الجمعة, يناير 10, 2025
الجمعة, يناير 10, 2025
Home » متلازمة الرهائن من طهران إلى غزة “تخطف” البيت الأبيض

متلازمة الرهائن من طهران إلى غزة “تخطف” البيت الأبيض

by admin

 

لماذا تعادل حظوظ بايدن في انتخابات 2024 حظوظ كارتر في انتخابات 1980؟

  اندبندنت عربية

من أكثر العبارات النمطية المترددة حين تحدث مقاربات بين الماضي والحاضر، عبارة القطب اليساري الأشهر كارل ماركس: “التاريخ لا يعيد نفسه مرتين، ذلك لأنه لو فعلها لأضحى في المرة الأولى مأساة، وفي الثانية ملهاة”.

غير أن الكاتب الأميركي الساخر مارك توين، يعتقد نعم بأن التاريخ لا يعيد نفسه، غير أن واقع الحال يؤكد: “أن أحداثه تتشابه”.

هل ينطبق الأمر على الولايات المتحدة الأميركية، وبنوع خاص في انتخابات الرئاسة المقبلة 2024؟

المؤكد أن هناك مقاربات عدة تجري في الآونة الأخيرة، بين مصير جو بايدن، وما جرى للرئيس الديمقراطي التاسع والثلاثين، جيمي كارتر، هذا الذي يصفه كاتب السير البريطاني الشهير نايجل هاميلتون، في مؤلفه “القياصرة الأميركيون”، بأنه “انتقد في البداية واحترم في النهاية، أو مهزلة الجميع بداية، ومحط احترامهم لاحقاً”، والذي استمرت ولايته اليتيمة من العشرين من شباط (فبراير) 1977، إلى العشرين من شباط (فبراير) 1981.

لماذا ترتفع وتيرة المقاربات؟ هل لأن الشرق الأوسط والخليج العربي بنوع خاص، تسببا في خسارة كارتر للانتخابات وحرم من الولاية الثانية من جراء أزمة الرهائن الأميركيين في طهران، واليوم تكاد حرب غزة أن تذهب بالرئيس بايدن نفسه من جراء أسباب كثر منها الرهائن؟

هل أخفق بايدن داخلياً في ملفات بعينها، كما أخفق كارتر بالفعل؟

لحظة احتلال السفارة الأميركية في طهران خلال عهد الرئيس جيمي كارتر (أ ب)

 

بين رهائن طهران ورهائن غزة

حين سمح الرئيس جيمي كارتر لشاه إيران المعزول أن يقوم بزيارة الولايات المتحدة للعلاج، كان يقدم على خطوة مثيرة وخطيرة، فقد حذر من تبقى من فريق عمل السفارة الأميركية في طهران الرئيس من خطورة الأمر.

لكن هنري كيسنجر وزبيغينو بريجنسكي مارسا الضغط على الرئيس لمصلحة الشاه، مساهمين باتخاذ أحد أكثر القرارات خطورة في تلك الحقبة.

حين وصلت أخبار استقبال كارتر للشاه إلى طهران الغارقة في الفوضى، هجمت عصابة مسلحة من الثوار على السفارة الأميركية يوم الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر)، ولكن هذه المرة من دون أي تدخل أو اعتراض من الحكومة أو قوات الخميني. أخذ الثوار كل أعضاء فريق عمل السفارة الثلاثة والستين رهائن، إضافة إلى ثلاثة دبلوماسيين أميركيين كانوا يزورون الخارجية الإيرانية في ذلك اليوم، وقام الثوار بذلك العمل باسم الخميني مطالبين بعودة الشاه إلى إيران ومواجهة “عدالة الثورة”.

أخفق كارتر دبلوماسياً في الضغط على إيران للإفراج عن الرهائن الأميركيين، ولم يكن أمامه من مفر سوى استخدام القوة العسكرية، ومن هنا جاء التفكير في عملية عرفت باسم “مخالب العقاب”.

