الأحد, أكتوبر 6, 2024
الأحد, أكتوبر 6, 2024
Home » لويس آرمسترونغ: دفء فنان الجاز الأسطوري وظرافته

لويس آرمسترونغ: دفء فنان الجاز الأسطوري وظرافته

by admin

في هذه المقالة الشخصية المطولة يراجع مارتن شيلتون كتابا كان والده شارك في تأليفه يتناول حياة عازف الترومبيت الأسطوري اللاذع ويوجه تحية لهذا الشخص الاستثنائي وكرمه وفطنته وخفة دمه

اندبندنت عربية \ مارتن شيلتون كاتب وصحفي @MartinChilton

“أخبروا قصتي كما هي يا أولاد”، قال لويس آرمسترونغ سنة 1970، عندما اقترح أن يقوم كل من ماكس جونز، وأبي الراحل، جون شيلتون، بكتابة سيرته “المكتملة”. وكان عازف الترومبيت الشهير مسروراً جداً بالنص التكريمي المعنون “تحية لـ ساتشمو” Salute to Satchmo الذي نشره الكاتبان (يا للروعة! كتاب أخيراً”، علق الفنان)، حتى أنه أصر على ذكر استعداده لتلقي كل سؤال يود هذان المؤرخان الموسيقيان أن يطرحاه عليه، في سياق كتابة قصته الاستثنائية.

وآرمسترونغ الذي توفي في 6 يوليو (تموز) 1971 عن عمر ناهز 69، كان بوضع صحي سيئ في النهاية. فبعد نوبتين استدعتا إدخاله إلى غرفة العناية المركزة – ومشكلات يعاني منها في القلب والكليتين– كان الرجل يستعيد ذكريات حياته المشهودة. وراح كذلك يبعث برسائل متواترة إلى إنجلترا، وقد أمضى ساعات طويلة في يوليو (تموز)، وأغسطس (آب) 1970 متأملاً ومستذكراً بغية تدوين تلك الرسائل، ومن أجل تنظيم مكتبته الشخصية، المكونة من شرائط كاسيت مرتبة على سطح واجهة “تاندبيرغ” من آخر طراز، اشترتها زوجته لوسيل، كي تزين “حجرته” المرممة حديثاً في منزله النيويوركي.

ثم جاء كتاب السيرة المعنون “لويس: قصة لويس آرمسترونغ” Louis: The Louis Armstrong Story – الذي يأمل نيك، ابن ماكس جونز، في إعادة نشره – وهو كتاب بدوره يضم قصصاً لم تعرف من قبل ولم تجد طريقها إلى النشر. وكان سبق لـ آرمسترونغ أن روى لمؤلفي الكتاب قصته المشاغبة عن الوقت الذي قضاه في السجن بكاليفورنيا، حيث وافق الفنان لأول مرة على تسجيل القصة المذكورة، المتعلقة بتوقيفه في مارس (آذار) 1931، بسبب تدخينه الماريجوانا. وبأسلوبه الشيق استذكر آرمسترونغ أنه كان وعازف الـ”درامز” (الطبول)، فيك بيرتون، يدخنان “صاروخاً ملفوفاً” خارج ملهى ليلي في هوليوود، حين “جاء من خلف سيارة “سافلان” (أي عضوان في جهاز التحري) ضخمان سمينان وقالا لنا– من دون اكتراث: سنأخذ الصبيين الصرصارين”. وقضى آرمسترونغ تسعة أيام في سجن مدينة لوس أنجليس، حيث لم يكف زملاؤه النزلاء عن مناشدته صارخين كي يغني “كرسي هزاز عتيق” Old Rockin’ Chair. وكان لويس محبوباً بالنسبة لزميليه في حجرة السجن، على الرغم من عدم استساغته الأخيرين [غياب الإعجاب بينهم]. وفي أحد الأيام، بعد أن قالا له “ابتعد يا “بوبس” (لقب من ألقاب آرمسترونغ. وقد يعني “بابا”) من الدرب، لا نريد أذية موهبتك بالضرب” (move out of the way ‘Pops’, we don’t want to hurt them chops)، شرعا في عراك شرس انتهى “بقيام أحدهما بعض إصبع الآخر واقتلاعه”.

على الرغم من تجربة السجن تلك، بقي آرمسترونغ مولعاً بحشيشة الكيف [أو الماريجوانا]. وحين نزل ماكس جونز في الفندق الباريسي نفسه الذي كان آرمسترونغ نازلاً فيه بمطلع الخمسينيات، فوجئ المؤرخ الموسيقي، وارتاب قليلاً، إذ لاحظ “قطعة حشيش” تدخل من تحت باب غرفته ذات ليلة، هدية من نجمه ومعبوده.

وكان هاجس آرمسترونغ وخوفه الأساسي أثناء توقيفه وسجنه من أن يقوم أفراد الشرطة بضربه على فمه، فيلحقون الضرر بموضع الفم والشفتين، ذاك الموضع ذو الأهمية القصوى للتحكم بصوت الترومبيت. ويستذكر الفنان مناشدته أفراد الشرطة إذ قال لهم “أرجوكم لا تضربوني على “موهبتي” [لا تلحقوا أذى بمركز موهبتي]. وهكذا فإن جملة “حافظ دائماً على نضارة موهبتك” مثلت النصيحة الأولى التي أسداها آرمسترونغ لوالدي. وجاءت تلك النصيحة عندما قام والدي، الذي كان عازف ترومبيت طموحاً في عمر الثالثة والعشرين ويعمل في صحيفة، بلقاء بطله لأول مرة في فندق سافوي بلندن، سنة 1956. وقد دهش أبي آنذاك بمدى لطافة ذاك النجم الموسيقي الشهير وتواضعه تجاه معجب شاب، وأيضاً بمدى استعداده للحديث عن حرفته، وذكر أبي مستعيداً اللقاء مع آرمسترونغ: “حدثني عن الجروح في شفتيه، التي سببتها أعوام طويلة من ضغط البوق عليها، ثم بسط يديه وقال: كذلك تكبدت شقوقاً في أصابعي وإبهامي بسبب قبضي بقوة على الترومبيت على مدى السنوات الـ45 الماضية”.

