ثقافة و فنونعربي مذكّرات يهودي مصري تُثير ضجةً ثقافيّة… من هو مُحرّر الكتاب؟ by admin 2 مايو، 2023 written by admin 2 مايو، 2023 34 القاهرة- النهار العربي \ هبة ياسين عن دار الشروق المصرية، صدر مطلع العام الجاري كتاب «ألبير آرييه… مذكرات يهودي مصري»، الذي لاقى احتفاءً في الأوساط الثقافية المصرية، نظراً إلى أهمية آرييه بصفته واحداً من أبرز الكتاب اليهود المصريين الذين عاشوا وماتوا في مصر، بعدما رفض وأسرته الانتقال إلى إسرائيل، كما أنه عاصر العديد من الحقب الزمنية منذ العصر الملكي، مروراً بالجمهورية وحتى رحيله عام 2021. هذا فضلاً عن دوره السياسي وانضمامه إلى “تنظيم حدتو” الشيوعي (الحركة الوطنية للتحرر الوطني)، الذي اعتقل. يتطرق الجزء الأول من الكتاب للتاريخ الاجتماعي للقاهرة في الثلاثينات حتى منتصف الأربعينات عبر سيرة عائلة ألبير اليهودية والعاملة بالتجارة. أما الجزء الثاني فيتناول مرحلة نهايات الحرب العالمية الثانية وصعود التنظيمات الشيوعية في مصر، وانضمام ألبير إليها. بينما جاء الجزء الثالث بعنوان “أحد عشر عاماً في السجون المصرية”، ويحكي تجربة ألبير كسجين سياسي في الفترة (1953-1964). فيما الجزء الرابع والأخير من المذكرات يتناول حياة ألبير بعد خروجه من السجن وحتى وفاته (1964-2021). يعد ألبير شاهداً على كثير من العصور في التاريخ المصري الحديث على امتداد سنوات عمره التي تجاوزت التسعين، إذ ولد في الحقبة الملكية في عهد الملك فؤاد، وعايش عصر الملك فاروق، وعاصر ثورة تموز/ يوليو 1952، وكان شاهداً على ثورة 25 كانون الثاني/ يناير2011، وصولاً إلى العهد الحالي، لذا يعد الكتاب شهادة وتوثيقاً لمرحلة مهمة في التاريخ المصري الحديث. كتاب مذكرات يهودي مصري من محرر الكتاب؟ أثار الكتاب جدلاً خلال الأيام الأخيرة، عندما خرجت الكاتبة هند مختار لتتهم دار الشروق بالسطو على مذكرات آرييه التي دوّنتها وحررتها، حيث بدأت معه هذه الرحلة في أيلول/ سبتمبر 2019 لتسجيل سيرته الذاتية بناءً على اتفاق مع إحدى دور النشر الأخرى، وليس دار الشروق وظلت تسجل وتحرر وتراجع معه حتى قبيل وفاته بأسبوعين. لم تصدر دار الشروق أي بيان أو رد حول ما تردد، بينما اكتفت منى أنيس، التي وضع اسمها كمحررة على ترويسة الكتاب بإصدار بيان عبر صفحتها الفيسبوكية دافعت فيه عن نفسها قائلة: “جاءني أكثر من رسالة من أصدقاء أعزاء تطلب مني الرد على منشور يتهمني، أنا “منى عبد العظيم أنيس” بسرقة مجهود السيدة هند، ووضع اسمي زوراً كمحررة لكتاب “ألبير آرييه: مذكرات يهودي مصري”. وسأحاول الرد على هذه السيدة باختصار، علماً أن هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أقوم فيها بالدفاع عن نفسي ولتذهب السيدة المدعية إلى القضاء أو (الجحيم) حتى”. وأضافت أنيس: “يبدو أن السيدة المذكورة لا تعرف الفارق بين التأليف والتحرير وتدوين الشهادة إلى آخر ما يعرفه أي محرر محترف. ومن الغريب أن تتهم سيدة شابة لا سابقة أعمال لها، امرأة