عمل لينش ضمن التيار السائد في قطاع الأفلام لكنه لم يتكيف معه بشكل مريح (أي أم دي بي) ثقافة و فنون لماذا ركز حفل الأوسكار على بوند وترك لينش على الهامش by admin 15 مارس، 2025 written by admin 15 مارس، 2025 11 في حفل احتفى بالسينما المستقلة والابتكار الفردي، لم يحظ المخرج الرؤيوي صاحب فيلم “مخمل أزرق” سوى بإشارة عابرة بالكاد لامست ذكراه. وفي المقابل، نال جيمس بوند إشادة مذهلة امتدت لـ 10 دقائق كاملة. ترى، ما الذي يحدث هنا؟ اندبندنت عربية / كلاريس لاغراي مراسلة ثقافية @clarisselou سادت همسات محتارة عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال حفل الأوسكار الأخير، بينما بدأت مارغريت كوالي تؤرجح ساقها عالياً على أنغام موسيقى أفلام جيمس بوند، قبل أن تظهر المغنيات ليزا ودوجا كات وراي ليؤدين أغنيات “عِش ودع غيرك يموت” و”الألماس يبقى إلى الأبد” و”سكايفول”. هل مات جيمس بوند… نهائياً هذه المرة؟ الأنباء عن وقوع العميل 007 في قبضة شبكة أمازون لا تبشر بمستقبل مشرق للجاسوس الأسطوري، إلا إذا كنتم متحمسين لفكرة إنتاج مسلسل مستمد من سلسلة الأفلام عن شخصية “أم الشابة”. لكن مديحاً يمتد لعشر دقائق كاملة بدا مبالغاً فيه بعض الشيء. يبدو أن حفلات الأوسكار تعاني من ارتباط مزمن بتكريم سلسلة أفلام بوند، فقد سبق “الاحتفاء” بها على خشبة المسرح خلال حفلي عامي 2013 و2022. لكن هذا العام، أكثر من أي وقت مضى، كانت هناك شخصيات أخرى تستحق أن تُمنح مزيداً من وقت الحفل الذي نشاهده على شاشاتنا. كان حجم فقدان المواهب خلال العام الماضي مؤلماً بشكل خاص. وفاة جين هاكمان، في فبراير (شباط) الماضي، أحدث صدمة. وعند افتتاح فقرة “في الذاكرة” السنوية، تحدث مورغان فريمان، الذي شارك هاكمان بطولة فيملي “غير المغفور له” Unforgiven و”تحت الاشتباه” Under Suspicion، بكلمات مؤثرة عن صديقه، ذلك الممثل الذي تعامل مع فنه بصدق لا يتزعزع، واحتضن الجانب القاسي لشخصياته ليكشف عن روح متألقة بداخلها. اقرأ المزيد وفاة عملاق السينما الأميركية المخرج ديفيد لينش عن 78 سنة دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور بوند أفضل 27 ممثلا لم ينالوا أي ترشيح لجوائز أوسكار أفلام هوليوودية شهيرة انطوت على إساءات كادت الدموع تنهمر من عيني. كانت خسارة هاكمان صعبة جداً بلا شك، لكن هذه السنة شهدت أيضاً وفاة الفنان الأكثر تأثيراً في حياتي، وفي حياة عديد ممن أعرفهم: المخرج ديفيد لينش، الذي كان يحول الأحلام إلى واقع على الشاشة. لم يكن لينش مجرد مخرج، بل كشف لنا الإمكانيات اللامحدودة للسينما كوسيلة للتعبير، كما كشف لنا عن عوالم مخفية داخل أنفسنا، عن الضوء الذي ينبثق من الظلام الدامس، وعن الحب الذي يعيش في أعماق الشر وبين براثنه. بين الحضور، جلست إيزابيلا روسيليني، نجمة فيلمي “مخمل أزرق” Blue Velvet و”قلب جامح” Wild at Heart، والشريكة السابقة لديفيد لينش. كانت حاضرة بسبب ترشيحها لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم “الملتقى” Conclave، وقد