثائق حيّة وشاهدة على الحقبة المأزومة والمضطربة من تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي، التي أرّخها الفنان بريشته اللاذعة والصادقة والنابضة بالحكمة والرؤية الصائبة لكي تبقى للأجيال الجديدة التي لم يتسنَ لها التعرف الى الفنان ولم تعش تجربة الحرب الأهلية وأحداثها الدامية وتداعياتها.

اختارت مكتبة الروح القدس- الكسليك لمعرضها 38 عملاً تحمل مضامين الطابع الاجتماعي وليس السياسي، تمتد من أوائل ستينات القرن العشرين حتى المرحلة الأخيرة من حياته. وهو عمل استرجاعي يعيدنا الى تجربة بيار صادق في فن الكاريكاتور التي تقارب الخمسين عاماً متواصلة ما بين أعمال منشورة في صحف وتعليقات اعقبت نشرات الأخبار، عسكت تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي من الحداثة الى المعاصرة في عهود مختلفة لرؤساء الجمهوريات. كما عكست التطور الذي طاول العمل الإعلامي نفسه، ما بين المقروء وتكنولوجيا التحريك في المرئي – المتلفز. موضوعات متشعبة عكست أحوال المجتمع اللبناني، لا سيما خلال جولات الحرب الأهلية والأزمات والصراعات الطائفية والمحاور السياسية والانقسامات المجتمعية في ظل الوجود الفلسطيني ثم الاجتياح الإسرائيلي ومعاناة أهل الجنوب اللبناني وصولاً الى مرحلة الاغتيالات السياسية وتبعاتها التي ما زالت ذيولها تنسحب على حاضرنا، ذلك فضلاً عن بعض الرسوم التي تحمل موضوعات متصلة بواقع العالم العربي والأحداث الدولية.

لاذعٌ وساخرٌ في نقده ولمّاح وحرّ في فكره ونهجه هو بيار صادق، صاحب النكتة والروح المرحة والبداهة والسرعة في التقاط الحدث واستنباط خلفياته، وهو سبّاق في طرح الأسئلة الشائكة لا سيما المعضلات التي تطاول بنية النظام السياسي والطائفي في لبنان، لذا كثيراً ما حملت رسومه وانتقاداته رسائل ذات رؤى مستقبلية، ما زالت حيّة وصالحة حتى الوقت الراهن.

كثيراً ما اعترضت الرقابة على رسومه ومُنعت من التداول والنشر والبث، ولكن بيار صادق تخطى كل العقبات وقفز فوق كل الخطوط الحمر كونه يمثل الرأي العام اللبناني وينادي بمطالبه. فقد كان يوجّه رسائله بذكاء محكم مبطّن بالنكتة العفوية، من خلال شخصية افتراضية هي القروي اللبناني الذي يشكك بصدقية وعود السياسيين مثل “توما”، ويمثل في آن واحد الطبقة الاجتماعية المسحوقة التي عكست ريشة بيار صادق أوجاعها ومعاناتها وأحزانها. وهي حقاً الطبقة التي تنطلق منها عادةً شرارات النقد وموجات النكات والتعليقات الموجهة ضد السياسيين. لطالما كانت رسوم بيار صادق التي كان يترقبها الناس بفارغ الصبر هي تنفيس عن الضيق الذي كان يكتنف معيشتهم في مختلف الظروف، ولطالما أضحكتهم وأزاحت عن كاهلهم أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية خانقة. ولم تتوقف تلك الريشة عن العطاء ومواكبة حياة الناس إلا بعد أن ألمّ به المرض ليفارق الحياة في نيسان (أبريل) من عام 2013.

 

ملكٌ على عرش الكاريكاتور

“أحلِفُ بفن الكاريكاتور العظيم، أني أحترم دستوره وقوانينه وأحفظ حريته واستقلاله وظلامة منتقديه” هذا القسم الذي افتتح به بيار صادق كلمته اثناء منحه وسام الاستحقاق الليونزي في حفل أقيم في قصر الأونسكو العام 2000، وهو المبدع الذي كرّس فكره وقلبه وعمره للكاريكاتور، هذا الفن الذي يبحث في نقده الساخر عن الحقيقة ويفضح الكذب الذي يغطي بغشاوته الحياة السياسية، وتعتبر رسومه وتعليقاته أفضل من خطابات السياسيين ومعارضتهم السياسية.

