تبدو أروقة المدارس نموذجية من الخارج بينما هي في الحقيقة بيئة للعنف والتنمر والعقد النفسية (مواقع التواصل) ثقافة و فنون ما الذي يفتح شهية المنصات لدراما المراهقين؟ by admin 13 أبريل، 2025 written by admin 13 أبريل، 2025 17 تحولت المدارس إلى مصانع لإنتاج الكراهية في مسلسلات متوالية تقدمها مؤسسات البث الرقمي والاضطرابات والتنمر على رأس القضايا اندبندنت عربية / حميدة أبو هميلة كاتبة أكثر من 1.2 مليار صبي في سن المراهقة يكتشفون الحياة في مختلف أنحاء العالم وفق إحصاءات الـ”يونيسيف”، إذ يتوزعون ما بين جيلي “زد” و”ألفا”، يسبحون في تيار من الفوضى التكنولوجية، ممسكين بهواتفهم المحمولة وعيونهم معلقة على الشاشات البراقة، إنهم محظوظون جداً ومرتبكون تماماً، فإضافة إلى الأسباب الفسيولوجية المعروفة، يتعرضون لشتى أنواع التجارب في وقت قياسي، وكثير منها لم يختبرها ذووهم من قبل أو في الأقل لم تكن بهذا الزخم. ربما كل هذه الأمور وأكثر هي التي جعلت رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يستقبل صناع المسلسل الإنجليزي الأكثر جدلاً على مدى الأسابيع الماضية “مراهق العائلة” (Adolescence) ويجري معهم محادثات معمقة ويشيد بعملهم الذي دار في أربع حلقات فحسب، بينما خلف جدلاً عالمياً، إذ حظي المسلسل بأكثر من 66 مليون مشاهدة في أقل من أسبوعين بحسب الأرقام التي كشفت عنها “نتفليكس”. تبدو تلك المنصة وكأنها تحمل على رأسها قضايا المراهقين في الكرة الأرضية، إذ إن مسلسل “13 سبباً لماذا” (13 Reasons Why) الذي بثته المنصة في ربيع 2017 حصل على إشادات نقدية ونجاح مدوٍّ أسهم في ترسيخ اسمها بمجال الإنتاجات الأصلية، بخاصة أن موسمه الأول استعرض بجرأة حياة المراهقين في المدارس الثانوية الأميركية، وكيف قادهم التنمر إلى تدمير مستقبلهم وإنهاء حياة زميلتهم المحبوبة، التي خاضت صراعاً متعدد الجوانب لتقرر إزهاق روحها بعد الضغوط الهائلة التي تعرضت لها من قبل أصدقاء وزملاء يتمتعون بطاقة كبيرة للتخريب والتجريب في كل شيء بما فيه الاغتصاب وتعاطي المخدرات والتمادي في إيذاء من حولهم نفسياً وبدنياً. وعلى رغم أن الأعمال الفنية التي تتناول حياة المراهقين شائعة في الإنتاجات العالمية منذ عقود، يبدو أن لمراهقي جيلي “زد” و”ألفا” وضعاً خاصاً، إذ وجدت المنصات ضالتها في هذه الفئة، فأصبحت جمهوراً أساساً ومستهدفاً، وقصصهم وقضاياهم حاضرة بقوة وبشكل مستمر ولها الأولوية في إنتاجات هذه المؤسسات. مدارس الكراهية “ستبقى أعزب مدى الحياة”… جملة محورية غيرت حياة أبطال المسلسل البريطاني “مراهق العائلة”، فالطالب المتفوق جيمي ميلر الذي لم يتجاوز الـ13 سنة، لم يتحمل سخرية زميلته منه، التي لم تترك وسيلة لتخبره بها كم هو ضئيل إلا وفعلتها، همساً وصراحة ووجهاً لوجه وعبر تعليقات علنية بمواقع الـ”سوشيال ميديا”، ليكتشف الأهل والشرطة والمعلمون ومعهم المشاهدون الشفرات التي يتعامل بها أبناء هذا الجيل مع بعضهم بعضاً، وكيف يفسرون نظرية الـ20 في المئة، حين وجد جيمي نفسه ضحية هذه النظرية وفق ما أقنعه به زملاؤه، وبخاصة الفتيات منهم، بأنه يندرج تحت قائمة الـ80 في المئة من الرجال الذين لا يجدون فتاة تعجب بهم، بينما الفتيات ينجذبن فقط لـ20 في المئة من الرجال ممن يجدنهم مميزين، والنسبة الباقية يبقون وحيدين، فالعمل يستعرض الخطابات المعادية للنساء والذكور على السواء، وهو خط درامي قلما تُنوول فنياً في عمل واحد. هذه التأثيرات السلبية والنقاشات السامة التي تدور في أروقة المدارس التي تبدو نموذجية من الخارج بينما هي في الحقيقة بيئة للعنف والتنمر والإهمال وتربية العقد النفسية، فندها العمل الذي يبدأ بالقبض على التلميذ المذعور، الذي بلل نفسه خوفاً من الشرطة، بتهمة قتل زميلته بعد شجار حاد معها، بينما أسرته ترفض التصديق، وبعد أن يقنعهم ببراءته تكشف الكاميرات والتسجيلات والتحقيقات أنه مذنب. والسيناريو لا يبرر أبداً للقاتل فعلته كونه وقع تحت ضغط السخرية المقيتة في مرحلة عمرية شديدة الحساسية، ولكنه يجد الموقف مدخلاً للاقتراب أكثر من نفسيات هؤلاء الشباب من دون أن يضع تعريفاً فاصلاً وحاسماً للشخصيات، فكل منهم لديه أكثر من وجه، بمن فيهم محقق الشرطة المخلص لعمله بشدة، بينما لا يعلم شيئاً عما يعانيه ابنه الذي يتعرض للإذلال بين أروقة المدرسة، وهي نقطة أيضاً تلامست مع كثير من العائلات التي تغفل عن أبنائها لا سيما الصامتين الذين يواجهون معضلات في التعبير عن أنفسهم. كيف تتحول التكنولوجيا في أيديهم في بعض الأوقات إلى وسيلة إجرامية (مواقع التواصل) الأخطار التي تحيق بهذا الجيل جعلت رئيس الوزراء البريطاني يدعو إلى عرض العمل على طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية في البلاد، مثلما حرص هو على متابعته مع ابنيه المراهقين، بينما قال تعليقاً عليه “التحدث بصراحة عن التغييرات في طريقة تواصل المراهقين، وكذلك المحتوى الذي يتعرضون له ومعرفة المحادثات التي يجرونها مع بعضهم بعضاً لهو أمر ضروري لضمان مساعدتهم والتعامل مع التأثيرات السلبية المحيطة بهم”، فيما تجري حالياً مفاوضات حول تنفيذ المنصة لموسم ثان من العمل الذي تحول إلى ظاهرة. وإذا كان هذا المسلسل القصير قد اعتلى قمة الجدل والشهرة بأربع حلقات فحسب، فإن مسلسل “13 سبباً لماذا”، الذي قدمته “نتفليكس” أيضاً قبل نحو ثمانية أعوام قد جُدد ثلاثة مواسم، نظراً إلى تعقيد القضايا التي تناولها، لا سيما في تركيزه على انتحار الشابة هانا بيكر التي تعرضت للاغتصاب والتنمر من قبل زملائها وتركت وراءها 13 شريطاً تكشف فيها قصتها الحزينة، وتسلط الضوء على تأثيرات السلوك السيئ الذي تعرضت له على صحتها العقلية، حين واجهت إشاعات وحملة تشويه لكرامتها، وعلى رغم محاولتها المتكررة الحصول على المساعدة من قبل المتخصص النفسي في مدرستها الأميركية التي ضرب بها المثل في عدم الانضباط، فإنها استسلمت في النهاية بعدما تكالب عليها بعض زملائها، إضافة إلى ظروفها العائلية، وقد شكل العمل منعطفاً مهماً في دراما المراهقين في العصر الحديث، واتخذ جانباً توعوياً في حملته الدعائية، بعدما ظهر