الجمعة, يناير 10, 2025
الجمعة, يناير 10, 2025
Home » من الحب ما قتل… كيف لعلاقة زواج أن تنتهي بمأساة؟

من الحب ما قتل… كيف لعلاقة زواج أن تنتهي بمأساة؟

by admin

 

صدمة في لبنان بعد مصرع الإعلامية عبير رحال على يد زوجها قبل انتحاره

اندبندنت عربية / كارين اليان ضاهر صحافية لبنانية @eliane_carine

ليست الخلافات الزوجية مسألة مستجدة، بل تبدو طبيعية في العلاقات البشرية منذ بداية العصور، أما ما يبدو مستجداً فهو أن تبلغ حد قتل الشريك، وكأن كل مشاعر الحب والعشق يمكن أن تتحول أحياناً إلى حقد ينهي حياة أحد الطرفين أو كلاهما معاً.

وخلال الأعوام الأخيرة تكررت قصص مأسوية في لبنان انتهت بجريمة قتل للشريك وتبعها انتحار الجاني أحياناً، وبعيداً من الجوانب القضائية والقانونية وتلك الاجتماعية، فيبدو الإطار النفسي في هذه القضايا أساساً ولا يمكن التغاضي عنه، فهذه القصص التي تبدو صادمة للرأي العام لدى حصولها بين فترة وأخرى تخفي تحولاً جذرياً في المشاعر والظروف التي ترافق الزوجين، فكيف يتحول العشق إلى كره ورغبة في القتل لينتهي زواج بمأساة؟

تحول ينتهي بجريمة

وآخر الجرائم التي هزت المجتمع اللبناني كانت مقتل الإعلامية عبير رحال على يد زوجها خليل مسعود الذي أقدم على الانتحار بعد جريمته، وأيضاً بعد شهور قليلة من جريمة مماثلة ذهبت ضحيتها أم أربعة أطفال حين أقدم الجاني بعد قتل زوجته على الانتحار.

واللافت في هذه الجريمة أنها حصلت قرب المحكمة الشرعية في بلدة شحيم بمحافظة جبل لبنان بعد شهور من الخلافات المستمرة بين الزوجين، وبعد زواج دام أعواماً أنجبا خلاله ثلاثة أطفال لا يتخطى عمر أصغرهم الشهر الواحد. وكانت الخلافات تطورت بين الزوجين خلال الفترة الأخيرة إلى درجة دفعت رحال إلى مغادرة بيت الزوجية بسبب تعرضها للإساءة، فعادت لمنزل أهلها ورفعت دعوى طلاق من زوجها.

انتهت قصة حب عبير رحال وزوجها بمقتلها وانتحار الزوج (مواقع التواصل)

 

ولاقت الإعلامية اللبنانية حتفها أمام المحكمة خلال توجهها لاستكمال إجراءات الانفصال، إذ عمد الزوج إلى تصوير فيديو ونشره على مواقع التواصل يشرح فيه تفاصيل الجريمة ويعلن في آخره عن نيته الانتحار.

وبعد قرابة ساعتين عثرت القوى الأمنية على جثته بعدما أطلق النار على نفسه، وما يبدو صادماً أن الزوج كان أرسل إلى زوجته رسالة على وسائل التواصل منذ فترة قصيرة تضمنت عبارات يؤكد فيها حبه ودعمه لها إلى الأبد مهما حصل، وعلى إثر هذه الجريمة وقبلها جرائم كثيرة مماثلة حصلت في لبنان والعالم، تُطرح علامات استفهام حول أسرار هذا التحول الذي يمكن أن يحصل في العلاقات الزوجية والعاطفية ويؤدي إلى انتهاء علاقة حب وشغف بجريمة.

غياب الطرق الاحترافية

وفي هذا الإطار يشير الطبيب الباحث والمعالج النفسي الدكتور وائل كرامة في حديثه مع “اندبندنت عربية” إلى أن العنف المرتبط بعلاقات الحب يعتبر شائعاً في المجتمعات الشرقية والغربية، على حد سواء، وقال إنه “من الصعب عزل العلاقة التي تنتهي بجريمة عن التعنيف وإن كانت بدأت بحب، خصوصاً أن هناك سلوكيات لها علاقة بالتعنيف في مراحل معينة، وأنواع عدة فقد يكون لفظياً أو معنوياً أو جسدياً وصولاً إلى الجريمة”.