ارتدت فستاناً من المخمل الأزرق تكريماً لـ لينش، وأحضرت معها ضيفتها لورا ديرن، واحدة من أبرز المتعاونين مع لينش، التي شاركتها البطولة في فيلمي “مخمل أزرق” و”قلب جامح” وكذلك في فيلم “إمبراطورية الداخل” Inland Empire ومسلسل “توين بيكس: العودة” Twin Peaks: The Return. قلت لنفسي: ها هي اللحظة، ستصعدان إلى المسرح وتتحدثان عن هذا الفنان العظيم، بأسلوب محب ورحيم، كما يفعل من يعرفونه. ربما تعود ليزا أو دوجا كات أو راي لتقديم أغنية “في الأحلام” التي غناها روي أوربيسون في فيلم “مخمل أزرق”. ربما سيحولون المسرح إلى الغرفة الحمراء الشهيرة في سلسلة “توين بيكس”. ألن يكون ذلك رائعاً؟ لكن بدلاً من ذلك، عرض مونتاج فقرة “في الذاكرة” على أنغام “قداس الموت” لـ موزار، ولم يحصل لينش إلا على… 10 ثوانٍ من وقت العرض. ألم يكن ما حدث ظلماً؟ لقد بدا كذلك بالفعل. لم يحصل لينش طوال حياته على جائزة أوسكار في الفئات التنافسية. تم ترشيحه أربع مرات، وحصل على جائزة الأكاديمية الفخرية عام 2019. كان خطابه ملاحظة شكر قصيرة، أتبعها بهذه الكلمات التي وجهها إلى تمثال الأوسكار الجديد الذي كان يحمله بيده: “لديك وجه مثير للاهتمام، تصبحون على خير”. هذه هي آلية عمل الصناعة. الجوائز هي أساساً لأولئك الذين يلتزمون بالقواعد ويلعبون ضمن حدودها، وليس لأولئك الذين يتجاهلونها ويبتكرون أشكالاً جديدة. لكن لا يمكن إنكار تأثير لينش على الأفلام التي تم الاحتفاء بها في ليلة الأوسكار، سواء كان ذلك في التفاصيل الصغيرة أو الكبيرة. فطريقة تصويره للحياة العادية كحكاية خرافية (ماذا عن قصة فيلم “أنورا” Anora المنسوجة على غرار حكاية سندريلا؟)، وطريقة تجسيده للخطايا البدائية في قلب أميركا (هل تذكرتم اللمسات السريالية في فيلم “الوحشي” The Brutalist؟)، إضافة إلى الطريقة التي حول فيها رواية فرانك هربرت “كُثيب” Dune إلى السينما (هل قال أحدكم “كُثيب: الجزء الثاني”؟) كانت روح لينش حاضرة في تلك القاعة. ولذلك، كان من المؤلم أن يلقى إرثه مجرد تلميح بسيط من التقدير في حفل كان يركز في جوهره على كرامة الفن والحرفة. أما شون بيكر، وأثناء استلامه جائزة أفضل مخرج عن فيلم “أنورا” الذي فاز بأربع جوائز أخرى، فقد أطلق دعوة حماسية للحفاظ على دور السينما، قائلاً إنها “تجربة جماعية لا يمكنك الحصول عليها في المنزل”. وقد فعل مقدم الحفل كونان أوبراين الشيء نفسه، لكن بطريقة فكاهية، حيث قدم مشهداً تخيلياً في إطار كوميدي يدعي فيه ابتكار مفهوم جديد للبث المباشر، يُعرض في مكان واحد بحيث لا تحتاج إلى حمل الشاشة (“فالمبنى هو الذي يحملها!”). واحد من أفضل اختيارات تلك الليلة كان رؤية نجوم الأفلام المرشحة في الفئات التي عادة ما يتم تجاهلها مثل أفضل تصميم أزياء وأفضل تصوير سينمائي، وهم يصعدون إلى المسرح ليقدموا تكريماً مباشراً للحرفيين الذين يقفون وراء هذه الأعمال. شهد الحفل عديداً من الانتصارات التي بدت وكأنها تدافع عن الإبداع الفردي على حساب القوة المؤسساتية – فلم يقتصر الأمر