الخميس, فبراير 20, 2025
الخميس, فبراير 20, 2025
Home » ماجد كيالي يكتب عن: التغيير السوري في بعده الفلسطيني

ماجد كيالي يكتب عن: التغيير السوري في بعده الفلسطيني

by admin

 

تأثير مجتمع فلسطينيي سوريا في الحركة الوطنية الفلسطينية، بات هامشيا

المجلة / ماجد كيالي

كانت الحركة الوطنية الفلسطينية منذ انطلاقها في أواسط الستينات، وجدت في سوريا ساحة لأنشطتها رغم القيود التي وضعها النظام على العمل الفدائي ضد إسرائيل من جبهة الجولان، أي إن ذلك الأمر كان مضبوطا وفقا للخطوط أو للتوظيفات، السياسية للنظام السوري والتي لا تنسجم مع حماسته أو ادعاءاته، بمقاومة إسرائيل.

في حينه، استثمر النظام السوري في صعود الحركة الوطنية الفلسطينية وأساسا حركة “فتح”، في منافسة مصر على قضية فلسطين، إذ كان الرئيس جمال عبد الناصر وراء ولادة “منظمة التحرير” (1964)، كما استثمر فيها للتغطية على هزيمة يونيو/حزيران 1967، وادعاء تبني نهج الكفاح المسلح وأن فلسطين قضيته المركزية، كغطاء لمصادرة الحريات والهيمنة على الشعب، ووضع اليد على موارد البلد، وتبرير تعثر عملية التنمية، وبناء سلطته الأمنية.

بيد أن كل ما تقدم، في الواقع، تم بالتوازي مع محاولة ذلك النظام، بشخص الرجل القوي فيه حافظ الأسد، آنذاك، الإمساك بالورقة الفلسطينية، بداية بمحاولته السيطرة على “فتح”، عبر شخصيات عسكرية موالية له، ثم عبر إنشاء، أو دعم إنشاء، منظمات فلسطينية، تكون بمثابة استطالة له في البيت الفلسطيني، مثل منظمة “الصاعقة” والجبهة الشعبية- القيادة العامة، إلى درجة أن شعار: “استقلالية القرار الفلسطيني” الذي صكه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات كان شرّع لصد تدخل نظام الأسد في الشأن الفلسطيني.

في السياق أيضا، شمل استثمار نظام الأسد للحركة الوطنية الفلسطينية الهيمنة على لبنان، ثلاثة عقود (1976-2005)، ما نجم عنه احتكاكات عسكرية مباشرة، تم فيها تدمير كثير من مخيمات الفلسطينيين في لبنان، جزئيا أو كليا، وكلها شهدت مجازر مروعة؛ يمكن معها اعتبار ما حصل في مخيمات سوريا، مؤخرا، وخاصة اليرموك، بمثابة امتداد لها.

ربما لن يلحظ أي دور لسوريا في الصراع ضد إسرائيل مستقبلا، إذ جهود النظام الجديد ستتركز في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، واستعادة الدولة

الآن، يبدو أن التغيير السياسي التاريخي الكبير الحاصل في سوريا سيؤثّر حتما على دورها الإقليمي، وعلى مجمل منطقة الشرق الأوسط، وتفاعلاتها المحلية والإقليمية والدولية، وضمنها الشكل الذي سيتموضع عليه الصراع ضد إسرائيل، بقدر التأثير الذي كان للنظام الفارط، طوال أكثر من نصف قرن، تبعا لموقع سوريا المفتاحي في تلك المنطقة، وفي قضاياها.

أ ف ب / الرئيس السوري حافظ الاسد اثناء لقاء مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في دمشق في 24 ابريل 1988

