الخميس, أكتوبر 17, 2024
الخميس, أكتوبر 17, 2024
Home » ماذا يمثل سريان “اتفاق عنتبي الإطاري” بالنسبة إلى دولتي مصب النيل؟

ماذا يمثل سريان “اتفاق عنتبي الإطاري” بالنسبة إلى دولتي مصب النيل؟

by admin

 

دخول اتفاق دول الحوض حيز التنفيذ يلغي اتفاقات الحقب الاستعمارية ومصر والسودان تعتبرانه غير ملزم

اندبندنت عربية / هاشم علي حامد محمد كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي

في وقت تحتفي فيه بعض دول حوض النيل بإنفاذها اتفاق الإطار التعاوني لحوض النيل وشروع العمل به، لا تزال خلافات معلقة بين بعضها الآخر في المعطيات التي شكلتها اتفاقات النيل التاريخية وما تمثله من حقوق شرعية. وضمن تناقضات المصالح التي لا تزال تمثل إشكالاً باقياً، ينظر إلى واقع سريان الاتفاق الإطاري كاتفاق أجازته غالبية دول حوض النيل. فإلى أي مدى يمكن تنفيذه، وماذا يواجه من تحديات؟

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أعلن الأحد الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، دخول الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل “عنتيبي” حيز النفاذ، واصفاً الحدث بأنه “علامة فارقة في تاريخ التعاون بين دول حوض النيل”. وأشار أحمد في منشور عبر حسابه على منصة “إكس” إلى أن “الاتفاق يمثل خطوة مهمة نحو الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل”، مؤكداً أنه “يعزز الروابط بين دول الحوض ويضمن استفادة الجميع من الموارد المائية المشتركة”.
وأتت التصريحات القيادة الإثيوبية ضمن حيثيات ما عملت عليه دول حوض النيل الموقعة على الاتفاق الإطاري، وهي إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وبورندي وروندا وجنوب السودان التي كانت آخر الموقعين على الاتفاق في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، ليصبح سارياً بعد مرور 60 يوماً من تاريخ إيداعه كوثيقة رسمية لدى الاتحاد الأفريقي، (وفق ما نص عليه الاتفاق).

“الإطاري” كبديل

ويمثل “اتفاق الإطار التعاوني” اتفاقاً بديلاً لدول حوض النيل الرافضة والمتحفظة على الاتفاقين التاريخيين لمياه النيل (1929 و1959)، إذ ظلت تحتفظ بموجبهما كل من مصر والسودان بحصصهما المائية، 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي، وشمل أهم بنودهما إقرار دول حوض النيل بحصة مصر المكتسبة من مياه النهر، وأن لمصر الحق في الاعتراض (فيتو) في حال إنشاء هذه الدول مشاريع جديدة على النهر وروافده.
واتفاق مياه النيل الموقع في عام 1929 هو الاتفاق الرئيس الذي أبرمته الحكومة البريطانية بصفتها السلطة الاستعمارية نيابة عن عدد من الدول مع الحكومة المصرية، وتتمسك به كل من مصر والسودان استناداً إلى وقائع التاريخ. وفي وقت أوقفت فيه مصر مفاوضاتها مع إثيوبيا في قضية سد النهضة منذ مارس (آذار) الماضي نتيجة الخلافات المتصاعدة، يأتي سريان الاتفاق الجديد كتحد إضافي لقضية مياه النيل.
وقال وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إتيفا إن دخول الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل، المعروف بـ”اتفاق عنتيبي” حيز التنفيذ، “يلغي اتفاقات الحقب الاستعمارية التي كانت تخدم طرفاً واحداً، ويضمن الاستخدام العادل لمياه النيل”.
وترى دول المنبع الموقعة على “الاتفاق الإطاري” بقيادة إثيوبيا، أنه يمثل إنصافاً مائياً في ظروف الاحتياجات المائية والتنموية لدول حوض النيل ضمن المتغيرات المستجدة. كما توسم الاتفاقات التاريخية بما تبعها من حيثيات تحكم الاستعمار، في ظروف غابت فيها الإرادة الوطنية لتلك الدول، كحجة تدلل على عدم شرعية تلك الاتفاقات المبرمة في العهد الاستعماري.
وتمضي بعض الآراء في وصف تلك الاتفاقات بأنها “تكرس احتكارية مياه النيل”، مما أوجد ضرورة للعمل على تغييرها وإنشاء آلية جديدة للتعاون. وكانت دول حوض النيل السبع (إثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وبورندي ورواندا وجنوب السودان) في اجتماعها الأخير بأوغندا بـ”عنتبي”، قررت اعتماد الاتفاق الإطاري كبديل للاتفاقات التاريخية في تنظيم علاقات دول حوض النيل، وتحقيق علاقة مائية جديدة تكفل الحقوق المتساوية بين دول النيل.