على كونها ليلة مميزة للأفلام المستقلة، حيث فاز فيلم “أنورا” بخمس جوائز، بل كان أيضاً ليلة مميزة لفيلم “تدفق” Flow من لاتفيا. هذا الفيلم، الذي أخرجه غينتس زيلبالوديس باستخدام برنامج “بليندر” Blender المجاني ومفتوح المصدر، والذي يركز على قصة قطة، فاز بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة متفوقاً بذلك على الجزء الثاني من فيلم “قلباً وقالباً” Inside Out 2 الذي أنتجته ديزني، و”الروبوت البري” The Wild Robot من إنتاج دريم ووركس. في حين أن أقوى انتصار في تلك الليلة كان لوثائقي “لا أرض أخرى” No Other Land، الذي يسلط الضوء على تدمير القرى الفلسطينية في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية المحتلة، والذي فاز بالجائزة على رغم أنه لم يجد بعد جهة تتولى توزيعه في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الحسبان أن شبكة “أي بي سي” المملوكة لشركة ديزني هي التي تقوم بإنتاج حفل الأوسكار، وهو ما يفسر ظهور شخصية “ديدبول” الراقصة في الحفل، على رغم أن فيلم “ديدبول وولفرين” Deadpool & Wolverine لم يتلق أي ترشيح على الإطلاق. كذلك يمكن أن يسهم هذا في تفسير التكريم المطول الذي حظيت به أفلام بوند. بالطبع، ستفضل ديزني أن تضع القيمة المالية لشخصية بوند، التي تجذب الجماهير وتشهد على قوة العلامات التجارية، في المقام الأول على حساب الأشياء البسيطة مثل المعنى أو العاطفة. صحيح أن لينش عمل ضمن التيار السائد، لكنه لم يتكيف معه بشكل مريح. ومن هنا، سيظل رمزاً لكل مخرج من أمثال شون بيكر، وبرادي كوربيت، وكورالي فارجا – على سبيل المثال لا الحصر – من بين المخرجين الذين رُشحوا هذا العام لجائزة أفضل فيلم، والذين يواصلون النضال من أجل خلق فن شخصي في منظومة أصبحت أكثر عدائية. ربما أخفقت الأكاديمية في تكريم لينش، لكن انتصاره النهائي يكمن في كل كلمة أو خطاب يطالب بالصدق في الفن، وبالفن في الصدق. © The Independent المزيد عن: ديفيد لينشحفل جوائز الأوسكارجيمس بوندالسينما المستقلةهوليوود 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هكذا تدلى ابن خلدون من أسوار المدينة للقاء تيمورلنك next post عندما اعترف كانط بأن مادة المعرفة تأتي عبر الحواس والتجربة You may also like سمير قسيمي يجعل من السلحفاة بطلة نسائية 15 مارس، 2025 هكذا تدلى ابن خلدون من أسوار المدينة للقاء... 15 مارس، 2025 رائد الكوميديا المغربية محمد الجم يعود الى التلفزيون 15 مارس، 2025 “حكي العوام” لشربل داغر: خريطة الأدب الجينية 15 مارس، 2025 “نزوى” العمانية : يحيى الناعبي في حوار (الفكر... 15 مارس، 2025 بعد 25 عاما من “أسنان بيضاء”… زادي سميث... 14 مارس، 2025 روائية استرالية تحاكم فيرجينيا وولف في لعبة تخييلية 14 مارس، 2025 توماس مان يتلمس صعود الفاشية بين زعيم مخادع... 14 مارس، 2025 الرسامة رباب نمر رحلت في غيوم الأبيض والأسود 14 مارس، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: ثلاث قطع نحتية من... 12 مارس، 2025