آمن بيار صادق بالحرية التي من دونها لا ينوجد هذا الفن، فظل حراً ولم يتقوقع في تبني سياسة أي فريق من الفرقاء في لبنان، وكان من أبرز شروطه التي يفرضها على المؤسسات الإعلامية التي عمل فيها هي عدم التدخل في شأن ما يرسمه ويقدمه للجمهور لأنه يتحمل وحده مسؤولية موقفه ووجهة نظره، ذلك ما أتاح له الانتقال من مؤسسة إعلامية الى أخرى بلا حرج. فقد ظل مترفعاً في مواقفه الساخرة بعيداً من الإسفاف، فهو لم يتناول أحداً بالتجريح بسبب وجود رادع داخليّ يمنعه من السقوط في فخ السوقية والابتذال.

بيار صادق من مواليد زحلة (1938) والده كان ترجماناً لكولونيل فرنسي زمن الانتداب، انتسب العام 1957 الى الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، تتلمذ على يد الفنان قيصر الجميل الذي اكتشف موهبته في الرسم. بدأت رحلته في عالم الصحافة العام 1955 في مجلة “الخواطر”، ليمتهن العمل في تخطيط مانشيتات الصحف وعناوين الموضوعات التي كان ينفذها بريشة مبرومة مبتكراً خط “الروند”- بحسب ما جاء في شهادة الروائي الياس خوري في مقال كتبه مع بلال خبيز عن تجربة بيار صادق (نشر في جريدة “النهار” 7/16/ 1994) ما أثار احتجاج الخطاطين المعروفين على اعتبار انه شوّه الخط العربي قبل أن يصبح ذلك تقليداً متداولاً.

 

عمل رساماً في مجلة “الدبّور” ثم انتقل الى دار الصيّاد وعمل في رسم الكاريكاتور السياسي في جريدة “الانوار”، انتقل الى جريدة “النهار” بناءً على طلب مديرها العام غسان تويني، وكانت “النهار” أول جريدة عربية سبّاقة يصدر فيها كاريكاتور على ثمانية أعمدة في صفحتها الأخيرة. ما بين 1959- 1960 استطاع بيار صادق أن يبني لنفسه مركزاً متميزاً بين أقرانه فذاع صيته بين النخبة المثقفة وطارت شهرته وتناقلت الألسن اسمه في كبريات الصحف العربية والأجنبية. تنقل بعدها في عدة صحف يومية تصدر داخل لبنان وخارجه (“المنار والعمل والديار والنهار العربي والدولي والجمهورية”)، لينضم مجدداً الى أسرة “النهار” العام 1992.

في العام 1986 بدأ بيار صادق تجربة الكاريكاتور التلفزيوني السياسي المتحرك (على طريقة الشريط المرسوم) اليوميّ على شاشة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” (LBCI) ثم انتقل الى شاشة تلفزيون “المستقبل” العام 2002، كان هاجس الكاريكاتور يسكنه على الدوام، في ليله ونهاره، يصحو على كاريكاتور حلُم به فيقوم بتنفيذه صباحاً. كان لا يرسم فحسب بل يعيش هذا الفن: أربع وعشرون ساعة على أربع وعشرين ساعة على ما وصفه أصدقاؤه المقربون. فقد تربع على عرش مملكة الكاريكاتور التلفزيوني وبالرغم من وجود تجارب مشابهة غير أنها لم تنل الشهرة التي نالها بيار صادق.

استطاع أن يترك بصمته المميزة في هذا الفن في لبنان وخارجه، فقد عرضت رسومه في أكثر من معرض ومحفل دولي ونالت عدة جوائز تقديرية. بالرغم من رحلته الطويلة في مضمار هذا الفن فقد ظل دائم البحث عن أفكار جديدة وكان يسعى للاطلاع على تجارب سواه من رسامي الكاريكاتور حول العالم، وهذا ما جعله متقداً في عمله دائم الاندفاع والتجدد. فقد فرض وجوده كشخصية مميزة على الساحة اللبنانية والعربية، حتى أن بيار صادق أطلق على هذا النوع من الفن اسم “معالي الكاريكاتور” معتبراً إياه رسالةً وهمّاً يومياً في متابعة الأحداث البارزة والمواقف التي يتوجب إيصالها الى الجمهور.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00