كان الهدف الرئيس منها هو تحرير الرهائن، غير أن عدة عوامل أسهمت في فشلها، منها لحظات قدرية كشفت عن مواقع تواجد القوات الأميركية المحمولة جواً، لا سيما من فرقة العمليات الأميركية الخاصة “دلتا فورس”، ومنها وهو الأهم العاصفة الرملية التي تسببت في عدم مقدرة بعض القوات المهاجمة على الطيران، وحدوث اصطدام بين بعض الطائرات، ما أفشل الحل العسكري لأزمة الرهائن.

هل اليوم يشبه الأمس، وما جرى في زمن كارتر، تكرر مرة أخرى في غزة؟

يمكننا الاعتقاد بالفعل في أمر مثل هذا، لا سيما في ضوء ما ذكره مستشار البنتاغون السابق دوغلاس ماكغريغور، الذي تحدث عن تصفية مفرزة من القوات الخاصة الأميركية والإسرائيلية في قطاع غزة، حاولت استطلاع مكان الرهائن الذين تم اختطافهم من قبل حركة “حماس”.

ووفقا لماكغريغور، فإن القوة العسكرية الأميركية وصلت إلى “أضعف نقطة” لها في التاريخ الحديث، وبالتالي فإن البلاد ليست مستعدة للتورط أكثر في صراع واسع النطاق.

لم يتطرق المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر إلى هذه الحادثة، لكنه أكد بالفعل وجود مستشارين عسكريين أميركيين في إسرائيل لبحث مسائل “التخطيط الاستراتيجي لمواجهة حماس”.

هل هذا هو الإخفاق الوحيد المتشابه بين بايدن وكارتر، وهل إيران ستكون السبب الرئيس في إضعاف موقف بايدن الانتخابي، كما كانت العامل الأهم في خسارة كارتر للانتخابات في مواجهة ريغان؟

رهائن من طاقم السفارة الأميركية في طهران بعد الإفراج عنهم (أ ب)

 

الدور الإيراني بين كارتر وبايدن

في الأسابيع الأولى من أزمة الرهائن الأميركيين في إيران، التف الأميركيون حول رئيسهم بدافع الحس الوطني، ولكن بعد أن “طال الانتظار”، وقع كارتر في مأزق لم يستطع الهروب منه.

خلال فترة الحملة الانتخابية، كان كارتر يتلقى الضربات، سواء من الديمقراطيين أو من الجمهوريين.

في ذلك الوقت ما انفك السيناتور تيد كيندي، ينتقد زميله الديمقراطي من اليسار، ومن جهة أخرى كان المرشح الجمهوري رونالد ريغان يسدد له اللكمات الواحدة تلو الأخرى.

رفض كارتر الاستسلام، وكان يأمل في التفاوض مع الإيرانيين للإفراج عن الرهائن، بأمل تحقيق فوز شخصي في الداخل الأميركي.

لكن الرأي العام الأميركي انفصل عن كارتر، واعتبره رئيساً ضعيفاً أمام سطوة الخميني في ذلك الوقت… هل يفعل بايدن الأمر نفسه؟

يقطع السيناتور الجمهوري تيد كروز عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن إدارة الرئيس بايدن مصممة على الاستسلام لإيران.

منذ بدايات ولايته، يظهر بايدن رغبة في إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي وقعه باراك أوباما مع إيران، بهدف أن تغير طهران سلوكها بالترغيب لا بالترهيب.

يعتبر كروز أن إدارة بايدن تتعامل مع أعداء أميركا بضعف واسترضاء، بل أكثر من ذلك أنه يتهم بايدن وإدارته بالكذب على الشعب الأميركي، ومنح النظام الإيراني فرصة للحصول على أسلحة نووية بمساعدة روسيا والصين.

أكثر من ذلك، وجه البعض اتهامات لإدارة بايدن بأنها تضغط على بعض الدول العربية للإفراج عن عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، المرتبطين بشكل أو بآخر بتوجهات طهران ونظام الملالي الأصولي.