وبغض النظر عما يريده النظام الجديد، أو ما يستطيعه، فإن تداعيات “طوفان الأقصى”، وحرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على فلسطينيي غزة، والتي شملت لبنان، وأفضت إلى إنهاء هيمنة “حزب الله” فيه، وصولا إلى انحسار نفوذ إيران في المنطقة، لا بد ستؤثر على الحركة الوطنية الفلسطينية، وخياراتها السياسية والكفاحية، بل وحتى على شكل وجود الشعب الفلسطيني، في الداخل والخارج، وبخاصة على مجتمع الفلسطينيين السوريين (لاجئي 48).
وعلى الأرجح، فإن تلك التطورات والتغيرات ستفضي إلى انهيار، أو أفول، الخيار العسكري في مواجهة إسرائيل عربيا وفلسطينيا، لانعدام، أو للافتقار، لإمكانياته ومتطلباته، وأيضا بالنظر لتكلفته الباهظة، على ضوء ما حصل في غزة ولبنان، إضافة إلى أنه يكاد لا يوجد طرف عربي أو فلسطيني يدعو إليه بشكل جاد، أو مسؤول، في الظروف الراهنة، وفي المدى المنظور، علما بأن ذلك لا يفترض الخضوع لإرادة إسرائيل، أو لسياساتها، أو صرف النظر عن أشكال الكفاح الممكنة وفقا للوضع الراهن فلسطينيا وعربيا ودوليا. وقد يفيد هنا التذكير بأن إسرائيل ظلت تقصف مواقع الجيش السوري، قبل وبعد سقوط نظام الأسد، كما قصفت معها معسكرات ومقرات فصائل فلسطينية، وقامت باغتيال قياديين فلسطينيين، في سوريا ولبنان (وحتى في طهران)، الأمر الذي يؤثر على سوريا، كما على الفلسطينيين.
على ذلك، ربما لن يلحظ أي دور لسوريا في الصراع ضد إسرائيل مستقبلا، إذ جهود النظام الجديد ستتركز في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، واستعادة الدولة، وضمن ذلك معالجة آثار التركة الثقيلة التي تركها الرئيس المخلوع، كأولوية يحتاج إليها الشعب السوري للنهوض بأوضاعه واستعادة عافيته، علما أن كل مقدرات الجيش السوري باتت متهالكة، فضلا عن أن ما تبقى منها قامت إسرائيل بتدمير معظمه، في غارات متوالية شنتها بعد سقوط النظام مباشرة، كما قدمنا. لذا ليس من الحكمة، ولا بأي شكل، ولا تحت أي مبرر، التطلب من النظام الجديد أي شيء عملي على هذا الصعيد، في المدى المنظور.

تأثير مجتمع فلسطينيي سوريا في الحركة الوطنية الفلسطينية، بات هامشيا، كغيره من مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين، بحكم انتهاء الكفاح المسلح من الخارج، منذ أربعة عقود

وفي ما يخص سياسة النظام الجديد إزاء اللاجئين الفلسطينيين في البلد فهي على الأرجح ستتأسس على مساواتهم بالسوريين، باستعادة حقوقهم التي كانت قبل قيام النظام الفارط بالانقلاب عليها، وضمهم للقيود المدنية السورية، بعد أن كان لديهم قيود كلاجئين يتبعون لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين. التطور اللافت، الذي يجدر ذكره هنا، يتعلق بإنهاء الخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا، ما يسقطها عن الفلسطينيين، وهذا يقضي بحل “جيش التحرير الفلسطيني” أيضا، الذي كان يعتبر جزءا من الجيش السوري. وعليه، فربما تفضي الأحوال إلى منح اللاجئين الفلسطينيين مكانة المواطنة، على غرار فلسطينيي الأردن؛ ما يعزز من مكانتهم، ويسهل حياتهم، دون أن يتعارض ذلك مع هويتهم الوطنية وانتمائهم لقضية شعبهم.

أ ف ب / مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق وتبدو عليه اثار الدمار الذي اصابه

