أربع قطع عاجية من موقع تل أبرق أربع قطع عاجية من موقع تل أبرق ثقافة و فنون محمود الزيباوي يكتب عن: قطع عاجية من موقع تل أبرق في أم القيوين by admin 28 مايو، 2025 written by admin 28 مايو، 2025 15 صيغت على شكل أمشاط لتصفيف الشعر بنقوش تزيينية تجريدية الشرق الاوسط / محمود الزيباوي تتحدّث الكتابات المسمارية الخاصة ببلاد الرافدين عن كيان إقليمي عُرف باسم ماجان، شكّل مركزاً تجارياً وسيطاً تعاضد مع مراكز حضارية أخرى من العالم القديم. ويرى البحاثة اليوم أن هذا الكيان نشأ ونما في شبه جزيرة عُمان، وضمّ شمال سلطنة عُمان وأراضي واسعة من الإمارات العربية المتحدة، وشواهده في هذه البقاع عديدة، وتتمثل في سلسلة من المواقع الأثرية كشفت عنها أعمال التنقيب المستمرة هناك، ومنها موقع تل أبرق التابع لإمارة أم القيوين. من هذا الموقع المثير، خرج عدد كبير من اللقى الجنائزية المتنوعة، منها مجموعة من القطع العاجية صيغت على شكل أمشاط لتصفيف الشعر، وفقاً لتقاليد فنية تعود إلى بلاد الهند والسند. يتبع تل أبرق في زمننا إمارة أم القيوين، ويقع عند الخط الحدودي الذي يفصل بين هذه الإمارة وإمارة الشارقة، حيث يجاور الطريق المؤدي إلى إمارة رأس الخيمة. شهد هذا الموقع في العقدين الأخيرين من القرن الماضي سلسلة من خمس حملات للتنقيب أجرتها بعثة دانماركية تابعة لجامعة كوبنهاغن، وأدت هذه الحملات إلى الكشف عن حصن يعود إلى فترة تمتد من الألف الثالث إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد. ضمّ هذا الحصن مدفناً دائرياً خرج منه عدد كبير من الأمشاط المصنوعة من عاج الفيل، ممّا يوحي بأنّ مصدر مادتها الهند. تتبع هذه الأمشاط بشكل عام نسقاً انتشر بشكل كبير في الشرق الأوسط، ويتمثّل بنقش تزييني تجريدي يحوي سلسلة من الدوائر المتوازية، تتكرّر على وجهي المشط، وتشكّل شريطاً يستقر تحت أسنانه. تختلف أحجام هذه الأمشاط الصغيرة، ويختلف عدد الدوائر المنقوشة التي تشكّل زينتها، غير أن الصياغة تبقى واحدة، وعنصرها الأساسي الجامع دائرة ترتسم فوق دائرة تضمّ ثقباً مركزياً في وسطها. يتكرّر هذا النسق على عدد كبير من الأمشاط التي خرجت من مواقع متفرّقة تتتبع سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحّدة، وتتصدّر أمشاط تل أبرق هذا النتاج العابر للحدود وللثقافات من حيث العدد. وصل عدد كبير من هذه القطع بشكل مجتزأ، ووصل بعض منها بشكل شبه كامل، وأشهر القطع التي حافظت على تكوينها واحدة تزين قاعدتها سلسلتان متوازيتان من النقوش، تحوي كل منهما ست دوائر بسيطة. الجزء الأعلى من هذه القاعدة مقوّس، وتحدّه عند كل طرف قمّتان مثلثتان متواجهتان، لكل منهما دائرة تُماثل في تكوينها الدوائر المرصوفة على قاعدتها. تأخذ هذه الدائرة في وسط هذا المثلث شكل العين، وتوحي بأن قمّتي هذا المشط صيغتا على شكل رأسين لطيرين متواجهين. يظهر هذا الطير بشكل استثنائي على قطعة عاجية من تل الأبرق، وتبدو فريدة من نوعها، إذ لا نجد ما يماثلها في ميراث هذا الموقع الأثري، وهي على شكل مقبض أداة ضاع الجزء الأكبر من تكوينها، وبات من الصعب تحديد هوّيتها ووظيفتها، والأكيد أنها من الأدوات الجنائزية