وحين بلغ أبي ثمانيناته وراح يصارع مرض الـ”باركنسون” الذي لعب دوراً في وفاته، كان الحديث معه عن ذكرى مقابلته آرمسترونغ واحداً من المواضيع التي تضمن رفع معنوياته خلال قضائه أوقاتاً طويلة في غرف الانتظار بالمستشفيات. وقد أخبرني عن لقاء ثان مع الفنان الشهير جرى في صيف 1968، حين قضى يوماً كاملاً برفقة عازف الترومبيت وزوجته لوسيل في فندق دورشيستر. وكان لآرمسترونغ ذاكرة هائلة، وقد سرد لوالدي حكايا كثيرة من أعوام العشرينيات، من بينها قصص عن أساطير ونجوم موسيقى الجاز والبلوز، فاتس والر، وما رايني، وبيسي سميث، وسيدني بيشيت. وبدا الفنان في سردياته تلك أقل تقديراً لأحد أعضاء فرقة “فليتشر هيندرسون”، الذي سماه “السافل كبير الرأس”. كما ذكر أبي أنهما تحدثا طويلاً عن الأبواق وآلات الترومبيت وعن نفور آرمسترونغ من التمارين الموسيقية. كذلك كان آرمسترونغ مجمعاً شغوفاً للقطع والأشياء التذكارية، وقد تأثر حين أخبره والدي أنه خصص له مكاناً في ألبوم قصاصات بدأ يجمع مواده منذ أن كان فتى، في الثانية عشرة من عمره، نازحاً من الحرب (العالمية الثانية).

وفي عصر ذاك اليوم ذاته سنة 1968، أرسلت قناة الـ”بي بي سي” فريقاً منها لمقابلة آرمسترونغ. وفيما كان أفراد الفريق يتحضرون لتصوير المقابلة، ساد ذعر عام عندما أصاب حريق قسم من تجهيزات التصوير. عن تلك الحادثة يتذكر أبي “لويس كان أطرف شخص في الغرفة. نهض بهدوء، تناول إبريق ماء، وأطفأ اللهب مطلقاً ضحكة مجلجلة. وحين هنأته على رصانته، ذكر أبي، قال آرمسترونغ “هذا لا شيء يا جون”، وراح يروي له عن مرة كان يؤدي فيها بـ”شوبوت كباريه” في شيكاغو خلال حقبة آل كابون (زعيم المافيا الشهير). حينها نشب عراك بين عناصر المافيا وبدأ إطلاق الرصاص. وسأله والدي “ماذا فعلت؟” أجاب آرمسترونغ “استمررت في النفخ (أي بالعزف) … لكن بعض القطط (أي الذين يخافون) اختبؤوا تحت البيانو”.

كذلك أخبر آرمسترونغ أبي عن الطعام الذي تذوقه في يوركشاير خلال إقامة أخيرة له في باتلي، كما مازحه حول عادة زميله القديم عازف الترومبون، ترامي يونغ، المتمثلة في التهام نصف دزينة بيض مسلوق جيداً في كل يوم. ثم قام آرمسترونغ بعدها بامتحان والدي في نظام الحمية الذي يتبعه، وقد أرسل له في ما بعد لائحة تحمل عنوان “خفف وزنك على طريقة ساتشمو” كان كتبها لمجلة “هاربرز بازار” Harper’s Bazaar (مجلة موضة). وقد أوصت اللائحة بحمية تضم التفاح الطازج، والكرفس المطبوخ، والطماطم المطبوخ. كما ضمت اقتراحاً يقول إن “تناول ملينات المعدة لمرة واحدة في الأسبوع على الأقل أمر نافع جداً”.

واستخدم آرمسترونغ ملينات المعدة طوال حياته– حيث بدأ مع “مياه بلوتو” Pluto Water حين كان صغيراً– وكان من المناصرين المهووسين لمنتجات عشبية نباتية تدعى “سويس كريس” Swiss Kriss. وقد أرسل إلينا في لندن صندوقاً من تلك المنتجات مرفقاً بصورة ترويجية تظهره (آرمسترونغ) جالساً في الحمام بمنزله بحي كورونا، في منطقة “كوين” النيويركية، مع شعار يقول “ارمِ كل شيء خلف ظهرك” Leave it All Behind Ya. وما زال صندوق منتجات “سويس كريس” هذا مختوماً وبحوزتي. إذ إن أبي وأمي كلاهما لم يتبعا اقتراح آرمسترونغ استهلاك الملينات القوية. لكن بيتي، زوجة ماكس جونز، ولسوء حظها جربت بعض تلك المنتجات. وعلى الرغم من تناولها كمية صغيرة منها فقد قضت الأيام الثلاثة التي تلت على كرسي الحمام. عن ذلك قال لي ابنها نيك “ظلت لبعض الوقت تلعن (تلك المنتجات) وتفكر بما حصل، إلا أنها في النهاية تعجبت من بنية آرمسترونغ وقدرته على تحمل انفجار هضمي [في مجاري الهضم] بهذا الحجم. وقد ضحك لويس مما حصل لها، وذلك عندما اصطحب فيما بعد ماكس وبيتي إلى مطعم صيني في لندن. والفنان، الكريم لأقصى درجة، كان هو على الدوام من يدفع الحساب.

ماكس جونز كان مقرباً من آرمسترونغ منذ عام 1949. والموسيقار دهش وتأثر بالكاتب الشاب حين ظهر عليه هذا الأخير في مطار هيثرو (كان يسمى آنذاك مطار لندن) ومعه غراموفون قابل للطي، فلعب له وأسمعه مقطوعة “بلو يودل رقم 9” Blue Yodel No 9 لـ جيمي روجرز. وكانت هذه المقطوعة العائدة إلى 1930 حيرت عشاق موسيقى الجاز، لأن عازف الترومبيت فيها ظل مجهولاً. واعتقد جونز أن آرمسترونغ هو ذاك العازف المجهول (وترافقه على البيانو زوجته السابقة ليل هاردين) الذي كان يلعب الترومبيت في تسجيلات “فيكتور” Victor. ضحك آرمسترونغ من هذا الأمر وأكده، شارحاً (سبب تغييب اسمه) أنه كان في ذلك الوقت ملتزماً بعقد مع تسجيلات “أوكيه ريكوردز”Okeh Records، لذا قام بالعزف من دون الكشف عن هويته.

لكن من دون شك فإن آرمسترونغ الذي لم يكن تجاوز 24 من عمره حقق مع “أوكيه ريكوردز” في أعوام العشرينيات تسجيلاته الشهيرة مع فرقتيه “هوت فايف” Hot Five و”هوت سيفن” Hot Seven. “خلاصة كل بلد في المعمورة تتمثل بما يقدمه ذاك البلد للعالم. أميركا قدمت لويس آرمسترونغ”، قال المغني الشهير توني بينيت لـ”مؤسسة لويس آرمسترونغ التربوية”Louis Armstrong Educational Foundation. وتتضمن إبداعاته وتحفه مقطوعة “ويست إند بلوز” West End Blues بمقطعها الافتتاحي الحر والعبقري (الذي يتضمن عزفاً على طريقة “كانديزا”، التي تعني مقطعاً موسيقياً ارتجالياً أو مؤلفاً، غنياً بالزخرفة وحراً، يؤديه عازف واحد شديد البراعة)، ومقطوعة “بوتيتو هيد بلوز” Potato Head Blues التي أدى فيها وصلة نظمت توقيت الفرقة، وتلك وصلة غدت “مقطوعة اختبار” لجميع عازفي الترومبيت الشباب الطموحين – المقطوعة المذكورة كانت تكفي لإرساء دعائم إرثه الموسيقي.