وبحسب كرامة فإن التعنيف في علاقات الحب من المسائل الحساسة التي لا يعترف بها أو يمكن التحدث عنها للطبيب وخصوصاً في المجتمعات العربية ويكون هناك تكتم شديد بخصوصها، وفي كل الحالات حتى لو جرى الحديث عن هذا التعنيف فلا تُتخذ أية إجراءات ولا يكون هناك أي فعل لمواجهته، عكس ما يحصل في المجتمعات الغربية فهناك توصيات بزيارة المرأة التي في سن الإنجاب للطبيب ليجري الوقوف على حالها بدقة، وتُطرح عليها أسئلة معينة حول العلاقة مع الشريك وطبيعتها وطرق معالجة المشكلات، وما إذا كان هناك تعنيف أو تهديد بالسلاح، وبالاستناد إلى الأجوبة يُجرى التقييم بحسب ما إذا كانت خائفة على حياتها أو تبدو قلقة، وتوضع خطة للمواجهة، كما توجّه حول الطرق التي يمكن أن تحمي نفسها بها.

تخشى الزوجات البوح بكل ما يتعرضن له خشية أذى مضاعف (مواقع التواصل)

 

أما في لبنان فما من إجراءات جدية تُتخذ في هذا الشأن وليس هناك إلا جمعيات محدودة تلجأ المرأة إليها، وحتى في هذه الحال يمكن أن يفتقر بعضها إلى الطرق الاحترافية في التعاطي مع مثل تلك القضايا الدقيقة، وفقاً لكرامة الذي شدد على أنه ما من علاقة تشبه الأخرى ولا يمكن التعميم، لكن مما لا شك فيه أن الحب الذي يصل حد الهوس والذي لا ضوابط فيه أو عقلانية، ويصنف في إطار العشق اللاعقلاني ويكون عادة محفوفاً بالأخطار بسبب المشاعر القوية التي ترافقه، وعندما تخف هذه المشاعر يحصل التحول في العلاقة إما بسبب مشكلات مادية أو عدم التكافؤ في المستوى الثقافي والتعليمي بين الطرفين خلال أية فترة من الفترات، أو لأسباب أخرى.

ويمكن أن تكون الزوجة متعلمة فيما الزوج غير متعلم، ويخشى في مرحلة ما أن يخسرها بعد تمتعها بالاستقلالية، فيسعى إلى تحقيرها أو التقليل من شأنها عبر إذلالها أو تخويفها حتى لا تتخلى عنه، وفق كرامة، الذي تابع حديثه بقوله “لا بد من التوضيح أن التعنيف لا يقتصر على المرأة دائماً، فثمة نساء أيضاً يعنفن أزواجهن ولو بنسبة أقل، إلا أنه نادراً ما يجري التبليغ عن تعنيف الرجل لأنه يخجل عادة من هذا الشأن الذي يعتبر مذلاً له إذا حقرته زوجته أو عنفته، لكن من الممكن أن تحصل في مجتمعاتنا حوادث قتل نساء لرجال حتى”.

أسباب كثيرة

وفي مجتمعاتنا لا تتوافر أرقام دقيقة وإحصاءات حول معدلات التعنيف الزوجي والحالات التي تصل فيها الأمور حد القتل، لكن في الولايات المتحدة تشير الأرقام إلى أن 20 أو 30 في المئة من النساء يتعرضن للتعنيف خلال حياتهن، كما يذهب 1000 شخص تقريباً سنوياً ضحية الجرائم التي تحصل في إطار الزواج، وفي معظم الأحيان تحصل الجريمة بعد قرابة عام من انتهاء العلاقة أو الانفصال، وفق ما يوضح كرامة، أما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تحول العلاقة القائمة على الحب لتتخذ منحى عنيفاً وتنتهي بمأساة وجريمة قتل فهي عدة، وأبرزها وجود سلوكيات معينة مثل تعاطي المخدرات أو الكحول، وإصابة أحد الطرفين باضطراب نفسي من نوع الاكتئاب الحاد أو الاضطراب الثنائي القطب أو الانفصام، ففي بعض حالات الاكتئاب يبلغ المريض حد الانتحار أو الإقدام على القتل، كما أن ثمة شخصيات مركبة مثل تلك المعنِفة والعدائية والسادية التي تستمتع بتعذيب الآخر ولو كان أقرب الناس إليها، وقد تصل بها الأمور حد القتل كي لا يكون الشريك لغيره.

