الشعارة الأميركية لويز غلوك الفائزة بجائزة نوبل (صفحة الشاعرة - فيسبوك) ثقافة و فنون لا يكفي فوز الشاعرات الأميركيات بالجوائز لينتصرن على الظلم by admin 26 أبريل، 2024 written by admin 26 أبريل، 2024 85 يقدم كتاب “ثقب المفتاح لا يرى” لسارة حواس إضاءة على أبرز التباينات لدى هؤلاء الشاعرات المختلفات في أصولهن العرقية اندبندنت عربية / شريف الشافعي كاتب وصحافي “هل يوجد موقف في المجتمع الثقافي الأميركي ضد إبداع المرأة؟”، سؤال يبدو مثيرا، في ظل أن 25 شاعرة أميركية قد فزن بجائزة “بوليتزر” المرموقة في الشعر داخل الولايات المتحدة منذ عام 1917، كما فازت شاعرة أميركية بجائزة نوبل في الآداب عام 2020 وهي “لويز غلوك” (1943-2023). ولكن هذه القائمة النسوية للفائزات بالجائزتين تبدو غير لائقة وغير كافية لنفي الواقع الذكوري، ورفع الظلم عن الشاعرات الأميركيات الجديرات بما هو أكثر من ذلك الحضور، وهذا هو الطرح الذي تذهب إليه عضوة هيئة التدريس بقسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة المنصورة الأكاديمية المصرية سارة حامد حواس في كتابها الجديد “ثقب المفتاح لا يرى” (20 شاعرة أميركية حائزات على جائزتي “نوبل” و”بوليتزر”) الصادر عن مؤسسة بيت الحكمة للثقافة (القاهرة 2024). وفي قرابة 300 صفحة تستفيض سارة حواس في إثبات وجهة نظرها بصورة عملية وأخرى نظرية في آن، فهي تقدم في كتابها رحلة مستفيضة في أعماق 20 شاعرة أميركية من حائزات “نوبل” و”بوليتزر” مترجمة قصائدهن، ومعرفة بهن، ومستكشفة جوانب ثرية وخفية من تجاربهن الحياتية والإبداعية في حال من التماهي الكامل معهن. وهذا الانتصار للشعرية النسوية الأميركية يتحقق في الكتاب على كل المستويات، أدبياً ومعلوماتياً وعاطفياً، باعتبار أن الترجمة فعل حب وفن وشعور، وأن المترجم إنسان وليس آلة يتخلله شعور إنسان آخر في عالم آخر يتقمصه ويتوحد به، فالمترجم الحق هو من ينقل روح الشاعر وحرفه بأمانة حتى في الشعور “لم أترجم وحسب، بل أتفاعل وأشعر بالشاعرة وأتقمص شخصيتها وروحها وحالها حتى صرت أتوحد مع كل منهن، فأنا أترجم روح الإنسان وليس فقط اللغة أو الأسلوب أو حتى الحرف”. الشاعرة سيلفيا بلاث (صفحة شاعرات – فيسبوك) ولعل أهمية كتاب “ثقب المفتاح لا يرى” تعود لأكثر من جانب جوهري، فمن جهة أولى تسرد سارة حواس دفوعاتها الجريئة لمنح الشاعرات الأميركيات استحقاقاتهن الواجبة، وفي اعتقادها أن هناك إجحافاً صريحاً في حق المرأة في الفوز بجوائز عالمية عريقة في عالم الأدب، ربما لأن “الجوائز لا تزال جزءاً من السياسة”،وقد اختارت سارة حواس في كتابها 20 شاعرة أميركية، واحدة منهن فازت بـ “نوبل” و19 فائزة بـ “بوليتزر” التي تديرها “جامعة كولومبيا”، معلقة بأن هناك 25 شاعرة أميركية فقط فزن بـ “بوليتزر” في مقابل 65 شاعراً فازوا بالجائزة حتى عام 2023، كما أن هناك ثلاث شاعرات فقط في العالم كله فزن بـ “نوبل” في الآداب، منهن أميركية واحدة، في مقابل قائمة ضخمة للفائزين من الأدباء الرجال. وتعتبر أن ذلك غُبن وتهميش وتعد واضح على حق المرأة في التكريم والتقدير في مجال الأدب، وخصوصاً الشعر. ومن جهة ثانية فإن أهمية الكتاب تعود أيضاً لتقديمه جوانب جديدة من الثقافة الأدبية الأميركية إلى المكتبة العربية، فالمؤلفة تبحر في عوالم مختلفة وخلفيات اجتماعية متنوعة جعلتها تؤكد حقيقة أن الألم وقود النجاح والتميز والاختلاف، وتتساءل “هل الألم بوابة الوصول إلى النجاح، أم الصدق، أم الاثنان معاً؟”، وهي تتناول في كتابها شاعرات أميركيات ينحدرن إلى جغرافيات وأصول عدة، أفريقية وألمانية وروسية وغيرها، وينتمين إلى أجيال متلاحقة ومدارس فنية متباينة. وهناك من هؤلاء الشاعرات البارزات من لم تترجم أعمالها إلى العربية من قبل، مثل الشاعرة “فيليس ماكجينلي” (1905-1978) التي عرفت بالشعر الغريب الأطوار والتصوير الدافئ والمدهش وتبني القضايا النسوية. المختارات الشعرية (دار بيت الحكمة) وتؤكد سارة حواس “وأنا أبحث في سيرة الشاعرة لم أجد أحداً قد ترجم لها نصوصاً إلى العربية، على رغم مكانتها وشهرتها في تاريخ الشعر وثقلها في المجتمع الأميركي”. بورتريهات كاشفة ومن جهة ثالثة فمن دواعي أهمية كتاب “ثقب المفتاح لا يرى” أن مؤلفته تلقي الضوء بشكل كاف على التجارب الشعرية والحياتية والجوانب الشخصية المجهولة لكل شاعرة من الشاعرات اللاتي تترجم قصائدهن، وترسم بورتريهات كاملة لهن للتعريف بهن ومنجزهن وسيرهن الذاتية. وبحسب الشاعر المصري أحمد الشهاوي الذي كتب مقدمة الكتاب وأهدته المؤلفة إليه، فإن سارة حواس ليست في كتابها مجرد مترجمة وإنما “تفتح طريقاً جديداً أمام الشعر”، ولا سيما أن “لغتها جميلة بعيدة من التقعر والمعاظلة، إذ تعتمد على الإبداع والحس اللغوي ولا تتكلف أو تتعمد، منتصرة للبساطة على ما عداها، بحيث يشعر متلقيها كأن النص مكتوب باللغة العربية”. كما أنها تجاوزت الترجمة إلى التأليف بكتابة أبحاث مهمة وقراءات كاشفة للشاعرات وتجاربهن وحياتهن كأديبات مرموقات، وكعناصر فاعلة في مجتمعهن، وانحازت إلى شعر المرأة الذي “يعد مثالاً مهماً للكتابة الشعرية التي تتسم بالجدة والجدية”. ومن جهة رابعة فمن أسباب أهمية الكتاب أيضاً أنه يقف على نتائج تحليلية جديرة بالاعتبار، بخصوص الفروق والتباينات بين تجارب الشاعرات المختارات المنتميات إلى خلفيات وجغرافيات وأصول مختلفة، والمتبعات تيارات وأنساقاً شعرية متفاوتة بين الشعر الكلاسيكي والحر والنثري والسردي، وهن كل من الفائزة بـ “نوبل” لويز غلوك، والفائزات بـ “بوليتزر” إيمي لويل وسارة تيسديل وماريان مور وإدنا سانت فينسنت ميلاي وماريا زاتورينسكا وفيليس ماكجينلي وإليزابيث بيشوب وجويندولين بروكس وليسيل مولر وكارولين كايزر وآن سيكستون وسيلفيا بلاث وماري أوليفر وشارون أولدز وكارولين فورشيه وريتا دوف وكلوديا إميرسون وناتاشا تريثيوي وتريسي ك. سميث. وهذا الجانب التحليلي أو ما يمكن تسميته الرؤية الاجتهادية للمترجمة / المؤلفة يفتح الباب لدراسات لاحقة مستفيضة في شأن الشعر النسوي الأميركي وتصنيفاته وتياراته واتجاهاته بين التقليدية والحداثة على مستوى الشكل والمضمون. ويبدو هذا الاجتهاد غير غائب عن سارة حواس على مدار كتابها، ويتجلى في اختيارها عنوان الكتاب أيضاً “ثقب المفتاح لا يرى”، وهي جملة شعرية انتقتها من إحدى قصائد “ريتا دوف” (1952) التي يطلق عليها ملكة الشعر الأميركي الحديث، وتوحي هذه الجملة الدالة بأنه لا بد من بذل كثير من الجهد من أجل الرؤية والكشف والوصول إلى الداخل والعمق، فثقب المفتاح بحد ذاته أعمى من دون أن نعبره بالنظر والاستبصار. الآلام والأسئلة ويفضي التحليل الاجتهادي إلى مجموعة من الإشارات تبلورها سارة حواس في سياق تناولها تجارب الشاعرات الـ 20، من بينها مثلاً أن هناك شاعرات قد ربطن كتابة آلامهن بالشعر الاعترافي، منهن سارة تيسديل وآن سيكستون وسيلفيا بلاث وشارون أولدز، وكثيرات من الشاعرات اللاتي كتبن الشعر الاعترافي الصريح كن يعانين فشلاً في علاقاتهن العاطفية، وكانت نهايتهن الانتحار والاستسلام للموت كراحة أبدية لهن من الحياة.ومن هذه الإشارات أيضاً أن أصول الشاعرات العرقية والجغرافية لها انعكاسات جلية في تجاربهن الشعرية ومعالجاتهن الفنية، فالشاعرات المنحدرات من أصول أفريقية تكمن معاناتهن وتتركز أعمالهن في التفرقة العنصرية والقمع السياسي والمجتمعي والإحساس بالغربة وفقدان الهوية وعدم الانتماء إلى وطن، ومن هؤلاء الشاعرة جويندولين بروكس (1917-2000)، وهي أول شاعرة أميركية من أصل أفريقي تنال “جائزة بوليتزر”، وقد ارتبطت بالكتاب السود والقومية السوداء في ستينيات القرن الماضي، وتقدم في قصائدها صوراً تهكمية بطعم المرارة عن حياة السود في المجتمع الأميركي، وقد استحقت لقب “شاعرة الشعب” بكتابتها عن الحرية بطريقة مبسطة “إذا طلعت الشمس، فكيف نرحب بها؟ أفلا نهابها؟ أفلا نرتعد منها خوفاً، بعد كل هذه الجلسة الطويلة مع الظل؟”. أما الشاعرات المنحدرات من أصول ألمانية أو روسية فلهن تجارب مختلفة عن الأخريات، فالشاعرة الأميركية الألمانية ليسيل مولر تهتم كثيراً بالأساطير وطرح الأسئلة عن الحب والموت والمستقبل والسعادة والحنين والكذب بأسلوب مغاير، والشاعرة الأميركية الروسية ماريا زاتورينسكا تبدو متأثرة بكلاسيكيات الثقافة الإنجليزية والشعر الرومانسي التقليدي نتيجة لتشابه الخلفيات الثقافية والاجتماعية في روسيا وبريطانيا.وتنسجم البساطة الشعرية والصراحة معاً في تجربة لويز غلوك (1943 – 2023)، الشاعرة الأميركية الوحيدة التي فازت بـ “جائزة نوبل” عام 2020. وتكمن مظاهر تميزها وعبقريتها في تجاوزها الألم والحزن إلى التعبير عن الأمل والتغيير، وفي ذلك العمق الذي يتكشف عند الغوص في معانيها الخفية التي تحملها أسطرها الشعرية التي قد تبدو سطحية للوهلة الأولى، “أتذكرُ عندما كنتُ أحدق إلى الأمام مباشرة، إلى العالم الذي كان يراه أبي/ كنت أتعلم أن أمتص فراغه/ والثلج الكثيف كان لا يتساقط، فقط يدور حولنا”. المزيد عن: شاعرات أميركياتترجمةمختاراتجوائزنوبل#أريد أن اتنفسالنسويةالذكوريةالواقعيةالقراء 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الفنلندي سيبيليوس وظف روائع الموسيقى الشعبية ضد الاحتلال next post اندماج كائنين في جسم حي واحد للمرة الأولى منذ مليار سنة You may also like مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024 “عيب”.. زوجة راغب علامة تعلق على “هجوم أنصار... 26 ديسمبر، 2024 رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري… الراسخ في... 26 ديسمبر، 2024 محمد حجيري يكتب عن: جنبلاط أهدى الشرع “تاريخ... 26 ديسمبر، 2024 دراما من فوكنر تحولت بقلم كامو إلى مسرحية... 26 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يتابع الكتابة عن العودة إلى دمشق:... 26 ديسمبر، 2024