أسس آرمسترونغ بنية الارتجال وتقنيته في موسيقى الجاز. وفي هذا الصدد اعترف مايلز ديفيس، بطل حقبة الـ”بيبوب” bebop في الموسيقى، أن “المرء ليس بوسعه عزف أي مقطوعة على البوق لم يسبق للويس أن أداها”.

على الرغم من أن الأعمال المنجزة في حقبة العشرينيات تبقى الأكثر تبجيلاً بين مجمل أعماله، فإن بعض الأعمال التي حققها في مطلع الثلاثينيات (على أنغام رائعة مثل “لايزي ريفير” Lazy River و”سويت هارتس أون باريد” Sweethearts on Parade)، وتسجيلاته مع “ديكا” Decca، وأعماله مع فرقته المتكاملة “أوول ستارز”All Stars (من بينها الألبوم الرائع سنة 1956 المعنون “لايف آت ذا هوليوود بول” Live At The Hollywood Bowl)، وثنائياته مع إيلا فيتزجيرالد، ومقطوعاته الناشطة المتأخرة “وي هاف أوول ذا تايم إن ذا وارلد” We Have All the Time in the World و”وات إي ونديرفول وارلد”What a Wonderful World، تشكل دليلاً على تجربة دائمة الروعة طوال أكثر من نصف قرن.

لعبت زوجة آرمسترونغ، عازفة البيانو ليل هاردين، دوراً كبيراً في صعود نجم لويس، وفي هندسة تجربته كنجم يؤدي منفرداً ومغنياً. وعلى الرغم من انهيار علاقتهما فيما بعد وانقطاعهما عن التواصل والكلام طوال عقد، غير أن لويس في رسائله لـجونز وشيلتون تحدث عن فضلها الكامل في نجاحاته. ولم يكن القادة السابقون لفرق آرمسترونغ الموسيقية يحبون صوته كمغن، بيد أنه في تسجيلات العشرينيات أظهر للعالم كيف يمكن الارتجال والتأرجح وتسريع الوتيرة والصمت… بالصوت. وكان الغناء من غير كلام جديداً تماماً آنذاك، من دون شك، حين قدمه آرمسترونغ في مقطوعة “غات باكيت بلوز” Gut Bucket Blues، وهو من خلال تمرده على جميع القواعد قام بتغيير التسجيل الصوتي تغييراً أبدياً. وفيما بعد قال آرمسترونغ إنه، في إحدى المرات، وفي منتصف التسجيل، قام برمي الورقة التي عليها ما سيؤديه من كلمات، وتذكر فجأة كيف كان وهو صغير يستخدم صوته لتقليد الآلات الموسيقية.

في الإطار ذاته فإن الطرافة والدعابة على المسرح مثلا جزءاً أساسياً من أداء آرمسترونغ. وقد مثلت شخصيته الواثقة والمؤثرة دليلاً على طريقته في التواصل مع الناس، وتلك طريقة تضمنت على الدوام سمة من الظرف الحاذق والذكي. ومن الكلمات والإشارات التي واظب على استخدامها (كان يوقع باسم “لويس”، أو يستخدم ألقاباً له مثل “ساتشمو”، أو “أولد ساتشمو” [أي ساتشمو العجوز]، أو “ساتش”، أو “بوبس” [وتعني “بابا”]) نذكر “دايتينغلي يورز” (أي “محسوبكم في الحمية الغذائية” Dietingly yours)، أو “ريد بينز أند رايسلي يورز” (أي “محسوبكم في الفول الأحمر والرز” Red beans and ricely yours)، و”بروسيل سبراوتنغلي يورز” (أي “محسوبكم في كرنب بروكسل” Brussell sproutingly yours)، و”سويس كريسلي يورز” (أي “محسوبكم في سويس كريسلي” Swiss Krissly yours)، و”آيم رايلسلي أند تشيكنلي يورز” (أي “محسوبكم أنا حتى الرز والدجاج” Am Ricely & Chickenly Yours)، و”آي يام ترامبتلي يورز” (أي “محسوبكم أنا ترومبيتياً” I am Trumpetly Yours)، و”آيم ترومبيتلي بلوينغلي يورز” (أي “محسوبكم أنا بنفخ الترومبيت” Am Trumpetblowingly Yours)، و”آيم ميوزيكلي يورز” (أي “محسوبكم أنا موسيقي” Am Musically Yours)، و”يورز سول فودلي” (أي “محسوبكم الوفي غذائياً” Yours Soul Foodly)، وبعض الأحيان “هيير إز سوينغنغ آتشا” (أي “معكم آتشا المتأرجح” Here’s swinging ‘atcha).

وإحدى نكاته التي واظب على تردادها كانت عن جنازة في نيوأورلينز، حيث قام أحد المشيعين بمس جبين الميت، فأحسه دافئاً بعض الشيء. وحين أخبر أرملة الراحل، قالت له “ساخن أو بارد، سيرحل غداً بعض الظهر”. وآرمسترونغ قد يكون الرجل الوحيد في العالم الذي استطاع سرد النكات الجريئة أمام البابا بيوس الثاني عشر سنة 1949. وعن هذا أخبر آرمسترونغ جونز بأن البابا، الذي بدا رجلاً “صغير الحجم”، سأله إن كان لديه أولاد. أجاب آرمسترونغ “ليس بعد، لكننا نتسلى كثيراً في المحاولة”. وحين ضحك البابا، عاجله الفنان برشق من النكات الأخرى. وعن ذاك ذكر “عاجلته يا ماكس برشق يميت من الضحك”.

