السبت, مايو 3, 2025
السبت, مايو 3, 2025
Home » كيف كانت سوريا قريبة من التطبيع مع إسرائيل قبل 3 عقود؟

كيف كانت سوريا قريبة من التطبيع مع إسرائيل قبل 3 عقود؟

by admin

 

وثائق الاستخبارات البريطانية كشفت عن محاولات الأميركيين لتقريب وجهات النظر بين دمشق وتل أبيب

اندبندنت عربية / حامد الكناني كاتب وباحث @kananihamed

شهد الصراع العربي – الإسرائيلي منذ حرب الإنقاذ عام 1948 التي شنتها مصر وسوريا والأردن والسعودية ولبنان والعراق بهدف تحرير الأراضي المحتلة في فلسطين من الإسرائيليين، والتي باءت بالفشل وصولاً إلى يومنا هذا مداً وجزراً ومعارك وصراعات ومنازعات ومناكفات بين الطرفين من أبرزها هزيمة (نكسة) يونيو (حزيران) 1967 التي أفضت إلى سيطرة إسرائيل على قطاع غزة والضفة الغربية والجولان السوري وسيناء المصرية.

تبعت تلك النكسة حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 التي تعتبر الحرب الرابعة بعد حرب الإنقاذ 1948 وحرب السويس 1956 وحرب 1967، وخلال حرب أكتوبر نجح الجانب المصري في عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف، كذلك نجح الجانب السوري في استعادة مدينة القنيطرة جنوب غربي سوريا، وحظيت الحرب بدعم منقطع النظير من معظم الدول العربية لا سيما الخليجية منها.

الاتفاقات المنفردة

تلا ذلك توقيع اتفاقات عربية – إسرائيلية عدة وسط مزاج عربي قلق ضمن مناخ متخلخل تشوبه مشاعر الاستياء من الصراع المستمر، وإن لم تكن لاحقاً تلك الاتفاقات ملبية طموح الشعوب العربية التي رأت فيها في أحيان كثيرة إذعاناً.

ومن أبرزها اتفاق كامب ديفيد بين مصر برئاسة أنور السادات وإسرائيل ممثلة برئيس حكومتها مناحيم بيغن في سبتمبر (أيلول) 1978 في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، وهو الذي قاد إلى معاهدة السلام بين البلدين عام 1979 وتبادل السفارات والتمثيل الدبلوماسي، وبسبب ذلك الاتفاق تلقى كل من السادات وبيغن جائزة نوبل للسلام.

زيارة دينيس روس إلى سوريا كشفت عن تشاؤم أميركي حيال استئناف المفاوضات (اندبندنت عربية)

 

وفي سبتمبر 1993 أيضاً وقعت كل من منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بزعيمها ياسر عرفات اتفاق سلام مع إسرائيل بحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون، وفي أكتوبر 1994 وقعت كل من الأردن وإسرائيل اتفاق سلام عرف باسم “وادي عربة”.

مؤتمر مدريد للسلام

في أتون كل ذلك وتحديداً بين اتفاق “كامب ديفيد” نهاية السبعينات واتفاقي “وادي عربة” و”أوسلو” في التسعينيات كانت المنطقة عموماً على صفيح ساخن، وكان الموقف السوري – اللبناني حاضراً في كل لحظة على طاولة المناقشات، وقد جرت محاولات حثيثة لإلحاقهما باتفاقات مصالحة تجسدت في نجاح رعاية الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي عقد مؤتمر سلام عربي – إسرائيلي استضافته مدريد عاصمة إسبانيا، كان المؤتمر يهدف إلى إنجاز اتفاقات سلام مع الدول التي حضرت، وكان من بينها لبنان وسوريا والأردن مع وفد فلسطيني مشترك.

حافظ الأسد (ويكيبيديا)

 

كان ذلك المؤتمر على مدى ثلاثة أيام منذ الـ30 من أكتوبر، وحتى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1991، وقد خلص في أعوام لاحقة إلى الحصول على سلام مع الأردن ومصر وفشل مع سوريا ولبنان الذي كان يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولتوه كان خارجاً من حرب أهلية طويلة انتهت باتفاق الفرقاء اللبنانيين ضمن مؤتمر الطائف على وضع حد لنهايتها، إلا أن سوريا وقتذاك كانت في عز نفوذ وجودها وسيطرتها الفعلية أمنياً وعسكرياً وسياسياً على لبنان، فكانت صاحبة القرار النهائي في أي مشروع تفاوضي، رابطة ملف الجولان بجنوب لبنان والنزاع على مزارع شبعا وغيرها من الملفات الحساسة محلياً ودولياً.