حالة ترقب

بدأ العمل حديثاً لاعتماد الاتفاق الإطاري، وما تبع ذلك من توقيع لدول الحوض منذ عام 2010، إلى اكتمال تصديق الغالبية عليه، وينص الاتفاق على أن تنشئ الدول الست الموقعة “مفوضية دول حوض النيل” التي تعنى بتنظيم وإدارة السياسات الخاصة بالمياه بين الدول الأعضاء كافة. وقاطع كل من مصر والسودان اجتماع عنتبي، وكانت كينيا ضمن المؤيدين للاتفاق الجديد إلا أنها انسحبت منه لاحقاً. ويضم تجمع هيئة حوض النيل كل من “إثيوبيا ومصر والسودان والكونغو الديمقراطية وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبورندي، وإريتريا التي تتبؤ صفة مراقب”.
وأوضح الوزير الإثيوبي في مؤتمر صحافي الإثنين الماضي، بمناسبة دخول الاتفاق حيز التنفيذ، أن “الاتفاق الإطاري يتضمن مجموعة من المبادئ، بما في ذلك المنفعة المتبادلة وتبادل المعلومات”. وشدد الوزير على أن “الاتفاق الإطاري يهدف إلى تعزيز الاستخدام العادل والمنصف للمياه، وليس للإضرار بأية دولة”. وتمثل المرحلة المقبلة ترقباً في المسار الجديد الذي تبدأ به دول حوض النيل أولى خطواتها في تكوين مفوضية دول حوض النيل وفق اتفاق جديد. وكان السكرتير الدائم لوزارة الخارجية الأوغندية فنسنت باجيري أعلن الإثنين الماضي أنه كان من المقرر عقد قمة لدول نهر النيل في أوغندا في الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إلا أنها أجلت إلى مطلع العام المقبل من دون أن يوضح أسباب التأجيل، في حين أشارت تقارير إعلامية إلى خلافات من وراء التأجيل”.

تهنئة وتحرز

وهنأ رئيس الوزراء الإثيوبي الدول الأطراف في الاتفاق على التزامها بتعزيز التعاون الإقليمي، داعياً الدول التي لم توقع بعد إلى الانضمام إلى “عائلة النيل”، لتحقيق الأهداف المشتركة في التنمية والتكامل الإقليمي. وفي حين تنظر إثيوبيا التي يقدر عدد سكانها بـ120 مليون نسمة إلى سريان الاتفاق الإطاري كونه بداية تاريخية جديدة في علاقات دول النيل والمصالح التنموية المترتبة، يأتي الاتفاق ليشكل بالنسبة إلى مصر، المنتفع الأساس (بنسبة 98 في المئة من حاجيات مياه النيل)، كقضية مركبة بجانب خلافاتها المعلقة في قضية سد النهضة وما تتحرزه من تأثيرات سلبية بالنسبة إلى تدفق المياه إليها.
يقول الباحث في هندسة المياه بجامعة جيما أفريم واقيجيرا إن “هيئة دول حوض النيل تعتبر من المنظمات الإقليمية المهمة فهي تلعب دوراً حاسماً في معطيات التنمية المستدامة وحماية البيئة وتعزيز السلام الإقليمي، كما تسهم الهيئة في حل النزاعات المتعلقة بالمياه وفي تحقيق الأمن المائي في المنطقة”، ويضيف أنه “في ما يخص النيل ستكون المحادثات في شأن المصالح المشتركة مع الهيئة الجديدة وليس مع دولة معينة بعدما أصبح الاتفاق الإطاري معترفاً به دولياً”.

غير ملزم

وكانت مصر والسودان أعلنتا أن الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل غير ملزم لهما، وفي بيان مشترك أعلن البلدان السبت الماضي، التزامهما الكامل بالتعاون مع دول حوض النيل في إطار المبادئ المتعارف عليها دولياً، التي تحقق المنفعة للجميع. كما أكدا بأن الاتفاق الإطاري للتعاون في حوض النيل غير ملزم لأي منهما، ليس فقط لعدم انضمامهما إليه، وإنما أيضاً لمخالفته مبادئ القانون الدولي. ووصف الجانبان مفوضية الدول الست الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل العضوية كونها لا تمثل دول حوض النيل.

