الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » محمد برادة يخوض جبهات النقد الادبي الطليعي منذ 60 عاما

محمد برادة يخوض جبهات النقد الادبي الطليعي منذ 60 عاما

by admin

الناقد الذي رسخ المرجعيات وأصول الخطاب وجذّر الحداثة في أعماله النقدية

اندبندنت عربية / فخري صالح 

يقوم الباحث والناقد المغربي إدريس الخضراوي، في كتابه الصادر حديثاً بعنوان “الكتابة النقدية عند محمد برادة، المرجعية والخطاب” (أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2020)، باستكشاف عمل الناقد المغربي الأبرز والأشهر في المشهد النقدي العربي، والبحث في جذور تطوره، وأرضيته السياسية – الاجتماعية، والشواغل الفكرية والنظرية التي هيمنت على خطابه النقدي طوال ستين عاماً ماضية.

ويستعرض الباحث كتابات برادة النقدية، وترجماته، ونشاطه السجالي، وعمله كمنشط أدبي ونقدي وثقافي في ندوات أساسية أثارت كثيراً من الأسئلة النقدية والنظرية في حينها، وأثرت في توجيه الوعي النقدي في المغرب والعالم العربي، وعلى رأس تلك الندوات ندوة “الرواية العربية واقع وآفاق” التي عقدت في الرباط وصدرت أعمالها في بيروت (1979). فبرادة، مثله مثل رولان بارت، بحسب الخضراوي، “ليس مجرد ناقد، وإنما شخصية أدبية. فقد قدمت آراؤه حول القضايا الثقافية لمعاصريه اتجاهاً ثقافياً وجمالياً. فهو رجل المواهب المتعددة، الكاتب والمثقف والناقد ورجل المناظرات. فهو يعد من الوجوه الأساسية التي طبعت الحقل الثقافي المغربي والعربي على امتداد العقود الخمسة الأخيرة، وما زال يؤثر بقوة في المشهد الأدبي في اللحظة المعاصرة.”

جيل الستينيات

ربما يكون برادة (مواليد 1938) واحداً من قلة من النقاد العرب، ممن ينتمون أدبياً ونقدياً إلى جيل الستينيات من القرن الماضي، الذين كانت هواجس التحرر الوطني من الاستعمار والتبعية شاغلهم الأساسي المهيمن، الذي أملى عليهم خياراتهم النقدية والثقافية، ووجه تحولاتهم النقدية، وانعطافاتهم المنهجية والنظرية. فهو من جيل التحرر الوطني في المغرب والعالم العربي، الذي شهد خروج الاستعمار، ودخول العرب في موجة من الصراع مع مآزق التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية للغرب. وقد كان الجيل الذي ينتمي إليه برادة معنياً بالنضال من أجل التحرر الوطني من آثار الاستعمار وجروحه الغائرة والتبعية، التي ما أن رحل آخر جندي من جنود الاستعمار، حتى أطلت برأسها. وكأن الاستعمار ما رحل، إذ ترك وراءه ممثليه من رجال السياسة والتعليم في العالم العربي. وهكذا كان على برادة وأمثاله من النخب الثقافية العربية، أن يحاربوا على جبهات متعددة، السياسة والمجتمع والتعليم والثقافة، ويواجهوا ميراث التقليد والماضوية الأدبية الثقافية والفكرية، والرجعية السياسية، وكذلك ممثلي التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية، الذين يرون في الغرب الذي كان لسنوات قليلة مضت المستعمر الذي تحالفت قوى مختلفة رجعية وتقدمية للتخلص من جيوشه، التي تحتل مساحات شاسعة من العالم العربي، الجهةَ – المثالَ التي علينا أن نتحالفَ معها ونقلدها.

لقد كانت المعركة التي فرضت نفسها على هذا الجيل هي أن يحارب على جبهات متعددة، ويسعى إلى التغيير على الصعيدين السياسي والثقافي، من دون أن يعتنق أفكاراً ماضوية تدعو إلى إحياء الموروث الأدبي والديني، أو يرتمي في أحضان الغرب الذي غادرت جيوشه البلدان المستعمرة ولكنه ترك أتباعه من أبناء تلك البلدان لينفذوا سياساته.