وبذلك انفض المؤتمر من دون أن توافق سوريا ومعها لبنان على الانخراط في المشروع التصالحي الإقليمي، وبعد ذلك أعادت القوى الدولية الكرة وعقدت كثيراً من الاجتماعات للشأن ذاته، لكن سوريا ولبنان انسحبتا ورفضتا استكمال الحضور.

استهداف السعودية

كانت المنطقة العربية حرفياً على صفيح ساخن مع تصاعد الموجات الجهادية وتبلور الإسلام السياسي والتموضع الإيراني في المنطقة خلال التسعينيات وهو ما أسفر عن عمليات أمنية وإرهابية بالجملة، وقد نالت القوى الأميركية نصيبها منها بشكل فادح ومن البوابة السعودية في واحد من أعمق مشاهد استهداف قواتها في المنطقة.

في الـ13 من نوفمبر 1995 وقع انفجار ضخم باستخدام سيارة صهريج مفخخة في الرياض قرب أبراج الخبر، مما أدى إلى رفع القوات الأميركية العاملة في المنطقة جهوزيتها القتالية والاستخبارية، وصولاً إلى حال الاستنفار القصوى، وخلصت التقارير حينها إلى أن المنفذين هرَّبوا المتفجرات من لبنان إلى السعودية، وخبأوها ضمن صهريج صرف صحي ضخم وكانت تزن نحو 9100 كيلوغرام من مادة TNT شديدة الانفجار، كان الانفجار قوياً لدرجة أنه أحدث عاصفة ترابية وسُمع صداه لمناطق بعيدة ودمر ستة مبانٍ سكنية وعسكرية، ووصلت أضراره المباشرة إلى بعد يصل إلى نحو كيلومتر ونصف الكيلومتر، وأحدث حفرة في الموقع عرضها نحو 26 متراً وعمقها 11 متراً، وأدى التفجير الذي تم على بعد عشرات الأمتار من الهدف المباشر إلى تعذر الوصول إلى الموقع الأساس ومقتل 19 مقاتلاً أميركياً، بينهم 10 رقباء وتسعة جنود ومواطن سعوديين.

هضبة الجولان السورية لا تزال محتلة (أ ف ب)

 

آنذاك وصف وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الأعمال الإرهابية التي شنها المتشددون في عام 1995 بأنها “صبيانية”، مشيراً إلى أن “السعودية لا تتأثر بالتهديدات”.

وقد أفادت الحكومة السعودية حينها بأن من نفذ العملية هم متشددون إسلاميون وبعضهم من قدامى مقاتلي الحرب الأفغانية، وتلا ذلك تحقيق استمر ثلاثة أعوام، وخلص إلى إمكان وجود يد لإيران في عملية التفجير، كذلك اتهم “حزب الله” اللبناني بالتورط في العملية عبر شخصيات مثل عماد مغنية وطلال حمية وغيرهما، وكذلك رُبط الأمر بالتنسيق بين مختلف الجهات المتورطة مع تنظيم “القاعدة” الذي كان يقوده أسامة بن لادن.

وفي الـ25 من يونيو 1996 وقع هجوم إرهابي آخر استهدف مبنى سكنياً في مدينة الخبر السعودية قرب مقرات شركة النفط الوطنية “أرامكو” السعودية وقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية، وكانت أبراج الخبر المستهدفة تستخدم كمساكن لإقامة قوات التحالف الأميركية المكلفة بمراقبة مناطق العمليات في جنوب العراق إثر حرب الخليج.

وثائق بريطانية

في خضم كل تلك التطورات على مختلف المستويات وما ارتبط بها من تجاذبات إقليمية – دولية عابرة للحدود ظلت سوريا في عين العاصفة كدولة محورية يمكنها التحكم في صياغة مشاريع عدة وإملاء بعض النفوذ هنا أو هناك، وفي وثائق حصلت عليها “اندبندنت عربية” من الأرشيف الوطني البريطاني، مكتب العلاقات البريطانية – السورية، الوضع الداخلي والمؤشرة بتاريخ 1995 إلى 1997 ضمن المجلد الثالث، المرجع 19/6273، بينت إرسال البعثة الدبلوماسية البريطانية العاملة في سوريا ببرقية عاجلة إلى وزارة الخارجية البريطانية تحت عنوان “سري” ذات الرقم “220”، وتضمنت الحديث عن لقاءات لمبعوثين أميركيين رفيعي المستوى بالقيادة السورية تحت حكم حافظ الأسد أواخر يوليو (تموز) 1996، وتناولت تلك المحادثات أفق مسار السلام الشامل في الشرق الأوسط وملفات عدة.