تجاوزت السبعين وقضت في مهنة التحرير بالعربي والإنكليزي، وفي كبريات الصحف ودور النشر، أكثر من أربعين سنة، وما قامت به السيدة المذكورة هو الاستماع إلى شهادة ألبير آرييه (صاحب المذكرات) على حياته وتسجيلها، ثم تفريغها مقابل أجر. وترى أنيس أن المخطوط يحتاج إلى تحرير مكثف لأنه عبارة عن أجزاء غير مترابطة ويجب ضمه في سردية متصلة. كما أن لغة المخطوط كان ينقصها الكثير، سواء في ما يتعلق ببنيان الجملة، أو الأخطاء النحوية الكثيرة، وأضافت أنها صحّحت بعض الأخطاء والتواريخ كما دقّقت بعض حقائق الحركة الشيوعية المصرية التي تعرفها جيداً، وبالتأكيد أفضل من المدعية. على حد وصف أنيس. أثار رد أنيس غضباً لدى بعض المثقفين المصريين، إذ ارتأوا أنه جرى التعامل مع شكوى مختار بنبرة استعلائية، فضلاً عن أن رد أنيس احتوى إهانة مبطنة، حين قالت أنيس “فلتذهب إلى الجحيم”. حاولت “النهار العربي” التواصل مع أنيس ولكن لم يتسن لنا ذلك. ولكن من جهتها، كشفت الكاتبة هند مختار لـ”النهار العربي” ملابسات هذه المشكلة قائلة: “ثمة فهم خاطئ مفاده أنني أخذت نسخة الكتاب الأخيرة ومنحتها لدار الشروق بغية طباعتها، وهو ما لم يحدث، فالكتاب بنسخته ومراجعته النهائية كان بحوزة السيد ألبير قبل رحيله، إذ قمت بمراجعة الكتاب معه مراجعة نهائية وأرسلته إليه”. وأضافت: “قمت بالتسجيل معه على مدار عام ونصف عام، كنا نجلس معاً في المكتب حتى تفشى فيروس كورونا، وفرض الحظر، فواصلت التسجيل في منزله في شارع البستان” (وسط القاهرة). وحول اتهامها أن مهمتها تفريغ المحتوى فقط ولا حقوق لها أوضحت: “أنا كاتبة وسيناريست، وإذا كان الأمر يتعلق بمجرد التفريغ، فلماذا الاستعانة بكاتبة للقيام بهذه المهمة، وكان يمكن الاكتفاء بأي “تايبست” من دون الاستعانة بشخص يقوم بمحاورته وسؤاله، خصوصاً أن مسيو آرييه أخبرني أن ثمة تسجيلات فيديو سابقة له قامت بها إحدى الصحافيات، وطلب مني الاستعانة بها إذا أردت، ورفضت ذلك، رغبة مني بمحاورته مباشرة كي أنقل روحه مباشرةً للجمهور”. وأكدت أن ثمة الكثير من الشهود ممن اطلعوا على المسودات المتعاقبة للنص، بجانب المراسلات بينها وبين آرييه. انتظرت مختار للاطلاع على المذكرات، اعتقاداً منها أن هذا المشروع سيتم كتابته من جديد، وبعد قراءته وجدت أنها النسخة التي عملت عليها، بينما وضع اسمها على ترويسة الكتاب على أنها من قامت بالتفريغ. أوضحت مختار لـ”النهار العربي” أن “محتوى الكتاب مأخوذ نصاً وثمة تغييرات طفيفة، مثل تبديل أو تقديم فقرات، وهذا لا يعد تحريراً بل مراجعة وتوثيق، والدليل أن ثمة فقرات ومعلومات قمت بإضافتها من كتب ومقالات أخرى لربط المعلومات والحوادث بعضها ببعض، لكن ليس هناك إشارة لها، لأنهم لا يعلمون تلك المصادر التي كان يجب أن توضع في الهوامش. وحول وصف أنيس لنصها بالمهلهل أوضحت مختار: “هذا ليس نقداً لأسلوب الكتابة يمكن القول إن الكتابة قوية أو متوسطة أو ضعيف أو قوية، كما أن تقاضي أجر ليس عيباً، فهذا حقي المادي