لكن هذه الأرضية السياسية والثقافية التي تكوّن استناداً إليها عمل محمد برادة النقدي، والشواغل الوطنية، المغربية بخاصة والعربية عامةً، التي لازمت هذا العمل، لم تمنع الناقد المغربي من التواصل مع الثقافة الفرنسية والغربية، والبحث عن آفاق منهجية ونظرية تؤسس لرؤيته الثقافية والنقدية. بل هي حمت عمله من الوقوع في أسر نظرية الانعكاس الماركسية، وأفكار النقد الواقعي العربي الذي كان أسيرَ هذه النظرية، ناطقاً باسمها في قطاعات واسعة من هذا النقد الذي كان يُكتب في خمسينيات القرن الماضي وستينياته إبان صعود الناصرية والأيديولوجيات الماركسية والقومية المتأثرة، في شقها الأدبي والثقافي والنقدي على الأقل، بتلك النظرية ونسلها من الأفكار والتصورات التي تختزل دور الأدب في تصوير الصراعات السياسية والاجتماعية والأيديولوجية في أزمنة ما بعد الاستعمار.  لقد تنبه برادة منذ بداياته النقدية، إلى خطر هذه الأفكار التبسيطية والاختزالية المفقرة، في فهم العملية الأدبية، وتمثل فعل الكتابة والخلق والإبداع في تأويل العالم.

فرانز فانون

ورغم الحماسة التي تسم بطابعها المقالات الأولى التي كتبها، وهو في العشرينيات من العمر، والطبيعة السجالية لتجاربه الأولى، فإن عثوره على عمل الطبيب النفسي والمنظر السياسي والثقافي المارتينيكي – الجزائري فرانز فانون (1925- 1961، وهو مؤلف كتابي “المعذبون في الأرض” و”بشرة سوداء، أقنعة بيضاء” ، في وقت مبكر من سنوات تكوينه الأدبي والثقافي، قد أمده بالعدة الثقافية والنظرية للنظر بعيون مختلفة إلى تجربة الاستعمار والصراع معه. وهذا ما جعله ينشر عام 1963، بالاشتراك مع الكاتب الجزائري مولود معمري والمؤرخ المغربي محمد زنيبر، كتاباً في عنوان “فرانز فانون ومعركة الشعوب المتخلفة”، حيث يعثر برادة على البذور الأولى لتحولاته النقدية، واحتكاكه بالتصورات النظرية الأولى لنقد ما بعد الكولونيالية، والنقد الثقافي اللذين يسعيان إلى تفكيك تمدد الأخطبوط الرأسمالي وإرساء أساسات التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية للغرب في المجتمعات الخارجة للتو من عباءة الاستعمار. وتهيئ هذه الانطلاقة الأولى الناقدَ المغربي البارز والمثابر، والمثقف العمومي المقاتل على جبهتي السياسة والثقافة (فقد صرف سنوات طويلة من عمره ناشطاً في صفوف اتحاد كتّاب المغرب، الذي تولى رئاسته لفترة طويلة) ، لكي يَعبُر في اتجاه التصورات النظرية التي تطور مفاهيم اليسار الاجتماعي وما بعد الماركسية، استناداً إلى أفكار ماركس نفسه أو تأويلات أتباعه الذين قرأوا أعماله التي سبقت “رأس المال”، خصوصاً عمله Grundrisse (الذي كتبه ماركس بين عامي 1857- 1858، ولم يكمله، كما أنه لم ينشر حتى عام 1939)، وأعادوا النظر في مفاهيمه النظرية والفلسفية وتطبيقاتها في الحقلين الثقافي والأدبي.