دينيس روس (اندبندنت عربية)

 

أحد المبعوثين الأميركيين وأبرزهم كان دينيس روس، وهو المبعوث الخاص لعملية السلام، وقد زار دمشق في الـ23 والـ24 من يوليو 1996، بعد أقل من شهر على الاستهداف الذي طاول القوات الأميركية في أبراج الخبر السعودية والذي وجهت فيه أصابع الاتهام إلى “حزب الله” اللبناني حليف سوريا الاستراتيجي في لبنان والمنطقة وصاحب أعلى مستوى تنسيق معها على كل الصعد، بيد أن المبعوث ألمح في زيارته إلى جانب ضلوع إيران بتلك العمليات نحو دور محتمل لسوريا أيضاً، في محاولة جدية لاختبار مواقف سوريا حين وضعها تحت مطرقة الضغط الدولي في قضايا حساسة للغاية لا سيما وأنها استهدفت بلداً عربياً يمثل مساحة امتداد إقليمي يعتد بها، وبذلك كانت الإدارة الأميركية تريد استخلاص مواقف سورية على الصعيد القيادي تتعلق بوجهة نظرها في تطورات المنطقة وملف دعم الإرهاب، بل ودورها الفعلي في دعم تلك الجماعات.

الاجتماع الأول

لم يكن المبعوث الأميركي راضياً عن مجريات لقائه مع المسؤولين السوريين، بل بدا متشائماً بحسب الوثائق البريطانية، التشاؤم ذلك جاء محمولاً على صعوبة استئناف محادثات السلام السورية – الإسرائيلية في المدى المنظور وفق طبيعة المرحلة وتطوراتها وتباين وجهات نظر الأطراف ودوافعهم.

روس التقى حينها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، الذي كثيراً ما وُصف في الأوساط السياسية بالمحنك والماهر والخبير في إدارة الملفات العالقة والمستوية ولو تطلب ذلك نزعها من جذورها وقلب الطاولة دبلوماسياً على من حضر من دون سابق إنذار، الشرع أوضح خلال لقاء روس عن مخاوف عميقة في دمشق من أي مساعٍ إلى إحداث مفاوضات سلام منفردة تتعلق بجنوب لبنان فقط، بمعزل عن الرؤية السورية العامة لسياق الوضع في المنطقة، رافضاً أي تسوية متجزئة لا تراعي خصوصية وجهة النظر السورية في الشمولية التامة خلال المفاوضات، إن تمت، لأن ذلك سيخل بمسار التوازنات الإقليمية وسيكون كفيلاً بتهديد المصالح، في الجولان وجنوب لبنان ككل متحد.

في اللقاء الذي تناول مسألة الإرهاب عقب تفجير أبراج الخبر وتحطم طائرة TWA ألمح روس إلى أن دعم سوريا لحزب الله والفصائل الفلسطينية قد يخضع للتدقيق الأميركي (اندبندنت عربية)

 

الاجتماع الرسمي الأول الذي عقد في الـ23 من يوليو، كما تصفه الوثائق البريطانية، اتسم بالحذر والريبة لا الانفتاح، وقد استمر قريباً من ساعتين، وكان الهدف السوري إيصال رسالة حازمة أنها لاعب إقليمي مركزي وقوي ويتمتع بنفوذ لا يمكن تجاوزه، ومن ثم تتمكن دمشق من ربط كل مسارات السلام بعضها ببعض على رغم كل الضغوط الأميركية.

تهميش سوريا

الشرع رأى من دون أن يصرح علانية أن بلاده تشعر بجو مؤامراتي محيط بها، واصفاً الحال بأن البيئة الإقليمية “لم تعد مواتية لسوريا”، مبيناً محاولات كثيرة من أطراف عدة لتهميش دور دمشق الإقليمي، بل وربما تطويقها بصورة مباشرة، وحاول أن يستدل على ذلك بالاتفاق العسكري الإسرائيلي – التركي الأخير الذي رأت فيه سوريا خطراً جسيماً على أمنها الإقليمي، ورأته بمثابة تحالف موجه ضد بلد الشرع، وكذلك اتفاق السلام المنفصل عن السياق العربي العام بين إسرائيل والأردن الذي جاء خارج المفاوضات الشاملة، مع التذكير بمؤتمر شرم الشيخ المصري لمكافحة الإرهاب الذي لم تدعَ سوريا إليه في سابقة خطرة.

روس حاول طمأنة الشرع بأن أميركا لا تملك نيات لعزل بلاده وحصارها، لكن وزير الخارجية السوري بحسب الوثيقة بدا غير مقتنع ومصراً على وجود تآمر أميركي إسرائيلي ضد بلاده.