  • قضيت معظم أيام صباي حول العاهرات والقوادين وعتاة القمار وبعض أسوأ الأشخاص على وجه الأرض

ولد آرمسترونغ في 4 أغسطس (آب) 1901، وهو تاريخ اكتشفه الباحث تاد جونز سنة 1988، إذ اطلع على سجلات المعمودية (عمادة المواليد) في “كنيسة قلب يسوع الأقدس” بمدينة نيوأورلينز. قبل هذا الاكتشاف كان يظن أن تاريخ مولده هو 4 يوليو (تموز) 1900، الذي يمثل تاريخاً ملفقاً ورمزياً (باعتباره ذكرى الاستقلال الأميركي) اعتمده آرمسترونغ طوال حياته (وربما صدقه). كان والده، ويلي، رجلاً أمياً، وقد نشأ لويس في حي الدعارة الفظ، “ستوري فيل” Storyville، بمدينة لويزيانا. عن ذلك روى لكاتبي سيرته “قضيت معظم أيام صباي حول العاهرات والقوادين وعتاة القمار وبعض أسوأ الأشخاص على وجه الأرض”. ولويس الذي بدأ مسيرته الفنية بالعزف على متن السفن النهرية في الميسيسيبي، غدا فيما بعد مقامراً متمرساً، وقد ذكر لجونز أنه كان ينوي شراء أرض (مما كان يجنيه من القمار) كي ينشئ عليها مبنى قرب لاس فيغاس [مدينة اللهو وحياة الليل الشهيرة في الولايات المتحدة].

ومثل الاحتفال بعيد ميلاد آرمسترونغ في يوم الاستقلال (الأميركي) حدثاً مميزاً بحياته عندما غدا شاباً. إذ بمناسبة ما اعتبر عيد ميلاده الـ70 أُقيم حفل موسيقي تكريمي في المملكة المتحدة برعاية “ميلودي مايكر” Melody Maker (مجلة موسيقية رائدة عالمياً، تأسست في بريطانيا سنة 1926 وكانت تصدر أسبوعياً)، وقد التأم الحفل في “قاعة الملكة إليزابيث” بساوث بارك، وشارك فيه همفري ليتيلتون و”ذا وولي فوكيس” The Wally Fawkes وجون شيلتون “فيت وورميرس” Feetwarmers. وتولى ليتلتون دوراً مسانداً حين عزف آرمسترونغ على مسرح دوار عملاق في “قاعة الإمبراطورة” Empress Hall بـ “قصر الإيرل”Earl’s Court سنة 1956. وأمضى آرمسترونغ حينها بضعة أيام وهو يصنع تاجاً من الورق المقوى ومجوهرات “ولوورث” وطابات الـ”بينغ بونغ”، مخصصاً لـ”الملك لويس”. وقام ليتلتون في نهاية الحفل الختامي بـلندن بوضع التاج على رأس بطله (أي آرمسترونغ)، معلناً: “نيابة عن كل الموسيقيين البريطانيين، أتوج لويس آرمسترونغ ملكاً للجاز من دون منازع”. وبعد بضعة أيام، في مدينة مانشيستر، قام ليتلتون بسؤال آرمسترونغ ممازحاً إن كان ما زال يحتفظ بالتاج. أجابه “الملك” “طبعاً ما زال بحوزتي. قمت بشحنه إلى الوطن. سأحتفظ به على الدوام – فأنت منحتني إياه”.

آرمسترونغ وزوجته لوسيل في مطار لندن في 1956 (غيتي)

من جهته عازف الكلارينت، وولي فوكيس، الذي كان معروفاً أيضاً كرسام كاريكاتير في صحيفة ويوقع باسم “تروغ” Trog، قال مستذكراً، إن آرمسترونغ خلال إحدى “ليالي الاستراحة” (أي الليلة التي لا حفل فيها) إبان جولته اللندنية، ظهر فجأة في نادي السهر “ذا همفري ليتلتون كلوب” – الذي سمي فيما بعد “100 كلوب” 100 Club – في شارع أوكسفورد، وذلك كي يؤدي وصلة. وخلال كتابتي هذه المقالة سألت فوكيس، الذي يبلغ اليوم 97 من عمره، عن إحساس المرء إذ يكون على نفس المسرح مع آرمسترونغ. أشرق وجه فوكيس، وقال “كان الأمر رائعاً. كأن المرء يمس في مشاعره الأساسية. وجاءت قوة أدائه وكثافته ونبرته مذهلة ببساطة. لعبنا (مقطوعة) “ستروتين ويذ صم باربكيو”Struttin with Some Barbecue. ما زلت أحتفظ بذكريات رائعة من تلك الأمسية”.

أما ماكس جونز فقد ذكر أنه كان شاهد عيان على آرمسترونغ متعاملاً “بجرأة وعناد مع حالات يفترض أنها خطرة” خلال العديد من الظروف الخاصة– وذاك أمر أيضاً عاينته أمي الراحلة تيريزا، خلال جولة عام 1956 (في لندن). كانت أمي آنذاك في عمر الـ21 وتعمل مصورة فوتوغرافية، شاقة طريقها في بيئة صارمة يسيطر عليها الرجال في ذاك الوقت. وقد ذهبت إلى الحفل على أمل التقاط صورة خاصة بها لآرمسترونغ قبل بداية الأمسية. لكن المتعهد (أو منظم الحفلات) ذو النفوذ، جاك ل هيغينز، الذي يعمل مع هارولد ديفيدسون، منعها من الوصول، وكان فظاً وعدائياً. وآرمسترونغ الذي كان رجلاً صلباً ونحيفاً آنذاك، حين رأى ما كان يحصل خرج مسرعاً من غرفة الملابس ودفع هيغينز ونحاه جانباً بقوة، ما أدى إلى تمزيق قميص المتعهد. فيما بعد دعا آرمسترونغ تيريزا لأخذ صور بورتريه له، ومكنها من تصويره في لقطات موحية وغير اعتيادية.