لكنّ ثمة حقوقاً ملكية فكرية”. حاولت مختار التواصل مع دار الشروق للحصول على حقوقها الأدبية والفكرية وحل المشكلة ودياً، لكنها فشلت في الوصول إلى نتيجة، ما اضطرها إلى الخروج عن صمتها. وكشفت مختار لـ”النهار العربي” أنها بصدد رفع دعوى قضائية على دار الشروق للنشر، مؤكدة أن غرضها ليس الشهرة أو افتعال بروباغاندا، لكن هدفها الحصول حقوقها، حيث تطالب مختار بوضع اسمها كمحررة للكتاب. وشددت مختار قائلة: “أرفض أن يتم تهميشي بكتابة اسمي في ترويسة الكتاب أنني قمت بالتفريغ النصي؛ فهذا غير مقبول، فقد حوّلت النص من العامية إلى العربية الفصحى، فليس هناك تايبست يقوم بهذا الجهد، كما أنني أحوز الملكية الفكرية، إذ سجلتها قبل مرور عام على وفاة آرييه”. جاءت كتابة مختار لمذكرات آرييه عبر عرض تلقته من إحدى دور النشر، فقامت بأدائه ولم تكن الشخص الأول الذي حاول التسجيل معه لكنها تقول: “شعرنا بالراحة المتبادلة”. وحول كواليس جلساتها مع ألبير آرييه قالت: “كان رجلاً لطيفاً، ورغم كونه في التسعين من عمره غير أنه بدا متوقد الذهن، وواسع الاطلاع ويجيد التعاطي مع التكنولوجيا الحديثة احترافياً، ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ببراعة مثل الفايسبوك وإنستغرام وتويتر وغيرها، فلم أشعر أنني أتحدث مع شخص تسعيني”. كتاب مذكرات يهودي مصري حقوق الكاتب الخفي أثارت هذه المشكلة قضية أخرى في الوسط الثقافي تتعلق بدور “محرر الكتاب” المهدور في عالم النشر العربي وعدم تقدير أهميته ومحوريته، وغياب تقليد “وجود ” ghostwriter” أو الكاتب الخفي، القائم بكتابة السيرة الذاتية للمشاهير. وهو ما يؤكد الكاتب العراقي صلاح نصراوي لـ”النهار العربي” بقوله: “هذه المسألة غائبة عن مجال العمل الثقافي العربي عموماً، حيث تكتفي بعض دور النشر بمراجعة لغوية أو أسلوبية لهذه السير، دون تدخل في تفاصيل أخرى مهمة تتركها على علاتها وفق رواية الكاتب وشهادته، فتخرج الكثير من هذه الروايات أحادية الرؤية وأحياناً غير مسندة من الواقع أو تتناقض معه”. وأكد أهمية خضوع هذه المذكرات لعملية تحرير وإعادة كتابة ومراجعة للمعلومات بوصفها مهمة أساسية تتحملها دار النشر، وإلا فإن السيرة المروية لن تكون سوى حكايات مروية من طرف واحد مهما كان مركز صاحب السيرة وتاريخه، خاصة إذا كانت تتعلق بأناس آخرين أو قضايا عامة. وأضاف أن هذه المهمة تكون أكثر أهمية حين لا يكون بإمكان صاحب السيرة كتابتها أو ما كتبه غير صالح للنشر أسلوبياً، ما يتطلب وجود فريق لعمل تسجيل صوتي يسرد فيه صاحب السيرة مذكراته ويهيئ وثائقه كي يقوم الفريق بإعدادها للنشر بعد كتابتها من الكاتب الخفي الذي قد لا يكون خفياً بالضرورة ويمنح حق الإشارة إليه ككاتب أو كاتب مشارك أو محرر للكتاب. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مواجهة “عموم داعش” في سوريا next post وعي قبل الموت.. دراسة تكشف تفاصيل “اللحظات الأخيرة” You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024