تبدو السهام موجهة بقوة إلى صدر بايدن قبل رئاسته، لا سيما حين كان نائباً لأوباما، وبعدها كذلك، والعهدة على السناتور كروز الذي أشار في كلمة له في أوائل عهد بايدن إلى أنه: “في عهد الرئيس الأسبق أوباما ونائب الرئيس بايدن، كانت السياسات المطبقة كارثة لحلفائنا في الشرق الأوسط ونعمة لأعدائنا. مرة أخرى تعمل إدارة بايدن – هاريس على تعزيز جماعة الإخوان المسلمين، والجماعات الدينية المتطرفة الأخرى في الشرق الأوسط، ويقومون بتخفيف الضغط على إيران… ومرة أخرى يخفون تلك التفاصيل عن الكونغرس”.

 

بايدن والحوثيون… الخوف من طهران

هل انبطاح بايدن أمام الإيرانيين يتجلى في مواقف جديدة تجعله قريب الشبه بكارتر؟

المقطوع به أن قرار إدارة بايدن الأخير، باعتبار جماعة الحوثي الوكيل المعتمد لإيران في اليمن، كياناً إرهابياً وليس جماعة إرهابية، بات في أعين ثقات الأميركيين من النخب دليلاً مؤكداً على الضعف الأميركي أمام طهران.

بعد قرابة ثلاث سنوات من رفع بايدن اسم الحوثيين من قوائم المنظمات الإرهابية، وبعد أن تابع العالم برمته ما تقوم به ميليشيات عبد الملك الحوثي في مياه البحر الأحمر، من تهديد للملاحة الدولية، وإعاقة سلاسل التجارة، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة، عادت الإدارة عينها وتحت ضغوطات عالمية لتقييم الحوثي.

لم تعتبر إدارة بايدن ميليشيات الحوثي منظمة إرهابية، بل كيان إرهابي له محددات خاصة… هل من فارق؟

نعم الفارق كبير، لا سيما أن التصنيف الجديد للحوثيين يفتقد أهم جزئية وهي “الملاحقة الجنائية”.

ذريعة إدارة بايدن في تبرير هذا التصرف تقوم على فكرة عدم المساس بالمدنيين اليمنيين الأبرياء، وحتى تصل إليهم المساعدات الإنسانية.

هذا الكلام لم يلق جواباً عند كبار المسؤولين الأميركيين، الذين اعتبروه نوعاً من التبرير المزيف لعدم المساس الجامع المانع بالوجود الحوثي في حد ذاته، وإنما القرار هو محاولة لإضعاف الجماعة المارقة ليس أكثر… لماذا؟

لأن بايدن وجماعته، لا يتطلعون إلى القضاء على جماعة موالية لإيران، وحتى لا تغضب طهران نفسها، ذلك أن ساكن البيت الأبيض لا يود الدخول في مواجهة مسلحة مع طهران في هذا التوقيت الحرج والحساس بالنسبة له، أي توقيت الانتخابات، والذي لا تسمح فيه أي إدارة ساكنة البيت الأبيض بحدوث مستنقع عسكري يكلفها نفس التكلفة التي دفعها كارتر في معركته مع الإيرانيين زمن الخميني.

لا تبدو استراتيجية “التصعيد العسكري المتوازن” التي تتبعها إدارة بايدن، أداة حاسمة تظهر قوة الولايات المتحدة للإيرانيين، وكذا لبقية وكلاء حرب طهران في الشرق الأوسط.

ولعل المؤسسة العسكرية الأميركية تعرف جيداً أن هذا التصنيف الجديد، مجرد عمل رمزي إلى حد كبير، وستكون له تداعيات سلبية، لا سيما أنه لن يمنع الحوثيين من شن المزيد من الهجمات، وهو ما حدث بالفعل، حيث باتت صواريخ الحوثي بعيدة المدى تطاول القطع الأميركية، تجارية اليوم وعسكرية في الغد.

ما الذي يخشاه بايدن من الإيرانيين؟ هذا هو التساؤل الكبير المطروح داخل أروقة الجمهوريين الأميركيين، ويتردد كذلك لدى قطاع واسع من الديمقراطيين أصحاب التوجه التقدمي اليساري غير الراضين عن تصرفات إيران في الوقت الحاضر على هذا النحو.

تمنع نظام الخميني عن حل أزمة رهائن السفارة الأميركية في نهاية عهد كارتر ثم كانوا الهدية لعهد رونالد ريغان (أ ب)

 

تشابه سياسات الطاقة وأزمات التضخم

خلال بضعة أشهر من رئاسته، وتحديداً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، كتب البعض عن تشابه كبير بين الرجلين والإدارتين، لا سيما في ظل تضخم اقتصادي كبير، أميركيون محاصرون في الخارج، ورئيس يتوسل منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها لزيادة الإنتاج، الأمر الذي جرت به المقادير في السبعينبات أيضاً.

خلال حملته الانتخابية، وعد الرئيس بايدن ناخبيه بأنه سيضمن لهم نهاية زمن الوقود الأحفوري… فهل أوفى بوعده؟

تبدو نفس علامات أزمة النفط في عهد كارتر، محلقة فوق سماوات أميركا اليوم، واللائمة تلقى على بايدن، فقد كان عدد الحفارات المنتجة للنفط في جميع أنحاء الولايات المتحدة 528 حفاراً، أي ما يقرب من نصف ذروتها في عام 2019، أي خلال عهد ترمب.

هنا يضحى من الطبيعي جداً أنك عندما تخبر منتجي النفط أنك تخطط بالتسبب في إفلاسهم، فلن يقوموا بتعزيز الإنتاج أو حفر المزيد من الآبار، وعندما تعرض خطة “إعادة بناء بشكل أفضل” تبلغ تكلفتها 3.5 تريليون دولار وضرائب عقابية على النفط والغاز، سيحصل المنتجون على صورة مفادها أن إعادة البناء بشكل أفضل لا يشملهم.

يقارن الأميركيون اليوم بين أحوال الطاقة في زمن كارتر ومن ثم في عهد أوباما، والأوضاع الآن.

يقول المقارنون بين كارتر وبايدن، أنه خلال أشهر قليلة فقط، أعاد بايدن الأميركيين إلى ما كانوا عليه في سنوات كارتر، حيث كانت المناشدات الأميركية واضحة للمنظمات النفطية الأجنبية، بهدف زيادة الإنتاج، وذلك عوضاً عن أن يقوم الأميركيون بزيادة إنتاجهم بأنفسهم.

كان كارتر صاحب الطرح الذي سمي باسمه في مجال الطاقة: “مبدأ كارتر”، والذي اهتم بالدفاع عن مصالح الطاقة في منطقة الخليج العربي بنوع خاص، لا سيما بعد احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان واقترابه من مضيق هرمز، وباب المندب، وقناة السويس، وصولاً من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.

يتساءل الأميركيون اليوم عن بايدن الذي يبدو عاجزاً أمام انفلاش النفوذ الإيراني، من دون أن تبدو القوة العسكرية الأميركية حاسمة أو مؤثرة، على العكس تماماً مما جرى مع ريغان الذي كسب الصراع الانتخابي مع جيمي كارتر.

لم يتردد بوش الأب في قيادة تحالف دولي كبير في حرب الخليج الثانية، حين قام صدام حسين بغزو الكويت، وتحرك سريعاً لحماية مصادر النفط المهمة في المنطقة.

أما بايدن فالاتهامات تكال له بأنه الرجل الذي أفقد أميركا، علاقات متميزة مع الحلفاء التقليديين والموثوقين في الشرق الأوسط، لمصلحة محاولات استعطاف إيران، درءاً لارتمائها في أحضان الروس أو الصينيين، ما يعني وجود خلل جوهري في خطوط سياساته، وخيوط استراتيجياته، وعدم وجود رؤية استشرافية مستقبلية تدفع الولايات المتحدة الأميركية إلى مدارات القوة العظمى التي تستحقها.

أزمة أصوات اللوبي الداعم لإسرائيل

هل سيدفع جو بايدن ثمناً فادحاً إذا استمر في ضغوطاته على بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، والقبول بفكرة دولة فلسطينية مستقلة، كما دفع جيمي كارتر ثمناً فادحاً جراء دوره في محادثات كامب ديفيد؟

يشير المؤرخون لفترة حكم كارتر إلى أن قيادة إمبراطورية عظيمة أمر يتطلب قيادة من نوع كاريزماتي خاص.

حاول كارتر بكل بساطة التصرف كوسيط نزيه بين عدوين متحاربين، مصر وإسرائيل، وليس كإمبراطور أميركي.

ومع ذلك استطاع كارتر أن يقف موقفاً مثيراً تجاه إسرائيل والتي كانت حتى ذلك الوقت تعتمد على الولايات المتحدة اعتماداً كاملاً، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

أجبر كارتر الإسرائيليين على الانسحاب من سيناء ووقف الاستيطان غير الشرعي في غزة والضفة الغربية، وضمان ولو موطن صغير للفلسطينيين في المنطقة.

لم تكن مواقف كارتر من حكومة مناحيم بيغن لتمر بسهولة ويسر أو من دون دفع الثمن الباهظ من جانب اللوبي الداعم لدولة إسرائيل في الداخل الأميركي.

هنا فارق كبير بين اللوبي الإسرائيلي، وبين اللوبي الداعم لدولة إسرائيل، ذلك أن الأخير يشمل كافة الجماعات اليمينية المسيحية ذات التوجهات الإنجيلية التوراتية، وبخاصة ضمن صفوف البروتستانت الأميركيين، الذين يعتبرون أرض إسرائيل جزءاً من الوعد الإلهي لإبراهيم من الفرات إلى النيل، ولهذا فإنه لا يجوز ولا يمكن التنازل عنها لأي سبب كان.

تخلى الناخبون اليهود ومن يدعمهم عن دعم كارتر عندما أعطى التعليمات لإدارته بمساندة قرار الأمم المتحدة الذي يقضي بتفكيك كل المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، فقد حذره مدير حملته قائلاً: “إما أن تجد طريقة لتغيير ما جرى وإما سوف تخسر نيويورك”.

لم يخسر كارتر نيويورك فقط، بل الكثير من الولايات التي توجد بها الأصوات الداعمة للدولة العبرية.

أيكون مصير بايدن عينه، فيفقد بذلك الأصوات التي تقترع للديمقراطيين تلقائياً؟

يبدو السيناريو وارداً بقوة، بعدما تغيرت دفة العلاقات من واشنطن إلى تل أبيب، ومن بايدن إلى نتنياهو.

قبل نحو شهرين، لم يكن ليصدر من أي مسؤول في البيت الأبيض تصريح يحمل أي نوع من أنواع اللوم أو الإدانة للجانب الإسرائيلي، غير أن واقع الحال اليوم يبدو لافتاً للنظر إلى أبعد حد.

على سبيل المثال لا الحصر، تكلم جون كيربي، مسؤول الاتصالات في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض بالقول: “إسرائيل لا تريد الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب، حيث العمليات الذكية وتخفيض وتيرة القتال”.

انقطع التواصل بين بايدن ونتنياهو أكثر من مرة، وفيما الرئيس الأميركي يتحدث علانية عن حتمية قيام دولة فلسطينية مستقلة، وصبغ الشرق الأوسط بالمزيد من الاستقرار، يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمر طولاً وعرضاً، شكلاً وموضوعاً، ومساحة إجمالية.

ولعل الخلاف بين بايدن ونتنياهو يتفرع إلى نواح عدة، منها الموقف من غزة بعد نهاية الأعمال العسكرية، والإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية الخاصة بالسلطة الوطنية والمحتجزة لدى تل أبيب.