ومع الوقت الذي عاد فيه لويس آرمسترونغ إلى بريطانيا سنة 1962، كان اتجاه الـ”بيبوب” bebop في الموسيقى قد تجذر وصار آرمسترونغ يصنف قياساً عليه من الماضي. حتى أن عازف الترومبيت الـ”بيبوبي” (من “بيبوب”) الشهير، ديزي غيليسبي، استخف بصوته (صوت آرمسترونغ) واعتبره “صوت العم توم” [رواية “كوخ العم توم” الشهيرة التي تستحضر أجواء العبودية ومعاناة السود الواقعين تحت نيرها]، وتلك شتيمة عاد غيليبسي وتراجع عنها. فيما اعتبر نقاد في المقابل أن طريقة “الإيحاءات” التي يعتمدها آرمسترونغ على المسرح (حيث يبرز أسنانه ويقلب بعينيه) تمثل إيحاءات مهينة. وحين سئل لويس عن شتيمة “العم توم” [المذكورة أعلاه]، قال: “ما كانوا لينجوا لو مروا بما مررت به”. كذلك فإن النقد الذي وجه له متجاهلاً نشأته الأولى– كونه نتاجاً من حقبة “الفودفيل” [المسرح الهزلي] – أغفل، على نحو غير منصف، مواقف آرمسترونغ ضد التمييز العرقي والعنصرية أمام الجمهور وعلى الملأ، وذاك تضمن احتجاجه العلني الموجه للرئيس الأميركي في ذلك الوقت. إذ إن آرمسترونغ، مثله مثل أي شخص أسود في تلك الحقبة، عرف ما تعنيه العنصرية. عن هذا قال لي ريكي ريكاردي، مدير المواد البحثية في “متحف منزل لويس آرمسترونغ”Louis Armstrong House Museum إن “آرمسترونغ نشأ معايناً عمليات الـ”لينشينغ” (الإعدام الغوغائي بحق السود)، وتعرض لمطاردة الرعاع العنصريين، وواجه تداعيات الفصل العرقي المهينة. وقد عرف آرمسترونغ أن بالإمكان قتله أو اعتقاله في أي لحظة”. أضاف ريكاردي “حتى أن مديره جوني كولينز ناداه باسم “ن …” [أي “نيغرو”، وهي تسمية مهينة توجه إلى السود].

وفي نهاية المطاف قام آرمسترونغ بشهر سبتمبر (أيلول) 1957 بالاعتراض علناً (على التمييز العرقي والوقائع العنصرية)، حين ألغى جولة إلى الاتحاد السوفياتي كانت تنظمها وزارة الخارجية الأميركية، وذلك رداً منه على سوء معاملة أولاد أميركيين من أصول أفريقية في مدرسة ثانوية بـ”ليتل روك” في آركنساس. فقد غضب آرمسترونغ حين شاهد مقطعاً تلفزيونياً مصوراً يظهر رجلاً يبصق على وجه فتاة صغيرة وهي تمشي بحياء نحو بوابة مدرستها (في ليتل روك). وكان آرمسترونغ آنذاك ينزل في غراند فوركس، نورث داكوتا (داكوتا الشمالية). لاري لوبيناو الذي كان طالب ثانوية ويتولى عملاً إضافياً في صحيفة “غراند فوركس هيرالد” قرر إجراء مقابلة مع آرمسترونغ متجاهلاً تعليمات رئيس تحريره لـ”تجنب السياسة”. وتحادث الاثنان (لوبيناو وآرمسترونغ) حول الوقائع في ليتل روك وشجب الفنان الموسيقي الرئيس دويت د. آيزنهاور واعتبره “ذا وجهين”، وقال إنه “يفتقر للشجاعة” ويتحكم به عنصريون محليون. كذلك وصف آرمسترونغ حاكم ولاية آركنساس، أورفال فوباس بـ “ابن العاهرة الرديء” (الوصف الذي اعترف الصحافي الشاب فيما بعد بأنه قام بتعديله ضمن النص المنشور بالصحيفة ليغدو “صبي أرعن غير مثقف”)، كما أعلن آرمسترونغ في المقابلة أنه لن يذهب في جولات بعد الآن كسفير للحكومة (الأميركية). وقال متحدثاً عن الوضع “يكاد الأمر يغدو غاية في السوء، إذ لم يعد للشخص الملون (بمعنى الأسود) أي وطن. فأمام الطريقة التي تعامل بها الحكومة شعبنا في الجنوب (الولايات الجنوبية)، عليهم (الحكومة) أن يذهبوا إلى الجحيم”. ونظراً للطبيعة النارية لمواقف آرمسترونغ في تلك المقابلة، طلب منه رئيس تحرير الصحيفة توقيع رسالة تؤكد أن أقواله تلقائية وصادرة منه. ورد آرمسترونغ بخط “عريض” (صلب) في أسفل نسخة الرسالة الصفراء “لا تحذفوا شيئاً من هذه المقابلة. قلت ما قلته ببساطة، وأبقى أقوله”، ومهر اسمه.

وحين انتشرت الرسالة في العالم عبر وكالة “أسوشيتد برس” كان لها “وقع مدوٍ مثل قنبلة هيدروجينية”، وفق تعبير صحيفة في شيكاغو. وعلى الأثر هدد رعاة وداعمو أنشطة (ثقافية وحكومية)، منهم “شركة فورد موتور” بمقاطعة البرامج التلفزيونية التي يظهر فيها آرمسترونغ. كما قامت محطات إذاعية في الجنوب (الولايات الجنوبية) بإتلاف تسجيلاته. وأشارت عناوين إحدى الصحف إلى “تحريض ساتشمو”. حتى أن زميلاً له في قطاع الفنون الترفيهية، سامي ديفيس جونيور، هاجمه واعتبر أن فنان الجاز هذا (آرمسترونغ) فشل في فهم واستيعاب تلك الوقائع الأهلية. بيد أن آرمسترونغ لم يتراجع أو يندم ورد في “نيويورك تايمز” قائلاً “أفهم (عمليات) الـ لينشينغ [سحل رمزي]، هذه هي الوقائع الأهلية”.

وعن هذه الحوادث والمواقف تحدث ريكاردي، وهو مؤلف كتاب ممتاز صدر سنة 2020 بعنوان “قلب طافح بالإيقاع [نبض قلب يدق]: سنوات لويس آرمسترونغ في الفرقة الكبيرة” Heart Full of Rhythm: The Big Band Years of Louis Armstrong، فقال “لا أحد في أوساط الجاز ذكر كلاماً في العلن يدعم مواقف آرمسترونغ. وذاك أصاب لويس في الصميم، (وشكل) جرحاً حمله معه طوال حياته”.

أمر مواجهة الرئيس يتطلب الجرأة وآرمسترونغ وقف ثابتاً في تلك المعركة. وفي 24 سبتمبر (أيلول) – بعد أسبوع من مقابلة آرمسترونغ، وفي ذات اليوم الذي طرد فيه لوبيناو من صحيفة “ذا غراند فوركس هيرالد – قام آيزنهاور، أخيراً، بإصدار أمر نشر 1200 جندي مظلي من الفرقة المجوقلة 101 في ليتل روك. وفي اليوم التالي واكب الجنود تسعة طلاب سود وهم في طريقهم إلى “سنترال هاي سكول”. إزاء هذا راسل آرمسترونغ الرئيس آيزنهاور قائلاً “إن قررت مواكبة الصبية الملونين إلى المدارس، خذني معك يا بابا”. وفيما بعد اعترف آرمسترونغ لماكس جونز وأبي بأن السجال حول تلك الأحداث كان صعباً، لكنه شعر بالارتياح حين قال له حمال في أحد الفنادق “سيد آرمسترونغ، هذا سيكون في كتب التاريخ”.