الشرع يعترف: لبنان ورقة تفاوض

المبعوث الأميركي وضع أمام الوزير السوري ملف الجنوب اللبناني على الطاولة، لكن الشرع أوضح أن سوريا قد تقبل مبدئياً بانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب بشرط أن يتم ذلك وفق القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن، الذي يحمل الرقم 425، والذي ينص على خروج إسرائيل من الجنوب ضمن خط أحمر سوري وهو منع التفاوض المباشر الثنائي بين لبنان وإسرائيل بمعزل عن الوجود السوري، وأعاد الشرع في تبرير ذلك ما قاله سابقاً بأن سوريا تنظر إلى ملفي الجولان وجنوب لبنان كساحة واحدة تتطلب قراراً واحداً وترتيبات أمنية شاملة.

فاروق الشرع (مواقع التواصل)

 

روس حاول الضغط على الشرع لانتزاع مواقف أكثر وضوحاً وتبلوراً، ما حدا بالوزير السوري إلى الاعتراف بأن جنوب لبنان ورقة تفاوض قوية في يد دمشق، ولن تتنازل عنها لئلا تخل بموازين القوى في المنطقة، لأن الانسحاب الأحادي وإن بدا في جوهره إيجاباً، ولكنه في باطنه محاولة خبيئة لنزع أوراق سوريا السياسية، مضيفاً “لا أحد يستطيع منع ’حزب الله‘ من مهاجمة إسرائيل بعد الانسحاب”، في تلميح واضح إلى إمكان تصاعد العنف في حال غياب تسوية سياسية شاملة ونهائية.

وقد خلص السفير من ذلك الاجتماع إلى نتيجة مفادها أن سوريا لا ترغب بانسحاب إسرائيلي غير مشروط من لبنان، بل تريد توظيف الأمر لصالح استعادة الجولان والاحتفاظ لنفسها بدور إقليمي واسع وإلا كان ذلك مؤامرة على سوريا لإبعادها عن خط الصراع العربي – الإسرائيلي.

ست ساعات مع الأسد الأب

في تلك الأثناء وبعد لقاء روس الشرع في دمشق كان الرئيس حافظ الأسد على غير عادته موجوداً في مدينته الأم القرداحة على الساحل الغربي لسوريا، وهناك في أواخر يوليو 1996 توجه إليه روس قاصداً لقاءه في موعد استمر ست ساعات متواصلة، ولم يكن بطبيعة الحال مكان اللقاء وزمانه وطبيعته متوقعاً.

اللافت للانتباه والحدث المفصلي في تلك الزيارة الغربية كانت حين سلم روس الأسد رسالة شخصية من الرئيس الأميركي بيل كلينتون من دون أن يفصح عن فحواها بدقة، لتظل تحمل طابعاً غامضاً في توجيهها من أكبر زعماء العالم إلى زعيم مشرقي في بلد محكوم بطابع إقليمي متوتر ومشتعل ومليء بالصراعات، بيد أن روس خلال الاجتماع أوحى بوجود محاولات أميركية لإعادة إحياء مسار السلام، على رغم أن المعطيات على الأرض كانت تزداد تشابكاً.

حاول روس خلال الاجتماع المطول إقناع الأسد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو يملك رغبة حقيقية في التفاوض مع سوريا، مستشهداً بتمسك نتنياهو بصيغة مدريد للتفاوض واستعداده للقاء الأسد في أي وقت.

جرت محاولات حثيثة لإلحاق سوريا بمفاوضات السلام مع إسرائيل (أ ف ب)

 

كان ما طرحه روس يناقض رغبة سوريا في استئناف المفاوضات السابقة التي توقفت مع رابين عند حدود التفاهمات المعروفة في الجولان، خلاف رأي نتنياهو الذي كان يريد إعادة صياغة النقاش من جديد والإدلاء بأفكار جديدة، وذلك التناقض أوحى إلى روس من جديد التشكيك بإمكان المضي قدماً في مسار المفاوضات.

روس تجاوز الملف الإسرائيلي خلال اللقاء معرجاً نحو ملف دعم الإرهاب، خصوصاً مع تفجيرات الخبر السعودية وأحداث أمنية مشابهة في مواقع متفرقة، فحاول المبعوث إيصال رسالة غير مباشرة للأسد محذراً إياه من أن دعم الفصائل الفلسطينية و”حزب الله” قد يضع سوريا تحت مجهر واشنطن إذا تبين أن لسوريا دوراً في تلك العمليات.