وبشكل عام فإنه في العلاقات العاطفية ذات الشغف والعشق كبيرين، وعندما يصل الحب حد الهوس فإن أحد الطرفين يعاني هاجس خسارة الطرف الآخر وفقدانه، سواء بسبب حب التملك أو الاعتماد عليه مادياً أو استغلاله وابتزازه، وفي ظل هذه الظروف وخشية خسارة الطرف الآخر يستمر التعنيف والتحقير والابتزاز، وتعيش الضحية وكأنها في سجن يستحيل أن تخبر عما يحصل في داخله، بل إنه عندما يشعر المعنِف بأنها يمكن أن تخرج من سجنه هذا فقد يلجأ إلى مزيد من العنف أو يدخل حال اكتئاب شديدة ويجد صعوبة في السيطرة على نفسه وسلوكياته بسبب إحساسه بفقدان كل ما يملك، وهنا قد يقدم المعنِف على الانتحار أو قتل الطرف الآخر، وهي مرحلة يتحول فيها الحب إلى حقد عندما يشعر الجاني بانعدام التقدير لكل تضحياته، وإمكان التخلي عنه على رغم التفاني الذي يعتبره في ما يقدمه للآخر، ففي الفيديو الذي صوره زوج عبير رحال فقد تحدث عن كل ما قدمه لها وكأنها ملك له ولا بد لها من الخضوع له طوال الحياة، وتوقع أن تبقى خاتماً في إصبعه كعربون تقدير لما قدمه لها.

ويعود الطبيب الباحث والمعالج النفسي الدكتور وائل كرامة ليؤكد أن “أحد الطرفين قد يتجه إلى قتل الآخر ويقدم بعدها على الانتحار كما حصل في حالات عدة وجرائم سُجلت في لبنان خلال الأعوام الماضية، ويكون الانتحار خطوة يقدم عليها أيضاً إما لأنه تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو لأنه يخشى أن يُحاكم من قبل القضاء أو من قبل المجتمع، ويعاني ضغوطاً نفسية تجعله يصل إلى هذه المرحلة بسبب الاكتئاب الشديد الذي يعانيه أو بسبب اضطرابات أخرى تجعله يتصور بأنه تعرض للخيانة بسبب شخصيته المتشككة التي تفسر الأمور بغير حقيقتها”.

وهذه العوامل كلها يمكن أن تلعب دوراً في بلوغ مرحلة يتحول فيها الحب إلى حقد ورغبة في القتل، إضافة إلى المشكلات المادية والجهل والفشل في الحياة وعدم القدرة تحقيق أي إنجاز وقلة القدرات المادية، وربما يكون الجاني قد تعرض في طفولته إلى التعنيف أو الاغتصاب أو التحرش من قبل أحد الأفراد في محيطه، فينمو لديه حقد ورغبة في الانتقام وينتقم عندها من الشريك الذي يعتبر أقرب الناس إليه، خصوصاً إذا كان قد ترعرع في عائلة مفككة يكثر فيها التعنيف والمشكلات.

ويؤكد كرامة أنه لا يمكن أن يرتكب إنسان طبيعي لا يعاني اضطراباً نفسياً جريمة يقتل فيها أم أطفاله وحبيبته ثم يقدم على الانتحار، فثمة مشكلة حتماً في مكان ما، ولا بد من أن يعاني الجاني الاكتئاب الشديد أو يتعاطى المخدرات أو الكحول، حتى إنه في بعض الاضطرابات النفسية يمكن اللجوء الى القتل أو الانتحار أو الإثنين معاً بسبب هلوسات صوتية تأمر المريض بفعل الجرم.