وفي ذاك الخريف جال آرمسترونغ في أميركا الجنوبية وجرى رصد تصرفاته ومراقبتها من قبل وزارة الخارجية (الأميركية). وفي بيونوس آيرس خلال حصة تصوير مع ليسل شتاينر، تلقى آرمسترونغ اتصالاً هاتفياً من السفير الأميركي لدى الأرجنتين طالباً منه الأخير أداء “الراية الموشحة بالنجوم” The Star Spangled Banner (النشيد الوطني الأميركي) في حفلة ذلك المساء. أجابه لويس “سيدي السفير، يمكنك مضاجعة نفسك [عبارة سوقية تنم عن ازدراء]، إذ إنني حتى لا أستطيع الحصول على غرفة فندق في تايمز سكوير”. هذه الواقعة رواها شتاينر فيما بعد لـ ريكاردو.

لكن ذاك لم يكن المرة الأخيرة التي يقف فيها آرمسترونغ في مواجهة العنصرية. إذ إنه رفض طوال عشر سنوات اللعب والأداء في نيوأورلينز حين تمسكت المدينة بحظر الفرق مختلطة الأعراق (التي يتحدر أعضاؤها من أعراق مختلفة). كما أن الفنان ثابر في التبرع لحركات الحقوق المدنية. وفي مارس (آذار) 1965، بعد معاينته وحشية الشرطة في التعامل مع مارتن لوثر كينغ ورفاقه المتظاهرين في سيلما، آلاباما، وصل إلى كوبنهاغن وسألته صحيفة الـ”هيرالد تريبيون” عن موقفه إزاء ذلك العنف. أجاب “سيضربون يسوع لو أنه أسود ويتظاهر”.

موقف آرمسترونغ ذاك إزاء أحداث سيلما ليس سوى واحد من المواقف التي يتم أحياناً تجاهلها وإغفالها حين يجري الكلام عن مساهماته في الكفاح من أجل المساواة العرقية. وأيضاً كان آرمسترونغ فخوراً في كونه أول موسيقي جاز أميركي- أفريقي ينشر سيرة شخصية (مع “سوينغ ذات ميوزيك” Swing That Music سنة 1936)، والأميركي- الأفريقي الأول الذي يستضيف برنامجاً إذاعياً عاماً على الصعيد الوطني. وقبل مدة قصيرة من وفاته تحدث عن مواقفه في مواجهة العنصرية، فذكر “أنا مجرد موسيقي، لكني أعتقد أنني قمت بأشياء عظيمة لإنهاض بني جلدتي، بيد أن ما قمت به لم يحظ بالتقدير”. وقد جرى تناول سوء فهم أفعاله ومواقفه السياسية في فيلم وثائقي لـ”أبل” Apple، وهو فيلم قيد الإنتاج الآن كي ينجز سنة 2022، بعنوان “بلاك أند بلوز: قصيدة لويس آرمسترونغ الغنائية الملونة” Balck & Blues: The Colorful Ballad of Louis Armstrong. الفيلم من إخراج ساشا جينكينز، ويشارك في إنتاجه رون هوارد.

المرة الأخيرة التي قام فيها كل من ماكس جونز وأبي بمقابلة لويس آرمسترونغ كانت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 1970، حين جاء الموسيقي المنهك من المرض إلى لندن لآخر مرة كي يلعب ضمن حفل خيري في “فينسباري بارك أستوريا” Finsbury Park Astoria بتكليف من “ناشيونال بلاينغ فيلدز أسوشييشن” National Playing Fields Association. وقال لهما إنه يتوق لقراءة السيرة التي سيكتبانها. لكن للأسف لم يتسن له ذلك.

الأشهر التسعة الأخيرة من حياة لويس آرمسترونغ كانت قاسية. ففي مارس (آذار) 1971 تعرض لذبحة قلبية خطيرة ونقل إلى مستشفى “بيث إسرائيل” Beth Israel Hospital. وقد فارق الحياة سريرياً لمدة 30 ثانية، ولم ينجُ إلا بعد عملية ثقب القصبة الهوائية tracheotomy. وبعد تعافيه، عاد ليعيش بهدوء في بيته بكورونا [ناحية في منطقة كوينز النيوركية] الذي كان على الدوام يسميه “قلعتي”، وقد جرى آنذاك تجهيز البيت بكرسي سلم كهربائي، وقضى لويس فيه وقتاً مبهجاً في ترتيب قصاصات ذكرياته ومدوناته ومتابعاً نتائج فريقه المفضل في البايس بول الـ”ميتس” Mets. وكان آرمسترونغ دائماً أسهل من يمكن الوصول إليه بين نجوم الفن، كما أحب العيش في أحياء تختلط فيها الثقافات، مثل الحي حيث يقيم. وعن ذلك قال “هنا في هذا الحي، مع كل الملونين الآخرين والبورتوريكيين (من بورتو ريكو) والإيطاليين والقطط العبرية … لماذا بحق الجحيم أهتم بالعيش في حي راق يناسب الموضة؟” وثمة لحظة مؤثرة في أحد أشرطته (أشرطة الكاسيت) الموسيقية حين يتوقف ليشير إلى الأولاد الذين يلعبون أمام البيت الذي عاش فيه منذ سنة 1943. فأطفال حي كورونا هؤلاء هم من كانوا في باله عندما غنى “يا له من عالم رائع” What a Wonderful World.

واحدة من أكثر اللحظات فخراً بالنسبة لوالدي هي حين شارف على إنهاء ثلاثة عقود من التعاون مع المغني جورج ميلي، ودعي كي يكون ضيفاً متحدثاً في “مؤتمر مئوية لويس آرمسترونغ”Louis Armstrong Centennial Conference بشهر أغسطس (آب) 2001 وحصوله على جائزة “فريدوم أوف نيوأورلينز”Freedom of New Orleans لعمله عن “ساتشمو”. وقد أحب والدي أن حفيده الأول حمل اسم لويس، تيمناً بالرجل الذي وصف وينتون مارساليس إرثه بـ”أنه مثل شعاع يسطع في العالم”. وفي واحدة من الرسائل الكثيرة التي بعثها إلى لندن لخص لويس آرمسترونغ حياته على الأرض قائلاً “ينبغي أن أقول لكم إن السعادة ملأت حياتي كلها. خلال جميع الخيبات، وما إلى هنالك، لم أخطط شيئاً. كانت الحياة أمامي، وقد قبلتها. الحياة، بكل ما جاءت به، كانت جميلة بالنسبة لي، وأنا أحب الجميع”.