أما على الصعيد الرسمي فيبدو أن السلطة الجديدة، وتجاوزا لكل مداخلات علاقة النظام السابق بالفلسطينيين، تركز على إقامة علاقة مع “منظمة التحرير الفلسطينية”، كممثل للشعب الفلسطيني، وقضيته، وهذا أمر إيجابي مبدئيا، ويفترض تعميقه وتعزيزه، وهذه فرصة من أجل التأسيس لعلاقات فلسطينية-سورية سليمة، بعد قرابة ستة عقود من المداخلات الصعبة والتوترات المكلفة؛ وهذا ما تبين من التواصل الحاصل بين وفد الرئاسة الفلسطينية، التي تمثل المنظمة والسلطة و”فتح”، الذي التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق مؤخرا.
علما أن السلطة الجديدة كانت وجهت رسالة معبرة بوضع يدها على معظم مقرات ومعسكرات الفصائل الموالية للنظام السوري (“الصاعقة”- “القيادة العامة”- “فتح الانتفاضة”)، ومطالبتها كل الفصائل بتسليم الأسلحة التي لديها، وقيامها باعتقال وملاحقة المتورطين من الفصائل، بالمشاركة مع النظام في قتل السوريين والفلسطينيين. وقد يجدر التنويه إلى أن معظم تلك الفصائل لا تتمتع برصيد شعبي أصلا، وهي غير مؤثرة على أي صعيد، وكانت تستمد نفوذها من الامتيازات التي كان يمنحها إياه ذلك النظام، ودعمها من قبل إيران، لذا فهي لن تجد مكانا لها في العهد الجديد، على الأغلب، ولا قبولا في مجتمع الفلسطينيين السوريين.
وعلى أية حال، فإن تأثير مجتمع فلسطينيي سوريا في الحركة الوطنية الفلسطينية، بات هامشيا، كغيره من مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين، بحكم انتهاء الكفاح المسلح من الخارج، منذ أربعة عقود، ونقل مركز القيادة إلى الضفة والقطاع، وتحول الحركة الوطنية الفلسطينية إلى سلطة، منذ ثلاثة عقود، وبواقع تهميش منظمة التحرير، وتاليا الخضوع للدولة التي يعيشون بين ظهرانيها، فاقم من كل ذلك تحطيم أو تفكيك مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والعراق، مع تهجير أعداد كبيرة منه إلى دول أجنبية، ما يمكن معه الحديث عن اختفاء، أو ضمور، مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين من الخريطة الجغرافية والسياسية.

ثمة مجال للجزم بأن وضع الفصائل الفلسطينية في سوريا، وضمنه نشاط “منظمة التحرير”، سيتحدد بحسب شكل النظام السياسي الذي سينشأ، بعد المرحلة الانتقالية

يبقى من الضروري لفت الانتباه هنا إلى أن مزاج معظم الفلسطينيين الناشطين سياسيا في سوريا، سيما من الأجيال الجديدة، منحاز إلى الوطنية الفلسطينية، وهو يرى أن النظام السوري السابق لطالما استهدف تلك “الوطنية”، وحاول تقزيم شأنها وتقييدها. ومعلوم أن هذه “الوطنية” تتمثل بشكل أكثر في “فتح”، أكثر من أي فصيل آخر، بيد أن ذلك لا يعني أن ثمة تطابقا تاما بين توجهات هؤلاء مع السياسات التي تنتهجها قيادات “فتح”. لكن مشكلة هؤلاء، من الذين يشكلون المزاج العام للاجئين غير المنتمين إلى الفصائل، افتقارهم لإطارات عمل منظمة، ولمنابر يمكنهم من خلالها التعبير عن ذاتهم، كما افتقادهم للشرعية والإمكانيات اللازمين للعمل في ظروف الساحة الفلسطينية، ما يضعف من تأثيرهم، مع ذلك من المنتظر أن هذا القطاع ربما يكون الأكثر استفادة من التغييرات التي قد تجري في سوريا.
وباختصار، ثمة مجال للجزم بأن وضع الفصائل الفلسطينية في سوريا، وضمنه نشاط “منظمة التحرير”، سيتحدد بحسب شكل النظام السياسي الذي سينشأ، بعد المرحلة الانتقالية، إذ على الأرجح ستختفي بعض الفصائل، التي كانت تعتمد في وجودها على نظام الأسد، وإن بقيت فهي لن تكون فاعلة أو ملحوظة، لا رسميا ولا شعبيا، وربما أنها لن تحظى بأية شرعية سياسية أو قانونية أو مجتمعية، سيما أن النظام الحالي حل حزب “البعث”، كما حل كل أحزاب “الجبهة التقدمية” في سوريا، والأحرى أن ذلك سيشمل الفصائل التي كانت تشتغل وفقا للوظيفة السورية، في الحالة الفلسطينية، في إطار النظام السابق.

المزيد عن:  فلسطين سوريا فتح منظمة التحرير الفلسطينية تغطية خاصة سقوط الأسد

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili