عرب وعالمعربي مقاهي المغرب العريقة تعيش على “أطلال التاريخ” by admin 2 يناير، 2023 written by admin 2 يناير، 2023 19 اجتذبت السياسيين والجواسيس والفنانين من جميع أنحاء العالم وما زالت تحتفظ ببعض معالمها اندبندنت عربية \ حسن الأشرف صحافي وكاتب من أراد أن يجلس على كرسي قد يكون اتكأ عليه من قبل ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل، أو مغني الروك الأميركي الشهير جيمي هاندريكس، يمكنه أن يقصد مقهى “الحافة” المعروف بمدينة طنجة شمال المغرب، أما من يرغب في ارتشاف الشاي في كأس شرب منها من قبل الكاتب الإسباني الشهير خوان غويتيسولو فعليه الاتجاه نحو مقهى “مطيش” بمدينة مراكش، الذي يوفر له هذه “الرفاهية التاريخية”. مقاه تاريخية عديدة في المغرب تلك التي جذبت مشاهير العالم في السياسة والفن والفكر والأدب، منها ما كان “متخصصاً” في لم كبار أدباء العالم، وما كان بمثابة تجمع لعظماء السياسة والفن، وأخرى كانت تضج بعبق التاريخ وأمجاد الموحدين والمرابطين، الدول التي حكمت المغرب طيلة قرون مضت. هذه الرمزية التاريخية، التي اشتهرت بها عديد من المقاهي في مدن طنجة ومراكش والرباط والدار البيضاء وأصيلة وغيرها تناقصت بشكل لافت في العقود والسنوات الماضية، إذ تحولت هذه الفضاءات إلى مجرد مقاه تعيش على “أطلال التاريخ” وأسماء الشخصيات التي كانت تملأها عطاءً وحضوراً وإشعاعاً. سحر “الحافة” في مدينة طنجة المغربية يقولون إن زائرها إذا لم يقصد مقهى “الحافة” كأنه لم يزر “عروس الشمال” أبداً، فهو على رغم كراسيه وطاولاته البسيطة وأجوائه الشعبية التي قد لا تروق لمن أدمن ارتياد المقاهي العصرية الباذخة، فإنه يملك سحراً خاصاً لا يفهم كنهه إلا من زار وجلس يرتشف كأس الشاي المنعنع في هذا المقهى الشهير. هذا المقهى المشيد منذ قرن وعامين، وتحديداً في عام 1921، لم يكن في البدء سوى هضبة مرتفعة عبارة عن “مصطبات”، وكان يرتاده سكان المدينة لما له من خاصية الإطلالة على البحر ومضيق جبل طارق، حيث تلوح للزوار أضواء إسبانيا من بعيد، قبل أن يحوله مالكه الراحل “با محمد” إلى مقهى يمتاز بأكياس شاي فواحة بالنعناع الأخضر. في مدينة طنجة المغربية يقولون إن زائرها إذا لم يقصد مقهى “الحافة” كأنه لم يزر “عروس الشمال” أبداً (اندبندنت عربية) “الحافة” ليس ذلك المقهى الذي يجذبك بشكله وكراسيه المريحة وطاولاته الجميلة أو بشاشاته التلفزيونية العملاقة، فهذه المميزات تركها لباقي مقاهي المدينة، لكنه يمتلك ميزة ليست لغيره، وهي الإطلالة السحرية المتفردة من الأعلى على البحر الأبيض المتوسط وعلى السواحل الجنوبية الإسبانية. ولعل تلك الإطلالة الباذخة هي التي شدت إلى مقهى “الحافة” شخصيات عالمية شهيرة من قبيل ونستون تشرشل الذي زار المغرب في يناير (كانون الثاني) من سنة 1943، لحضور “مؤتمر أنفا” بالدار البيضاء مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، والرئيس الفرنسي الجنرال ديغول، وملك المغرب حينها محمد الخامس، قبل أن يغتنم الفرصة لزيارة طنجة والجلوس في مقهى “الحافة” مرتشفاً كأس شاي مغربي أصيل وهو يطل على البحر ومضيق جبل طارق. تشرشل ولوركا ليس تشرشل وحده من سجل لعصر “الحافة” الذهبي، فالكاتب الأميركي الشهير بول بولز كان زبوناً وفياً لهذا المقهى الحميمي، وذكره في بعض أعماله الإبداعية، إذ أقام في مدينة طنجة سنوات عديدة حتى بات يعد من سكانها وأهلها. كما وقع في أسر هذا المقهى أفراد فرقة “رولينغ ستون”، والمخرج المسرحي ذائع الصيت صامويل بكيت، الذي لم يكن ينتظر “غودو” عند ارتشافه كؤوس الشاي في “الحافة”. ومن الشخصيات الأدبية التي ألفت هذا المقهى وجلست بين كراسيه الخشبية البسيطة الشاعر الإسباني الصريع فريديريكو غارسيا لوركا، والروائي الإيطالي ألبيرتو مورافيا، ومن المغاربة اشتهر الروائي الراحل محمد شكري بإدمانه هذا المقهى حتى إنه اشتهر برواية كتبها تحديداً فوق طاولات “الحافة”، وهي “الخبز الحافي”. والآن لم يعد “الحافة” هو “الحافة”، ولم يعد يؤمه مشاهير الأدب والفن والسياسة إلا لماماً، فقد أضحى ملاذاً للسياح من كل حدب وصوب يغريهم الفضول والحنين إلى “التاريخ والماضي” أكثر من أي شيء آخر، كما يقصده العشاق ومختلسو اللحظات “الخاصة”، فضلاً عن الحالمين بالهجرة إلى الضفة الإسبانية الذين يأتون إلى المقهى لرسم ملامح مستقبل وسط أمواج البحر الهادر. جواسيس “باريس” لا يمكن مغادرة مدينة طنجة من دون العروج قليلاً على مقهى “باريس” الشهير، الذي يعتبره كثيرون معلماً تاريخياً قبل أن يكون مقهى عادياً يقصده روادها وزوارها، فتشييده يعود إلى أكثر من قرن و18 عاماً، وتحديداً خلال الانتداب الدولي الذي خضعت له طنجة في 1904. وحافظ مقهى باريس التاريخي في طنجة على معظم مظهره الهندسي الخارجي وطابعه العمراني الذي شيد به أول مرة، فضلاً عن شكل الكراسي والطاولات نفسه، كما أنه ضمن له موطئ قدم ضمن قائمة “التراث الإنساني” العالمي المصنف من لدن منظمة “اليونسكو”. استطاع هذا المقهى الذي يحظى بموقع استراتيجي، باعتبار أنه يوجد قبالة القنصلية الفرنسية وفي إحدى أشهر ساحات مدينة طنجة، غير بعيد من سور “المعاكيز” (سور الكسالى) الشهير، أن يجذب إليه شخصيات معروفة في عوالم الأدب والفكر والفن أمثال أنطوني كوين، وتنيسي وليامز، وجان جينيه، كما أنه اشتهر بجذبه جواسيس العالم. حافظ مقهى باريس التاريخي في طنجة على معظم مظهره الهندسي الخارجي وطابعه العمراني (اندبندنت عربية) طنجة عموماً كانت معروفة بأنها مرتع لجواسيس العالم في حقبة الانتداب الدولي للمدينة، حيث كانت وجهة لسياسيي وجواسيس إسبانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال والولايات المتحدة الأميركية، بالنظر إلى كونها كانت “منطقة دولية” تغري القوى الاستعمارية حينها، من أجل بسط السيطرة على منافذ البحر الأبيض المتوسط. ولعل مقهى باريس “تخصص” في لم شمل جواسيس العالم خلال ذلك الزمن، منهم الجاسوسة الفرنسية مارغا دانديران، التي قيل إنها كانت أول أوروبي يدخل إلى مكة المكرمة ووجدت ميتة في ظروف غامضة إلى حدود اليوم، وذلك داخل زورق في أحد شواطئ طنجة عام 1948. وشكلت أعمال وحيل الجواسيس الذين كانوا يحطون رحالهم في طنجة ويرتشفون كؤوس الشاي في مقهى باريس، أرضية خصبة لإبداع عديد من الروائيين، منهم الكاتبة الأميركية أيلين بارون التي ألفت رواية “شعلة طنجة” عن عالمة الآثار ليلي سيمبسون، والتي تورطت في مهام جاسوسية بطنجة. مخبرو “باليما” إذا كان مقهى باريس في طنجة قد اشتهر بمثقفيه وأدبائه وجواسيسه في حقبة زمنية حساسة من تاريخ المغرب تتعلق بفترة ما قبل الاستقلال، فإن مقهى “باليما” الشهير وسط الرباط، والواقع قبالة مقر البرلمان، اشتهر بالمخبرين الذين كانوا يرفعون في إحدى المراحل التاريخية بعد استقلال البلاد “تقارير” عما يرونه ويسمعونه من رواد المقهى، سياسيين ونقابيين وطلبة وحتى أناس عاديين. وتأسس “باليما”، فندقاً ومقهى، عام 1932، من طرف ثلاثة رجال أعمال فرنسيين منحهم الجنرال الفرنسي ليوطي، إبان الحماية على المغرب، قطعة أرض للاستثمار فيها، فارتأوا إنشاء مقهى يكون القلب النابض للعاصمة، وهم على التوالي بادري وليوري وماتياس، فتمت تسمية المقهى من الحروف الأولى للمؤسسين الثلاثة. وكان المقهى يعج بالمواطنين الفرنسيين على وجه الخصوص، وأيضاً كان يؤمه سياسيون وشخصيات أجنبية مهمة كانت تأتي إلى الرباط، فتجدها فرصة لزيارة “باليما” لتغيير الأجواء، وبعدها في مرحلة ما بعد استقلال البلاد تحول المقهى ذاته إلى فضاء يجذب جميع الفئات الاجتماعية، لكنه عرف أكثر بأنه يأوي المخبرين السريين والفنانين والرياضيين، وكل من جاء إلى الرباط ولم يجد مكاناً يأوي إليه أيضاً. وكان المغرب يشهد خصوصاً في سنوات الستينيات والسبعينيات وحتى في الثمانينيات من القرن الماضي توترات سياسية بين أحزاب اليسار والسلطات الحاكمة، اتسمت في أكثر من محاولة انقلاب ضد الملك الراحل الحسن الثاني، فكانت ظاهرة “المخبرين السياسيين” شائعة بشكل لافت، بالنظر إلى أجواء التوجس السائدة في البلاد، بالتالي كان مقهى “باليما” محطة مفضلة لعمل المخبرين، باعتبار أن المقهى يقع أمام مقر البرلمان، كما أنه قريب من محطة القطار، وكان يجلس فيه المحتجون الذين يأتون إلى العاصمة للاحتجاج لتحقيق مطالبهم الاجتماعية. المزيد عن: المغرب\مقاهي المغرب\المقاهي التاريخية\الجواسيسو\نستون تشرشل\جيمي هاندريكس\خوان غويتيسولو\فرنس\امقهى الحافة\مقهى باريس\مقهى مطيش 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تحذيرات بريطانية: مشكلات الصحة العقلية باتت بحجم “جائحة موازية” next post “حفرة الدخان”… زينة المرأة السودانية على حساب الطبيعة You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024