النسائية. يظهر الطير بشكل كامل فوق مقبض هذه الآلة، ويتكون من قطعة واحدة يغلب عليها طابع الاختزال. الرأس كبير، وهو أشبه بكتلة بيضاوية مجرّدة يحدها منقار بارز، مع نقش دائري تقليدي في الوسط يمثّل هنا عين هذا الرأس. العنق قصيرة للغاية، والبدن ضخم، ويتمثّل كذلك في كتلة بيضاوية تمتدّ في الخلف وتشكّل في امتدادها ذيل هذا البدن. الجناحان ذائبان كلياً في هذه الكتلة المتراصة، وكذلك القائمتان، ممّا يوحي بأن هذا الطير هو أشبه ببطة تطفو فوق سطح ساكن. تشكّل الدوائر قوام نقوش هذه الأمشاط، وتحضر على أدوات أخرى، منها قضيب عاجي على شكل عود مروّس يشبه ما يُعرف بعود «الكازانشي» في العالم الياباني، وهي الحلية التي تستخدم كمشبك في تصفيف الشعر. مثل المقبض المزيّن بطير مجسّم، يبدو هذا القضيب العاجي فريداً من نوعه في ميراث تل أبرق، وهو أشبه برمح يرتفع من مقبض مستطيل تزيّنه دوائر متوازية عمودياً، نُقشت وفقاً للطراز التقليدي المعهود. تخرج أمشاط تل أبرق عن هذا السياق في بعض الأحيان، وتتبنّى نقشاً تزيينياً مغايراً. يأخذ هذا النقش طابعاً تصويرياً نباتياً يتجلّى في مشط مميّز فقد جزءاً من أسنانه، غير أنه حافظ على قاعدته بشكل كامل، وهي مستطيلة تمتد أفقياً، ويعلوها طرفان بارزان. يُزيّن هذه القاعدة نقشٌ نباتيٌّ يتكرّر بشكل شبه متطابق على جانبيها، ويتمثّل هذا النقش في زهرتين متجاورتين من فصيلة الزنبق، تفصل بينهما ثلاث دوائر مرصوفة على شكل مثلّث. ترتفع كل زهرة فوق نصل طويل تحدّه ورقتان مقوّستان تعلو كلّا منهما سلسلة من التعرّجات، وتتكوّن كلّ زهرة من ثلاث بتلات زنبقية متناسقة، ترتسم وفقاً لنموذج فني معروف مصدره بلاد باختر التي عُرفت في العالم الإغريقي باسم باكتريا، وهي منطقة جبلية امتدت قديماً بين شمال أفغانستان وجنوب أوزبكستان، وتميّزت بنتاج فني خاص. تشهد أمشاط تل أبرق للروابط التي جمعت بين ماجان وبلاد الهند والسند، ويتجلّى هذا التلاقح الفني في شواهد فنية أخرى خرجت من هذا الموقع، منها مجموعة من الأواني المتعدّدة الأشكال والأنواع، بعضها من الفخار الأحمر الخشن، وبعضها الآخر من الحجر الصابوني الداكن. المزيد عن: أدب العراق 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ابتكار جديد يعيد البصر لمرضى «العمى الجزئي» next post شوقي بزيع يكتب عن: «دون جوان» صديق المرايا وعاشق الأنوثة الأبدية You may also like “سويني يحتضر” تمرين إليوت الأولي على الكتابة المسرحية 29 مايو، 2025 ميكولاس تشورليونيس… فنان ليتوانيا الأعظم الذي رسم الكون... 29 مايو، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: «دون جوان» صديق المرايا... 28 مايو، 2025 بول موران يعود في “جلاد إشبيلية” إلى علاقة... 27 مايو، 2025 مهى سلطان تكتب عن: الهوية والذاكرة في الفن... 27 مايو، 2025 نتائج سياسية للدورة الـ78 في «كان» 27 مايو، 2025 الرواية وخطابها في “صلاة القلق” لمحمد سمير ندا 27 مايو، 2025 كيف توزعت جوائز مهرجان كان السينمائي؟ 27 مايو، 2025 “عائشة لا تستطيع الطيران” في قاهرة الغربة 25 مايو، 2025 “أسطورة العود الأبدي”… تأسيس للموسوعة الكبرى في تاريخ... 25 مايو، 2025