نظريات ومنهجيات

وقد نشط محمد برادة، من أجل النهل من هذه النظريات والمنهجيات الجديدة، في ترجمة نصوص أساسية لعدد من أهم المنظرين في حقل الأدب واللغة والثقافة، ومن ضمنهم الناقد الفرنسي رولان بارت (1915-1980)، والفيلسوف والمنظر اللغوي والأدبي الروسي ميخائيل باختين (1895-1975). ويمكن أن نلاحظ، على مدار تجربة برادة النقدية، تأثيرات قوس واسع من المنظرين والفلاسفة والنقاد وعلماء اجتماع الأدب، الذين تسيدوا المشهد النظري الأدبي في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وعلى رأسهم رائد البنيوية التكوينية لوسيان غولدمان (1913-1970)، وميخائيل باختين، ورولان بارت، وعالم الاجتماع وصاحب نظرية الحقل الفرنسي بيير بورديو (1930-2002)، والفيلسوف الفرنسي، الذي زاوج بين الظاهراتية والتأويلية، بول ريكور (1913-2005). وقد مزج برادة في عمله النظري والتطبيقي، الذي ركز بصورة أساسية على النوع الروائي (بوصفه نقطة الالتقاء الشديدة الحساسية بين التحولات الاجتماعية والأدبية)، بين الترجمة والشرح والتفسير، وتقريب أعمال هؤلاء المنظرين إلى القارئ العربي، وابتداع نسيج نقدي يستفيد من أعمالهم.

لكنه سعى في الوقت نفسه إلى الانطلاق من الأرضية الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تتصل بالواقع المغربي، والواقع العربي المعاصر. وهكذا، فإن النظرية لا تبدو مُسقطةً من الخارج على النصوص، والبيئات التي أنتجت ضمنها تلك النصوص، بل إنها تصير طالعةً منها، وخادمةً لها، ومفسرةً لتلك النصوص وشروط إنتاجها المخصوصة، فلا تعبدَ للنظرية ولا صلاةَ في محرابها، بل إعادة توظيف لها في سياقات ثقافية مختلفة عن السياقات التي أُنتجت ضمنها تلك النظرية. وكما يقول إدريس الخضراوي، في خاتمة كتابه، “فقد ظل برادة يشدد على ضرورة مراجعة المفاهيم ومساءلتها وتنسيبها كي تكون الممارسة أصيلة، قادرة على استكشاف الخصائص الفنية والجمالية التي تنطوي عليها الأعمال الأدبية العربية بعيداً عن القراءات المفردة والتأويلات النهائية”.

المزيد عن: نقد/نظريات نقدية/فرانز فانون/رولان بارت/المغرب/الستينيات/الرواية

 

 

You may also like

21 comments

Veta 4 أكتوبر، 2020 - 4:02 م

I’ve been surfing online greater than 3 hours nowadays, yet I in no way found any interesting article like yours.
It’s lovely price sufficient for me. In my opinion, if
all site owners and bloggers made perfect content as you probably did, the net
will most likely be considerably more helpful than ever before.

Here is my website … LeslieAPorts

Reply
Dwayne 4 أكتوبر، 2020 - 4:18 م

With havin a great deal content do you ever encounter any problems of plagorism
or copyright violation? My website provides
extensive completely unique content I’ve either written myself
or outsourced but it really seems a variety of it
is popping it everywhere in the internet without my agreement.
Have you any idea any methods to aid reduce content from being stolen? I’d certainly appreciate it.

Feel free to surf to my site LesleyMPreli

Reply
Audrey 4 أكتوبر، 2020 - 4:28 م

All things are very open with a really clear explanation of the challenges.

It was actually definitely informative. Your site is very helpful.
Many thanks for sharing!

Feel free to visit my homepage: EugeneHRuyle

Reply
Noah 4 أكتوبر، 2020 - 4:33 م

With havin so much content do you encounter any issues of
plagorism or copyright infringement? My blog has
many completely unique content I’ve either written myself or outsourced nevertheless it appears a lot
of it is popping it throughout the internet without my permission. Are you aware any solutions to help you protect against
content from being stolen? I’d certainly appreciate it.

Feel free to surf to my web blog … BethZGrullon

Reply
Brayden 4 أكتوبر، 2020 - 4:47 م

You really help it become seem really easy with your presentation however
i find this topic to be really something which I believe I would never understand.

It seems too complicated and very broad to me. I am anticipating for your next post,
I’ll try to have the hang of it!

my blog post; LeisaASantor

Reply
Marcella 4 أكتوبر، 2020 - 4:53 م

I am just regular visitor, how are you currently everybody?
This paragraph posted at the site is actually nice.

Feel free to surf to my website: AhmadGWulkan

Reply
Nelly 4 أكتوبر، 2020 - 5:15 م

I am really enjoying the theme/model of your weblog.

Do you run into any internet browser compatibility issues?
A number of my blog readers have complained about my website
not working correctly in Explorer but looks great in Firefox.
Do you have any tips to assist fix this issue?

Also visit my page – RobbiePRaehl

Reply
Deloris 4 أكتوبر، 2020 - 5:23 م

Pretty nice post. I simply discovered your blog and wanted to mention that I’ve truly
enjoyed surfing around your blog site posts. In fact I’ll be subscribing to the
feed and I i do hope you write again soon!

Stop by my webpage JodyFGaxiola

Reply
Gavin 4 أكتوبر، 2020 - 5:26 م

I am just really happy to read this weblog posts which carries tons of
useful information, thanks for providing these statistics.

my blog; CoyAPressley

Reply
Alejandra 4 أكتوبر، 2020 - 5:36 م

I visited multiple websites however the audio feature for
audio songs existing around this website is in fact wonderful.

Here is my blog – MarkIWohlers

Reply
Major 4 أكتوبر، 2020 - 5:40 م

When some one searches for his necessary thing, so he/she desires to get available that at length, thus that thing is
maintained over here.

Here is my site: SheaZBretana

Reply
Kiara 4 أكتوبر، 2020 - 5:55 م

I’m extremely impressed with the writing skills along
with with the layout on your own weblog. Is that this a paid theme
or have you customize it yourself? In any case continue the excellent quality writing, it’s rare
to see a great blog similar to this one nowadays.

My web blog – LannieYEdick

Reply
Clint 4 أكتوبر، 2020 - 6:08 م

I have read a lot of content on the topic of the blogger
lovers but this paragraph is truly a pleasant
post, ensure that is stays up.

Feel free to surf to my blog post :: VelmaJSimers

Reply
Anderson 4 أكتوبر، 2020 - 6:30 م

You actually make it seem so simple with your presentation but I find this topic to
get really something that I feel I would never understand.

It appears to be too complex and very broad to me.
I’m anticipating for your forthcoming post, I’ll try to obtain the hang
of this!

my site: AyannaQFolta

Reply
Bobby 4 أكتوبر، 2020 - 6:43 م

Hi my friend! I desire to point out that this post is awesome, nice written and come with almost all important
infos. I’d like to check extra posts like this .

Stop by my web page BennieEDzama

Reply
Sherri 4 أكتوبر، 2020 - 6:56 م

Hey just wanted to offer you a brief heads up. The words with your post seem to be running off
of the screen in Firefox. I’m not sure if this sounds like a
formatting issue or something to do with browser compatibility but I figured I’d post to let you know.
The style and design look wonderful though!
I do hope you get the issue solved soon. Kudos

My blog … SamDLengle

Reply
Tracy 4 أكتوبر، 2020 - 7:07 م

Wonderful blog! I found it while surfing around
on Yahoo News. Do you have any tips regarding how to get listed
in Yahoo News? I’ve been trying for quite a while nevertheless i never manage to arrive there!
Thanks

Feel free to surf to my site TeresiaCKlug

Reply
Micah 4 أكتوبر، 2020 - 7:13 م

Hello, Neat post. There may be an issue with the site in internet
explorer, might check this? IE nonetheless may be the market chief and a sizable component
of other folks will miss your great writing because of
this issue.

Review my blog: AngelSKorb

Reply
Candra 4 أكتوبر، 2020 - 7:16 م

Hey there, You’ve done an incredible job. I will certainly digg it and
in my opinion suggest to my friends. I’m sure they’ll be benefited from this web site.

My homepage RobbiFMilano

Reply
Helaine 4 أكتوبر، 2020 - 7:18 م

Very great post. I just stumbled upon your blog and wanted to mention that I’ve really
enjoyed browsing your blog posts. All things considered I’ll be subscribing
for your feed and I really hope you write once again immediately!

Here is my web blog … SonLSkidmore

Reply
Ferrari Florida 27 يوليو، 2024 - 9:40 م

This is exactly what I was looking for. Thanks for the useful information.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00