الأربعاء, يناير 1, 2025
الأربعاء, يناير 1, 2025
Home » ماذا يريد ترمب من إيران؟

ماذا يريد ترمب من إيران؟

by admin

 

الطريق مليء بالصعاب والتحديات، ولكن يظل احتمال توصل ترمب وإيران إلى اتفاق ممكنا

المجلة / آراش عزيزي

أسابيع فقط تفصل دونالد ترمب عن البيت الأبيض، وعيون العالم تتفحص كل قرار يتخذه عن كثب وبدقة. ومعروف عن ترمب أنه لا يمكن التنبؤ بسلوكه، ولا سيما في سياسته حيال الشرق الأوسط. لذا يدقق المراقبون في الشخصيات التي يرشحها، ويتابعون التصريحات التي يدلي بها فريقه الآخذ في التشكل، كي يكوِّنوا تصورا عن اتجاه رياحه السياسية.

لقد ابتهج مؤيدو المواجهة مع النظام الإيراني عندما تبين لهم أن مرشحي ترمب لمناصب الأمن القومي الرئيسة يتبنون مواقف متشددة تجاه إيران. وظهرت بهجتهم على نحو خاص بعد أن تبدد قلقهم من أن يمضي ترمب في الاتجاه المعاكس لهم، عندما قطع علاقاته مع مايك بومبيو ونيكي هيلي.

ووصف ماركو روبيو، المرشح الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، إيران بأنها نظام “إرهابي”، ودعا إسرائيل إلى مهاجمتها، وانتقد إدارة بايدن على نهجها الدبلوماسي تجاه الجمهورية الإسلامية. ويتبنى مايك والتز، مستشار ترمب القادم للأمن القومي، التوجه نفسه، وهو مؤيد قوي لإسرائيل. وقد رحبت به معظم العناوين الرئيسة بوصفه “صقرا معاديا لإيران”. أما مرشح ترمب لمنصب السفير لدى إسرائيل فهو حاكم أركنساس السابق والقس المعمداني مايك هاكابي، المؤيد القوي لليمين الإسرائيلي انطلاقا من معتقداته المسيحية الصهيونية.

غير أن أخبارا أخرى آتية من معسكر ترمب كانت أكثر إحباطا للصقور المعادين لإيران. فمدير الاستخبارات الوطنية المقترح هي النائبة الديمقراطية السابقة تولسي غابارد، التي لها تاريخ من التودد للرئيس السوري بشار الأسد، الزعيم العربي الأثير عند إيران. ودعمت القصف الروسي في سوريا دعما للأسد. وعندما انسحب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وفرض سياسة الضغط الأقصى على طهران، هاجمته غابارد بشدة. كما انتقدت قراره باغتيال الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني.

على عكس ما يأمله الكثير من معارضي النظام الإيراني المؤيدين لترمب، ما من سبب يذكر للاعتقاد بأنه يرغب في الإطاحة بالنظام

والأمر الأكثر إزعاجا لهؤلاء الصقور هي الأخبار عن عقد اجتماع أول بين فريق ترمب والنظام الإيراني بعد أقل من أسبوع على الانتخابات. فبحسب مسؤولين إيرانيين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز”، التقى إيلون ماسك مع السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني. ووفق الإيرانيين، فإن ماسك هو من طلب الاجتماع. وأكدت شبكة “سي بي إس” الاجتماع من مصادرها الخاصة، مضيفة أن الاجتماع عقد في المقر الرسمي للسفير إيرواني في نيويورك.

ولكن هل يعني ذلك أن فريق ترمب يرسل إشارات متناقضة لما ستكون عليه سياسته من إيران؟ لقد نغص هذا الانطباع حياة من يأملون في تصنيف ترمب ووضعه في خانة بسيطة، فهو إما “مناهض للحرب” سيعقد السلام مع إيران أو هو رئيس مؤيد لإسرائيل سيجعل حياة النظام الإيراني جحيما. وكما هو متوقع، سيعمل كل معسكر على تضخيم الأخبار التي تصب في صالح روايته الخاصة، بينما يبخس من قيمة الأخبار التي لا تؤيدها. ويمكننا أن نتوقع المزيد من هذه اللعبة في الأشهر والسنوات القادمة.

أ.ف.ب / الرئيس الإيراني المنتخب حديثا مسعود بزشكيان ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف يزوران مرقد الخميني في جنوب طهران في 6 يوليو 2024

في الواقع، لا يقبل موقف ترمب من إيران أن يصنف في أي من الخانتين التبسيطيتين. وعلى عكس ما يأمله الكثير من معارضي النظام الإيراني المؤيدين لترمب، ما من سبب يذكر للاعتقاد بأنه يرغب في الإطاحة بالنظام. فقد فشلت هذه المعارضة الإيرانية، الغارقة في الاقتتال الداخلي، في تقديم بديل متماسك وجاد للنظام. وقد أكد ترمب أكثر من مرة سواء خلال ولايته الأولى (2021-2017) أو في حملته الرئاسية الأخيرة، أن لا مصلحة له في تغيير النظام في إيران. وأوضح أنه مستعد للتحدث مع طهران دون شروط مسبقة، وأن إيران يمكن أن تزدهر في ظل قيادتها الحالية. وأخيرا، عندما سأله المذيع باتريك بيت ديفيد، الأميركي من أصل إيراني، عن إمكانية إطاحته بالنظام، سارع الرئيس الجمهوري إلى رفض مثل هذه التصورات، قائلا: “لا يمكننا أن نتورط في كل ذلك… فنحن لا نكاد نقدر حتى على إدارة بلدنا، يا باتريك”. ومن الواضح أن ترمب يفضل التوصل إلى اتفاق مع إيران، قد يصوره كصانع للسلام ويساعد في تخفيف التوترات في المنطقة.

سيكون على ترمب مواجهة الكثير من العقبات. أولها أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو عازمة أكثر من أي وقت مضى على مواجهة إيران

كان النظام الإيراني خائفا من عودة ترمب منذ أشهر، لكن هذا يعني أيضا أنهم أعدوا خططا طارئة للتعامل مع ذلك. ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، تلقت الولايات المتحدة حتى قبل انتخاب ترمب، رسالة سرية من طهران تؤكد أن الإيرانيين لم يكونوا يخططون لقتل الرئيس السابق، ولو أن كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين هددوا ترمب علنا بالاغتيال من قبل. وقد أصدر المدعون الأميركيون لائحتي اتهام لإيران بالتآمر ضد ترمب.

ما إن انتهت الانتخابات، حتى جاء أحد ردود الفعل الإيرانية الأولى على لسان نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، الذي كاد يحتفل بفوز ترمب بوصفه علامة على “رفض الناخبين الأميركيين لعام مخزٍ من التواطؤ الأميركي مع الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة ومع المذابح في لبنان”. وطلب من ترمب “الوقوف ضد الحرب كما تعهد” والمساعدة في “إنهاء الحروب ومنع نشوب حروب جديدة”. وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن إيران تحترم خيار الناخبين الأميركيين.

ويدعو الكثير من الخبراء في طهران إلى أن تسعى إيران للتوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة، حتى إن هادي برهاني، أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة طهران، دعا إلى إجراء محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، من دون الاعتماد على الوساطة القطرية أو العمانية كما جرت العادة، “ومن دون شروط مسبقة، وفي أقرب وقت ممكن ودون إضاعة الوقت”. ولكن حتى لو كان ترمب وطهران مهتمين بالتوصل إلى اتفاق، فما من طريق سهل للوصول إلى ذلك.

سيكون على ترمب مواجهة الكثير من العقبات. أولها أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو عازمة أكثر من أي وقت مضى على مواجهة إيران. وقد أصدر نتنياهو، بتشجيع من انتخاب ترمب، رسالة جديدة مصورة بالفيديو إلى الشعب الإيراني، دعاه فيها إلى الإطاحة بحكم المرشد الأعلى علي خامنئي. وقد ذهب بيبي في هذه الرسالة ربما إلى أبعد مما ذهب إليه في أي وقت مضى، حتى إنه كرر شعار المتظاهرين الإيرانيين في 2022-2023 (المرأة، الحياة، الحرية) باللغة الفارسية.

لقد تبادلت إيران وإسرائيل الضربات المباشرة عام 2024، بعد سنوات من حروب الظل بينهما. وبينما تفكر إيران في موعد ردها على الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على أراضيها في 26 أكتوبر/تشرين الأول وكيف، فمن المرجح أن تفكر مرتين في أي هجمات مماثلة مع وجود ترمب في منصبه. إلا أن إيران وإسرائيل اخترقتا حاجز عدم إطلاق النار مباشرة بينهما.

طهران المهووسة بالحصول على “احترام” واشنطن، ستحاول جاهدة أن لا تبدو مهانة وهي مضطرة للعودة إلى التفاوض مع ترمب، الذي قتل رمزها الأكثر تقديرا، قاسم سليماني

ويدعو البعض في إسرائيل اليوم إلى شن هجمات أوسع نطاقا على إيران، أملا في أن تؤدي في النهاية إلى إنهاء النظام الذي أزعج الدولة اليهودية عقودا من الزمان. وستحتاج أي صفقة بين الولايات المتحدة وإيران إلى ضمان نوع من الموافقة الإسرائيلية. فهل سيتمكن ترمب من انتزاع تنازلات من إيران تخص إسرائيل لتحقيق ذلك؟ أم إن هذا سيؤدي إلى صراع داخل معسكر ترمب؟

القضية الثانية هي التفاصيل الفنية التي لا تعد ولا تحصى التي تتخلل العلاقات الأميركية الإيرانية. فإيران تواجه الآن لائحة طويلة من العقوبات المتعلقة بدعمها للميليشيات في المنطقة، وببرنامجها النووي، وبقمعها لحقوق الإنسان، وبدعمها لحرب روسيا ضد أوكرانيا. والملف النووي وحده هو واحد من أكثر النزاعات تعقيدا وتشعبا في العالم. فهو لا يقتصر على الدبلوماسيين فحسب، بل يشمل المصرفيين والفيزيائيين أيضا. إلا أن اتفاقا يمكن أن يرفع بشكل ملموس عبء العقوبات على إيران، مع التراجع عن برنامجها النووي بما يكفي لتلبية متطلبات ضبط الأسلحة، يتطلب الوصول إليه نوعا من العمل المكثف والطويل الأجل، كالذي شهدناه في الفترة التي سبقت اتفاق إيران عام 2015.

أ.ف.ب / امرأة إيرانية تمر أمام جدارية لشعار متخيل للتحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة على الجدارالخارجي لمبنى كأن مقرا للسفارة الأميركية في طهران

ومن المعروف عن ترمب حبه للحظات الكبيرة المبهرة، كما رأينا ذلك في قممه التي تصدرت عناوين الصحف مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والتي فشلت في تحقيق أي نتائج عملية. ولا شيء يمنع من حدوث فشل آخر مماثل هنا. سيكون على ترمب إبداء جرعة غير معهودة من الصبر والحنكة الدبلوماسية في التفاوض للتوصل لعقد صفقة معقدة مع إيران. كما سيختبر مهارات الأعضاء الآخرين في فريقه. فقد كان روبيو ووالتز، بوصفهما مشرعين، يوجهان خطابات نارية ويهاجمان إيران وغيرها من خصوم أميركا. والواقع أن ممارسة الدبلوماسية التي قد تحقق النتائج المرجوة تشكل مهمة مختلفة تماما.

ولكن قبل أن يلجأ ترمب إلى أي دبلوماسية، فمن المرجح أن يستمتع بترهيب إيران. فشعاره الثابت “السلام من خلال القوة”، هو ما يناسب غرائزه وأسلوبه.

وعلى المنوال نفسه، من المرجح أن يبدأ بعودة سياسات الضغط القصوى على إيران. ورغم أن إيران تشعر بالفعل وكأنها الدولة الأكثر خضوعا للعقوبات في العالم، فإن تشدد ترمب في فرض العقوبات النفطية بقوة أكبر قد يوجه ضربة قوية لإيران. وفي دولة تنظم حاليا عمليات قطع الكهرباء المجدولة كل يوم، فإن خسارة كبيرة للعملة الصعبة ستكون ضربة قاسية.

وطهران المهووسة بالحصول على “الاحترام” من واشنطن، ستحاول جاهدة أن لا تبدو مهانة وهي مضطرة للعودة إلى التفاوض مع ترمب، الرجل الذي قتل رمز النظام الأكثر تقديرا، قاسم سليماني. وبالفعل، يستعد الخبراء لتقديم التبريرات. فيشير البعض إلى أن المبعوثين الإيرانيين التقوا صدام حسين في العراق في أوائل التسعينات، أي بعد بضع سنوات فقط من الحرب المدمرة التي دارت رحاها بين عامي 1980 و1988 والتي لقي فيها عشرات الآلاف من الإيرانيين حتفهم.