© The Independent

المزيد عن: لويس أرمسترونغ\موسيقى الجاز\موسيقى البلوز\- العنصرية في أميركا\\كوخ العم توم

 

 

You may also like

92 comments

WilliamKeego 29 يوليو، 2021 - 7:05 ص

free local dating sites
ourtime.com dating site login

Reply
WilliamKeego 30 يوليو، 2021 - 10:36 ص

dating personals
ariane dating simulator

Reply
KevinPep 6 أغسطس، 2021 - 5:40 م

international dating site gay
gay dating in college
gay dating site phone number

Reply
KevinPep 7 أغسطس، 2021 - 7:35 ص

gay dating sites for under 18
dallas gay melbourne dating
online dating sites gay

Reply
keto chicken broccoli casserole 8 أغسطس، 2021 - 12:18 ص

keto diet how many carbs a day https://ketodietplanus.com/

Reply
gay dating london england 9 أغسطس، 2021 - 11:54 ص

gay dating site lavender https://freegaychatnew.com/

Reply
KevinPep 9 أغسطس، 2021 - 8:02 م

best site for gay dating
manscape gay dating
seattle gay dating

Reply
gay asian dating service 10 أغسطس، 2021 - 4:47 م

dad and son gay dating cartoon https://gaychatrooms.org/

Reply
KevinPep 10 أغسطس، 2021 - 7:52 م

whats it like dating a gay guy?
gay dating sites in canada
facial deformity gay dating

Reply
gay man dating service 10 أغسطس، 2021 - 9:07 م

top gay online dating sites https://gaydatingzz.com/

Reply
KevinPep 11 أغسطس، 2021 - 11:01 ص

games dating simulator for gay
gay dating 85615
gay dating sites

Reply
KevinPep 13 أغسطس، 2021 - 8:02 م

online japan gay dating sites
100% free gay dating
gay radar oline dating

Reply
KevinPep 14 أغسطس، 2021 - 9:26 ص

gay serial dating gay
gay dating online
best gay dating website

Reply
KevinPep 16 أغسطس، 2021 - 5:47 م

new york gay dating show
gay dating sites international
gay dating age difference

Reply
KevinPep 17 أغسطس، 2021 - 7:10 ص

gay furry dating discord
gay dating username generator
gay dating sites for savannah

Reply
free gay dating men 1 سبتمبر، 2021 - 12:18 م

best gay dating sites 2021 https://gaychatgay.com/

Reply
Patrickwor 1 سبتمبر، 2021 - 6:43 م

gay dating login
gay dating over 50
gay sex dating site

Reply
Patrickwor 2 سبتمبر، 2021 - 11:38 ص

gay sugardaddy dating
dating gay turkish men
dating as a gay programmer

Reply
Patrickwor 4 سبتمبر، 2021 - 11:11 م

top gay christian dating sites
gay dating asian guys daddy
gay teen dating chat

Reply
Patrickwor 5 سبتمبر، 2021 - 1:25 م

dating is gay
one man gay dating site
black gay online dating

Reply
Michaelsig 6 سبتمبر، 2021 - 8:12 م

gay dating and chat
gay speed dating nj
gay dating site like tinder

Reply
Michaelsig 7 سبتمبر، 2021 - 10:04 ص

gay dating usf camous
the guy im dating seems gay
free no signup gay dating

Reply
gay dating tips how to find 9 سبتمبر، 2021 - 12:24 ص

gay dating hookup site site https://gay-singles-dating.com/

Reply
gay speed dating in chicago 9 سبتمبر، 2021 - 5:17 ص

gay speed dating ottawa https://datinggayservices.com/

Reply
Henrytiz 10 سبتمبر، 2021 - 2:06 ص

gay dating site reviews
gay dating seattle
unworthy of dating women gay

Reply
gay dating sites for over 40 10 سبتمبر، 2021 - 11:32 م

dating a gay korean girl https://gaydatinglosangeles.com/

Reply
dating a gay police officer 11 سبتمبر، 2021 - 8:25 ص

her gay dating 2021 statistics https://gaydatingcanada.com/

Reply
Henrytiz 12 سبتمبر، 2021 - 8:39 ص

pocatello gay dating
gay male dating services
squrt.org gay dating

Reply
Henrytiz 14 سبتمبر، 2021 - 5:01 م

adam4adamn gay dating mobile
craigslist gay dating site
sugar daddies gay dating

Reply
Henrytiz 15 سبتمبر، 2021 - 6:30 ص

gay chat video dating
gay cowboy dating site
raya gay dating site

Reply
gay dating in anchorage 25 سبتمبر، 2021 - 12:01 ص

gay furry or furries dating https://dating-gaym.com/

Reply
writing a narrative essay 28 سبتمبر، 2021 - 11:43 م

what to write in a college essay https://essaywritercentral.com/

Reply
australian essay writing service 29 سبتمبر، 2021 - 5:48 ص

write college essays for money https://essayghostwriter.com/

Reply
GustavoDab 10 أكتوبر، 2021 - 8:18 ص

dissertation help
buying essays online

Reply
writing descriptive essay 11 أكتوبر، 2021 - 7:58 م

writing a narrative essay https://essaytag.com/

Reply
best online essay writing service 12 أكتوبر، 2021 - 9:22 ص

writing an essay for college admission https://essaysnet.com/

Reply
MatthewElibe 14 أكتوبر، 2021 - 11:48 ص

a manual for writers of research papers theses and dissertations
scholarship essay writing help

Reply
essay writing online 14 أكتوبر، 2021 - 6:26 م

professional essay writing https://onlinecasinos4me.com/

Reply
essay on writing 15 أكتوبر، 2021 - 6:01 ص

writing a reflection essay https://online2casino.com/

Reply
casino sign up bonus no deposit 26 أكتوبر، 2021 - 3:05 م

deposit casino bonus https://casinoonlinet.com/

Reply
biggest online casino bonus 27 أكتوبر، 2021 - 11:32 ص

online casino games real money https://casinoonlinek.com/

Reply
writing a critical essay 30 أكتوبر، 2021 - 11:18 ص

writing essay help https://dollaressays.com/

Reply
help writing a essay 30 أكتوبر، 2021 - 1:03 م

writing descriptive essay https://student-essay.com/

Reply
writing an analysis essay 30 أكتوبر، 2021 - 8:27 م

writing argumentative essay https://multiessay.com/

Reply
help me write an essay 30 أكتوبر، 2021 - 9:02 م

write a descriptive essay https://essaytodo.com/

Reply
DonaldKiz 9 نوفمبر، 2021 - 2:27 ص

uc essay prompts
what is a reflective essay
the best way to ensure parallel construction in your essay is to use similar