هنا يتصاعد في الأفق تساؤل جذري: هل ستبلغ الخلافات أوجها في قادم الأيام؟ هل سيحاول بايدن إظهار “اليد العليا” في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب؟

قد يفعلها بايدن، لكن ربما من سوء طالعه أن نتنياهو الذي أشعل واشنطن في زمن بيل كلينتون من خلال نشر فضيحة مونيكا لوينسكي، قد يضطر مرة جديدة إلى إضرام النيران في العاصمة الأميركية، وما أكثر الملفات المفتوحة في جسد جو بايدن، وكل منها يمثل كعب أخيل، يجعل تكرار سقوط جيمي كارتر في انتخابات الرئاسة 1980 أمراً وارداً وبقوة.

مقاربات بعيون الأميركيين أنفسهم

شيء ما ربط باكراً جداً بين بايدن وكارتر في عقول الأميركيين، لا من العوام فحسب، بل من النخبة وبالتحديد من قلب أولئك الذين ينتمون بشكل خاص للمؤسسة العسكرية الأميركية، ذات الحضور الطاغي في الداخل الأميركي منذ زمان.

في يوليو (تموز) 2021، أي بعد ستة أشهر على تنصيب بايدن، تحدث المحلل السياسي والعسكري الأميركي روبرت ويلكي، وزير شؤون المحاربين القدامى، ووكيل وزارة الدفاع للأفراد والجاهزية إلى مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية، عاقداً مقاربة بين واقع حال الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، وحاضرها اليوم.

في السبعينيات افترض العالم أن الولايات المتحدة تنزلق نحو انحدار حتمي مدفوع بالمشكلات في الداخل والتردد في الخارج. كان معدل الجريمة خارجاً عن السيطرة، وتضاعفت أسعار النفط ثلاث مرات، وتعلم الأميركيون كلمة جديدة هي “التضخم المصحوب بركود”.

في ذلك الوقت، كانت هناك علاقة وثيقة تربط جو بايدن بجيمي كارتر، فقد كان الرئيس الحالي هو الوحيد من ولاية جورجيا الذي ساند كارتر حتى وصوله إلى البيت الأبيض.

غير أن ويلكي يخبرنا كيف أن جو بايدن الذي كان عضواً في مجلس الشيوخ حينها، كان على الجانب الخطأ من التاريخ، وكان في طريقه إلى أن يكون، كما وصفه وزير الدفاع السابق روبرت غيتس بعد سنوات، “مخطئاً بشأن كل قضية رئيسية تتعلق بالأمن القومي لمدة 40 عاماً”.

بحسب ويلكي فإن فترة كارتر تعود أصداؤها حالياً مع ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع جرائم القتل وتصاعد أسعار النفط مع ضرب الرئيس لصميم استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة، في حين يعطي الضوء الأخضر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لربط أوروبا الغربية بأنابيب الغاز الروسية.

على أن ويلكي في نهاية حديثه، يبين كيف أن كارتر كان صادقاً، فقد عكس تصرفاته عندما استشعر الخطر من جانب السوفيات، فأمر بإنتاج قاذفة القنابل النووية الشهيرة “بي 1″، والدبابة “إبرامز” وصواريخ “مينتمان 3″، والأخيرة سلاح ردع نووي كان بإمكانه القيام بضربة نووية لا تصد ولا ترد لروسيا، حال هاجمت أميركا.

يتساءل ويلكي: “هل يمكن التعويل على أن الرئيس بايدن يمكنه أن يسلك سلوك كارتر؟”.

غالب الظن أنه لا يتوافر لساكن البيت الأبيض في “حاضرات أوقاتنا” الوقت الكافي لذلك، هذا إذا كان يتمتع من الأصل بالقدرة على بلورة رؤى استراتيجية واستشرافية عميقة مثل “مبدأ كارتر”.

المزيد عن: جو بايدنجيمي كارترالانتخابات الرئاسية الأميركيةأزمة الرهائناحتلال السفارة الأميركية في طهرانرهائن غزةرونالد ريغاناللوبي اليهوديهنري كسينجرزبيغنيو بريجينسكي

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00