اضطراب نفسي لا يُعالج

وفي حالات عدة يعاني أحد الطرفين اضطراباً نفسياً قبل الزواج ولا يعالجه قبل الدخول في هذه العلاقة وقد يكتشف الطرف الآخر لاحقاً هذا الاضطراب، لكن تجب الإشارة هنا إلى أن الاضطرابات النفسية المرتبطة بالمشكلات الزوجية عدة، ويجب التمييز بين الأزواج الذين يعانون اضطرابات نفسية مزمنة ما قبل الزواج وبين الذين يعانون اضطرابات نفسية ناتجة من فشل الزواج والعلاقة، وفي غياب التوازن النفسي لدى أحد الفريقين يمكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد الأقصى، والأسوأ أن المتابعة النفسية في لبنان لا تزال محدودة مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأمور، وحتى في حال المتابعة القضائية لا تكون هناك متابعة مهنية دوماً حتى تنتهي الأمور بطريقة حضارية يجري الاعتراف فيها بحقوق الآخر، خصوصاً في حال تدخل الأهل أو أطراف أخرى في العلاقة، وفق كرامة.

وما بين هذا وذاك تبرز ضرورة اللجوء إلى استشاري في العلاقات الزوجية عندما يبدو وكأن الأمور تتخذ منحى خطراً، ويجب عدم ترك المشكلات تتفاقم كما يجب عدم إفساح المجال أبداً للتعنيف، لأنه ينتهي بجريمة قتل في حال عدم معالجة الأمور، فلا يمكن أن يستمر الإنسان في علاقة تكون فيها حياته مهددة، وحكماً هو يسعى إلى الخروج منها.

تغيب ثقافة التوجه إلى الاختصاصي النفسي لدى الأزواج العرب (رويترز)

 

وبمتابعة اختصاصي ما فيمكن أن تنتهي العلاقة بطريقة آمنة مع تعلم كيفية التعاطي معها والخروج منها، أو الاستمرار فيها بطريقة يكون فيها تكافؤ نفسي ومادي ومعنوي، كما يجب وضع برنامج مع قوانين تحمي وتُطبق بطريقة صحيحة ومناسبة تشرف الجهات الأمنية عليها، وهذا السيناريو لا يحدث في لبنان والدليل على ذلك ما حصل مع الضحية عبير رحال التي قتلت على بعد أمتار من المحكمة.

ويعلق كرامة بقوله إن “المحاكم الشرعية والدينية في لبنان تفتقد وجود مستشار في الطب النفسي لمتابعة الحالات والمساعدة في تصنيفها وتشخيصها وعلاجها، فيكون تدخل القضاء ورجال الأمن والمحامين عنصراً مفاقماً للمشكلة ويسهم بطريقة أو بأخرى في انهيار العلاقة كلياً وانتهائها بمأساة القتل أو الانتحار أو الإثنين معاً”.

ويسهل في مجتمعاتنا اتهام الطرف الآخر بالخيانة لتبرير هذا الفعل وإن لم يكن ذلك صحيحاً، وينطبق ذلك على النساء أيضاً وإن كانت غالباً لا تصل الأمور مع المرأة حد القتل ولو كانت تعنف زوجها.

وأخيراً لا ينكر كرامة أن وجود وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى فقدان الخصوصية في العلاقات وكأن كل شيء بات مباحاً، مما يمكن أن يسهم في أن تخرج الأمور عن سيطرة الزوجين ولا تعود هناك حصانة منزلية، إذ لم يعد هناك تركيز على العائلة وكيفية تحصينها وحمايتها نتيجة الاحتكاك الزائد بالناس وبينهم من يعاني اضطرابات نفسية، وعندها يمكن أن تنتقل الأفكار السلبية فتتفكك العائلات ويقضى على العلاقات.

المزيد عن: لبنانالمجتمعات الغربيةالنساءالمرأةالزواجالتعنيفالحبالاغتصاب

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00