عدد من المشاهير الذين يشيدون به، ويعلنون بشكل متواتر عن منصات الدعم النفسي لكل من يعاني في صمت، وكذلك تضمنت حلقاته توعية مباشرة في هذا الصدد، فيما غير عديد من المدارس الأميركية قواعده إثر عرض المسلسل لضمان حماية أكبر للطلبة، إضافة إلى إنشاء موقع إلكتروني متعلق بالمسلسل يهدف إلى مساعدة ضحايا التصرفات السامة، والطلاب الذين يواجهون مصاعب نفسية. فوضى تكنولوجية بعد النجاح الساحق تعددت إنتاجات “نتفليكس” التي تعكس حياة المراهقين في هذا العصر، وكيف تتحول التكنولوجيا في أيديهم في بعض الأوقات إلى وسيلة إجرامية، ولم يتوقف الأمر عند القصص الأميركية أو البريطانية فحسب، إذ شكلت الدراما الإسبانية “النخبة” (Elite)، مسرحاً لأحداث مروعة أبطالها طلاب متنوعو الطبقات في مدرسة ثانوية فارهة يسكنها أبناء الصفوة الذين يجدون أنفسهم يجاورون في المقاعد أبناء الطبقة الأشد فقراً في البلاد ممن حصلوا على منحة تعليمية، ومن خلال قصص حب معقدة وعلاقات غير متكافئة، امتزجت جرائم القتل بالتنمر والحقد الطبقي والعنصرية أيضاً، فالمشاعر الجياشة سواء كانت سلبية أو إيجابية حينما تترافق مع مشكلات عائلية، مع وجود دور رئيس للتكنولوجيا التي تسهل التجسس ونشر المقاطع المسربة، تتحول إلى جحيم، كذلك عرضت المنصة العام الماضي المسلسل الأسترالي “Heartbreak High”، الذي تناول تفشي رسائل الكراهية بين طلاب المدارس واعتياد السلوك المستهزئ بالآخرين. “نتفليكس” أيضاً قدمت المسلسل الأردني “مدرسة الروابي للبنات” على مدى موسمين، إذ اقترب من حياة الطالبات العربيات في هذه المرحلة الحرجة، وكيف تبتكر المتنمرات منهن طرقاً إبداعية في القسوة، والمسلسل الذي تُرجم إلى تسع لغات لم يجعل البنات اللاتي تعرضن للظلم يقفن مكتوفات الأيدي، إذ يضعن خططاً للانتقام، وتغرق البطلات الصغيرات اللاتي لا يزلن يتعلمن الحياة في دائرة من القلق والعذاب والرعب، ويستعرض العمل قضايا اجتماعية في غاية الأهمية. هاجس دراما المراهقين يسيطر بشكل خاص على منصات البث الرقمي (مواقع التواصل) دخلت منصة HBO سباق دراما المراهقين في العصر الحديث بمسلسل حصد قائمة طويلة من الجوائز بينها “غولدن غلوب” و”إيمي”، هو” نشوة” (Euphoria)، 2019، إذ غاص في قضايا عائلية ومجتمعية من خلال قصة قاتمة محورها طلاب إحدى المدارس الثانوية الأميركية، وقد عرض المسلسل على جزأين مسلطاً الضوء على تعقيدات العلاقات في العصر الرقمي، وكيف تؤدي التكنولوجيا دورها في تحريك الأحداث وأيضاً تحريك المشاعر لا سيما السلبية، إذ يوصف المسلسل كدراما نفسية عميقة استعرضت حيرة وارتباك المراهقين الذين يواجهون أزمات التنمر والتلاعب وإطلاق الأحكام والعنف وأيضاً الهوية الجنسية، وهي مشكلات باتت عنواناً عريضاً للشباب الصغير في الأعوام الأخيرة، لا سيما في المجتمعات الأكثر انفتاحاً. هاجس دراما المراهقين يسيطر بشكل خاص على منصات البث الرقمي، نظراً إلى عدم اعتيادية مشكلاتهم في ظل هذه الظروف التكنولوجية التي تبدو فوضوية، ولأن كثيراً منها تواجهه العائلات للمرة الأولى، فليس