الأسد، وكما تصفه الوثائق، كعادته، واجه تلك الاتهامات والتلميحات ببرود شديد ومزيج من الهدوء والدفاع الصلب، معبراً عن استيائه من تحميل سوريا مراراً مسؤولية أحداث أمنية في المنطقة والعالم، مؤكداً ضرورة التفريق بين “المقاومة الوطنية المشروعة” كما في حال “حزب الله” والإرهاب العابر للحدود.

لبنان من جديد

أعاد روس التعريج على الملف اللبناني مع الأسد، مستنداً إلى ما نقله إليه مما جاء به نتنياهو إلى واشنطن أخيراً من أفكار في شأن جنوب لبنان، الأسد لم يعارض ما جاء به روس من طرح، لكنه في الوقت ذاته لم يبدُ متحمساً أو يعطي موقفاً واضحاً، بل اكتفى بالاستماع المطول، تاركاً لوزير خارجيته فاروق الشرع مهمة التعبير الحاسم والمباشر بما يتعلق بالملف اللبناني، كما صرح المبعوث الأميركي لاحقاً.

اللقاء بين روس والأسد لم يُفضِ إلى مواقف جديدة بشأن لبنان (اندبندنت عربية)

 

الأسد تجنب تكرار تهديدات الشرع الضمنية بما يتعلق بدور “حزب الله”، وصمته المطول خلال الاستماع للمبعوث لم يكن يعني القبول بطبيعة الحال بقدر ما كان تعبيراً عن بعد تكتيكي ينقل بموجبه الملف كاملاً إلى تمرير رسائل مشفرة عبر مستويات سياسية أقل من رئاسية.

الوثائق البريطانية على رغم ذلك أشارت إلى وجود بوادر مؤشرات إيجابية في السياق العام، مثل ملف تبادل الأسرى والجثامين في جنوب لبنان بين إسرائيل و”حزب الله”، وعلى رغم أنها تحركات رمزية فإنها تحمل مغزى يعول عليه نسبياً في مناخ مضطرب، وأشار المبعوث إلى أن هذه المؤشرات تعني أن الباب لا يزال مفتوحاً للمفاوضات لكن لا أحد مستعد لعبوره بعد.

والخلاصة هي أن اللقاء بين روس والأسد لم يُفضِ إلى مواقف جديدة في شأن لبنان، وسط تحفظ سوري وغموض في نيات نتنياهو تجاه الجنوب.

الولايات المتحدة لا تتوقع اختراقاً قريباً في المسار السوري، وتشير إلى فتور في الاتصالات الرفيعة المستوى على رغم بعض المؤشرات الإيجابية الميدانية، إذ بين روس في إحاطات لاحقة مدى حذره وتشاؤمه، وهو ما جاء خلافاً لبرقية باريس رقم 1570 التي حملت تفاؤلاً أكبر باعتبار أن باب الأمل موجود.

من ساعٍ إلى متحكم

وفي العموم وبما يتصل بتلك الفترة الزمنية التي مضى عليها نحو ثلاثة عقود فإن القراءة العامة وقتها كانت تشير إلى أن “الباب لم يُغلق”، لكن لا أحد يملك بعد الإرادة أو الجرأة لعبوره، لا السوريون مستعدون لتقديم تنازلات قد تُضعف موقفهم الإقليمي، ولا الإسرائيليون متحمسون لمبادرات أحادية قد تهدد تماسك تحالفهم الحاكم، أما الأميركيون فيجدون أنفسهم مضطرين إلى إدارة وضع هش بحساسية شديدة، في انتظار تبدل الظروف أو ظهور نافذة جديدة للحوار.

ويبدو من كل ما سبق أن سوريا في منافذ عدة من أعوام مضت كانت على بعد خطوات من سلام مع إسرائيل، سلام عطلته جهوزية سوريا في وقت لم تكن إسرائيل جاهزة، والعكس بالعكس، والآن بعد مضي كل تلك الأعوام تغيرت كل معادلات الإقليم وتحولت إسرائيل من ساعٍ إلى سلام مستدام مع سوريا إلى لاعب إقليمي حاسم داخل أراضيها بقوة النار، بعد أن حيدت أبرز معارضيها من “حماس” و”حزب الله”، وبطبيعة الحال انقلاب النظام في سوريا والضغط الدولي المحاصر لإيران مع تمدد اتفاقات التطبيع الإسرائيلية مع مزيد من الدول العربية.

المزيد عن: سوريانظام الأسدإسرائيلبريطانيامصرالأردنالولايات المتحدةوثائقدينيس روسحافظ الأسدمفاوضات سلام

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili