ثقافة و فنونعربي ما أحوال الثقافة العربية والمغاربية في زمن الحجر؟ by admin 6 أغسطس، 2020 written by admin 6 أغسطس، 2020 126 بعد انقضاء الجائحة سنشعر بظهور نوع من “التوحش” الحضاري و”العنف” في سلوك الفرد والجماعة اندبندنت عربية / أمين الزاوي كاتب ومفكر آخر ما قد يثير قلق الأنظمة السياسية في العالم العربي وشمال أفريقيا هو غياب الثقافة والفنون في زمن الحجر، كما كانت هي عادتها في غير زمن الحجر أيضاً. وإذا كانت الدول الأوروبية بشكل عام، ومنذ أشهر، بدأت تستعد لمعالجة حال الانهيار الثقافي في المجتمع جراء الجائحة، وتخطط لإنقاذ المؤسسات الثقافية والفنية التي تنتج الكتاب والموسيقى والمسرح وتعرضُ التراث المادي واللامادي والفن التشكيلي وغيرها، بل إن بعض هذه الدول قد باشرت في تطبيق جملة من الخطط لدعم هذه المؤسسات الثقافية والفنية ومعمريها ونشطائها من الفنانين والكتاب والمفكرين والجمهور، باعتبار أن الثقافة والفنون هي “رأسمال خاص” من القيم التي لا يمكن للمجتمع أن يتقدم أو يتعافى أو يواجه المستقبل في غيابه أو في ضعفه أو إهماله، في البلدان الأوروبية تتم حماية الثقافة من الانهيار، كما تتم حماية الفلاحة أو صناعة السيارات أو السياحة، لأن الثقافة في منظور أنظمة هذه الدول استثمار وازن ومهم ومؤثر في العجلة الاقتصادية للدولة الوطنية، وهي إلى ذلك تشغّل آلاف الأيدي العاملة الحرفية والتكنولوجية في مختلف التخصصات، فتأثير اقتصاد الكتاب والمتاحف والسينما على الاقتصادي الوطني الفرنسي أو الألماني – على سبيل المثال – واضح جداً. ولأن الثقافة والفن لا تأثير لهما على إيقاع الحياة الاقتصادية في البلدان العربية والمغاربية، أو بشكل ضعيف، ولا يحسب لهما أي حساب اقتصادي أو تجاري أو حتى حضاري أو سياسي، فأنظمة هذه البلدان بشكل عام لم تفكر في أي استراتيجية لمواجهة هذا الفراغ الثقافي الرهيب الذي خلفته جائحة كورونا، بل ربما من وجهة نظرها بعضها سياسياً، “رب ضارة نافعة”، فغياب الثقافي وسكوت صوت المثقف النقدي في ظل الجائحة، وعزلته واختفاؤه عن الساحة، هو بمثابة راحة للأنظمة السياسية التقليدية واللاديموقراطية، فالثقافة التنويرية والمثقف النقدي هما سبب “وجع الرأس” لكل نظام منفصل عن مجتمعه وعن تاريخه ومستقبله. وبحجة – أو تحت شعار – تسبيق الأولويات على الثانويات، وبما أن الثقافة هي العجلة الخامسة في التخطيط “غير المخطط” في العالم العربي والمغاربي، فالأنظمة تتستّر إعلامياً وشعبوياً بتسبيق “الصحة” المريضة أصلاً، وعلى توفير “الخبز الأسود” وعلى “النقل المعطل” أكثر مما تفكر في الثقافي، ناسية أو متناسية بأن لا صحة ولا زراعة ولا اقتصاد ولا خبز دون ثقافة جادة ومعاصرة، فالمجتمع بدون ثقافة تنويرية كسلوك لا يمكنه أبداً أن يحمي الصحة ولا النظافة ولا لقمة الخبز ولا الكرامة. توقفت “معارض الكتاب” في العالم العربي والتي كانت رئة يتنفس بها الناشر العربي والمغاربي، وكانت فرصة اقتصادية وتجارية للناشرين والمطبعيين والمكتبيين، وفرصة للقرّاء أيضاً في التزود بالجديد مما ينشر من إبداعات محلية أو مترجمات، توقفت المعارض، وتوقف الكتاب، وتوقفت القراءة الجديدة، واختنق الناشرون والمكتبيّون والكُتاب والقراء – على قلتهم -، ولا أحد دق ناقوس الخطر، وكأن الأمر عادي جداً! أغلقت دور النشر أبوابها واختفى الكتاب الجديد من المكتبات التي ظلت بعضها مفتوحة على حياء، ولم ينزعج القارئ لهذا الغياب وكأن الأمر من العاديات، وأن الكتاب ليس من ضروريات الحياة، ولم تتحدث نقابات الناشرين عن مآل اليد العاملة في هذا القطاع، وما مصيرها؟ لم يصدر كتاب جديد، ولم ينزعج الكُتاب وكأن الأمر عادي جداً، بل صدوره هو الأمر غير العادي، ربما! أغلقت المسارح التي كانت أبواباً مفتوحة على حياء، في الزمن العادي، ولا أحد شعر بفراغ في الحياة اليومية، الناس تتحدث بإسهاب الحبل على الغارب، وتتناقش بحماس وعصبية، وتصدر فتاوى وفتاوى مضادة عن فتح المساجد وغلقها، ولا أحد يتحدث عن فتح المسارح، لم نسمع “فتوى حضارية” عن ضرورة فتح المسارح وشروط فتحها في الحالات الاستثنائية، مع أن الصلاة يمكن للمؤمن الصادق أن يؤديها في بيته وهو بذلك أدى واجبه الديني كاملاً، أما المسرح فلا يمكن للمواطن أن يشاهد مسرحية في بيته بكل طقوس المسرح، الصلاة تؤدى في البيوت، أما المسرح فلا يمثل في البيوت! في غياب كلي للثقافي والفني في العالم العربي والمغاربي، هل سيكون لذلك تأثير على المواطن في هذه البلدان؟ أعتقد أنه وبعد انقضاء الجائحة، سنشعر بظهور نوع من “التوحش” الحضاري و”العنف” في سلوك الفرد والجماعة، وأعتقد أن على الأنظمة والمؤسسات الثقافية أن تعيد التفكير في دور الثقافة والفنون في محاربة التوحش الذي قد يقضي على الأخضر واليابس. في غياب دور الثقافة والفنون ستجد الأنظمة السياسية العربية والمغاربية مهما كانت طبيعتها، ستجد نفسها في مواجهة مجتمع يعارضها بالتوحش، يطالب التغيير بالتوحش، وكل “تغيير” عن طريق مجتمع متوحش يخلو من الثقافة والفنون، هو تغيير نحو الهدم والتخلف. المزيد عن: كورونا/الثقافة العربية/حركة النشر/المسرح/السينما 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تاريخ إيران بجماعة الإخوان next post عودة إلى “أيام الإنسان السبعة” لعبدالحكيم قاسم في ذكراه الثلاثين You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.