الأمر متعلقاً بمجرد تقلبات فسيولوجية أو نفسية أو عصبية معتادة، ولكن يضاف إلى كل هذا متغيرات الثورة الرقمية غير المسبوقة، فقد قدمت بعض تلك الأعمال وكأنها تعين العائلات والمعلمين والمراهقين أنفسهم على فهم ذواتهم بشكل جيد كذلك تفتح أمامهم طرقاً للمساعدة الفعلية على أرض الواقع، من خلال الملفات الجريئة التي تستعرضها، وبينها التنمر الإلكتروني، لذا تصبح الأجهزة الذكية وسيلة درامية أساسية في هذه الأعمال وبينها ” الفتيات الكبيرات لا يبكين” (Big Girls Don’t Cry)، الذي عرض العام الماضي عبر “أمازون برايم”، ودارت قصته حول تحديات المراهقة بين نزيلات إحدى المدارس الداخلية، وبينما يعتقدن أنهن يستعملن التكنولوجيا في التواصل، لكنها تعينهن على النفور وعلى تدمير حياة بعضهن بعضاً، مع موجة صارخة من المواجهات مع المسؤولين بالمدرسة. هرباً من التنمر حتى الخيال العلمي أصبح وسيلة للهرب من المتنمرين في المدارس، وذلك من خلال قصة مسلسل “أنا” (Me)، الذي بثته منصة “أبل” العام الماضي، حين ينتقل البطل البالغ من العمر 12 سنة إلى مدرسة جديدة، ومن ثم فهو صيد ثمين لمجموعة المتنمرين والمبتزين من زملاء الدراسة، ولكن ينقذه اكتشاف مدهش حين يجد أن لديه قدرات خارقة على تحويل مظهره تماماً، لذا لم يعد في حاجة إلى التأقلم على الوضع المزري الذي كان عالقاً به، فيهرب من واقعه بهذه الطريقة، وكأن امتلاك هذه القدرات هو الوسيلة الوحيدة للنجاة في هذه المرحلة. الخيال العلمي أيضاً هو الطريقة التي هربت بها مراهقتا مسلسل “خزانة ديفي وجونيزي” (Davey & Jonesie’s Locker)، الذي عرض الربيع الماضي على منصة “هولو”، فلم تتمكنا أبداً من التأقلم مع طلاب المدرسة الثانوية الذين نغصوا عليهما حياتيهما، إلى أن تكتشف المراهقتان أن لديهما خزانة سحرية تنفذان منها إلى عالم مليء بالمغامرات التي تنقلهما من الواقع السيئ في المدرسة. المزيد عن: دراما المراهقينأفلام نتفليكساليونيسيففوضى تكنولوجيةالتنمرالعقد النفسية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post وليد الحسيني يكتب عن: تعود العروبة.. يعود الإسلام إلى الإسلام next post أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية “العائدة” You may also like خوليو سانتانا على طريق إيخمان أوفر حظا وأهدأ... 15 أبريل، 2025 ماريو فارغاس يوسا… حائز «نوبل» وعملاق الأدب اللاتيني 15 أبريل، 2025 فارغاس يوسا يسدل الستار على الجيل الذهبي لكُتَّاب... 15 أبريل، 2025 “غيبة مي” لنجوى بركات: الغائبة الحاضرة في كل... 14 أبريل، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: رثاء البشر في شيخوختهم... 14 أبريل، 2025 أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو... 14 أبريل، 2025 هاروكي موراكامي والرواية بوصفها مهنة 14 أبريل، 2025 عبده وازن يكتب عن: 50 عاما على الحرب... 13 أبريل، 2025 فيلم هادي زكاك يشهد على ماضي “سينمات” طرابلس 13 أبريل، 2025 أفلام هوليوودية تمجد الانعزالية الأميركية “العائدة” 13 أبريل، 2025