من عرض المسرحية الموسيقية "بستان السفاراديم على مسرح في الرباط العام الماضي (خدمة العرض) ثقافة و فنون كيف قدم الإسرائيليون العرب دراميا على مدى عقود؟ by admin 4 يناير، 2024 written by admin 4 يناير، 2024 22 إيجابية أحياناً سيئة غالباً في تصور أنهم لم يرتقوا لطور الحداثة بعد اندبندنت عربية/ عبد الكريم الحجراوي أثار تقديم فرقة المسرح العربي في يافا، مسرحية “أم كلثوم“، المأخوذة عن كتاب اللبناني الفرنسي سليم نسيب، الذي ترجمه بسام حجار إلى العربية تحت عنوان “كان صرحاً من خيال”، جدلاً على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الحوار فيها بالعبرية، فيما الأغاني بالعربية، ويقدم العمل أهم مغنية عرفها العالم العربي بصورة إيجابية، على رغم أنها عرفت خلال حياتها بإقامة حفلات يذهب ريعها لتسليح الجيش المصري بعد حرب 1967 التي انتهت باحتلال شبه جزيرة سيناء من جانب الجيش الإسرائيلي. غلاف كتاب سليم نسيب مترجماً بالعربية (دار العين) وشهد مسرح محمد الخامس في العاصمة المغربية الرباط في أيام 14 و15 و16 سبتمبر (أيلول) 2022 ثلاثة عروض مسرحية للفرقة الإسرائيلية نفسها، منها مسرحية “أم كلثوم”، ومسرحية “فريد الأطرش” ومسرحية “بابا عجينة”. وبعدها وتحديداً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) والأول من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، قدَّم المسرح الوطني الإسرائيلي (هبيما) المسرحية الموسيقية “بستان السفاراديم” لمؤلفها إسحاق نافون. أثار ذلك جدلاً في حينه بين مرحب لا يرى غضاضة في التبادل الثقافي بين البلدين، ومعارض يرى في مثل هذه الفعاليات “تطبيعاً ثقافياً وفنياً أخطر من التطبيع السياسي والدبلوماسي والأمني”. وللعلم فإن تلك الفرقة المسرحية الإسرائيلية تقول إنها تتبنى نظرة ثنائية في اللغة والدمج بين الثقافتين والتراثين العربي والعبري بهدف “التقارب”. العرب في الدراما الإسرائيلية يطرح هذا وذاك، تساؤلاً حول كيف قدم الإسرائيليون، العرب درامياً على مدار العقود الماضية، وهو ما يمكن أن نجد إجابة جزئية عنه في كتاب دان أوريان “شخصية العربي في المسرح الإسرائيلي” الذي ترجمه من العبرية محمد أحمد صالح (المجلس الأعلى للثقافة- القاهرة). ملصق مسرحية “أم كلثوم” التي تم تقديمها بالعاصمة المغربية (مسرح محمد الخامس – الرباط) ويناقش الكتاب تشكلات صورة العربي في الدراما العبرية من 1911 إلى 1994م والتغيرات التي لحقت برسم هذه الصورة عبر عقود الدراسة. وتنبع أهمية هذا الكتاب من أنه ينطلق من دور الفنون في توثيق أحداث مهمة في زمنها، وهو يكشف عن رؤية الكاتب النابعة من حاضنته الاجتماعية وقتها، ويظهر ذلك على سبيل المثال في مسرحية “تاجر البندقية” التي رسم فيها صورة اليهودي الجشع “شيلوك” الذي جمع ثروته من الربا، رغم أن شكسبير لم يصادف مجتمعاً لليهود في لندن بشكل مباشر، فعندما ألَّف هذه المسرحية، كان قد نفى اليهود من إنجلترا في نهاية القرن الـ13. لكن ما جاء في المسرحية يوِّثق رؤية المجتمعات الغربية في هذه الفترة لليهود. ولم يكن المسرح الإسرائيلي بمنأى عن هذه الحقيقة، إذ إنه يؤِّرخ درامياً للأحداث التي وقعت خلال فترة كتابة نصوص عروضه. والمسرح يتميز عن غيره من الفنون والأجناس الأدبية بالمباشرة في عرض الرؤية والرسائل التي يقدمها. فإذا بحثنا عن أهم الفوارق التي تميز بين المسرح والرواية، ستتركز في غياب تعددية الأصوات في الأول، والتي تعني عدم تفرد مؤلف النص بفرض رؤيته على شخصيات عمله، وهو ما تحققه الرواية. وهنا تبرز حقيقة أن المسرح فن ينتصر لرؤية أيديولوجية على حساب أخرى يعمل على التسفيه منها والتقليل من أهميتها وتفنيد حججها عبر خطاب حجاجي موجه، مما يجعله وثيقة سياسية بامتياز. المسرح العبري غلاف كتاب دان أوريان “شخصية العربي في المسرح الإسرائيلي” الذي