وبما أن إيران تجد محور مقاومتها قد أضعفته الحملات الإسرائيلية المستمرة، وتجد اقتصادها في حالة يرثى لها بسبب العزلة، وسكانها مضطربين ساخطين، فهي في حالة من اليأس يغدو مرجحا أن تقدم التنازلات اللازمة لإبرام صفقة مع ترمب. وقد تشتمل الصفقة لا على اتفاق نووي فقط، بل أيضا الامتناع عن ضرب إسرائيل، بشكل مباشر أو غير مباشر، أقله في الوقت الحالي.

إذا تمكن أمثال بيزشكيان ولاريجاني من مساعدة طهران في التوصل إلى اتفاق تاريخي مع ترمب، فمن المرجح أن يعززوا قبضتهم على السلطة خلال أزمة الخلافة القادمة

وقد يكون لصفقة كهذه فائدة إضافية، تتمثل في الحصول على موافقة حلفاء الولايات المتحدة العرب في المنطقة، ودول مجلس التعاون الخليجي، التي طبعت علاقاتها مع إيران في السنوات القليلة الماضية.

ففي سعي هذه الدول إلى التركيز على التنمية الاقتصادية، فإن لها مصلحة راسخة في تجنب اندلاع حريق أوسع نطاقا في المنطقة، لذا من المرجح أن ترحب بمثل هذه الصفقة. وهذا الوضع يتناقض على نحو ملحوظ مع صفقة أوباما عام 2015، التي استقبلتها المنطقة ببرود وحذر، ولكنها تتناقض أيضا مع ولاية ترمب الأولى، عندما لم تملك الرياض وحلفاؤها العرب علاقات دبلوماسية مع طهران.

كما ستساعد المحادثات المقبلة بين إيران والولايات المتحدة في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، نظرا لأن إيران تمر بمرحلة من التقلبات الدقيقة والحساسة. فخامنئي يبلغ من العمر 85 عاما ومن المتوقع أن لا يعيش لفترة طويلة.

أ.ف.ب / شباب فلسطينيون يتفقدون قذيفة سقطت بعد أن أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ على إسرائيل ردًا على مقتل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في رام الله بالضفة الغربية المحتلة في 1 أكتوبر 2024

كما أن المتشددين الذين يروجون للنسخة الأكثر صرامة من رؤيته الثورية، في حالة من التدهور السياسي نسبيا. وباستثناء المرشد الأعلى، يحتل الكثير من مناصب السلطة في البلاد الآن، أشخاص من ذوي الميول المعتدلة مثل الرئيس بيزشكيان. حتى علي لاريجاني، الذي بدا منبوذا ومُنع من الترشح للرئاسة مرتين، في عامي 2021 و2024، اختاره خامنئي للسفر إلى سوريا ولبنان، حاملا رسائل إلى الأسد ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.

من المرجح أن ترحب هذه الشخصيات باتفاق مع أميركا، وتخفيف السياسة الخارجية الإيرانية المغامرة بأهدافها المستحيلة المتمثلة في تدمير إسرائيل ومواجهة  أميركا في كل مكان.

وإذا تمكن أمثال بيزشكيان ولاريجاني من مساعدة طهران في التوصل إلى اتفاق تاريخي مع ترمب، يمنح إيران مساحة تنفس دبلوماسية واقتصادية، فمن المرجح أن يعززوا قبضتهم على السلطة خلال أزمة الخلافة القادمة، وأن يساعدوا في ظهور إيران جديدة، الغسق الأخير لثورة 1979. بعبارة أخرى، قد يكون الاتفاق مع ترمب مفتاحا لمستقبل إيران، وبالتالي مفتاحا لمستقبل المنطقة.

ولكن لأن المخاطر عالية للغاية، فإن الطريق إلى صفقة كهذه سيكون طويلا، ووعرا، ومتعرجا، صعودا وهبوطا.

المزيد عن:  إيران انتخابات أميركا… والعالم ترمب إسرائيل

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00