ملابسات 

الخبير في مجال مياه حوض النيل سليمان محمد أحمد سليمان يقول في مقالة له في يوليو (تموز) الماضي، “إن جمهورية جنوب السودان فاجأت المتابعين لقضايا نهر النيل من السياسيين والخبراء الأكاديميين بإعلانها المصادقة على اتفاق الإطار التعاوني لهيئة حوض النيل في الثامن من يوليو الماضي، مما يعني حصول الاتفاق على العدد المطلوب من الدول للمصادقة عليها ودخوله حيز التنفيذ”. ويشير سليمان إلى ملابسات قضية دول حوض نهر النيل بالقول إن “مصر والسودان تصران على أن الاتفاقات التي عقدت في الماضي ملزمة لدول الحوض الأخرى، وتحديداً اتفاق 1929 الذي أبرمته بريطانيا نيابة عن السودان وكينيا وأوغندا وتنجانيقا، التي كانت ضمن مستعمراتها في ذلك الحين مع مصر. وأن هذا الاتفاق أعطى مصر حق النقض لأي مشاريع تقام على النيل يمكن أن تؤثر سلباً في كميات المياه التي تصل إلى مصر”. ويضيف أن “مصر تتمسك بإلزامية الاتفاق تحت نظرية توارث الاتفاقات، فيما ترفضها دول البحيرات الاستوائية باعتبار أنها وقعت أثناء الحقبة الاستعمارية ولا إلزامية لهذا الاتفاق بعد نهاية تلك الحقبة”.

قضية مصالح

من جهة ثانية قال أستاذ الاقتصاد محمد حسب الرسول إن “التطورات الحادثة في التسابق نحو تنفيذ الاتفاق الإطاري، وما يصاحب ذلك من خلافات لا تنحصر في اتفاق، سواء كان اتفاقاً إطارياً أو غيره بقدر ما تشكله قضية المياه سواء في الماضي أو الحاضر كونها لا تزال قضية مصالح تنافسية، تستغل فيها بعض الجهات المصالح المتناقضة بين الدول سواء في القارة الأفريقية أو غيرها”. ويضيف “وتدل على ذلك، معطيات المرحلة المقبلة ضمن مصطلح (حرب المياه) المتوقع استعارها، وتظهر بعض ملامحها في قضية نهر النيل، وما يتبع الاستعمار الناعم من إذكاء للخلافات بين الدول عبر إغراءات بمشاريع اقتصادية تمول بواسطة الصناديق الدولية التي تدعم الاتفاقات المصادق عليها عبر برلمانات الدول كما هو الحال في الاتفاق الإطاري”. ويشير إلى أنه “ضمن هذه الإغراءات تسعى الدول إلى تحقيق أحلامها بهدف إنعاش مجتمعاتها التي تعاني الفقر عبر ما تنشره الكيانات والصناديق الدولية من برامج، وفي هذا التسابق تنبت الخلافات والمشادات في الحرب الخفية للمياه”. ويشرح المتحدث ذاته أن “التوقيع المفاجئ لدولة جنوب السودان على الاتفاق الإطاري يفسر على ضوء حصولها على مشاريع تنموية، وبحجة الاستفادة من حصصها المائية التي يكفلها لها الاتفاق الجديد”.

دور وتسهيل

ويوضح سليمان أن “العمل بدأ في اتفاق الإطار التعاوني بعد أشهر قلائل من قيام مبادرة حوض النيل في عام 1999، وتواصل العمل بها حتى عام 2010، ولعب البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وعدد من الدول المانحة دوراً في تسهيل التفاوض حول الاتفاق”. ويضيف أن “اتفاق الإطار التعاوني لحوض النيل وافقت عليه معظم دول الحوض عدا مصر والسودان، ويشير إلى أن بنود الخلاف بين دول حوض النيل ومصر والسودان جوهرية وكبيرة”.
وفي ما يتعلق بمستقبل الاتفاق الإطاري بعد إجازته ودخوله حيز التنفيذ يقول سليمان، “يلزم الاتفاق أطرافه بالتعاون وبالتبادل المنتظم للبيانات والمعلومات، خصوصاً بما يتعلق بالآثار المحتملة للتدابير المزمع اتخاذها على حالة حوض النيل، ويتضمن الاتفاق بنوداً عن تبادل المعلومات وليس عن الإخطار المسبق”.
وعن واقعية التعاون بعد إنفاذ الاتفاق الإطاري يلفت حسب الرسول إلى أن “المصالح الاقتصادية بين الدول ينبغي النظر إليها وفق أسس تعاون إقليمي شفاف، وهو ما تحتاج إليه دول حوض النيل خصوصاً في هذه المرحلة.” ويضيف “ينبغي ألا تغري الديناميكية التي حصل عليها الاتفاق الإطاري الدول الست الموقعة في رسم سياسات لا تخدم مصالحها سواء على المدى القريب أم البعيد، في اتباعها سياسات غير منصفة، كما أن النأي عن التدخلات الاستعمارية سواء من دول أو هيئات مسيسة، هو ما يضمن المسار المشترك بين السلام والكسب، ويحقق قدراً من الاستقرار واستمرارية الاتفاق نحو التنمية المنشودة مستقبلاً”.

المزيد عن: نهر النيلدول المنبعدول المصبمصرالسودانإثيوبياسد النهضةجنوب السودانأوغندامرحلة الاستعمار

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00