ترجمه من العبرية محمد أحمد صالح (المجلس الأعلى للثقافة- القاهرة) يظهر ذلك بوضوح في المسرح العبري الذي يرى أن المجازر التي ارتكبت ضد العرب مثل مذبحة دير ياسين وكفر قاسم في فلسطين ومذبحة صابرا وشاتيلا في لبنان، هي دفاع عن النفس. ففي مسرحية بعنوان “صحاري النقب” للكاتب يجأل موسينزون التي نشرت وعرضت عام 1949، وتدور حول حرب 1948م يأتي على لسان إحدى شخصياتها: “أنت لا تريد أن تقتل فلاحين بؤساء من فلسطين أو من مصر ولكنك مضطر”. وهو القول الذي يتساوق مع ما جاء على لسان غولدا مائير في مؤتمر صحافي: “لا يمكننا أن نصفح عن العرب لإجبارهم إيانا على قتل أطفالهم”. وقد عمد المسرح العبري في فترة من فتراته إلى تغييب كلمة فلسطين، تماشياً مع قول سياسي بارز عام 1975: “إذا استخدمت كلمة فلسطيني بالنسبة إلى العربي، فإن هذا يستدعي منك التسليم بأن هذه الأرض هي فلسطين، وإذا كانت هي فلسطين فإن هذا يعني أنها ليست أرض إسرائيل، وإذا لم تكن هذه الأرض هي أرض إسرائيل فماذا نفعل نحن هنا؟”. صورة سلبية أما عن صورة العربي في المسرح الإسرائيلي فقد جاءت سلبية، وإن اختلفت بين حقبة وأخرى بين التغييب التام أو تهميش حضوره، أو استحضاره بوصفه تهديداً خطراً شديداً على اليهود، فقد رسمت صورة العرب مع الجيل الأول (1911: 1948م) على أنهم وضعاء ووحشيون. وفي هذه الفترة تأخر ظهور شخصية العربي فقد كان تناول العرب على خشبة المسرح محدوداً جداً. ويحتمل أن هذا التجاهل يعكس واقعاً نفسياً وتاريخياً. وتكمن أسباب التجاهل في رغبة المجتمع اليهودي الاستيطاني في إقصاء الصراع مع العرب جانباً. لكن في هذه الفترة ظهر العرب بصور متفاوتة في فنون أخرى مثل الرسم. يشير الباحث الإسرائيلي في جامعة تل أبيب إيتامار إيڤن زوهار (1939م) إلى أن المستشرقين الذين جاءوا زاروا فلسطين رأوا أن العربي يتمتع بكل ما يفتقده اليهودي: الشجاعة، والفروسية، والنبل الطبيعي والتمسك بالأرض والأصالة، ولكن نظر إلى هذه المظاهر في الوقت نفسه من قبل أبناء الثقافة الأوروبية على أنها تعبير عن التخلف والتدني الثقافي. وفي اللوحات التي رسمت خلال هذه الفترة رأى الرسامون اليهود أن العرب قريبون جداً في شكلهم من آبائهم العبريين، كما عمد اليهود في هذه الفترة إلى سرقة فنون الزخرفة العربية والملابس الفلسطينية مثل الكوفية وكذلك الأغاني والرقصات على أنها تراث يهودي. عرض مسرحي إسرائيلي على مسرح في الرباط العام الماضي (خدمة العرض) ويشير دان أوريان إلى أن المسرحيات العبرية التي تناولت القضية العربية في النصف الأول من القرن الـ20، لم يقدم معظمها على خشبة المسرح. ويضيف أن عدد الشخصيات العربية التي ظهرت فيها كان قليلاً، فقد نشرت في هذه الفترة 78 مسرحية اتخذت من الصراع اليهودي الفلسطيني موضوعاً رئيساً لها، وفي 13 مسرحية فقط منها تظهر شخصيات عربية، وكان حضور هذه الشخصيات هامشياً، والمسرحيات مثلها مثل الأعمال الأدبية الأخرى التي كتبت في هذه الحقبة، عبارة عن نصوص تشكل الأيديولوجية الطليعية. فعلى سبيل المثال تدعو مسرحية “العهد الرابع” للكاتبة تشيلا كومركور التي صدرت عام 1915 إلى احتقار العرب ورفض التعايش والمطالبة بالسيادة اليهودية على كل الأراضي الفلسطينية. نزع الإنسانية ويضيف أوريان أن شخصية العربي اتسمت لدى هؤلاء الكتاب الغرباء عن فلسطين بالسطحية وعدم معرفة شخصية العربي وعالمه. فهم عبّروا عن الفلسطيني على أنه أدنى من الناحية الحضارية، وجعلوا العربي يتحدث بلغة عبرية متقطعة ومرتبكة. ففي مسرحية “الله كريم” تظهر شخصية عربي باسم “مصطفى” تتحدث بصوت رقيق ومتذلل. وجرى تصوير العربي كإنسان غير كامل النضج (متخلف) من خلال حديثه الذي تغلب عليه “تمتمة” و”همهمة” وبأوصاف تجعله أقرب إلى التوحش والهمجية. وإظهار العرب في صور حيوانية ونزع الإنسانية عنهم شائع في المسرح العبري. ففي مسرحية “النبع” يرتبط الرعاة العرب بحركات جسمانية حيوانية وكأنهم قرود، فقد تشكلت صورة العربي في الدراما الإسرائيلية (1911: 1948) على أنه يميل إلى العنف والخداع والتذلل والقسوة والعدائية ويشكل خطراً على اليهود. والتوجه المتضمن داخل هذه المسرحيات يفضي إلى أنه يمكن التوصل إلى تفاهم مع العرب كأفراد لكن من الصعب التقريب بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي. فهذه المسرحيات تشكل الخصائص الجماعية للعرب سلباً دائماً، فالعرب بالنسبة إليها هم جماعة متخلفة، بينما اليهود جماعة تأخذ بالحداثة، فيما العرب دائماً قرويون أو رحل. وفي الفترة 1948: 1967 اختفت صورة العربي تقريباً من الدراما العبرية، ونظر إلى الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم المحتلة على أنهم يشكلون خطراً على الغالبية اليهودية، والمسرحيات التي أظهرت العربي في هذه الفترة على قلتها لم تختلف عن الفترة السابقة، إذ أظهرتهم في صورة سلبية تماماً، مثلما هي الحال في مسرحية “سيصلون غداً” لناتان شاحام التي صدرت عام 1950م، ويظهر فيها أسيران عربيان، أحدهما عجوز يوصف بأنه “أبله”، والآخر شاب يوصف بأنه “بغل”. يقدم شاحم العرب على أنهم منافقون ويجب إرسالهم سريعاً إلى العالم الآخر، لأنهم بحسب أحداث المسرحية، قد شاهدوا أكثر من اللازم، فالعرب بصورة عامة في المسرحية “قذارة وليسوا بشراً” (المسرحية ص42) ولا يتمحور الجدل داخل المسرحية حول هل يجب قتل الأسيرين أم لا وإنما حول الطريقة التي يمكن بها تحقيق ذلك. الهمجية تتواصل هذه الصورة السلبية للعربي في المسرح الإسرائيلي في 1967: 1973م. في مسرحية “مدينة واحدة” التي جمعت مادتها من مقابلات صحافية أجراها إيلان رونين بالتعاون مع المخرج مايكل البرديس حول رؤية اليهود للعرب. وجاء وصفهم للعرب على أنهم “كسالى وقذرون يحتقرون المرأة، ويحلمون باغتصاب كل اليهوديات”. والعربي في المسرحية يشهد على نفسه بذلك فيقول “أنا عربي، لي شارب، أرتدي الكوفية، وأنا قذر، عفن، همجي، جبان، منافق، ماكر، لدى عقلية عبد، لذا أنا مخادع من دون ثقافة، أنا خائن لا يمكن الاعتماد علي، أنا أبيع ذمتي مقابل عدة قروش، أطعن دائماً بالسكين في الظهر، وحلمي الكبير هو أن أشرب دم كل اليهود”. وفي الفترة التالية على حرب 1973 خصوصاً بعد اتفاق كامب ديفيد، تركز الموقف السلبي أكثر على الفلسطينيين، لا على العرب ككل، حيث بات ينظر إليهم على أنهم مصدر تهديد، وأنهم يتسمون بالعنف والتطرف والخيانة. وتعمل معظم المسرحيات العبرية على مسخ صورة العربي وربطه بالقيام بأعمال وضيعة كما هي الحال في مسرحية “ملكة الحمام” لحانوخ لڤين، وهي مسرحية من فصل واحد يطالب بطلها اليهود بعدم إيذاء العامل العربي، لا شيء سوى أنه يحتاج منه مزيداً من العمل الوضيع ليديه: “لا تلحقوا به أي ضرر، فما زال هناك كثير من الفناجين المتسخة في المطبخ”. وناقشت المسرحيات العبرية العديد من القضايا، مثل مسألة الحب بين الفلسطيني واليهودية. هو حب مشروط بطمس العربي لهويته واندماجه الثقافي مع اليهود. وتأتي النهاية عادة لتصور أن الحواجز الموجودة أمام هذا الحب لا يمكن إزالتها. كما أن مثل هذه العروض التي تناقش رسالة التفاهم والتسامح نحو الزواج المختلط تواجه بعنف من المجتمع اليهودي. وأغلب هذه المسرحيات ومنها التي تدين التطرف الموجه ضد الفلسطيني، تقدم على هامش المؤسسة المسرحية الإسرائيلية، وعلى مسارح صغيرة لفرق ناشئة. المزيد عن: المسرح العبريالدراما الإسرائيليةيافاأم كلثومالمغربصورة العربي عند الآخرفلسطينإسرائيل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أبطال رجاء عالم يبحثون عن الخلاص في “باهبل مكة” next post إدفارد مونخ الآتي من الشمال الأقصى ليجعل للألم والكآبة وجها لا ينسى You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024