Reply
free sex games com 24 نوفمبر، 2021 - 7:06 م

adult lolicon sex video games https://sexgameszone.com/

Reply
Arthurkaply 25 نوفمبر، 2021 - 11:15 م

free simpsons sex games
sex text based games
starwars sex slave games

Reply
japanese sex video games 26 نوفمبر، 2021 - 11:41 ص

interactive pre teen tease sex games https://sexgamesx.net/

Reply
sex video games 27 نوفمبر، 2021 - 5:59 م

adult arcade games sex https://sex4games.com/

Reply
cartoonnetwork sex games 27 نوفمبر، 2021 - 7:40 م

sex strip games https://winsexgames.com/

Reply
Donaldwaimi 29 نوفمبر، 2021 - 7:56 م

having sex games
furry sex games
sex rape games

Reply
RonaldLoato 4 ديسمبر، 2021 - 4:31 ص

sex in bed games
sex while playing vigeo games
lesbian sex games

Reply
best vpn wirecutter y 18 يناير، 2022 - 1:35 ص

best vpn for usa
top rated vpn services
hotspot shield free vpn

Reply
essay crossword clue m 19 يناير، 2022 - 12:28 ص

how do you start an essay
thesis examples essay
common app essay length

Reply
chicago gay chat rooms free k 19 يناير، 2022 - 10:01 م

gay chat random
free gay radom ewb chat
cleveland gay chat

Reply
strong vpn r 20 يناير، 2022 - 9:37 م

vpn free download for pc
2019 best vpn
best vpn for porn

Reply
examples of critical thinking questions l 23 يناير، 2022 - 3:42 م

critical vs creative thinking
creative vs critical thinking
critical thinking activities for middle school

Reply
topics to write essay on v 24 يناير، 2022 - 1:53 م

i believe essay examples
paraphrase my essay
profile essay example

Reply
outline for essay h 25 يناير، 2022 - 12:19 م

analysis essay outline
essay typer free
essay writing help

Reply
gay priest chat u 26 يناير، 2022 - 10:41 ص

free gay chat rooms in ioq
gay video chat room
free live gay muscle chat

Reply
gay dating long term relationship oriented guys into spanish h 27 يناير، 2022 - 6:11 ص

gay college humor dating girlfriend
dating app for gay country men
free gay dating skwerts

Reply
gay mature men dating site in palm springs california g 27 يناير، 2022 - 10:58 م

international gay dating website
gay black man dating white guy
gay dating app

Reply
gay dating sites defiance ohio l 28 يناير، 2022 - 3:19 م

san antoino gay dating
list of gay dating sites
gay dating league

Reply
gay dating free e 29 يناير، 2022 - 7:14 ص

which senior gay dating app has most members lakeland fl
gay macho dating
military gay dating

Reply
gay sissie chat v 30 يناير، 2022 - 3:28 ص

gay free chat
free live gay web cam chat rooms
gay video chat room

Reply
essay for high school m 31 يناير، 2022 - 12:45 ص

correct essay
cause and effect essay
essay reviews

Reply
beans and keto diet v 31 يناير، 2022 - 9:58 م

keto diet sample menu
keto diet 101
example of keto diet

Reply
keto diet alcohol f 1 فبراير، 2022 - 7:40 م

keto diet dinner
keto diet plan pdf
21 day keto diet pdf

Reply
non dairy keto diet y 2 فبراير، 2022 - 5:13 م

keto diet sweets
keto diet kidney
mayo clinic keto diet

Reply
what's the keto diet y 3 فبراير، 2022 - 2:22 م

keto diet guidelines
keto diet muscle gain
new keto diet

Reply
casino free money c 4 فبراير، 2022 - 11:40 ص

usa casino online
no deposit casinos
top online casino real money

Reply
gay dating sites free c 8 فبراير، 2022 - 10:56 م

gay dating naked vh1
white gay liberal dating interracial to avoid seen as racist
young gay dating porn video

Reply
setting up a vpn r 12 فبراير، 2022 - 6:24 م

vpn network
best rated vpn 2018
free vpn netflix

Reply
critical thinking process steps o 13 فبراير، 2022 - 6:06 م

critical thinking for kids
improve critical thinking skills
critical thinking

Reply
buy strong vpn w 14 فبراير، 2022 - 4:31 م

best vpn services 2019
how to use a vpn
how to buy vpn

Reply
vpn for firestick free j 15 فبراير، 2022 - 1:54 م

best vpn for gaming reddit
buy a vpn uk
best free vpn for ios

Reply
free vpn torrenting w 16 فبراير، 2022 - 11:54 ص

avast vpn service
free vpn\\
free vpn trial

Reply
free vpn india p 17 فبراير، 2022 - 12:13 م

using vpn to buy steam games
best vpn for india
best vpn on windows

Reply
what is a cover page for an essay r 18 فبراير، 2022 - 1:31 م

what’s an expository essay
best essay writing services
globlization essay

Reply
Evaleeneaot 14 مايو، 2022 - 1:39 ص

dissertation topic
dissertation proposal defense
writing your dissertation

Reply
Kirstieaot 19 مايو، 2022 - 10:47 ص

dissertation writing course
books on dissertation writing
liberty university dissertation template

Reply
Charlaeaot 20 مايو، 2022 - 8:00 ص

dissertation proofreading services
proposal and dissertation help 3000 words
dissertation help by phd experts

Reply
Katineeaot 12 يونيو، 2022 - 12:10 ص

free poker games near me
inferno slots
adult slots

Reply
Cyndiaeaot 15 يونيو، 2022 - 8:28 م

aol slots lounge games free
casino world free slots
free game slot video

Reply
Paolinaeaot 16 يونيو، 2022 - 3:35 م

free video slots 888
old vegas slots facebook
classic slots free

Reply
Adrianaeaot 19 يونيو، 2022 - 6:52 ص

free slots to play for fun
igt slot machine games for ipad realmoneyonlyhr
interactive slots

Reply
Neddaeaot 20 يونيو، 2022 - 3:51 ص

free igt slots
free slots vegas world games
slot machines free games

Reply
Ingunnaeaot 21 يونيو، 2022 - 12:17 ص

pit people more slots
vegasworldfreeslots
casino online slots

Reply
Eadieeaot 22 يونيو، 2022 - 4:17 م

download scatter slots
aristocrat
old vegas slots

Reply
Raneeeaot 23 يونيو، 2022 - 12:23 م

free slots for fun
slots gratis
online gambling slots

Reply
Dennaeaot 24 يونيو، 2022 - 8:28 ص

real casino
free slots games
penny slots for free

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00